استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

العرب والتصدي لمشاريع التقسيم

الاثنين 24 أكتوبر 2016 04:10 ص

سعدنا ككل عام بالمشاركة في منتدى «الاتحاد» السنوي في العاصمة أبوظبي، في دورته الحادية عشرة والذكرى السابعة الأربعين لانطلاق صحيفة «الاتحاد» الغراء.

وكان اختيار موضوع المنتدى لهذا العام عن «العرب بعد مئة عام على سايكس- بيكو»، موفقاً كما أجمع الزملاء الكُتاب في «وجهات نظر»، بالنظر إلى ما آلت إليه الأوضاع في عالمنا العربي الذي تحول إلى رقعة جغرافية اسماً وشكلًا وليس فعلًا وقدرات.

مؤسف استمرار العرب في استحضار بكائية مؤامرة سايكس- بيكو بعد قرن من الزمن، وهو اعتراف بضعف الطرف العربي وعجزه عن التغلب على واقع رُسم له من طرف قوى الاستعمار قبل مائة عام.

ويكتسب ذلك العجز العربي خطورة لما رشح خلال قرن من مخططات تآمرية من صناع قرار، وخاصة من الدوائر الصهيونية بدءاً ببن غوريون وغيره من قادة إسرائيل، ومن مسؤولين ومراكز دراسات حول تجزئة وتقسيم الدول العربية وتفتيتها على خطوط صدع طائفي ومذهبي وعرقي وإثني، لتحقيق حلم إسرائيل الكبرى «من النيل إلى الفرات»!.

ونشهد الآن فصول تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ، ما يثبت عدم نجاح العرب في تشكيل جبهة، والعمل على التكامل بين الوحدات العربية بتفعيل القدرات العربية لبلورة مشروع عربي جامع يحصن النظام الإقليمي العربي، ويمنع ويردع المشاريع الإقليمية الأخرى كالمشروع الإسرائيلي، والإيراني، والتركي، التي تلعب في ملعبنا، وتستقوي بما تملكه من أوراق قوة وعلى حساب ومصالح العرب.

لطالما كان الضعف مغرياً للغير، والسعي نحو الهيمنة والسيطرة قديم ودائم كقِدم الإنسان نفسه.

ويتحقق ذلك عبر خطط ومشاريع لدول وكيانات وصناع قرار وشخصيات ومراكز دراسات تزين وتحرض على تنفيذ المشاريع والأفكار وتحويلها إلى واقع على أرض وعلى حساب الضعيف ليزداد ضعفاً وتفككاً وتشرذماً، وليزداد القوي هيمنة وقوة ونفوذاً.

وباقي ما نعشيه منذ عقود ما هو إلا تفاصيل مؤلمة لتلك الخطط والمشاريع التي تُنفذ على حساب أمننا واستقرارنا ومستقبل أجيالنا.

وهذه ضريبة الضعفاء الذين يفتقدون لمشروع جامع يوازن ويردع ويمنع تدخلات وأطماع الآخرين.

وبعد مائة عام من سايكس- بيكو لا يزال العرب أنظمة ومجتمعات يدفعون أثمان خطيئة ذلك المشروع الاستعماري، الذي اتبع سياسة «فرق- تسد»، حتى بعد التخلص من الاستعمار. واليوم نجح التقسيم والتآمر في تحويل الحروب من حرب بين العرب و(إسرائيل) إلى حروب داخلية تضعف وتفتت العرب، حيث يقتل العربي مع العربي، ويقتل المسلم أخاه المسلم باسم الإسلام و«الفرقة الناجية»!.

ومؤخراً زاد الوهن العربي بعد حرب احتلال العراق وتفككه على خطوط الصدع الطائفي والمذهبي والإثني والعرقي، وغرق سوريا في أتون أكبر مأساة منذ الحرب العالمية الثانية كما يكرر ذلك قادة العالم!

ويشكل المشهد الراهن في حقبة ما بعد موجات الربيع العربي، وتغير التحالفات، وظهور سياسات المحاور، وسيناريوهات مخيفة يروج لها منذ عقود صناع القرار والمفكرون الصهاينة وفق مخططات الاستخبارات الغربية، ومفكرون وباحثون غربيون مثل برنارد لويس الذي يحمل أخطر مشروع لتفتيت وتقسيم الدول العربية وإعادة الاستعمار بعد إشعال النعرات الدينية والإثنية والعرقية.

وهناك صناع قرار وشخصيات بارزة تسعى لتكريس الهيمنة والتفوق العسكري والتكنولوجي الإسرائيلي وفق نظرية «شمعون بيريز» «الشرق الأوسط الجديد»! ولاحقاً «الشرق الأوسط الكبير»، وبعده مخاض «نظام جديد للشرق الأوسط» الذي أطلقته وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس في تل أبيب عام 2006 في استكمال لفصول «نظرية الفوضى الخلاقة» التي أطلقها «روبرت ساتلوف»، مدير معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، الذراع الفكري للوبي الإسرائيلي في واشنطن، والتي تبناها وطبقها «المحافظون الجدد» في إدارة «بوش» الابن.

وما بدأته الصهيونية العالمية تستكمله إيران اليوم بمشروعها الخطير الذي يصدر الطائفية ممارسة ومليشيات، ما يُعزز الفرز الطائفي ويساهم في تقسيم المنطقة مذهبياً وطائفياً. ويجعل المجتمعات هشة وقابلة للعطب والتفكك من الداخل. وهذا النوع من التشرذم أخطر من الاحتلال والتقسيم الذي رسخه مخطط سايكس- بيكو.

وعلى الرغم من وجود الوعي والنضج لدى كثير من الشعوب في رفض التقسيم والتفتيت، لمعرفتها بتداعياته وخطره، إلا أن المخطط الغربي الذي يسعى لإضعاف وتحجيم الأنظمة العربية واضح.

ويكمن الخطر الاستراتيجي للمشهد العربي الكسيح، في غياب مشروع عربي جامع، وتراجع مفهوم المواطنة، وضعف الدولة المركزية لحساب التنظيمات والجماعات المسلحة والفاعلين من غير الدول، وانهيار ترتيب كثير من الدول العربية في مؤشر الدول الهشة أو الفاشلة.

والمطلوب الآن وعي الأنظمة والمجتمعات لخطر التقسيم والتفتيت. والعمل على تكريس مفهوم المواطنة وتحصين المجتمعات. والأهم تعلم الدروس والعِبر، والعمل معاً لبلورة مشروع جامع يتصدى للمشاريع الأخرى، ويحصّن الدول والمجتمعات العربية، ويوقف مشاريع التجزئة والتقسيم والتفتيت. وإلا فإن الكل سيخسر! فهل يستوعب العرب الدروس ويتوقفوا عن استحضار بكائية مؤامرة سايكس- بيكو؟!.

* د. عبد الله خليفة الشايجي رئيس قسم العلوم السياسية - جامعة الكويت

المصدر | الاتحاد الظبيانية

  كلمات مفتاحية

العرب مشاريع التقسيم تقسيم «سايكس- بيكو» قوى الاستعمار مخططات تآمرية الدوائر الصهيونية ديفيد بن غوريون إسرائيل تجزئة الدول العربية خطوط صدع طائفي وعرقي وإثني حلم إسرائيل الكبرى