استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

التنسيق الخليجي التركي: مفرق طريق في مستقبل المنطقة

الأحد 16 أكتوبر 2016 03:10 ص

"لو أدركت دول الخليج، ومعها تركيا، درجة الغيظ التي تسود في بعض دوائر صناعة القرار السياسي المعادية للعرب في واشنطن من اجتماعات التنسيق الخليجي التركي لربما تضاعف عدد هذه الاجتماعات".

لخّصت العبارة المذكورة تعليقَ صديقٍ أمريكي يعمل في حقل مراكز الأبحاث، القريبة بدورها من أجواء صناعة القرار السياسي في العاصمة الأمريكية، على الاجتماع الوزاري المشترك الخامس للحوار الإستراتيجي بين دول مجلس التعاون وتركيا في الرياض الخميس الفائت.

"ثمة تفضيلٌ لسياسة التعامل مع كل دولةٍ على حدة"، تابع الصديق المخضرم قائلًا: "من السهل جدًا لمن يتحدث باسم أمريكا، أيًا كانت درجة مشاركته الفعلية في صناعة السياسة الخارجية المتعلقة بالشرق الأوسط، وتحديدًا البلاد العربية، الإيحاء بأن ثمة خصوصية للعلاقة مع هذه الدولة أو تلك حين تكون اللقاءات فردية مع ساسة المنطقة وقياداتها.

إنه ببساطة المنطق المعروف منذ بدء الإنسانية: فَرِّق تَسُد"، يؤكد الرجل في تحليله للموضوع. مع التركيز على أنه "حين يتعلق الأمر بالسيناريوهات العديدة التي يتم تداولها فيما يخص مستقبل هذه البقعة من العالم، فإن التشاور الحقيقي والفعال بين قيادات الدول فيها يُصبح واحدًا من أكبر التحديات هنا. خاصةً إذا حصلت هذه الممارسة بين الدول القليلة التي لا تزال تملك إمكانات حقيقية للتأثير في وضع المنطقة، بعدما تم تحييد غالبية الدول الأخرى وعزلُها عن التدخل فيما يجري خارج حدودها"!

المؤكدُ أن الجهات ذات العلاقة في الخليج وتركيا ليست غافلةً عن هذه الحقيقة، لكن تأكيدها بهذه الصراحة من خبير متخصص يظل دافعًا لإعادة التفكير في دلالاتها الحساسة.

في معرض الاستفاضة عن مكمن "الغيظ" وسببه، يأتي الحديث عن "الواقعية السياسية" التي باتت تبدو في خلفية مثل هذه الاجتماعات. ففي حين أن مجرد حصول التنسيق والتشاور والتعاون يكفي وحده سببًا للغيظ المذكور، تزيد نسبتهُ حين يتبين من التحليل أن تركيا من جهة ودول الخليج من جهةٍ ثانية تمضي قدمًا في تفعيل التنسيق والتشاور بناءً على المصالح المشتركة، وعلى إدراكٍ متقدم لحقيقة استهدافها جميعًا، ثم على قناعةٍ منها بأن التنسيق والتشاور يعطيها معا أوراقًا إستراتيجية تتعلق بصناعة حاضر المنطقة ومستقبلها.

فمن مدخل الواقعية السياسية وإدراك المصالح المشتركة مثلًا، يبدو واضحًا تجاوزُ الهاجس المُبالغ فيه عن (تطلّع) تركيا للقيادة في المنطقة. ثمة مراجعاتٌ تركية في هذا الإطار تتعلق بدور بعض الجماعات والحركات الإسلامية خلال السنوات الماضية، خاصةً حين يتعلق الأمر بالمفارقة بين الشعارات من جهة، وتقويم درجة النضج السياسي والأداء المترتب عليه لدى تلك الجماعات من جهةٍ ثانية. 

بل ثمة مواقف صدرت من مسؤولين أتراك، منها ماهو علني، وأكثرُها هامس، تَطلب عبرها من الجماعات والحركات، وبعض رموزها، بألا تكون "ملكيةً أكثر من الملك" كما يقولون، حين يتعلق الأمر بتركيا ودورها في المنطقة، وألا يجري "تلبيسُها" بمواقع وأوصاف لا يفكر الأتراك في السياسة من منطِقها ولا بمُفرداتها.

من جهةٍ ثانية، تُسهِّلُ الواقعية السياسية التنسيق بين الطرفين عبر إدراك حتمية الاختلاف في وجهات النظر حول بعض القضايا الجزئية، مع الإقرار بأن مثل هذا الاختلاف لا يتضارب إطلاقًا مع ضرورة التعاون المشترك حين يتعلق الأمر بالقضايا (الوجودية) الكبرى.

من هنا، شمل البيان الختامي للاجتماعات توافقًا متقدمًا جدًا في مواقف الطرفين من قضايا المنطقة من العراق إلى ليبيا، ومن سوريا إلى اليمن. بل كان لافتًا مثلًا الاتفاق على إدانة محاولة الانقلاب الفاشل في تركيا ودعم إجراءات حكومتها ضد تنظيم "غولن"، وإدانة الاعتداء الإرهابي على السفينة الإماراتية في مضيق باب المندب والمطالبة بإعادة جزرها المغتصبة من إيران، مرورًا بتهنئة السعودية على نجاح موسم الحج ورفض تسييس الفريضة المتعلقة به، والدعوة لإطلاق المختطفين القطريين في العراق، وصولًا حتى إلى المطالبة بإعادة الأرشيف الوطني الكويتي من العراق، هذا فضلًا عن تسريع مباحثات إنشاء منطقة التجارة الحرة بين تركيا ودول الخليج.

وكان الموقف من إيران وسياساتها في المنطقة عنصرًا أساسيًا في التوافق الخليجي التركي، من باب الإدراك المشترك لحجم التهديد الذي تشكله تلك السياسات على المنطقة بشعوبها ودولها.

لاشك أن هناك رمزيةً سياسيةً عالية في مثل هذا التوافق الوارد في البيان الختامي. لكن التحدي الكبير أمام الطرفين يكمن في التنسيق العملي على أرض الواقع، خاصة في القضايا الحساسة والحاسمة كما هو الحال في سوريا.

فالواقعية السياسية من جهة، والبحث عن الفعالية الحقيقية من جهةٍ ثانية، يقتضيان التركيز على ماهو أكثرُ تأثيرًا في القضايا الأخرى. وحين نجد أصابع إيران وراء غالبية القضايا المتفق عليها، ونعرف، بتصريحات قياداتها أن وجودها في سوريا هو محورُ سياساتها الإقليمية، يصبح طبيعيًا أن يكون التعامل معها هناك مدخلًا لتقليم أظافرها في باقي أرجاء المنطقة بالشكل المطلوب.

* د. وائل مرزا كاتب وأكاديمي سوري

  كلمات مفتاحية

التنسيق الخليجي التركي الخليج تركيا الاجتماع الوزاري المشترك إيران سوريا

الخليج وتركيا.. تصحيح خلل التوازنات

«الجبير» يلتقي «جاويش أوغلو» قبيل اجتماع وزاري خليجي تركي