استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

العالم على مفترق طرق

السبت 8 أكتوبر 2016 03:10 ص

زادت الأوضاع انفجاراً واشتعالاً في سورية، بعد إصرار كل من روسيا والنظام السوري الطائفي وإيران مع الميليشيات التابعة لها، على تدمير حلب على رأس مواطنيها المدنيين، في تحدّ غير مسبوق للمجتمع الدولي برمته. كل ذلك يتم على حساب الشعب السوري المنكوب المشتت نصفُه في أقطار الأرض، والمعرض نصفُه الآخر للإبادة والخراب والدمار فوق أرضه على مرأى ومسمع من العالم بأسره، من دون أن يتحرك مجلس الأمن أو أي طرف من الأطراف الدولية القادرة.

لقد أصبح الأمن والسلم الدوليان مهددين أكثر من أي وقت مضى بسبب هذا العجز المعيب لمن بيدهم مفاتيح حل هذه الأزمة المستفحلة ووقف هذه المجازر البشعة، وإنهاء الانتهاكات الصارخة للقوانين الدولية وغطرسة القوة.

هذه المرحلة الدقيقة والحرجة للغاية التي يعيشها عالمنا اليوم، تفرض على النخب السياسية والعلمية والثقافية والإعلامية الحرة في العالم، النهوض بالمسؤوليات الأخلاقية الملقاة على عاتقها باعتبارها المدافعة عن القيم الثقافية والمبادئ الإنسانية السامية، لإنقاذ الشعب السوري من مجزرة العصر. فقد فشل السياسيون في الدول الكبرى وأحجموا عن القيام بمهماتهم في حفظ السلم والأمن الدوليين، ولم يعد هناك أمل سوى في الشعوب التي يجب أن تحركها هذه النخب في مسيرة إنسانية قوية إحقاقاً للحق.

لقد شاركت في منتدى باكو العالمي الإنساني الخامس الذي عقد يومي 29 و 30 أيلول (سبتمبر) الماضي في باكو عاصمة جمهورية آذربيجان، وأوضحت في كلمتي لدى افتتاح أعمال المنتدى، أنه نتيجة لتقاعس القوى العظمى عن القيام بواجبها الأخلاقي والسياسي، فإن العالم أصبح اليوم عرضة للاهتزازات التي تخل بالتوازن الدولي، والتي تؤدي إلى الاضطرابات المتصاعدة التي تزعزع الاستقرار في العلاقات الدولية، مما يكون من نتائجه الدخول في متاهات لا يعلم أحد إلى أين ستنتهي. وهو الأمر الذي تنشأ عنه الأزمة الحضارية العالمية التي تنزع عن العولمة طابعَها الإنساني، وتجعل منها أحد أقوى العوامل لانفجار الأوضاع الدولية بأشكال مختلفة، وتحويل العالم إلى غابة.

ومن الواضـــح أنه حين تبلغ التحدّيات في هذه المرحلة من القرن الحادي والعــشرين، هذا المستوى من الخطورة والتهديد للأمن والسلم الدوليين في ظل العولمة المتوحشة، يكون من الواجب على النخب المفكرة والقيادات التي تصـــــنع الرأي الــعام في بلدانها، التحركُ في الاتجاه الصحيح، من أجل بناء تكتّلٍ إنسانيٍّ يرقى بأهدافه ومضامينه، إلى المسـتوى الحضاري العالي، دفاعاً عن القيم الإنسانية المشتركة، وتعزيزاً للحوار بين الثقافات والحضارات وأتباع الأديان، ومنعاً للظلم والعدوان، وتمكيناً لمبادئ الحرية والكرامة.

إن التأخر في اتخاذ القرار المناسب بهذا الخصوص، والتردد في السير في هذا الاتجاه، وهما الطابع المميز للسياسة الدولية راهناً، سيكون لهما سلبياتهما التي تعطل حركة المجتمع الدولي الرامية إلى إنعاش علاقات التعاون بين الشعوب، من خلال تعزيز قيم الحوار، لأن الحوار هو سبيل العقلاء نحو خدمة الإنسانية، وهو المنهج القويم لبناء النظام العالمي الجديد على قواعد القانون الدولي، والمبادئ السامية للثقافات والقيم الإنسانية للحضارات وتعاليم الأديان. وهو ما يتناقض تناقضاً مطلقاً مع السياسة التي تنهجها روسيا وإيران وإسرائيل في منطقتنا، والتي تعتمدها الولايات المتحدة التي تبدو اليوم في حالة من العجز والتردد، إن لم يكن التخاذل عن اتخاذ القرارات الحاسمة التي تنسجم مع مركزها الدولي.

هذا العجز المفرط عن اتخاذ القرار الدولي الحاسم والحازم، هو الذي يفتح الأبواب أمام الاستمرار في تدمير سورية من طرف روسيا الاتحادية والنظام الطائفي الاستبدادي فيها وإيران الدولة الطامعة في الأراضي العربية والمتواطئة مع القوى الاستعمارية الصهيونية الجديدة لتمزيق العالم العربي، ونشر الفوضى الهدامة فيه التي تحقق الأطماع الفارسية القديمة في بلاد العرب، وهو الأمر الذي يستدعي الوقوف بقوة وحزم وبوعي رشيد، في وجه خصوم السلام وأعداء الحق، ليس من العرب والمسلمين فحسب، فنحن في وضع لا نحسد عليه، وإنما من المجتمع الدولي برمته.

إن الكوارث الإنسانية المرعبة التي تحدث في سورية، خصوصاً في حلب المنكوبة، تدين القوى العظمى التي من المفترض أن تكون حامية للأمن والسلم الدوليين. فليست روسيا هي وحدها المسؤولة عن المجازر، بل حتى الولايات المتحدة تتحمل المسؤولية، لأنها تتخذ موقف المتفرج، العاجر، المتردد، إن لم نقل موقف المتواطئ، المشارك في الجرائم. وسيكون لهذه الجرائم ضد الإنسانية في سورية ما بعدها اليوم وغداً، ما يجعل العالم على مفترق الطرق، بل على شفا جرف، ويهدد الأمن والسلم الدوليين.

* د. عبد العزيز التويجري أكاديمي سعودي والمدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو).

المصدر | الحياة

  كلمات مفتاحية

سوريا روسيا النظام السوري إيران حلب المجتمع الدولي الشعب السوري مجلس الأمن الأسد