مسؤولون أمريكيون لـ«أوباما»: «جاستا» يقوض علاقتنا مع السعودية

الخميس 22 سبتمبر 2016 05:09 ص

وجه مسؤولون أمريكيون خطابا مفتوحا للرئيس «باراك أوباما» وأعضاء «الكونغرس» اعتبروا فيه «جاستا» يقوض علاقة الولايات المتحدة بالسعودية وسيضر بمصالحها.

وجاء في الخطاب أنه لا يوجد أي دليل على تورط السعودية بأحداث 11 سبتمبر/أيلول، التي كانت وراء مشروع قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب» المعروف بـ«جاستا».

وأضاف الخطاب، نحن نكتب اليوم لنعبر عن عميق قلقنا تجاه قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب والذي ينتظر نقض الرئيس ومن المقرر –نتيجة لذلك– أن يعود إلى الكونغرس، إن لهذا القانون تأثيرات مزعجة على مصالح أمننا القومي وعواقب غير المقصودة تؤثر على علاقاتنا في الشرق الأوسط وأوروبا ومكانتنا في جميع أنحاء العالم.

إذا ما سمح لقانون العدالة ضد رعاة الإرهاب أن يصبح قانونا رسميا، فسيقوّض بشكل تام حمايات الحصانة السياسية والتي تعتمد عليها الولايات المتحدة وجميع الدول ذات السيادة منذ قرون، كما أن قواتنا ودبلوماسيينا وجميع موظفي الحكومة الأمريكية العاملين في الخارج قد يخضعون لدعاوى قضائية في بلدان أخرى، هذا يجب ألا يحدث.

إن أمن وسلامة دبلوماسيينا ومكاتب الاستخبارات والجيش وكبار مسؤولي الحكومة الأمريكية وقدرتهم على أداء واجباتهم بدون تأثير أو تدخل خارجي ستتعرض للخطر بسبب عملية تهدف إلى حرمانهم حصاناتهم الدولية التي قبلتها جميع الأمم المتحضرة منذ القرن السادس عشر وما قبله. كما أننا لن نكون قادرين على حمايتهم، وسيكونون معرضين لضغوطات هائلة في تقاريرهم وواجباتهم وخدمتهم التنفيذية كما سيمنعون من جميع أنواع التدخلات من البسيطة إلى الجزائية. إن مصالح أمننا القومي وقدرتنا على محاربة الإرهاب ودورنا القيادي في العالم سيوضع في خطر شديد، وبعيدا عن المخاطر المتوقعة لممثلينا الرسميين، فإن تأثير هذا القانون على مسؤولي الولايات المتحدة في الخارج سيقلل من قدرتنا على التنسيق والتشاور مع الدول الأخرى لمكافحة الإرهاب وبالتالي تشكيل الخطر على الشعب الأمريكي وكل من يتفاعل معه.

إننا جميعا –بالطبعمتعاطفون مع ضحايا 11 سبتمبر/أيلول وعوائلهم، لكن هذا القانون لن يساعدهم، لم يكن هناك أي دليل موثوق يشير إلى تورط المملكة العربية السعودية في مأساة 11 سبتمبر/أيلول، وسيكون التأثير الوحيد لهذا القانون هو تشجيع نقابة المحامين على استخراج تسويات من الدول ذات السيادة بناء على الكشف العلني المحتمل لاتصالات دبلوماسية سرية ومتعلقة بالأمن القومي.

من ناحية أخرى، إن الضرر الذي سيسببه هذا القانون للولايات المتحدة سيكون هائلا وطويل الأمد، كما ستستمر قدراتنا العسكرية والاستخباراتية وإنفاذ القانون على مطاردة مرتكبي الأعمال الإرهابية، ولكن تفكيك المبادئ المقبولة دوليًا المتعلقة بالحصانة السيادية والتي نفعت الولايات المتحدة أكثر من أي دولة أخرى لفترة طويلة جدا سيضع مسؤولي حكومتنا وموظفينا العسكريين في خطر بالغ وسيعوق قدرة مجتمع الدول للعمل سوية في وقت يعد فيه التعاون الدولي للحرب ضد الإرهاب أمرا هاما.

علاوة على ذلك، فإن سن قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب سيقوض علاقتنا بالتأكيد مع أحد أهم حلفائنا؛ المملكة العربية السعودية، كما سيدمر علاقتنا بكل الشرق الأوسط، إن تحالفنا الاستراتيجي مع المملكة العربية السعودية قد شكل العنصر الأساسي للعمارة الجيوسياسية في الشرق الأوسط الحديث، فمع مرور الوقت، تطورت المملكة لتصبح أحد أهم شركاء واشنطن الموثوقين في مكافحة الإرهاب على مستوى العالم عالميا وإقليميا، بما في ذلك السعي والملاحقة المتواصلة للكيانات الخاصة التي تمول رعاة الإرهاب.

إن المملكة العربية السعودية ودول «مجلس التعاون الخليجي» على حد سواء يعدون شركاء اقتصاديين أساسيين للولايات المتحدة، إن هذه الشراكة تمتد إلى ما وراء الطاقة وتشمل مئات مليارات الدولارات من الاستثمار في كل من الشرق الأوسط والولايات المتحدة، وسيرسل سن قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب إشارة مزعجة للمملكة العربية السعودية وكل منطقة الخليج أننا لم نعد نقدر العلاقة التي كانت بيننا عبر التاريخ، وسيشجع الحكومات وقطاعاتها الخاصة على الحصول على علاقات أخرى.

لقد ثبت السعوديون قيمة الريال للدولار لسنوات بتكلفة كبيرة عليهم، فلقد كانوا وما زالوا مستعدين لدفع مبالغ هائلة لخفض احتياطيات الدولار من أجل تحالفهم مع الولايات المتحدة، ولكن إذا رأوا أنا لم نعد نقدر التحالف بقدر تقديرهم له، فسيستنتجون مباشرة أن ربط الريال بالدولار لم يعد ذا فائدة استراتيجية، ومثل هذا التطور –بالطبع– سيقلل من قيمة الدولار في أسواق العملات العالمية.

إن التأثير الضار بشكل غير متناسب لقانون العدالة ضد رعاة الإرهاب سيمتد حتما ليؤثر على علاقات حيوية للولايات المتحدة وراء علاقاتها بالشرق الأوسط، فلقد سجل شركاء أوروبيون أساسيون في الحرب ضد الإرهاب قلقهم تجاه في الأسابيع الأخيرة، إن قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب سيعرض دولا أوروبية –لأول مرة– لدعاوى قضائية جماعية متعلقة بالإرهاب ثلاثي الضرر في المحاكم الأمريكية، بدون الحماية الممنوحة منذ أكثر من أربعين سنة بقانون الحصانة السيادية الخارجي، وقد أعربت بعض الحكومات الأوروبية بالفعل عن نواياها لسن نسخهم الخاصة من قانون العدالة ضد ممولي الإرهاب إذا ما تم تطبيق القانون الأمريكي، يعرض مسؤولين أمريكيين للظهور القانوني في محاكمها. إذا حرضت حكومتنا منافسة بين الدول الأجنبية لسن نسخهم الخاصة من قانون العدالة ضد الإرهاب، فإن الولايات المتحدة ستدير شؤونها في العالم بيدين مقيدين.

تعد هذه السيناريوهات مجرد توقعات في هذه المرحلة، وبالطبع قد تصبح حقيقة إذا قررت الولايات المتحدة أحاديا تغيير علاقتها مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى وحلفائنا الأوروبيين، فإن سن قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب سيدفع بهذه العلاقات إلى الهاوية.

إننا نحث وبشدة الرئيس و«الكونغرس إلى النظر بجدية للعواقب الجيوسياسية والاقتصادية المحتملة للإضعاف الشديد في العلاقات الأمريكية السعودية والشركاء الدوليين الحيويين الآخرين. وبغض النظر عن الخلافات والاختلافات التي تحدث من فينة لأخرى، فإن هذه العلاقات الاستراتيجية هي عامل قوي يصب في مصلحة الولايات المتحدة العالمية، وإذا ضُعّفت علاقتنا مع الولايات المتحدة إلى حد معين، ستستفيد قوى أخرى ذات مخططات معارضة، وستعاني الولايات المتحدة من العواقب لعدة عقود في المستقبل.

«أوباما» في مواجهة «مجلس الشيوخ»

إلى ذلك، أجل أعضاء «مجلس الشيوخ» الأمريكي أجازتهم وقرروا البقاء في واشنطن العاصمة وحضور جلسات في الأسبوع المقبل ضمن خطوة تمثل مواجهة وشيكة مع إدارة الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» بشأن تشريعات تجعل من السهل على ضحايا إحداث 11 سبتمبر/أيلول لرفع دعوى قضائية ضد السعودية.

ومن المتوقع أن يعترض «أوباما» على التشريع يوم الجمعة المقبل، وهو الموعد النهائي لاستخدام حق النقض الفيتو ضد مشروع القانون الذي يحظى بدعم ساحق من الحزبين الجمهوري والديمقراطي مما يشير إلى أن ثلثي أعضاء المجلس «الأغلبية« سيصوتون في المستقبل على تجاوز الفيتو.

وكانت إدارة «أوباما» تأمل بان يغادر أعضاء «مجلس الشيوخ إلى إجازتهم والانشغال في الحملات الانتخابية كما توقع الكثيرون ولكن زعيم الأغلبية في المجلس «ميتش ماكونيل»، وهو جمهوري من كنتاكي، تعهد بأن «مجلس الشيوخ سيبقى في مبنى «الكابتل هيل «للتعامل مع هذه القضية ناهيك عن الدفع باتجاه محاولة لمنع بيع أسلحة إلى السعودية.

وسيمنح التصويت المتوقع على تعطيل الفيتو وفقا لمنصة هيل القريبة من «الكونغرس» الأمريكي بضعة أيام لأعضاء «مجلس الشيوخ» للتوصل إلى اتفاق إجراء تمويل مؤقت للحفاظ على بقاء أبواب الحكومة مفتوحة إلى يوم الانتخابات.

وصوت «مجلس الشيوخ»، الثلاثاء الماضي، لدفع النقاش حول هذا الإجراء رغم الانقسامات بشأن تفاصيل التمويل في حين قال السناتور «ماكونيل» إن أعضاء المجلس يقتربون من وضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق، ولـ«أوباما» 10 أيام، باستثناء الأحد، لاستخدام الفيتو من تاريخ تسلمه التشريع.

وأكد محللون أمريكيون أن حرص أعضاء «مجلس الشيوخ» وخاصة من الحزب الجمهوري على إثارة قضية السعودية يأتي لدوافع انتخابية وقالوا بأنها قضية دراماتيكية في أيام الانتخابات.

وأكد المتحدث باسم البيت الأبيض «جوش إرنست» نية أوباما باستخدام حق النقض ضد مشروع القانون، وقال إن الرئيس سيستخدم الفيتو ضد التشريع، مشيرا إلى عدم وجود تحديث بالنسبة إلى التوقيت وإلى أن البيت الأبيض يركز على الضغط على الأعضاء الذين عبروا عن تحفظات على مشروع القانون.

وقد وافق مجلس الشيوخ بالإجماع في مايو/أيار الماضي، وأقر مجلس النواب هذا الشهر التشريعات على قانون العقوبات الاتحادي الذي يسمح برفع الدعوى القضائية ضد الدول الأجنبية بتهمة التورط في هجمات إرهابية ولكن الإدارة الأمريكية تقول بان التشريع سيؤدى إلى دعوى قضائية متبادلة ضد المواطنيين الأمريكيين، وهناك حفنة من أعضاء «مجلس الشيوخ» الذين يقفون على الحياد خلال مناقشة التشريعات بسبب المخاوف من اتخاذ تدابير انتقامية.

وقال السناتور «بوب كوركر» من لجنة العلاقات الخارجية بأنه لم يسمع من البيت الأبيض حول التغيرات المحتملة، مشيرا إلى انه لا يشعر بحماس من البيت الأبيض بشأن هذه القضية في حين قال السناتور «ريتشارد بلومنتال» إلى رغبة أوباما بالتراجع عن مواجهة «الكونغرس» في هذه القضية.

وصدرت بالفعل من البيت الأبيض إشارات إلى أن أوباما الذي كان معارضا لمشروع قانون 11 سبتمبر/أيلول سيكون على استعداد لتغيير اتجاهه إلا أن «بلومنتال» قال إنه لا يملك معلومات إضافية يمكن تسجيلها بهذا الخصوص في حين قال العديد من الجمهوريين أن البيت الأبيض يماطل فقط لأغراض سياسية.

  كلمات مفتاحية

السعودية مجلس التعاون الخليجي الولايات المتحدة باراك أوباما مجلس الشيوخ 11 سبتمبر جاستا العلاقات السعودية الأمريكية

حنين إلى زمن الأبيض والأسود