استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

فوق فوهة بركان

الاثنين 10 أكتوبر 2016 05:10 ص

التوترات تتصاعد في المنطقة بشكل يدعو إلى القلق، التهديدات تنطلق من جميع الجهات والأطراف، والأزمات تزداد سخونة بعد فشل الدبلوماسية، والكل يضع أصابعه على الزناد في انتظار شرارة أو خطأ أو تصرف عدواني، مقصود أو غير مقصود، وهذا إن حدث سيضع المنطقة على فوهة بركان، لا يلبث أن يسحبها إلى جوفه، ولنا أن نتخيل التداعيات والتفاصيل والآثار المدمرة التي ستنتج عن أي مواجهة عسكرية، بحرية أو برية أو جوية، بين الأطراف المحتقنة. 

فالمنطقة أضحت ترسانة من الأسلحة الفتاكة المتطورة شديدة التدمير، والأفق يبدو شبه مغلق في ظل تعنّت جميع الأطراف، والصراع قد ينتقل من الحرب بالوكالة إلى مواجهة مباشرة، وقد ينتقل ويتطور إلى حرب عالمية، فمن سيوقف كرة النار التي ستحرق كل شيء وتعيد المنطقة، وربما العالم، إلى ما قبل عقود مضت؟

البيت الأبيض يطلب من مستشاريه البحث عن خطط بديلة عن الدبلوماسية للتعامل مع الواقع في سوريا. روسيا تنشر صواريخ إس 300 المتطورة وتحذر من الاعتداء على الجيش السوري، فرنسا رفعت صوتها بشأن ما يجري في حلب وقالت إنها لن تسمح بتدمير المدينة على سكانها، والرئيس السوري يصرح أنه سيواصل الحرب على المسلحين حتى يخرجوا من مدينة حلب. و«دي مستورا»، المبعوث الأممي لسوريا يطالب مقاتلي جبهة النصرة بمغادرة المنطقة الشرقية من مدينة حلب وألا تأخذ المدنيين رهائن ودروعا بشرية ويستعد لمرافقتهم في خروجهم، وداعش مستمرة في عملياتها الإرهابية حتى وصلت إلى الحدود التركية. والجيش السوري الحر يتقدم بدعم تركي. 

العراق يطلب من الجيش التركي الانسحاب ولا يوافق على مشاركة الأتراك في تحرير الموصل، ويقول رئيس الوزراء العراقي إن الوجود التركي قد يشعل حرباً إقليمية. الحوثيون يهددون الملاحة في باب المندب، ««إسرائيل»» تفتعل حربا ضد قطاع غزة، وتبدأ بالقصف التدريجي للمدينة، قائد القوات البرية ««الإسرائيلي»» يقول إن الحرب الثالثة في لبنان ما هي إلا مسألة وقت، الجيش ««الإسرائيلي»» يحشد في الجولان، الصراع يزداد ضراوة في ليبيا، مع مواصلة التعتيم العالمي على ما يحدث في المدن الليبية وأريافها. الولايات المتحدة تقر قانون (مقاضاة رعاة الإرهاب)، وزوجة أحد ضحايا 11 سبتمبر تتقدم بأول دعوى. وفي آسيا، تتوتر العلاقات بين الهند والباكستان بشأن كشمير، وتدور بين الفينة والأخرى مناوشات يسقط جراءها ضحايا. المعارك لا تزال تدور في أفغانستان بين الجيش الحكومي وحركة طالبان، وبين الجهتين وتنظيم داعش الإرهابي.

يترافق هذا التأزم السياسي والعسكري مع أزمات اقتصادية هنا وهناك، وتدني أسعار النفط والذهب، وإعلان العديد من الدول في المنطقة والعالم عن عجز في ميزانياتها.

فهل الحرب هي النتيجة الحتمية لكل هذا الاحتقان؟ وهل ستؤدي الحرب إلى حل القضايا مثار الخلافات؟ هل الحرب ستؤدي إلى تفاهمات روسية أمريكية بشأن مناطق النفوذ في العالم؟ هل ستحل قضية فلسطين ويعود اللاجئون إلى ديارهم؟ هل ستنهي الحرب التطرف الذي يتمدد في كل الاتجاهات؟ أم ستنتشر الفوضى (ويأكل الناس بعضهم) في ظل فلتان أمني لم يسبق له مثيل؟

المتطرفون والإرهابيون وتجار الآثار والأطراف البشرية والعصابات سيكونون المستفيدين من أي حرب إقليمية في ظل توفر السلاح الخفيف والثقيل وأنظمة الاتصال المتطورة لديهم، فلو نشبت حرب بين تركيا والعراق سيكون «داعش» هو المستفيد الأول، لأن الجيش العراقي لا يمتلك القدرة والإمكانيات لخوض حرب خارجية وأخرى داخلية.

ولو نفذت أمريكا سيناريو قصف القواعد الجوية التابعة للجيش السوري، فإن «داعش» و«النصرة» سيطالهما القصف، فالحرب لا تعرف الانتقائية في اختيار الأهداف. ولو حدث احتكاك عسكري بين روسيا وأمريكا في سوريا فإنها ستتطور لتشمل المنطقة بأكملها، وسيدخل حلفاء كل قوة من القوتين العظميين في صراع دموي لا يمكن لأحد أن يتكهن بعواقبه، إلا أنها بلا شك ستكون عواقب وخيمة جداً، والدمار سيكون هائلاً. فالحرب ستكون مكلفة اقتصادياً وبشرياً، وستضاف هذه الأعباء على الأزمات الاقتصادية الناتجة عن تراجع عوائد النفط.

المستفيد الثاني من الحرب سيكون الكيان الصهيوني الذي لن ينحاز بشكل مباشر إلى أي من الأطراف، لكنه سيكون مساهمة بشكل أو بآخر وسيساند حليفتها الولايات المتحدة، وقد يستغل الفرصة ويشن حرباً لا هوادة فيها على لبنان. وقد تستغل أيضا الانشغال العالمي وتهاجم غزة.

الخاسر الأكبر في هذه الحروب هي شعوب المنطقة، إذ سيزداد عدد المهاجرين، وسينتشر الجوع والعطش والأمراض، وسيتبعها بالضرورة فلتان أمني شديد الخطورة بسبب وجود جاليات عديدة في المنطقة، وقد تنتشر السرقات والجرائم وغيرها.

فهل اختلفت روسيا والولايات المتحدة جوهرياً حول حل أزمات المنطقة، أم أن الاختلاف كان ظاهريا والدولتان العظميان تقودان المنطقة إلى حرب طاحنة لإنعاش تجارة الأسلحة والتسبب في عجز كبير في ميزانيات الدول المتقاتلة، ليأتي البنك الدولي ويفرض شروطه على المنطقة ويرتهن مقدراتها إلى سنوات طويلة مقبلة.

على زعماء المنطقة الخروج من هيمنة الولايات المتحدة وروسيا، وأن يهمشا دوريهما، ويمنعاهما من التدخل في الصراع، وأن يتفقوا على حل الأزمات بأنفسهم تجنبا لتدمير ما حققته مسيرة التنمية في البلدان كلها. فمن السهل تدمير ما تم إنجازه على مدى خمسين سنة خلال يوم واحد، لكن من الصعب بناءه خلال عقود، فالدمار لا يحل بالشجر والحجر فقط، وإنما أكبر دمار سيحل بالإنسان وبنيته التحتية والمؤسسات التي تخدمه وتطعمه وتسقيه. فالحكمة ثم الحكمة يا أولي الأمر..

* د. عبد الله السويجي كاتب من الإمارات.

  كلمات مفتاحية

المنطقة العربية أمريكا روسيا الدبلوماسية المواجهة العسكرية الشرق الأوسط حرب بالوكالة

قانون «جاستا» والعلاقات الدولية

العرب والنظام الدولي: الفكر السياسي الاستراتيجي بين الوهم والحقيقة