استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

مفارقات اقتصادات الدعم

الخميس 29 سبتمبر 2016 05:09 ص

تدور في دولة الكويت حالياً تجاذبات قوية بين أكثر من طرف حول السياسات والإصلاحات المالية التي يمكن أن تفتح المجال أمام بناء اقتصاد متقدم وأقل اعتماداً على العائدات النفطية، وهو التوجه الصحيح الذي يسود بلدان المنطقة المنتجة للنفط لإيجاد بنية اقتصادية ومالية قوية وقابلة للاستمرار.

وفي الوقت الذي لقيت فيه مثل هذه التوجهات قبولاً في دول مجلس التعاون، فإن بعض أعضاء مجلس الأمة في الكويت يقودون حملة لإلغاء الزيادة في أسعار البنزين، والتي بدأ سريانها مع بداية شهر سبتمبر الجاري، علماً بأن الأسعار الحالية ما زالت تعتبر أقل من سعر التكلفة ومدعومة بصورة كبيرة، مما يكلف خزينة الدولة مبالغ طائلة ترهق الموازنة السنوية. 

ويسعى عدد من نواب مجلس الأمة إلى إلغاء الزيادة في سعر البنزين من خلال استجواب وزير المالية، وبالتالي سحب الثقة منه وإقالته لتحقيق مكاسب انتخابية سيتضرر من جرائها مستقبل بلادهم الاقتصادي، فالاقتصادات المبنية على الدعم، هي اقتصادات ضعيفة ولا تملك أرضية صلبة لمواجهة التحديات ولا تضمن نمواً اقتصادياً، كما أنها معرضة لهزات اقتصادية خطيرة.

توجه وزارة المالية يرمي إلى توفير 30 مليار دولار خلال السنوات الخمس القادمة لدعم ميزانية الدولة من خلال إجراءات مالية متقدمة وصحيحة من الناحية المهنية، بما في ذلك التوفير من خلال إلغاء دعم المحروقات وأسعار الكهرباء والتي تعتبر من أدنى مستويات الأسعار عالمياً، مما ساهم في زيادة الاستهلاك لمستويات قياسية لا تعبر بالضرورة عن احتياجات موضوعية.

ونظراً إلى الإجازة السنوية لمجلس الأمة، فإن بعض النواب يستعجلون إلغاء القرار من خلال عقد جلسة طارئة لمناقشة قرار رفع أسعار البنزين واستجواب وزير المالية، مما يعني نقل التجاذبات إلى قاعة مجلس الأمة لتبدأ التفاوتات بين النواب، علماً بأن الزيادة في أسعار البنزين تأتي ضمن توجه رسمي لتخفيف الأعباء وتقليل الاعتماد على عائدات النفط وتنويع مصادر الدخل من خلال العديد من الإجراءات، كالحد من الهدر الاستهلاكي وتقليص النفقات غير الضرورية، علماً بأن الزيادة في أسعار البنزين ذات تأثيرات طفيفة على بعض فئات المجتمع والذين يمكن دراسة حالاتهم والبحث في إمكانية مساعدتهم، إلا أن غالبية أفراد المجتمع لن يتأثروا بفضل مستويات المعيشة ومعدلات الرواتب المرتفعة.

الموضوع الأساسي لا يتعلق بالدعم فقط، وإنما بالتوجهات الاقتصادية والمالية المستقبلية، فالاختيار بين طريقين لا ثالث لهما، فإما الارتهان للوضع الحالي الذي يدعو إليه بعض النواب واستهلاك الدخل الوطني في عمليات دعم تضر بالاقتصاد، وإما القيام بإصلاحات تدعو إليها الحكومة لوقف الاستنزاف الجاري الناجم عن الدعم وتغيير أسس المالية العامة وتعزيز شفافيتها بما يضمن استقرارها وتقليل تذبذبها واعتمادها شبه التام على عائدات النفط.

وإذا نظرنا إلى الاقتصادات الحديثة (النيوليبرالية) في الشرق والغرب، لن نجد شيئاً اسمه «الدعم» {إلا لمساعدة قطاعات سكانية مهددة كالمزارعين بأوروبا وأميركا الشمالية}. نعم هناك سياسات تتعلق بالنظر في بعض الاحتياجات الإنسانية والتغلب على تداعيات البطالة وغيرها، أما تقديم الدعم بصورة شاملة، فإن هذه سياسة مالية غير متبعة، وتم اتخاذها في دول المنطقة مع بداية تدفق العائدات النفطية لاعتبارات مجتمعية وتاريخية لم تعد قائمة بفضل ارتفاع مستويات المعيشة وتطور التعليم والخدمات الصحية والإسكانية.

إذن القضية تتعلق بالمستقبل، وبضرورة التحضير له برؤى عملية وموضوعية بعيداً عن العواطف، كما أن هناك مخارج وحلولاً وسطاً يمكن من خلالها معالجة هذه القضية، كمنح بعض الفئات من ذوي الدخل المحدود علاوات انتقال لمساعدتهم على التغلب على إلغاء الدعم، وهو أمر ممكن وعملي، ويمكن أن يوحّد جهود الحكومة ومجلس الأمة للسير معاً بما يؤدي إلى بناء اقتصاد كويتي بقاعدة مالية قوية أقل اعتماداً على النفط وقابلة للاستمرار، وبما يحفظ أمن واستقرار الكويت وازدهارها.

* د. محمد العسومي مستشار اقتصادي إماراتي

المصدر | الاتحاد الظبيانية

  كلمات مفتاحية

اقتصادات الدعم الكويت الإصلاحات المالية العائدات النفطية النفط مجلس التعاون الخليجي مجلس الأمة