تقرير: توتر غير مسبوق في العلاقات السعودية المصرية

الأحد 2 أكتوبر 2016 09:10 ص

ذكر تقرير صحفي أن هناك محطات توتر عديدة، تمر بها العلاقات المصرية والسعودية خلال الفترة الأخيرة، بدأت خلال انعقاد الجمعية العامة لـ«الأمم المتحدة» دون عقد أية لقاءات بين الرئيس «عبدالفتاح السيسي»، وولى العهد السعودي الأمير «محمد بن نايف بن عبدالعزيز»، بل وأخذ التوتر مداه عبر عقد لقاء نادر بين وزير الخارجية «سامح شكري» ونظيره الإيراني «محمد جواد ظريف» في وقت تمر به العلاقات الإيرانية السعودية بأسوأ مراحلها.

وبحسب التقرير الذي نشره موقع «المصريون» المقرب من السعودية، أقر وزير الخارجية المصري بوجود خلافات بين القاهرة والرياض حول الملف السوري، في ظل رهان السعودية على جدوى العمل العسكري، فيما تفضل مصر الحل السياسي، لتخرج الخلافات إلى العلن للمرة الأولى في تاريخ علاقات البلدين، إذ كانا يحرصان طوال العقود الماضية على نفى أي خلافات، فضلا عن غياب أجواء التفاؤل التي سيطرت في أعقاب زيارة العاهل السعودي الملك «سلمان» للقاهرة، حيث لم يعد الحديث عن جسر الملك «سلمان» جاريا، وكذلك لم تخط القاهرة أية خطوات جادة فيما يتعلق بالتصديق على اتفاق ترسيم الحدود البحرية الخاص بجزيرتى تيران وصنافير.

وقال التقرير إن الآمال تبخرت حول إمكانية تدشين تحالف استراتيجي إقليمي قوى وقابل للحياة، في ظل تباين المواقف بين القاهرة والرياض حول سبل حل الأزمة اليمنية، إذ ترى الأول ضرورة الرهان على الحل السياسي، بحيث يبقى على دور لكل من الرئيس اليمنى المخلوع «على عبدالله صالح»، وحلفائه «الحوثيين لقطع الطريق على استرداد جماعة «الإخوان» في اليمن لدورها في الساحة اليمنية، مكررة الموقف ذاته في سوريا، حيث تبدى القاهرة رفضا لأي دور متعاظم لإخوان سوريا في مرحلة ما بعد «بشار الأسد».

وبين التقرير أن الخلافات بين الطرفين لم تقتصر حول هذه الملفات فقط، إذ أججت التصريحات المؤيدة والداعمة للرئيس النظام السوري «بشار الأسد» في خطاب «السيسي» أمام «الأمم المتحدة» التوتر بين البلدين، ورسخت الهوة بين مواقفهما، وفاقمت المطالب السعودية بمعرفة أوجه إنفاق القاهرة لحوالي 27 مليار دولار، قدمتها دعما للاقتصاد المصري من استياء الأخيرة التي اعتبرت الأمر تجاوزا للسقوف التي تحكم علاقات البلدين ذلك بعد تقديم شخصيات مصرية معارضة مذكرة للجانب السعودي، تؤكد أن هذه المليارات لم توظف لخدمة الاقتصاد المصري بل وظفتها النخبة الحاكمة لدعم مصالحها الشخصية وتمكنها من السيطرة على مفاصل البلاد.

ووفق التقرير، أخذت الخلافات منحى بعيدا عن السياسة، إذ أشعلت المشاركة المصرية المكثفة في مؤتمر جروزنى بالشيشان تحت عنوان «من هم أهل السنة والجماعة»، الذي اعتبر «الوهابية»، غضب الرياض لم يبدده بيان تبرؤ شيخ الأزهر من مقررات المؤتمر.

وقال الدكتور «عاطف سعداوى قاسم» الخبير بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بـ«الأهرام»، إن العلاقات السعودية المصرية تمر بأزمة حقيقية وخلافات شديدة تجاوزت الكواليس إلى العلن لأول مرة عبر التصريحات التي أدلى بها «سامح شكري»، حين أقر بوجود خلافات حادة حول مصير «الأسد» والرهان على الحل العسكري للأزمة السورية.

وأضاف: «هذه الخلافات كانت بادية للعيان منذ مدة طويلة، على الرغم من الحرص على بقائها في الحد الأدنى من جانب القاهرة التي أعلنت مشاركة في التحالف العربي لمواجهة الحوثيين في اليمن، ولم يكن لها دور فاعل في الحرب هناك، انطلاقا من أنها قد تصب في صالح إخوان اليمن».

وأشار أيضا إلى وجود خلافات جذرية بين البلدين حول مصدر التهديد الاستراتيجي لكلا البلدين؛ فالرياض ترى أن إيران والعصابات الشيعية الدائرة في فلكها هي من تمثل الخطر على مصالحها، فيما ترى القاهرة، أن جماعة «الإخوان» والإسلام السياسي هو التحدي الأول، بل إنها أظهرت تباينا في موقفها عن الموقف السعودي عندما استضافت وفدا حوثيا، وتحدث وزير خارجيتها «سامح شكري» في وجود رئيس الوزراء اليمنى «أحمد بن دغر»، على عدم جدوى العمليات العسكرية في اليمن.

وأوضح أن الخلافات امتدت كذلك إلى الملف الليبي حيث تبدى الرياض وبشكل واضح رفضها لأي دور يقوم بها المشير «خليفة حفتر» في تحديد مستقبل ليبيا، فيما تعتبر القاهرة الأخير ورقة الرهان في المشهد الليبي، مضيفا أن القاهرة لم تخف ذلك ذلك بل وقدمت دعما قويا لقوات «حفتر» للسيطرة على الهلال النفطي وتحوله (أي حفتر) للاعب أساسي في المشهد، على الرغم من أن كفاءة «حفتر» العسكرية وهو وقواته محل شك كبير، فيما لا تكف القاهرة في الوقت ذاته عن إعلان دعمها لحكومة «السراج» وهى مواقف متباينة تغضب الرياض بشدة.

ونقل التقرير عن السفير «عبدالله الأشعل» مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، أن هناك تباينات بين القاهرة والرياض حول عديد من الملفات إلا أنه يصعب معه القول إن التحالف بين الطرفين ضعف بشكل ملحوظ أو صار من الماضي فلا زالت العاصمتان تحرصان على بقاء شعرة معاوية بينهما؛ فالقاهرة مثلا ألغت لقاء في آخر لحظة بين «سامح شكري» ونظيره السوري «وليد المعلم» حرصا على عدم إغضاب الرياض.

واعتبر «الأشعل» أن لقاء «شكري» ونظيره الإيراني جاء في إطار ما يطلق عليه «تسخين الغيرة» بين العاصمتين، وتأكيد القاهرة بأنه لديها أوراق عديدة تستطيع أن تلاعب الرياض بها حال سعيها لتحجيم الدعم الاقتصادي لها، أو نية الرياض تعزيز دورها في ملفات بعينها دون أن تضع رغبات القاهرة نصب عينيها.

مع هذا، لم يستبعد «الأشعل» أن يكون إقرار «الكونغرس» الأمريكي لقانون «جاستا»، الذي يسمح لعائلات ضحايا 11 سبتمبر/أيلول بمقاضاة دول ينتمي إليها المهاجمون، دور في تراجع النفوذ الإقليمي للسعودية بشكل ملحوظ وعدم وجود أوراق لديها لمواجهة التغيير الاستراتيجي في أساس التحالف معها، قائلا إن تطبيق هذا القانون على أرض الواقع قد يحمل أنباء غير سارة للرياض، بل قد يدفعها للرهان على عواصم أخرى ومنها القاهرة لإدارة شئون المنطقة.

  كلمات مفتاحية

السعودية مصر سوريا اليمن ليبيا الملك سلمان عبدالفتاح السيسي العلاقات السعودية المصرية

«مصطفى الفقي» يغادر القاهرة متوجها للإمارات