قائد التحالف الدولي السابق: العالم لن يسامحنا .. يجب محاسبة «الأسد» وداعميه

الأحد 23 أكتوبر 2016 11:10 ص

على مدار 5 سنوات وربع، قامت الحكومة السورية بتعذيب وقتل وقصف وإلقاء الغاز على مواطنيها بدون عقاب، رغم الخسائر البشرية الفادحة الفاضحة التي يراها الجميع. ما يقارب 500 ألف قتيل، و11 مليون نازح. وقد ساءت الأوضاع منذ بدأ التدخل الروسي قبل عام من الآن، مع وجود مليون شخص يعيشون في 40 مجتمعا محاصرا، 37 منها محاصرة من قبل القوات الموالية للحكومة.

وفي الوقت الذي عرّضَ فيه شعبه لمجازر وحشية على غرار القرون الوسطى، أطاح الرئيس السوري «بشار الأسد» ومعه روسيا بأي جهود دبلوماسية رامية لتحقيق الهدوء الدائم لبلاده. وقد توجهت الاتهامات لروسيا بقصف قافلة مساعدات تابعة للأمم المتحدة بالطائرات لمدة ساعتين في سبتمبر/ أيلول الماضي.

ومنذ ذلك الحادث، قتل وجرح على الأقل 2500 شخص في الأحياء الشرقية لحلب، وسط قصف بشع من قبل الطائرات السورية والروسية، وقد اعترضت روسيا مستخدمة حق النقض (الفيتو) على نحو مثير للسخرية والاشمئزاز على قرار للأمم المتحدة من شأنه حظر المزيد من الضربات الجوية في البلاد.

وقد حان للولايات المتحدة أن تتصرف على نحو أكثر إيجابية تجاه سوريا، لتعزيز أربعة أهداف: إنهاء القتل الجماعي للمدنيين، وحماية ما تبقى من المعارضة المعتدلة، وتقويض الروايات المتطرفة عن ظلم وعدم مبالاة الغرب، ولإجبار «الأسد» على الجلوس إلى طاولة المفاوضات. ولا يتعين على الولايات المتحدة أن تكون طرفًا في لعبة تغيير النظام، ولكنّ «الأسد» وزمرته يجب أن يقدموا للمحاسبة قبل فوات الأوان. فلن يسامحنا العالم عن تقاعسنا.

إنّ عواقب استمرار التقاعس مروعة. ولم تسع الولايات المتحدة أبدًا للتأثير الحاسم على الأرض. وتركت السياسات غير الواقعية بعدم تسليح الجماعات المعارضة بالنحو الكافي، تلك الجماعات غير قادرة على مواجهة الدولة الإسلامية أو دفع «الأسد» نحو الرحيل. وركزت السياسة العسكرية الأمريكية على الجماعة التي كانت نتاج الحرب الأهلية، دون اتخاذ أي وسيلة لتحقيق الهدف السياسي المعلن، وهو رحيل «الأسد».

كان من الممكن سد هذه الفجوة بتعزيز التدريب والتسليح للمعارضة المعتدلة لقتال الدولة الإسلامية ومقاومة قوات النظام. للأسف، لقد قمنا بالسماح بهذا التناقض بين استراتيجيتنا تجاه الدولة الإسلامية واستراتيجيتنا تجاه «الأسد»، ما تسبب في تعريض المعارضة المعتدلة للهجوم المتواصل من قبل النظام وروسيا.

لسنوات أكدنا أنّه لن يكون هناك نتيجة عسكرية في سوريا، لكن الروس وحلفاءهم قد دفعوا البعد العسكري ليقوي من الموقف السياسي للنظام، وتدخلوا باسم محاربة الإرهاب للقضاء على المعارضة، بما في ذلك السوريين المعتدلين الذين حكمنا بوجوب وجودهم كجزء أساسي في معادلة انتقال «الأسد» خارج السلطة. وقد دفعنا إلى هذا المسللك عدم رغبتنا في التشابك مع «نظام الأسد»، والآن مع روسيا.

وإدانة الولايات المتحدة لروسيا، وتوقعها لمستنقع كفيتنام لموسكو في سوريا، لا يفهم جيدًا حسابات روسيا. فروسيا عازمة على فعل أي شيء وبأي وسيلة لحماية مصالحها، بما في ذلك قتل المدنيين وقصف المساعدات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة. وكانت روسيا قد مضت في أفعالها في أوكرانيا وليبيا دون أن تأبه لأحد، والآن مع إصلاح علاقتها بتركيا، وتحسين علاقاتها بأطراف آخرين، تتعقد أكثر السياسة الأمريكية.

في النهاية، لم يترك لنا الوضع الحالي سوى خيارين، الأول، أن تشجع الولايات المتحدة وتنضم لحلفائها الأوروبيين لتوقيع حزمة عقوبات اقتصادية تصعيدية على روسيا والكيانات والأفراد الداعمين لنشاطاتها العسكرية وشبه العسكرية في سوريا وأوكرانيا وأي مكان آخر.

الخيار الثاني والذي لا يعتقد أحد أن تقوم به روسيا أو الولايات المتحدة، وهو تصعيد الصراع. يتعين على الولايات المتحدة تحدي الوضع الراهن ووضع حد لجرائم الحرب التي يرتكبها النظام، بالقوة إذا اقتضت الضرورة. ولا تتطلب هذه الحاجة الكثير من الكلام، لكن للآن، ربما يوفر تحذير هادئ بعض التأثير، لأنّ الإعلان العلني الواسع سيسبب مزيدًا من الاستقطاب في الوضع.

بداية، يتعين على الولايات المتحدة إنقاذ حلب. فموسكو ودمشق وطهران يستعدون لهجوم بري محتمل. وكما أقرت وكالة الاستخبارات الأمريكية ووزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، فإنّ القضاء على المعارضة في حلب سيقوض أهداف الولايات المتحدة الرامية لمحاربة الإرهاب في سوريا. فرمزية المدينة وقيمتها الاستراتيجية لا مثيل لها، والسماح لها بالسقوط، لن يسمح إلا بنمو التطرف، وسوف تجني الجماعات المرتبطة بالقاعدة ثمار تقاعسنا.

ولأجل إنقاذ حلب، يتعين على الولايات المتحدة وحلفائها تسريع وتوسيع عملية توفير المساعدة العسكرية وغير العسكرية لجماعات المعارضة المعتدلة. وستهدف تلك المساعدة إلى إمداد الخطوط الأمامية في شمال وجنوب سوريا بالقوة اللازمة لصرف انتباه القوات الموالية للنظام عن حلب. كما يجب تزويد المعارضة بالأسلحة القادرة على قصف المطارات العسكرية للنظام، والتي يقع العديد منها بالفعل في مرمى النيران والصورايخ.

في الوقت نفسه، يجب على الولايات المتحدة استخدام الآليات المتعددة الأطراف للضغط من أجل وقف أية أعمال جديدة في سوريا. وعلى الولايات المتحدة أن تجمع «تحالفًا من الراغبين» في توجيه تهديد بإجراء عسكري ضد البنية التحتية العسكرية للأسد.

إنّ الشروع في مثل هذا التسلسل سيؤدي غالبًا إلى الاستخدام الفعلي للقوة العقابية في سوريا. ويجب أن يستهدف أي عمل المرافق والأصول العسكرية المتورطة في دعم قصف المدنيين، مثل المطارات العسكرية والطائرات ومخازن الأسلحة ومواقع المدفعية. وينبغي أن نتوقع اختلاط الأصول السورية والروسية بشكل متعمد كرادع. وبينما سيعقد هذا من استراتيجيات الاستهداف، ينبغي ألا نفوت الفرصة لضرب العناصر والوحدات السورية المسيئة، مع الحفاظ على العمليات ضد الدولة الإسلامية في الأماكن الأخرى.

بالإضافة إلى ذلك، ينبغي على الولايات المتحدة النظر في إنشاء ودعم قوة مهام للعمليات الإقليمية الخاصة، والتي من الممكن أن تلعب دورًا استشاريًا في مساعدة جماعات المعارضة المعتدلة في مهاجمة أصول النظام.

إنّ مصداقية الولايات المتحدة كزعيم ومدافع عن العالم الحر يجب أن يتم إنقاذها من السقوط المروع في سوريا. لم يفت الأوان لفرض القانون والأعراف الدولية. رغم ذلك، لا يمكننا انتظار إدارة جديدة في واشنطن. فالأحداث تسير بسرعة كبيرة. و«بشار الأسد» ليس هو حل الأزمة في سوريا، وهو آخر شريك مؤهل محتمل لمحاربة الإرهاب، بعدما قضى الـ 16 عامًا الأخيرة في مساعدة وتحريض القاعدة. تحمل العملية بالتأكيد بعض المخاطرة، لكن السماح باستمرار الأوضاع كما هي، يزيد من تكلفة أي تدخل لا مفر منه للولايات المتحدة في المستقبل.

المصدر | واشنطن بوست

  كلمات مفتاحية

سوريا بشار الأسد الولايات المتحدة التحالف الدولي روسيا جرائم حرب حلب