استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

فتوى بني «أرشيد»!

الثلاثاء 11 أكتوبر 2016 06:10 ص

الفتوى المهمة التي أصدرها زكي بني أرشيد (في تصريحاته لموقع "سي. إن. إن بالعربية"، ثم في مقال مطول على موقع "الجزيرة نت")، بأن الدولة المدنية لا تتناقض مع الإسلام، بل هي نقيض الدولة البوليسية الاستبدادية، مثلت "نقطة تحول" مهمة في النقاشات الجارية عن العلمانية والإسلام والليبرالية، وحالة الاستقطاب الاجتماعي الداخلية غير المسبوقة.

"فتوى الدولة المدنية" مهمة على أكثر من صعيد؛ أولا، النقاش داخل الحركة الإسلامية. إذ كان هناك موقف مقلق للرأي العام والمثقفين، قبل ذلك، صدر عن الحركة الإسلامية وحلفائها ضد الدولة المدنية، وكاد هذا الموقف يحتل مساحة السجال الداخلي كاملة. لكن استدراك بني أرشيد قلب الطاولة تماما، لما يمتلكه من قوة نافذة في أوساط الحركة الإسلامية أولا، وثانيا لأن ذلك ارتبط بوضوح بعودة الإسلاميين إلى اللعبة الانتخابية، وإنشاء تحالف التيار الوطني للإصلاح، الذي حظي بـ15 مقعدا نيابيا.

لمن الغلبة داخل الحركة الإسلامية؟!

هذا سؤال النخب السياسية والمثقفين؛ فيما إذا كان موقف بني أرشيد سيسود في أوساط الحركة أم موقف الطرف الآخر، بخاصة أن مقال بني أرشيد جاء في سياق مضاد تماما لمقال سبقه بأيام للمراقب العام السابق للإخوان المسلمين، د. همام سعيد، الذي أعلن فيه أن الدولة المدنية مرفوضة شرعا؟

موقف بني أرشيد أقوى داخل الحركة، ويحظى بحضور كبير في أوساط الشباب والقيادات. ويمثل الرجل اليوم "المهندس" الحقيقي للتوجه الجديد، مع مجموعة من قيادات تنظيمية أخرى، قاموا بإجراء مراجعة داخلية لمسار الحركة وتعثراتها ووصلوا إلى "المخرجات الحالية".

مع ذلك، يعترف بني أرشيد بأن هناك جهودا جبارة مطلوبة في داخل الحركة الإسلامية لنقل هذه القناعات الجديدة بصورة عميقة إلى القواعد، مع ترسيخ وتجذير فكرة التحالف الوطني، التي يشعر أنها يمكن أن تكون مفتاحا ذهبيا لإعادة تعريف دور حزب جبهة العمل الإسلامي في المشهد الأردني.

وتعزيزا وترسيخا للتوجه الجديد، خصص بني أرشيد جزءا كبيرا من مقاله (في "الجزيرة نت") لمناقشة الآراء المتعددة عن الدولة المدنية في داخل "البيت الفكري الإسلامي". وكان ملاحظا أنه اقترب من تأصيل التجربة المغاربية وما كتبه د. سعد الدين العثماني في هذا المجال، والذي يمثل أحد أبرز المفكرين الإسلاميين، وقياديي حزب العدالة والتنمية المغربي المهتمين بتأصيل المفاهيم المدنية والديمقراطية في الفكر الإسلامي.

بالنتيجة، المواقف الأخيرة للإسلاميين، مع مقال بني أرشيد، تشي بأنهم يتحركون فكريا وسياسيا لتجاوز المرحلة السابقة باتجاه خط سير جديد متأثر بالتجربة المغربية والتونسية، والخروج من الآثار النفسية والفكرية لتجربة الإخوان المسلمين في مصر، بعد الانقلاب.

عنوان المرحلة "البراغماتية السياسية". وهي خطوات معقدة، لم تكن بسيطة، على حركة أمضت السنوات الأخيرة في مواجهة مع النظام أولا، وفي أزمة داخلية وصراعات فكرية وشخصية ثانيا. لكن -للأمانة- فإنها خطوات جريئة وذكية، عبر من خلالها الإسلاميون منعطفا حادا وخرجوا من عنق الزجاجة ونزلوا عن الشجرة!

الآن، الكل ينتظر ويترقب سلوك الإسلاميين في المرحلة المقبلة؛ سواء في أروقة الحكم والقرار، أو حتى القوى السياسية الأخرى، وفي مقدمتها التيار الليبرالي ومجموعة الدولة المدنية، بخاصة أن هناك قلقا من تنامي الاستقطاب الاجتماعي والثقافي في البلاد، على خلفية الأحداث الأخيرة.

وفي مقابل بني أرشيد، قدم الدكتور مروان المعشر مقاربة مهمة في محاضرته (مع د. عمر الرزاز) على هامش معرض الكتاب، عندما أكد هو الآخر أن الدولة المدنية ليست ضد الدين، بل في مواجهة الاستبداد.

هذه المحاولات لتبريد الجبهات الساخنة من السجال العام، بحاجة إلى الدخول أعمق إلى التفاصيل والحيثيات، لإعادة صوغ "عقد مجتمعي (أي بين القوى السياسية) جديد".

* د. محمد سليمان أبورمان - باحث بمركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية مهتم بالحركات الإسلامية والإصلاح والتحول الديمقراطي

المصدر | الغد الأردنية

  كلمات مفتاحية

الأردن زكي بني أرشيد المدنية الإسلام الاستبداد الإخوان المسلمين