من أجل «الدولار».. إعلامي مصري يطلق حملة لوقف جزئي للعمرة والحج

الخميس 13 أكتوبر 2016 01:10 ص

أطلق موقع «اليوم السابع»، ذائع الصيت في مصر، ورئيس تحريره «خالد صلاح»، المقرب من السلطات الأمنية والسياسية في البلاد، حملة لمقاطعة الحج والعمرة، حفاظا على الاقتصاد المصري، وتوفيرا للنفقات.

الحملة المستمرة منذ أيام، سعت إلى حشد رأي عام مصري، عبر أخبار وتقارير وتصريحات من اقتصاديين وعلماء دين، مشيرين إلى أنها ستوفر لمصر 6 مليارات دولار، وأن مصر أولى بها تصديقا للمثل الشعبي المصري القائل: «اللي يعوزه (ما يحتاجه) البيت يحرم على الجامع».

«اليوم السابع»، وهو الموقع الإخباري الأوسع انتشارا في مصر، قال في إطلاقه لحملته إنها تأتي «لإلغاء العمرة عاما وترشيد الحج السياحى لمن أدى الفريضة، وذلك لتوفير أكثر من 6 مليارات دولار للبلاد فى وقت تحتاج فيه مصر إلى إجراءات اقتصادية حاسمة لوقف مسلسل الإهدار، ولتوفير الميزانيات الخاصة بالمشاريع الأولى بالرعاية فى خطط الدولة ومنها الرعاية الصحية، والتعليم، والإسكان الاجتماعي، وزيادة المعاشات، وخلق آلاف فرص العمل للأجيال الجديدة».

الموقع الإلكتروني للصحيفة اليومية، قال إن دعوته، بتأجيل العمرة عاما وتوفير أكثر من 6 مليارات دولار، يأتي «في اتجاه التفكير من خارج الصندوق، لمعاونة الحكومة على التصدى لأولوياتنا الملحة، وحتى لا نتعرض للابتزاز أو الضغط من أى طرف خارجي».

بداية الحملة

الحملة بدأت باستطلاع رأى طرحه «اليوم السابع» على قرائه تحت عنوان «هل تتوقع نجاح وزارة السياحة فى حل ازمة رفع رسوم تأشيرات العمرة؟»، وجاءت النتيجة توقع الأغلبية (82%) فشل الوزارة في حل تلك الأزمة.

التصويت جاء بعد بدء تطبيق المملكة العربية السعودية، الرسوم الجديدة على تأشيرات الحج والعمرة، والتي زادت إلى 2000 ريال (6000 جنيه مصري/ 550 دولار أمريكي تقريبا)، ما يكبد المعتمرين وشركات السياحة أموالا إضافية كبيرة.

كما جاءت الحملة، وسط حالة من التوتر الظاهر على الساحة، بين مصر والسعودية، عقب تصويت مندوب مصر في مجلس الأمن لصالح قرار روسي يزيد من معاناة اهالي حلب، وهو ما اعتبرته السعودية «شيء مؤلم».

كما تأتي الحملة في إعلان مصر إبلاغها من شركة «أرامكو» السعودية، وقف المساعدات البترولية التي كان مقرر لها أن تصل مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، وسط صمت سعودي رسمي، لم يعلق على هذا الوقف، وحالة من التخبط الإعلامي للاستفسار عن حقيقة هذا التوقف، وهل هو توقف دائم، أم لشهر للشهر الجاري فقط.

الحملة تأتي أيضا، متزامنة مع هجوم شديد لإعلاميين مصريين، في صحف وقنوات فضائية رسمية وخاصة، ضد المملكة بسبب قرار وقف المساعدات، التي اتفقت عليها مصر مع المملكة في أبريل/ نيسان الماضي.

مبادرة «النجار»

الحملة على «اليوم السابع»، بدأت بالتفاعل مع مبادرة تقدم بها «محمد النجار» رئيس غرفة شرق الدلتا ومدن القناة وشمال سيناء، بعنوان «ترشيد أعداد المعتمرين» لتخفيض نزيف العملات الأجنبية التى ينفقها المصريون على أداء مناسك العمرة، ومنع انفلات الأسعار بصورة كبيرة.

وقال: «في ظل الأزمة التي تشهدها رحلات العمرة، عقب صدور قرار المملكة العربية السعودية بفرض رسوم قدرها 2000 ريال عن كل معتمر أو حاج يقوم بأداء العمرة والحج  للمرة الثانية، بالإضافة إلى ارتفاع خدمات الحج والعمرة، اقترح عودة أعداد المعتمرين إلى معدلاتها الطبيعية».

وأكد «النجار» أن المشروع سيؤدى لترشيد أعداد المعتمرين، وبالتالي ترشيد التعامل بالنقد الأجنبي، ومراعاة البُعد الاقتصادي بين الشركات، وتقليل الفجوة في التنفيذ، وعدم التصارع من أجل الحصول على عقود وكالة سعودية.

وأضاف، أن الشركات قررت تعليق العمل بالعمرة لحين صدور التفسير من المملكة العربية السعودية عن كيفية تطبيق قرار الرسوم الجديدة، كما اتفقت الشركات على مقاطعة المعارض الخاصة بالعمرة التي تتم داخل مصر أو خارجها.

وتابع، أن جميع الشركات اتفقت على أحقية المملكة فى وضع أنظمة تخص تنظيم الحج والعمرة، إلا أن هذا القرار يمس كل العالم الإسلامي، خاصة أن مبلغ 2000 ريال لا يقابله خدمة فهي مجرد رسوم.

حشد ديني

«اليوم السابع»، سعي إلى حشد تأييد ديني لحملته، فسعى نحو الحصول على تأييد قيادات دينية ودعوية، صنفوها من باب فقه الأولويات، فنقل عن «أحمد تركي» مدير عام التدريب بوزارة الأوقاف، أن مفهوم استطاعة الحج الموجبة له يجب أن يتغير حسب مقتضيات العصر، وذلك بإدراج الجوانب الإجرائية والإدارية وتأشيرات الحج الممنوحة من الدولة المنظمة حسب ظروفها ضمن شرط الاستطاعة.

وأضاف «تركي»، أنه من باب فقه الأولويات، يجب مراعاة الظروف الاقتصادية للدولة ولمواطنيها، فكفالة يتيم أولى من تكرار العمرة والحج، ودعم اقتصاد الدولة الذى يكفل الفقير قبل الغنى أولى من التكرار.

فيما قال «صبرى عبادة» مستشار مديريات الأوقاف، إن كفالة الفقير، وكسوة المساكين، ومراعاة اليتامى، أولى من تكرار الحج والعمرة، حيث لم يكرر الرسول الحج نهائياً.

ونقل «اليوم السابع»، عن الدكتور «محمد مختار جمعة» وزير الأوقاف، مناشدته جميع الجهات التى تقدم رحلة عمرة مجانية سواء للعاملين بها أو لغير العاملين بها أو في شكل جوائز، بتوجيه قيمة هذه العمرات إلى إطعام الجائع، وكساء العاري، وإيواء المشرد، أو في بناء أو صيانة أو تطوير المدارس والمستشفيات، ونحو ذلك مما لا غنى عنه للناس فى حياتهم.

وأضاف الوزير: «بما أن الحج هو لمن استطاع إليه سبيلا من القادرين بدنيًا وماليًا فينبغى على جميع الجهات والمؤسسات المجتمعية أن توجه ما كانت تخصصه للحج المجانى أو العمرة المجانية لما ذكرنا من أمور تمثل الحاجات الأساسية للفرد والمجتمع».

واجب اقتصادي

كما سعى «اليوم السابع»، إلى استدعاء مسؤولي الشركات السياحية، دعما لحملته، فنقل عن «علي المناسترلي» رئيس الغرفة الفرعية لشركات السياحة بالإسكندرية، قوله إنه فى حال تطبيق رسوم العمرة التى فرضتها السعودية والبالغ قيمتها 2000 ريال، فيجب إيقاف تنظيم رحلات العمرة لمدة عام على الأقل، حفاظا على خروج العملة الأجنبية من البلاد.

واتفق معه في الرأي «محمد الجندى» عضو الجمعية العمومية لاتحاد الغرف السياحية، بضرورة إرجاء تنفيذ رحلات العمرة، لحماية المعتمر المصرى، فمطالبة المملكة بتحصيل رسوم بدون تقديم خدمة مقابلة لها «غير عدالة» حسب وصفه.

وأشار إلى أن مصروفات الحاج أو المعتمر لا تتعدى 100 دولار، فليس من المعقول تحصيل رسوم تصل قيمتها ضعف تكلفة البرنامج.

فيما طالب «محمد عزت» أمين صندوق الغرفة الفرعية لشركات السياحة بالإسكندرية، بتخفيض أعداد المعتمرين إلى نصف مليون معتمر سنويا، ووضع حد أقصى للأعداد التي تنفذها كل شركة سياحية.

كما سعى «اليوم السابع» إلى استكتاب بعض الكتاب، لحملته، فنقل عن الكاتب «أكرم عبد السلام»، تساؤله: «متى يفهم المصريون أن مساندة بلدهم اقتصاديا وإعلاء حس التكافل الاجتماعى أهم وأبرك من الفشخرة بتكرار العمرة والحج السياحى فى المجالس؟، ومتى يعى المصريون وهم من اخترعوا المثل القائل (اللى يحتاجه البيت يحرم ع الجامع)، أن بيتهم الآن فى حاجة إلى التفاتهم الكامل ورعايتهم، بدلا من المن والأذى من البدو الحفاة المتطاولين فى البنيان الذين يتداعون الآن علينا كما لو أننا سليمان وقد أكل النمل منسأته!».

وأضاف: «المصريون الآن يحتاجون أكثر من أى وقت إلى نوبة صحيان، إلى امتلاك الرشد وإلى خوض معركة الكرامة والنهوض والاستقلال، فهل يفعلون؟».

حملة على «النهار»

«صلاح»، لم يكتفي بالحملة التي طرحها على موقعه الذي يرأس تحريره، وإنما روّج لحملته في البرنامج الذي يقدمه على فضائية «النهار» ويحمل اسم «هوى مصر».

حلقة الثلاثاء الماضي، حملت عنوان «ترشيد العمرة»، وطالب فيها «صلاح» المصريين بالامتناع عن أدئها لعام واحد، حتى يتسنى تحصيل 6 مليار دولار لصالح مصر.

واستضاف «صلاح» في الحلقة لمناقشة الموضوع، مقدم المبادرة «محمد النجار»، و«علي المانسترلي»، و«عبد العزيز النجار» مدير الدعوة بالأزهر الشريف، و«عادل محمد شعبان» عضو الاتحاد العام للغرف السياحية.

وقال «شعبان»، إن السعودية تفرض مبلغ 2000 ريال قيمة تأشيرة عمرة فقط، دون تقديم أي خدمة، لافتاً إلى أن هذا يعد جزية.

فيما قال «النجار» إن الكلام عن الترشيد لا يوجد فيه أى إثم أو مشكلة، لافتاً إلى أن المبادرة لا تقف في وجه المشتاقين إلى زيارة الحرمين، ولكن 2000 ريال كرسوم أمر مبالغ فيه.

وتابع «النجار» وفق ما نقله موقع «المصريون»: «لو وفرنا 100 جنيه من كل معتمر لصندوق (تحيا مصر)، سنجمع 85 مليون جنيه في 6 شهور».

وصندوق «تحيا مصر»، أطلقه السيسي عقب توليه الرئاسة، لقبول تبرعات المصريين بالداخل والخارج، لدعم الاقتصاد المصري.

وقال «صلاح»، في البرنامج: «لو أرامكو مش هيدونا بترول براحتهم، ولو محلناش مشاكلنا حنفضل شحاتين، ونبقا نستاهل نكون ملطشة.. بقول للحكومة اتحركي قبل فوات الأوان.. أى قرار جرئ منك الآن سيحفظ لمصر كرامتها».

وتابع: «لو محلناش مشكلاتنا يبقى العيب فينا ونستاهل نبقا ملطشة».. مصر مبتشتغلش عند حد ولا بتاخد قراراتها من حد».

اعتراض واسع

وتحول الوسم الذي دشنه «صلاح»، بعنوان «مليارات العمرة على هوى مصر»، من ترويج للحملة والمبادرة، إلى هجوم حاد من مغردين أغلبهم مصريين، وسط تفاعل من مغردين سعوديين. (طالع المزيد)

كما أن «يحيى راشد» وزير السياحة المصري، اضطر للتصريح بضرورة احترام قرارات المملكة العربية السعودية المتعلقة بفرض رسوم قدرها 2000 ريال على المعتمر والحاج الذى يقوم بأداء المناسك للمرة الثانية.

وأوضح في تصريح أن كل دولة لها سيادتها في اتخاذ القرارات المناسبة لها، ولابد من احترامها وليس لأحد الحق في الاعتراض عليها.

وقال «راشد»، الأربعاء، إن هناك علاقات وطيدة تربط مصر بالدولة الشقيقة السعودية، يجب وضعها فى الاعتبار، مشيرا إلى أن الرسوم المفروضة على التأشيرات المتكررة تم تطبيقها على العالم كله. 

واستشهد الوزير بقوله تعالى: «وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً».

وأضاف: «أنا مش فاهم أسباب الضجة دى كلها»، في إشارة منه للشركات المعترضة على رسوم الـ2000 ريال، مضيفا: «إننا كدولة في أشد الاحتياج لترشيد النفقات»، مطالبا من الشركات بعدم اقحام الدولة في هذا الصراع التجارى، وضرورة تحكيم صوت العقل.

تراجع

غرفة شركات السياحة من جانبها، تراجعت اليوم، عن قرارها أمس، بمقاطعة العمرة، وناشدت في بيان لها، خادم الحرمين الشريفين وولي العهد وولي ولي العهد، بالنظر إلى آمال ملايين المواطنين من الشعب المصري الذين يتطلعون إلي زيارة بيت الله الحرام، ورفع العبء المادي الملقى على كاهلهم عند زيارتهم إلى الأراضي المقدسة، وذلك لمراجعة قرار فرض رسوم تقدر بـ2000 ريال عند زيارة الأراضي المقدسة للمرة الثانية.

وقال بيان للغرفة، إن «غرفة شركات ووكالات السفر والسياحة، تؤكد احترامها لقرارات المملكة العربية السعودية وحقها الكامل في إتخاذ أي قرارات تتعلق بسيادتها، كما تؤكد الغرفة على تقديرها الكامل واعتزازها بقوة وصلابة الروابط التي تكونت عبر سنوات عديدة طالما جمعتها وأشقائها من الشركات السعودية، ومقدمي الخدمات، وكذلك الفنادق بالمملكة العربية السعودية، في جو من المودة والإخاء».

وتابع بيان الغرفة، أنها «تأمل من أن يكون المقصود بالقرار هو أن يتم فرض الرسوم 2000 ريال عن كل معتمر قادم إلى المملكة للمرة الثانية بنفس العام الهجري الواحد، على أن تحسب العمرة الأولى مجانية لكل عام هجري جديد».

وأكدت الغرفة، أن أي تحركات تقوم بها في الوقت الراهن ليست موجهة إلى الأشقاء التجاريين بالمملكة، وإنما هي تعبر عن التخوف من الآثار السلبية المترتبة على تنفيذ هذا القرار على المواطن المصري البسيط، الذي يبذل الغالي والنفيس لزيارة بيت الله الحرام.

وتعاني البلاد من أزمة مالية طاحنة تفاقمت خلال الأشهر الأخيرة وظهرت معالمها في نقص أو ندرة العدد من السلع الأساسية كالسكر ولبن الأطفال، علاوة على ارتفاع قيمة الدولار بشكل كبير جدا أمام الجنيه المصري الذي فقد نصف قيمته تقريبا في عدة أشهر.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الحج العمرة الدولار مصر الملك سلمان تأشيرات أزمة اقتصادية