وفاة «مهند» بسرطان الدم.. ضحية جديدة للإهمال الطبي في السجون المصرية

الاثنين 3 أكتوبر 2016 07:10 ص

توفي الشاب المصري «مهند إيهاب» ليل أمس الأحد في نيويورك، إثر إصابته بمرض السرطان خلال اعتقاله في أحد السجون المصرية.

وقال «إيهاب حسن» والد الشاب «مهند»، إن ابنه أصيب بالسرطان في السجون المصرية بعد اعتقاله، وتوفي بعد معاناة مع المرض في مدينة نيويورك الأمريكية؛ حيث كان يخضع للعلاج هناك.

وكتب «حسن»، على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» منتصف ليل الأحد: «إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلف لنا خيرا منها، اصطفى الله ابني مهند إلى جواره الآن».

وكان «مهند» (20 عاما)، قد اعتقل للمرة الأولى بعد مذبحة فض ميدان رابعة العدوية في أغسطس/آب 2013، وخرج بعد عدة أيام بسبب حداثة سنه.

وفي عام 2014 قبض على «مهند» للمرة الثانية، واتهمته النيابة بقتل 15 جنديا وخطف مدرعتين، وظل في سجن الأحداث لمدة 3 أشهر خرج بعدها على ذمة القضية، ليعتقل للمرة الثالثة في يناير/كانون الثاني 2015 في سجن برج العرب بالأسكندرية، حيث أصيب هناك بمرض سرطان الدم.

وكان «مهند» قد قال خلال ندوة نظمها  «مركز الشهاب لحقوق الإنسان» بالأسكندرية في 26 أبريل/نيسان الماضي: «تعرضت خلال فترة اعتقالي التي بدأت يوم 27 ديسمبر/كانون الأول 2015 وحتى إطلاق سراحي يوم 2 أبريل/نيسان الماضي، إلى حفلات تعذيب وانتهاكات على يد قوات الشرطة، بدءا من احتجازنا في الدور الرابع بمديرية أمن الأسكندرية، حيث التحقيق يجرى بمعرفه ضباط أمن الدولة، الذين يستخدمون الصعق الكهربائي والضرب بطرق موجعه لا تترك آثرا في الجسد، ونحن معصوبي العينين واحتجزوني ضمن 30 شابا في غرفة ضيقه للغاية لم نكن نستطيع التنفس فيها، وكنا ننام في تلك الغرفة بالتناوب لضيق المكان».

من جانبها، قالت أسرة «مهند» إن تعنت إدارة سجن برج العرب في علاجه أدى إلى تدهور حالته بشكل كبير، قبل الإفراج عنه في أغسطس/آب 2015، ليسافر بعدها إلى نيويورك لتلقي العلاج الكيماوي، لكن الأطباء أخبروه أن الحالة متأخرة، وأن جلسات العلاج لن تؤدي إلى نتيجة.

وكانت رحلة علاج «مهند» محط اهتمام واسع على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، التي أبرزت صموده وتفاؤله ومتابعته للأحداث في مصر وأوضاع المعتقلين واحتجاجات رافضي الانقلاب العسكري في مصر رغم مرضه الشديد.

وكان حساب «مهند» على موقع «فيسبوك»، حيث يسمي نفسه «نحلة»، قد تحول إلى ما يشبه اليوميات التي يمر بها أثناء معاناته مع المرض وكيف يواجهه وما هي مشاعره، كما اعتاد طلب الدعاء من أصدقائه ومتابعيه.

كما اعتاد «مهند» نشر صوره مع أصدقائه أو زائريه أو بعض المرضى في المستشفى الذي يعالج به في نيويورك، إلى أنه توقف عن ذلك قبل نحو شهر إثر تدهور حالته إلى أن توفي ليل الأحد 2 أكتوبر/تشرين الأول بعد أقل من أسبوع من إتمامه 20 عاما.

الموت البطيء

ومنذ الانقلاب العسكري في يوليو/تموز 2013 يقبع آلاف المعتقلين في السجون المصرية، في أوضاع تصفها المنظمات الحقوقية بـ«الصعبة للغاية وغير الإنسانية»، وهو ما أدى إلى وفاة المئات منهم نتيجة التعذيب أو الإهمال الطبي.

وذكر تقرير أعدته «منظمة العفو الدولية» أن أعداد المعتقلين في مصر منذ الانقلاب العسكري في 3 يوليو/تموز 2013، وحتى 30 يونيو/حزيران 2015 بلغت أكثر من 41 ألفا بحسب الأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة الداخلية أو القوات المسلحة أو النيابة العامة والقضاء.

ووصف التقرير، الذي صدر تحت عنوان «سجن جيل»، ما يجري في مصر بأنه عودة إلى «دولة القمع الشامل» و«السياسة القمعية»، موضحا أن مصر «تسحق آمال جيل كامل متطلع إلى مستقبل أكثر إشراقا.

وفي تقرير لفريق الاعتقال التعسفي التابع لـ«الأمم المتحدة»، قال إن هناك أكثر من 3200 طفل تحت سن الـ18 اعتقلوا منذ الانقلاب، ما زال أكثر من 800 منهم رهن الاعتقال، وتعرض أغلبهم للتعذيب والضرب المبرح داخل مراكز الاحتجاز المختلفة.

ولم يتوقف الاعتقال على الإسلاميين فقط، فقد شمل رموزا من شباب ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 أيدوا انقلاب «السيسي» لاحقا، أبرزهم مؤسس «حركة 6 أبريل»، «أحمد ماهر»، وعضو المكتب السياسي للحركة «محمد عادل»، والناشط اليساري «علاء عبدالفتاح» وشقيقته «سناء»، والناشط «أحمد دومة».

وقال المرصد المصري للحقوق والحريات إن 268 شخصا قتلوا خلال عامين داخل أماكن الاحتجاز منذ الانقلاب وحتى 30 يونيو/حزيران 2015، جراء التعذيب البدني والإهمال الطبي.

كما ذكر تقرير لمنظمة «هيومن رايتس ووتش» أن السلطات المصرية لا تتخذ خطوات جادة لتحسين وضع السجون المكتظة، مما يتسبب في وقوع حالات وفاة.

وتحدث التقرير عن التعذيب الذي يتعرض له المعتقلون، موضحا تردي الخدمات الصحية داخل السجون.

وتحولت السجون ومقار الاحتجاز في مصر، منذ انقلاب 3 يوليو/تموز 2013، إلى ما تشبه المقابر الجماعية بالنظر إلى المعاملة غير الآدمية والتعذيب البدني والنفسي غير المسبوقين، واللذين يمارسان بحق معارضي قائد الانقلاب «عبدالفتاح السيسي».

ولم تفلح التقارير الحقوقية المحلية والدولية، ولا الإدانات، في وقف هذه الانتهاكات ولا حتى التخفيف منها، فقد استمر النظام في انتهاج سياسة ممنهجة للتعذيب أودت بحياة مئات تحت التعذيب أو بسبب الظروف المعيشية البالغة السوء أو الإهمال الطبي ومنع تلقي العلاج.

ومع اتساع رقعة المعارضة للرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي»، وتصاعد الأصوات الحقوقية المنددة بما يتعرض له المعتقلون من تعذيب وقتل وغياب للعدالة، اتخذت أجهزة الأمن المصري طريقا جديدا للقضاء على المعارضة، وتخويف كل صاحب صوت، وهو الإخفاء القسري للمعارضين، وتزايدت أعداد المختفين قسريا خلال الشهور الماضية بشكل لم تعرفه مصر من قبل.

وقد تم الإفصاح عن أماكن بعض المختفين وتحويلهم لمحاكمات جنائية بسبب حملات إعلامية، في حين تمت تصفية البعض الآخر قبل القول إنهم قتلوا في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة.

ووفق تقارير حقوقية ونشطاء، فقد تجاوزت أعداد المختفين قسريا 3000 حالة، بينهم نحو 20 مختطفا لا تعرف أماكنهم منذ مذبحة الحرس الجمهوري في يوليو/تموز 2013.

وتتنوع أشكال المعاناة داخل السجون بين ما يطلق عليها «حفلات» التعذيب، والإكراه على الاعتراف بتهمة ملفقة، ووضع المعتقلين السياسيين في زنازين مشتركة مع السجناء الجنائيين، والحبس الانفرادي، ومنع الزيارة وإدخال الطعام والأدوية، لكن تظل فترة التحقيق داخل أقبية جهاز الأمن الوطني هي الأصعب والأقسى على الإطلاق.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

مصر اعتقال السجون الإهمال الطبي عبدالفتاح السيسي الانقلاب السرطان