مجلس التعاون الخليجي والعالم العربي: الطريق إلى موازنة نفوذ الحرس الثوري الإيراني

الثلاثاء 11 أكتوبر 2016 12:10 م

آن الأوان في الواقع لمناقشة النهج السليم لمواجهة الاستفزازات المستمرة من الحرس الثوري الإيراني، وتدخلاته في البلدان المجاورة.

شهدت الفترة الأخيرة هجمات للحوثيين على سفينة شحن دولي للإمارات العربية المتحدة في البحر الأحمر قرب باب المندب في 1 أكتوبر/تشرين الأول. وكشف استفزاز الزوارق الإيرانية المتكرر ضد السفن الأمريكية في الخليج، عن مستوى التهديد المتوقع من قبل الحرس الثوري الإيراني في منطقة الشرق الأوسط . هوجمت سفينة الإمارات العربية المتحدة من قبل سفينة صينية الصنع، والتي حصل عليها الحرس الجمهوري اليمني في عهد الرئيس السابق «علي عبد الله صالح».

وعلاوة على ذلك، حذر اللواء «يحيى رحيم صفوي»، القائد السابق للحرس الثوري الإيراني روسيا من الانجرار إلى اتفاق مع واشنطن حول «حصة» إيران في سوريا. وفي مقابلة مع التلفزيون في 22 سبتمبر/أيلول، قال «صفوي» أن روسيا ليس لديها الحق في المساومة على دور طهران في سوريا تحت أي ذريعة. «في الوقت الراهن، هناك ترتيب بين الأميركيين والروس. وآمل أن لا ينخدع الروس وألا يتم الانجرار إلى لعبة تعود بالفائدة على واشنطن أكثر أو تعطي حصة أصغر لإيران».

ولكن سوريا ليست «أرضت بلا شعب»، وهذه عبارة سيئة السمعة صيغت في عام 1843.

في العراق، الأمر لا يختلف كثيرا. الحشد الشعبي يخوض معركة سياسية شرسة في بغداد للمشاركة في معركة الموصل. وحتى الآن، فإن وزارة الدفاع تبدو منتبهة إلى الحساسية الطائفية لهذه القضية، وترفض مشاركتهم.

ومع ذلك، أفيد في بغداد أن القادة العسكريين الأمريكيين في قاعدة عسكرية في العراق أشاروا مؤخرا أنهم على استعداد لقبول مشاركة محدودة. وتقاد بعض تلك الميليشيات من قبل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال «قاسم سليماني». الأميركيون ألمحوا إلى دور للحشد خارج الموصل، ولكن ليس داخل المدينة، التي تؤشر مشاركتهم في العمليات فيها على تكرار ما حدث في الفلوجة حيث تم الإبلاغ عن العديد من الفظائع. كما رفض مجلس محافظة نينوى أي مشاركة لهم.

بعد ماراثون من المفاوضات قادها وفد الولايات المتحدة بقيادة نائب الوزير «توني بلينكن» في بغداد وأربيل، ويقال أن «حصة» الحشد في وسط العراق ستوسع من تلعفر لتصل للحدود العراقية مع سوريا. وهذا يضع عمليا المنطقة الممتدة من تلعفر، شرق الموصل، إلى البادي بما فيها مدينة الفطسي وباعج، حتى الحدود السورية تحت سيطرة الحرس الثوري.

ولذلك فمن الإنصاف القول إن قادة الحرس الثوري سيتمكنون من الوصول مباشرة، ودون انقطاع، من طهران الى جنوب لبنان، كما يحلم الحرس الثوري الإيراني منذ عام 1990. وقد أدركت الدول العربية والشعوب، لاسيما في العراق وسوريا، منذ البداية، أن الخطة الاستراتيجية الإيرانية هي تمديد النفوذ «الثوري»

عند نقطة ما، أدى الإحباط إلى النظر إلى تنظيم الدولة باعتباره القوة التي يمكن أن توقف الحرس الثوري الإيراني. ونحيت التحذيرات المبكرة من غباء وضع أي رهانات على التنظيم أو أي جماعات مماثلة جانبا. كانت «داعش» تمثل توازنا مضادا للحرس الثوري الإيراني باستخدام نفس الأدوات التي اختارها الحرس الثوري الإيراني.

ولكن هذه الانعزالية والطائفية قي مقاومة الاعتداء على الهوية الوطنية أثبتت خطأها. بدلا من ذلك، كان من المفترض أن يتم دراسة بناء الخط التنظيمي على أساس بناء ائتلاف وطني. صحيح أن هذا النهج هو أبطأ في تحقيق نتائج ملموسة، ولكن النتائج المستدامة البطيئة هي أفضل بكثير من النتائج السلبية.

وقد جلبت «داعش» نتائج سلبية للغاية. و كسرت الأساس الرئيسي لأي مقاومة وطنية محتملة لعاصفة الحرس الثوري الإيراني السوداء التي هبت على المنطقة من الشرق. وساعد تقدم الحرس الثوري الإيراني في العراق في تعبئة المتعصبين الدينيين في المجتمع الشيعي لمواجهة أسوأ المتعصبين الدينيين في الطائفة السنية. وبالتالي فإنه أشعل الطائفية الدينية والاستقطاب الاجتماعي في كلا المعسكرين وأسفر عن إحياء التفسيرات الخاطئة للدين.

ولكن المطلوب هو إحياء الهوية الوطنية، وهي العربية وليست الفارسية، في كل من سوريا والعراق. هذا من شأنه بناء تحالف يهدف إلى الدفاع عن استقلال وسيادة كل من هذين البلدين.

بدأ النضال ضد الاستعمار من أجل الاستقلال في البلدين منذ أكثر من مائة عام. خلال هذا الصراع، تم تعزيز العلاقات بين المجتمعات حيث كانوا جميعا يقاتلون لتحقيق هدف واحد. وانتصرت الشعوب الموحدة في العراق وسوريا في معاركها ثم خسرت في وقت لاحق حين وقعت تحت حكم خادع من المجالس العسكرية من قبل «صدام» أو «الأسد». وتحول الحكام العسكريون المستبدون إلى استخدام الهوية الوطنية كبضاعة في مقابل الاحتفاظ بقصورهم.

ما يمكننا أن نتعلمه من تاريخ البلدين ومن تاريخ المعركة البطولية السورية ضد الفرنسيين في عام 1920، والثورة العراقية ضد البريطانيين في عام 1923 هو أن مسألة الهوية الوطنية توفر الأساس السليم لبناء ائتلاف وحدة وطنية. والدافع الرئيسي هو استقلال وسيادة البلدين الذين يواجهان حاليا هجمات مكثفة من قوة أجنبية ممثلة في الحرس الثوري الإيراني.

إن الحكمة هي في إحياء الروح الوطنية التي تجمع كل شيء: السنة والشيعة والمسيحيين والعلويين تحت راية واحدة. بدلا من ذلك، فإن إصرار العقول المجنونة على رفع راية «داعش» السوداء لم يوصل إلا إلى نتيجة كارثية. وأدى ذلك إلى توحيد العالم لهزيمة «داعش» و نسيان عمليات التوغل الإيراني في الدول العربية. واتسبب نقسام سكان البلدين على أسس طائفية في جعلهما أضعف أمام الحرس الثوري الإيراني.

ينبغي أن يقوم الأمر على توازن مضاد للحرس الثوري الإيراني في شكل ائتلاف سياسي واسع النطاق يمكن في وقت لاحق أن يتمكن من إنشاء الجناح العسكري الخاص به لأسباب تتعلق بحماية الاستقلال. فمن الخطأ أن نتصور أي مكافحة للتوازن بالعكس. نقطة البداية هي حركة سياسية ترفع علم السيادة والاستقلال مبنية على تحالف وطني ضد الانقسام الطائفي. علينا ألا ننسى أن بعض المفكرين العرب الكبار المناهضين للاستعمار كانوا من المسيحيين. وليس من النادر في جميع الأحوال العثور على شيعة عراقيين أو علويين سوريين يعبرون عن الغضب عندما يرون كيف فقدت بلدانهم سيادتها تحت تأثير الطائفية الكارثي.

على الجبهة العسكرية، فإن مواجهة الحرس الثوري تتطلب تشكيل قوة حفظ سلام عربية. لا تحتاج هذه القوة الرئيسية إذنا لحماية المنطقة. ومع ذلك، ينبغي احترام القوانين والأعراف الدولية. يجب ألا يسمح العالم أن ينزلق الوضع ليصبح كالغابة. فمن الأفضل بناء علاقات قوية مع حلف شمال الأطلسي في التشغيل والخدمات اللوجستية، فضلا عن التدريب والتجهيز. مصر، دول مجلس التعاون الخليجي ودول عربية أخرى، يمكن أن توفر بشكل جيد للغاية العمود الفقري لقوة متماسكة.

عند نقطة واحدة، فإن العالم سوف يصل إلى نقطة أن تدخل الحرس الثوري في منطقة الشرق الأوسط قد وصل إلى نقطة التهديد بالمزيد من الأزمات التي باتت وشيكة. سوف تكون هناك حاجة لمواجهة هذه القوة غير التقليدية . ولكن أساس هذه المواجهة هي مسؤولية العرب للدفاع عن أراضيهم. لا يمكن أن يتم ذلك بالقوة العسكرية وحدها، والتي يجب أن تكون هي الملاذ الأخير. المعركة السياسية والاجتماعية التي يعيش فيها العرب من جميع الأديان والمذاهب ينبغي أن يشارك فيها الجميع للدفاع عن هوية مشتركة، و يجب أن ترفض القوى الطائفية المتطرفة بشكل قاطع.

المصدر | سمير التقي وعصام عزيز - ميدل إيست بريفينج

  كلمات مفتاحية

إيران الحرس الثوري العراق سوريا مجلس التعاون الخليجي