استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

هل تراجع أمريكا سياستها من «جاستا» إلى سوريا؟

الاثنين 3 أكتوبر 2016 03:10 ص

قبل قرابة أسبوع، نشر أستاذان أمريكيان مرموقان متخصصان في القانون الدولي، كيرت برادلي وجاك غولدسميث، مقالًا تفصيليًا في صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية ينتقدان فيه قانون (جاستا)، مع التأكيد بأنه يخرق أحد المبادئ الرئيسة للقانون الدولي.

نُشر المقال قبل قرار الكونغرس بنقض الفيتو الذي استخدمه الرئيس الأمريكي لمحاولة إيقاف القانون على أملٍ منهما بإضافة شيءٍ من (العقلانية) إلى تفكير المشرعين الأمريكان، دون جدوى، حتى الآن على الأقل.

نضيف العبارة الأخيرة لأن ثمة كلامًا جديدًا يُسمع في دوائر الكونغرس في اليومين الأخيرين، حيث يبدو أن هناك من يهمس في آذان أعضائه بأنهم تصرفوا كأطفال يلعبون بلعبةٍ لا يُدركون أخطارها الكبيرة عليهم.

لكن هناك من يصرخ علنًا بهذا الخصوص داخل أمريكا وخارجها في الأسبوعين الأخيرين. فتحت عنوان "لماذا يُشكل قانون جاستا خطرًا على بريطانيا وأجهزتها الأمنية؟"، كتب عضو البرلمان البريطاني توماس توغيندهات مقالا في صحيفة (التلغراف) البريطانية أعطى فيه الإجابة على سؤاله المذكور.

"وفق هذا القانون" يقول الكاتب "يمكن لمواطنين أمريكان مقاضاة الحكومة البريطانية بدعوى الإهمال في التعامل مع الإسلام الراديكالي خلال العقود الماضية". 

ثم يتحدث أيضًا عن إدراك البيت الأبيض والخارجية الأمريكية "لاحتمال حصول دعاوى قضائية انتقامية ضد أمريكا في دوائر قضائية مختلفة حول العالم". لكن الكاتب والسياسي المخضرم يلمس وترًا حساسًا حين يشير إلى أن "النظام البنكي العالمي يتضمن حقيقة أن أغلب التعاملات المالية الدولية تتم عبر كمبيوترات توجد في أمريكا... ولن يطول الوقت حتى تسمح المحاكم الأجنبية برفع دعاوى ضد أمريكا على أساس الإهمال فيما يتعلق بقضايا تمويل الإرهاب".

أما في أمريكا نفسها، فالخبراء يجدون حاجةً للحديث بصراحةٍ أكبر. ففي تحليلٍ مفصل في موقع The Daily Caller الإخباري مثلًا، يكتب عميل الاستخبارات الأمريكية السابق، شيت نايغل، شارحًا كيف أن "أمريكا تستفيد من الحصانة المنبثقة من سيادة الدولة أكثر من أي بلدٍ آخر لأن لدينا نفوذًا، ولأننا نتحرك، في عددٍ من الدول أكثر مما يفعله أي بلدٍ آخر. قانون "جاستا" يعني ببساطة أن الجنود والدبلوماسيين الأمريكان سيكونون هدفًا للدعاوى القضائية في العراق وغيره من البلدان، الأمر الذي سيعيق قدراتنا في حقل السياسة الدولية وفي معرض الدفاع عن أمننا القومي... 

المفترض بأعضاء الكونغرس الذين فتحوا (صندوق باندورا) أن يدركوا أن مصالحنا سيتم التحكم بها في محاكم أجنبية توفر قدرًا من الحماية ضد الدعاوى القضائية غير المسؤولة هو أقل مما توفره المحاكم الأمريكية".

وبعد أن يُذكِّر الأمريكيين أن "هذه المحاكم [الأمريكية] نفسها لم تجد السعودية مذنبةً بتمويل الإرهاب عدة مرات"، يعود للوم المشرّعين الأمريكان قائلًا: "رغم ذلك، نرى كيف أن أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب، المشغولين بصورتهم السياسية في موسم انتخابات، استهدفوا حليفًا مهمًا وقويًا بدلًا من إيران. وبهذا، فإن خلاصة ما فعلوه يتمثل في أنهم وضعوا اقتصادنا وأمننا القومي في خطر".

قد تكون مثل هذه المصارحات، إضافةً لهمسات الأذن الخافتة، هي ما فتح باب حديث القادة الجمهوريين لمجلسي الشيوخ والنواب، في اليومين الماضيين، عن إمكانية تعديل القانون. وكما يلومُ الأطفالُ الآخرينَ عند شعورهم بأنهم ارتكبوا الخطأ، يتكرر الحديث في أوساط الكونجرس الآن عن تقصير الرئيس أوباما في التشاور مع المشرِّعين بالشكل المطلوب، وأن حصول التشاور كان له أن يعالج الأمر قبل الوصول إلى هذه الحالة.

هل يمكن، بالمقابل، للرئيس أوباما أن يقوم بمراجعة خطاياه السياسية في سوريا في أسابيعه الأخيرة في البيت البيض، بحيث يغادره محافظًا على شيءٍ من ماء الوجه، عبر احترام حدٍ أدنى من المبادئ الإنسانية الواردة في القانون الدولي؟ السؤال مشروعٌ مع تصريحاتٍ لنائب وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، أكد فيها على أن "الرئيس طلب من جميع الوكالات طرح خيارات بعضها مألوف وبعضها جديد نعكف على مراجعتها بنشاط شديد". 

الملاحظة أن الرجل قال في إفادته أمام (لجنة العلاقات الخارجية) في مجلس الشيوخ إن أطرافًا خارجية ضالعة في الصراع قد تبدأ في ضخ مزيد من الموارد، مما قد يضر في نهاية المطاف بالرئيس السوري إضافة إلى روسيا. أما جون كيربي، الناطق باسم الخارجية الأمريكية، فقد أطلق تصريحًا حذر فيه روسيا "من تعاظم خسائرها واستلام المزيد من جثث جنودها في الأكفان، بل حتى إسقاط طائراتها".

ثمة ملامح اضطراب في التنسيق الأمريكي الروسي في سوريا يمكن أن يحمل في طياته نافذة فرصة لفعلٍ حاسم يقوم به أصحاب العلاقة من العرب. سيما وأنهم يعلمون أن مسار الأحداث على الأرض السورية سيؤثر على واقعهم، اليوم قبل الغد.

هنا تأتي التصريحات الغاضبة والمنفعلة لمسؤولين روس في اليومين الأخيرين مؤشرًا على ذلك الاضطراب. 

فقد قال سيرجي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، إن تصريحات كيربي "دليل على انحدار الإدارة الأمريكية الحالية لممارسة سياسة وضيعة، وتمثل دعوة موجهة للإرهابيين لمهاجمة روسيا. لا يمكن أن نصف هذا الأمر إلا بأنه في الواقع دعم للإرهابيين من جانب الولايات المتحدة".

من المفيد للعرب أن تزيد أمريكا احترامها للقانون الدولي في جميع الحالات، بغض النظر عن الأسباب. وبشيءٍ من الإرادة السياسية، فإن دورهم في دفعها لذلك، سواء فيما يتعلق بقانون جاستا أو في سوريا، قد يكون أكبر بكثير مما يتصورون.

* د. وائل مرزا كاتب وأكاديمي سوري

المصدر | الشرق القطرية

  كلمات مفتاحية

الولايات المتحدة قانون القانون الدولي الكونغرس نقض الفيتو الرئاسي السعودية سوريا روسيا