صحيفة روسية: كيف سترد الرياض بعد رفع أول دعوى قضائية بموجب قانون جاستا؟

الثلاثاء 4 أكتوبر 2016 10:10 ص

تناولت صحيفة روسيسكايا غازيتا الروسية في عددها الصادر اليوم الثلاثاء رفع أول دعوى قضائية في الولايات المتحدة ضد المملكة السعودية، وتساءلت عن رد الرياض.

وقالت الصحيفة إن «ستيفاني روس دي سيمون»، أرملة أحد ضحايا هجمات 11 سبتمبر رفعت أول دعوى قضائية إلى محكمة واشنطن ضد المملكة السعودية، تطالب فيها بتعويضات مالية عن مقتل زوجها.

وتتهم المواطنة الأمريكية السلطات السعودية بدعم تنظيم القاعدة وزعيمها الراحل «أسامة بن لادن»، الذي يعدُّ المخطط الرئيس للهجوم الأكبر تدميرا في الولايات المتحدة، والتي أودت بحياة حوالي ثلاثة آلاف شخص؛ من بينهم زوجها باتريك دان الذي كان يخدم في القوات البحرية الأمريكية.

وأصبح رفع دعوى قضائية ضد السلطات السعودية ممكنا بعد أن تجاهل الكونغرس فيتو أوباما على مشروع القانون وأقره.

ويسمح هذا القانون للمواطنين برفع شكاويهم إلى المحاكم الأمريكية ضد الحكومات الأجنبية الداعمة للإرهاب الدولي.

وحمل العديد من ساسة وخبراء الولايات المتحدة المملكة السعودية جزءا من مسؤولية الهجمات، حيث كان 15 انتحاريا من مجموع 19 يحملون الجنسية السعودية.

وكان البيت الأبيض قد وصف قرار الكونغرس بأنه العمل الأكثر خزيا من جانب أعضاء مجلس الشيوخ منذ عشرات السنين، مشيرا إلى عواقبه السلبية، ولا سيما أن حكومات الدول، بحسب الاتجاه السائد في القانون الدولي بشأن الحصانة السيادية، لا تخضع لمحاكم الدول الأخرى.

وإضافة إلى هذا يتمتع الدبلوماسيون والعسكريون الأمريكيون في الخارج بحصانة تمنع ملاحقتهم في القضايا المدنية والجنائية.

من جانبه، يقول الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» «إذا قوضنا مفهوم الحصانة القضائية للدولة، فإنه سيكون من الممكن ملاحقة عسكريينا في مختلف أنحاء العالم. وسنكون ضعفاء أمام الملاحقات بسبب أعمالنا في العالم. وقد نصبح متهمين أمام المحاكم. إنها سابقة خطيرة».

وأيد مدير وكالة الاستخبارات المركزية «جون برينان» ما قاله «أوباما»، مشيرا إلى أن إقرار القانون ستكون له عواقب وخيمة على الأمن القومي، وقال إن الحصانة القضائية تحمي المسؤولين الأمريكيين وفقا لمبدأ المعاملة بالمثل. 

وأضاف أنه إذا لم تعتمد الولايات المتحدة هذا المعيار في تعاملها مع الدول الأخرى، فإن العسكريين والدبلوماسيين العاملين في الخارج سيتعرضون للخطر.

وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية قد طلب من أعضاء الكونغرس إدخال تعديلات على مشروع القانون.

أما الرياض، فحذرت من إمكان بيع أصولها في الولايات المتحدة البالغة قيمتها مئات مليارات الدولارات لمنع تجميدها في حال رفع قضايا جنائية ضد المملكة من قبل مواطني الولايات المتحدة.

وإضافة إلى هذا، تملك المملكة السعودية حصة في الدين الحكومي الأمريكي تفوق 100 مليار دولار.

ويصبح هذا القانون وقرارات المحاكم الأمريكية سببا جديا في زعزعة التحالف السياسي–العسكري بين واشنطن والرياض، الذي لم يتزعزع على مدى عقود من الزمن.

وتجاهل أنصار القانون هذه الحجج كافة، واتهموا الرئيس بأنه لا يبالي برغبة أسر الضحايا بتحقيق العدالة، وبأن قراره مبني على حسابات سياسية.

وقد حظي مشروع القانون بشعبية واسعة في المجتمع تعاطفا مع أسر الضحايا. 

تعقيدات قانونية

وفي وقت سابق، أوضح المحلل والمختص بشؤون القانون الدولي «جيف توبين» أن قانون «جاستا» يحمل في طياته الكثير من التعقيدات القانونية.

وقال «توبين» إن هناك العديد من التعقيدات التي على الأغلب ستحد من إمكانية عائلات الضحايا من الحصول على أية تعويضات مالية، ولكنه خرق في جدار تقليدي يمنع الأفراد في دولة ما من مقاضاة حكومات تابعة لدول أخرى، وهو مفهوم يعرف باسم الحصانة السيادية ويعتبر أحد المبادئ المهمة في القانون الدولي.

وأضاف «توبين»: «المخاوف الحقيقية والتي لفتت إليها الإدارة الأمريكية تتمثل بما سيفتحه هذا الباب على الولايات المتحدة، على سبيل المثال يمكن لأحد في باكستان أن يرفع دعوى قضائية حول أن الغارات الأمريكية التي تنفذها طائرات بدون طيارات تعتبر خرقا للقانون الباكستاني وعليه سنقوم بمقاضاة أمريكا».

وتابع: «لعل من أكثر الأمثلة وضوحا هو نشاط وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في إيطاليا والتي أدت إلى رفع دعوى قضائية ضد أمريكا، ولكن مثل هذه الدعاوى رضخت لمبدأ الحصانة السيادية، ويمكن قياس هذه الحوادث على العديد غيرها حول العالم، حيث إن الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر أكثر الدول المنتفعة بالحصانة السيادية».

جاء ذلك، فيما أعرب زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ الأمريكي السيناتور «ميتش ماكونيل»، عن اعتقاده بوجود عواقب لقانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب» (جاستا).

وأقر «الكونغرس»، مساء الأربعاء الماضي، القانون المعروف إعلاميا باسم «جاستا»، بعد التصويت بأغلبية كاسحة في مجلسي الشيوخ والنواب، على إلغاء فيتو الرئيس «باراك أوباما» ضد القانون، الذي يمنح عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر/أيلول الحق بملاحقة السعودية قضائيا على دورها المزعوم في الهجمات.

وكانت لجنة تحقيق أمريكية قد انتهت في تقريرها الصادر عام 2004 إلى أنه لا يوجد دليل على أن الحكومة السعودية كمؤسسة ولا أي مسؤولين كبار في الحكومة السعودية قاموا بتمويل تنظيم «القاعدة»، في حين كان هناك جزء في التقرير ظل سريا لسنوات طويلة حتى تم رفع السرية عنه في يوليو/تموز الماضي يقول إن منفذي الهجمات ربما حصلوا على مساعدة من بعض المسؤولين السعوديين.

في المقابل، فإن السعودية نفت في السابق أية مسؤولية لها عن هذه الهجمات رغم أن 15 من بين 19 إرهابي نفذوا الهجمات كانوا سعوديين.

  كلمات مفتاحية

السعودية أمريكا أوباما جاستا