مصر.. اتهامات «الأخونة» و«الخلايا التشاؤمية» تطارد سائق «التوك توك»

الجمعة 14 أكتوبر 2016 06:10 ص

تطورات لافتة شهدها الشارع المصري خلال الـ 24 ساعة الماضية، إزاء فيديو سائق «التوك توك» المثير للجدل، وما بين اتهامات «الأخونة» و«الخلايا التشاؤمية» والتنقيب عن السيرة الذاتية لصاحب الفيديو، والبحث عنه بشكل رسمي، تفاقم الأمر، وتحول إلى صداع مزمن للحكومة المصرية.

ويبدو أن أزمة فيديو سائق «التوك توك» تتجه إلى مزيد من التفاعل، بعد دخول سياسيين وإعلاميين مصريين على خط الأزمة، وبروز اتجاه أمني لتسييس الأمر، وصل إلى إلغاء عرض حلقة أمس الخميس من برنامج «واحد من الناس» والذي يقدمه الإعلامي المصري «عمرو الليثي» على قناة «الحياة» المصرية التي بثت الفيديو.

مقطع الفيديو الأكثر تداولا في مصر، حقق أكثر من 4 ملايين مشاهدة في أقل من 4 ساعات، لكن إعلاميين مصريين أدرجوه ضمن مخططات «الخلايا التشاؤمية» التي أعلنت عنها وزارة «الداخلية المصرية» في وقت سابق.

وقال السائق في الفيديو: «بالله عليك قبل ما يحصل انتخابات لرئيس الجمهورية، كان عندنا سكر يكفينا، وكان عندنا رز، وكنا بنصدره راح فين عايزيين نفهم؟».

وأضاف: «الناس اللي فوق اللي رايحيين يحتفلوا، ولا مؤاخذة رايحين يحتفلوا وجايبين 38 وفد اتصرف عليهم 25 مليون جنيه، والمواطن الفقير مش لاقي كيلو الرز في الشارع، هل ده يرضي ربنا ؟!».

وتابع: «الناس اللي مش لاقية، والناس التعبانة، وطالعين في التليفزيون يقولوا: مصر بتنهض مصر بتروح ومصر بتيجي، وعمالة تلم الفلوس في مشارع قومية مالهاش لازمة، السعودية وحبة دول من الخليج بيضحكوا علينا ويتريقوا علينا، بصوا لأدوارنا احنا بنديكم وبنعمل لكم.. من 70 سنة كسوة الكعبة بتطلع من مصر، هل ده يليق بمصر، هل ده يليق بمكانة مصر، والله ما يرضي ربنا ؟».

وحقق فيديو السائق، تفاعلا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي، وحصد وسم بعنوان «أنا خريج توكتوك»، المرتبة الاولى بين الوسوم الأكثر تداولا في مصر.

   «خلية إخوانية»

الجدل الصاخب الذي حققه فيديو سائق «التوك توك»، دفع إلى تدشين حملة إعلامية بتوجيهات أمنية ضد السائق، تتهمة تارة بأنه عضو في تنظيم «الإخوان» المحظور في البلاد، وتارة بالانضمان لـ«خلايا التشاؤم»، وهي التهمة التي أدرجتها مؤخرا وزارة «الداخلية المصرية» ضمن الاتهامات الموجهة لمعارضي النظام.

وكتبت صفحة «الشرطة المصرية»، غير الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» : «سواق التوك توك.. اسمه محمد جابر، طلع مدرس إعدادى، وكان عضو فى حزب الحرية والعدالة، وعنده محل كمبيوتر، وحماه ناظر مدرسة متحفظ عليها لأنها مدرسة إخوانية».

وكانت وزارة «الداخلية المصرية» أصدرت بيانا في سبتمبر/آيلول الماضي، قالت فيه إن جهاز الأمن الوطني أحبط مخططا لجماعة «الإخوان الإرهابية»، استهدف اختلاق وإثارة الأزمات من خلال كوادره داخل البلاد وتنفيذ مخطط يستهدف الإضرار بمقدرات الدولة الاقتصادية والسعى لإيجاد «مناخ تشاؤمى» من خلال اصطناع الأزمات بدعوى فشل الدولة فى تنفيذ خطط التنمية، وتصعيد أزمة ارتفاع سعر الدولار، وترويج ونشر الشائعات، بحسب البيان.

ودخل على خط الهجوم، أحد أبرز المؤيدين لنظام الرئيس «عبدالفتاح السيسي»، الإعلامي مظهر شاهين، الذي حمل «الإخوان المسلمين» المسئولية عن بث اليأس بين المصريين من خلال تدريب المنتمين لهم من سائقي «التوك توك» على استغلال الأزمات لإشاعة مناخ تشاؤمي بين الناس، على حد قوله.

وكتب «مظهر شاهين» عبر صفحته على موقع التواصل «فيسبوك»:«شوفوا بقي: بالنسبة لموضوع سائق التوك توك اللي عامل لغط.. وإن كنت لا أتهم أحدا إلا أن الموضوع بالنسبة لي مفهوم جدا، الموضوع إن الإخوان بيدربوا كل المنتمين ليهم من سائقي التاكسي والتوك توك وأي وسيلة مواصلات أخري يتعامل معها الناس بشكل مباشر علي استغلال الأزمات وبث اليأس وإحباط الناس بهذه الطريقة».

وتابع: «تركب مع سائق تاكسي أو توك توك إخواني أول حاجة يسألك: هي البلد رايحة فين يا باشا؟ وقبل ماتجاوب يشغل الاسطوانة..الغلاء والفساد والدولار والتعليم والصحة والسكر والزيت وسندوتش الفول والهم والغم وأدينا بنتسلي والطريق زحمة».

وحذر «شاهين» من التأثير الذي يمكن أن يتسبب فيه سائقي «التوك توك» في تغيير بوصلة الرأي العام لدى 3 ملايين مصري شهريا، قائلا: «وبالمناسبة دي مش حاجة بسيطة وسهلة بل مؤثرة جدا وبتجيب نتائج كبيرة.ليه؟ لأنه بحساب بسيط جدا لو المنتسبين للإخوان بيملكوا 2000 توك توك وتاكسي وافترضنا ان كل توك توك وتاكسي بيركبه كل يوم 50 شخص في المتوسط يبقي 2000 × 50= 100000شخص يوميا. وبالتالي في الشهر 100000 × 30= 3000000 ثلاثة ملايين شخص شهريا»، بحسب تدوينته.

   «ساويرس يرد»

لكن سائق «التوك توك» الأشهر في مصر، وجد مساندة ودعما قويين من سياسيين ورجال أعمال، من مؤيدي الانقلاب العسكري في 3 يوليو/تموز 2013، الذي أطاح بالرئيس محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا في تاريخ مصر.

وكتب رجل الأعمال المصري «نجيب ساويرس»، معلقا على فيديو سائق «التوك توك»، بأن «هذا المواطن بـ100 راجل».

وقال «ساويرس»، خلال تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، «إن واحد من الناس - سواق توك توك بــ 100 راجل يلخص حال مصر فى دقيقة والجميع يصفق له».

كما انتقد الناشط السياسي «حازم عبد العظيم» القيادي السابق بحملة الرئيس «عبدالفتاح السيسي» الانتخابية، ما وصفه بـ«غباء» النظام الحاكم لـ«أخونة» سائق «التوك توك».

وحمل «عبدالعظيم»، أجهزة أمنية مصرية، المسئولية عن محاولة تشويه سائق «التوك توك» الذي ذاع صيته بعد انتقاده للحكومة.

وكتب «عبد العظيم» في تغريدة نشرها عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل «تويتر»: «قمة الغباء:محاولات أمنجية النظام ولجانهم المعنوية أخونة سائق التوكتوك لأن معناه اعتراف بذكاء الإخوان وقدرتهم في التأثير على الرأي العام».

على نفس المنوال، وجه الإعلامي المصري «تامر أمين»، في برنامج «الحياة اليوم»، المذاع على فضائية «الحياة»، مساء أمس الخميس، انتقادات حادة للذين يقولون إن «سواق التوك توك»، هو معلم منتم لجماعة الإخوان المسلمين، قائلا «حافظوا على سواق التوك توك، وبلاش تشويه وتخوين».

وتابع: «يجب أن نستمع لحديث سواق التوك توك ولمضمونه، وهدفه وليس كشخصه، خلينا في المضمون مش الأشخاص؛ لأن مشكلتنا الفترة اللي فاتت اننا ماسكين الأشخاص وسايبين المعنى»، مضيفًا: «الكلام اللي قاله سواق التوك توك ده جوا كل واحد فينا».

وأوضح «أمين» أن ما قاله سائق «التوك توك»، يمثل محاكمة شعبية لمصر في 60 عامًا، قائلًا: «هو اتكلم عن مصر اللي كانت مداينة بريطانيا، واللي الموضة بتنزل فيها قبل باريس، واللي أدخلت ثاني خط سكك حديدية، واللي زراعتها كانت بتكفي أهلها وتصدر الفائض للخارج، ومصر اللي احنا نفسنا فيها».

   «البحث جار عن السائق»

وتبحث الحكومة المصرية عن سائق «التوك توك»، بدعوى دراسة مشاكله، والعمل على حلها، لكن حذف الفيديو الأكثر تداولا بين المصريين، من صفحة الإعلامي «عمرو الليثي»، وصفحة قناة «الحياة» على موقع «يوتيوب»، أثار الشكوك حول المصير الذي يمكن أن يتعرض له في ظل توالي حالات الاختفاء القسري في البلاد.  

وكان الإعلامي عمرو الليثي، أعلن عن تلقيه اتصالًا هاتفيًا، من «تامر عوف»، المستشار السياسي لرئيس الوزراء المصري «شريف إسماعيل»؛ للتعليق على فيديو سائق «التوك توك» الذي لخص حال مصر في دقيقتين، وحقق أكثر من 4 ملايين مشاهدة في أقل من 12 ساعة.

وأوضح الليثي، في تصريحات صحفية، أنه أكد لـ«عوف»، أن فريق البرنامج لا يعرف أي معلومات عن السائق ولا حتى اسمه الأول، خصوصًا أنه غادر بعد ما أنهى كلامه مباشرة؛ لكن البرنامج على استعداد لنقل أي حوار سيجمع بين ممثلي الحكومة والسائق في حال العثور عليه ، بحسب وكالة أنباء «أونا».

لكن قرار قناة «الحياة» المصرية، بإلغاء عرض حلقة أمس الخميس من برنامج «واحد من الناس»، واستبدالها بعرض فيلم سينمائي، زاد من صحة الشكوك حول وجود ضغوط من أجهزة أمنية مصرية؛ لاحتواء أزمة الفيديو الصاخب.

القناة المملوكة لرجل الأعمال «السيد البدوي» رئيس حزب الوفد وأحد قيادات جبهة الإنقاذ الداعمة لانقلاب 3يوليو/تموز، عرضت فيلم «678»، الذي يحمل إيحاءات جنسية، ويروي قصص لـ 3 من نجماته حول قضية التحرش الجنسي في مصر.

   «تحول سياسي»

ويتجه فيديو سائق «التوك توك» إلى مزيد من التجاذبات البرلمانية والسياسية في مصر، ففي أول رد فعل من نواب البرلمان المصري، قال «رائف تمراز»، عضو مجلس النواب، إن «الشاب يعد من الشباب الغيورين على بلادهم، والحديث عن أنه عضو بجماعات أو أنه ينفذ أجندات معينه كلام عار تماما من الصحة ولايوجد دلائل عند من يتهمونه بذلك».

وأكد «تمراز» على صحة ما قاله سائق «التوك توك»، مضيفا أن «الأزمات والغلاء والفقر هم الأسباب وراء حديثه»، وفق صحيفة «المصريون».

وأوضح «تمراز» أن «حديث هذا الشاب صحيح، فهو قد نوه إلى أن الحكومة ليس لها دور الآن ولا تستطيع حل الأزمات التي يعانى منها الشعب وهذا صحيح ولا ينكره أحد».

وفي حرك سياسي مواز للفيديو الصاخب، دعا «التحالف الوطني لدعم الشرعية» المعارض للانقلاب العسكري، لأسبوع ثوري جديد، تحت عنوان «لا لإعدام الغلابة والمظلومين».

وقال التحالف في بيان له مساء أمس الخميس، إن «الغضب الشعبي قادم، وستعيش مصر أياما مشهودة في تاريخها تنتصر لهتاف الثورة: عيش، حرية، عدالة اجتماعية، كرامة إنسانية»، بحسب البيان.

وأضاف البيان: «بدلا من الحفاظ على أموال الشعب الذي بالكاد يجد كيس سكر، ووقف فرض الضرائب وارتفاع الأسعار، أضاع النظام مال الشعب في احتفالية ضخمة لبرلمان باطل، وباع أراضي الدولة بالمخالفة للقانون لملك البحرين، وفرط في حدودنا البحرية لليونان وقبرص، رغم أن خيانته لتيران وصنافير المصريتين لم تجفّ».

ودعا «التحالف» الشعب المصري إلى التوحد يدا واحدة بنوايا صادقة وإرادة قوية؛ لتخليص مصر من أزماتها الاقتصادية والمظالم التي تزداد، وذلك عبر إزاحة نظام «عبدالفتاح السيسي».

لكن «السيسي» خاطب الشعب المصري، أمس، قائلا «يا مصريين لوعاوزين استقلال بجد، متاكلوش ولا تناموش»، في إشارة اعتبرها البعض ردا ضمنيا على محتوى الفيديو الصاخب.

وأضاف «السيسي» خلال الندوة التثقيفية التي نظمتها الشؤون المعنوية للقوات المسلحة، أمس الخميس، قائلا « هناك محاولات للضغط علينا، ومصر لن تركع إلا لله»، حسب قوله.

وتعاني مصر وضعا اقتصاديا مترديا خلال حكم «السيسي»، وارتفاعا كبيرا في الأسعار، وندرة في بعض السلع الاستراتيجية، كما تهاوى الجنيه المصري أمام الدولار متجاوزا حاجز الـ 15 جنيها في سوق الصرف، إضافة إلى احتقان سياسي في البلاد، وتزايد الاعتقالات، والقتل على يد الشرطة خارج إطار القانون. 

  كلمات مفتاحية

سائق التوك توك عمرو الليثى قناة الحياة أنا خريج توكتوك الفساد في مصر