مصادر: قيادات عسكرية تفاتح «السيسي» بفكرة البديل في انتخابات 2018

الأربعاء 26 أكتوبر 2016 10:10 ص

كشفت مصادر مصرية خاصة، عن كواليس فصل جديد من الصراع داخل الأجهزة السيادية للدولة المصرية، مؤكدة أن هناك جهتين داخل النظام المصري إحداهما تتمثل في الجيش ومعه الاستخبارات الحربية، والثانية مؤسسة الرئاسة وجهاز الاستخبارات العامة.

ونقلت صحيفة «العربي الجديد»، عن المصادر تأكيدها اتساع دائرة الصراع داخل الأجهزة السيادية، وهو ما انعكس في مفاتحة قيادات عسكرية الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي»، بضرورة عدم ترشحه للانتخابات الرئاسية في 2018، لكن «السيسي» رفض هذا السيناريو وقرر الاستعانة بجهاز الاستخبارات العامة.

وأوضحت المصادر أن قيادات في المؤسسة العسكرية باتت ترى في «السيسي»، عبئا عليها، وأنه لا بد من تداول سلمي للسلطة مع الانتخابات الرئاسية في عام 2018 تجنبا للدخول في سيناريوهات صدامية شعبية، في ظل تدهور منسوب شعبية «السيسي»، بسبب الفشل الذي طال معظم قطاعات الدولة، وحدوث أزمات غير مسبوقة في حدتها، حيث اختفت سلع مهمة مثل السكر، والأرز، إضافة إلى الارتفاع غير المسبوق لسعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري، ما تسبب في ارتفاع حاد في أسعار السلع خصوصا الغذائية.

وقالت المصادر نفسها إنه تمت مفاتحة «السيسي»، من جانب قيادات عسكرية كبرى، في مسألة عدم ترشحه للانتخابات المقبلة، مع تصديره أمام الرأي العام على أنه المنقذ والمخلص من «الإخوان المسلمين»، ومنحه الكثير من الامتيازات لتفادي حدوث هبة شعبية جديدة كتلك التي أطاحت بالرئيس المخلوع «حسني مبارك»، عندما تفاقمت الأزمات المتعلقة بحياة المواطنين.

وأوضحت المصادر أن «السيسي» رفض بشكل قاطع هذا السيناريو، متمسكا بالاستمرار في المنصب والترشح لولاية جديدة في عام 2018، لافتة إلى أن «السيسي» استشعر وجود تكتل ضده في المؤسسة العسكرية، وهو ما دفعه إلى الاستعانة بجهاز الاستخبارات العامة في مواجهة الاستخبارات الحربية، وتقريب رئيس الجهاز اللواء «خالد فوزي» منه، وتمكينه من الملفات الكبرى لضمان ولائه.

وأشارت المصادر إلى أن الانقسام الحاد بين مقدمي البرامج التلفزيونية في مصر ليس مفتعلا كما يطرح بعضهم، لكنه نتاج هذا الصراع بين الأجهزة المختلفة.

وتتوقف المصادر نفسها عند الهجوم اليومي الذي يشنه الإعلامي «إبراهيم عيسى» على «السيسي» من خلال برنامجه المذاع على قناة «القاهرة والناس»، وكذلك مقالات الكاتب الناصري «عبدالله السناوي»، الذي بات يكتب بشكل أسبوعي مقالات تحمل نقدا لاذعا لـ«السيسي.

ووفقا للمصادر، فإن «عيسى» و«السناوي» يفعلان ذلك في إطار استنادهما إلى جهاز الاستخبارات الحربية، إذ يعدان بحسب المصادر من الإعلاميين المحسوبين على هذا الجهاز.

ولفتت المصادر إلى أن مؤسسة الرئاسة تدرك جيدا، أن هناك أزمات أقرب إلى أن تكون مفتعلة وبشكل منظم، من جانب أجهزة سيادية بالدولة، وليس «الإخوان كما تروج وسائل الإعلام المصرية.

وأوضحت أنه يوجد بالفعل حالة هلع في بعض قطاعات الدولة من دعوات التظاهر في 11 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل على الرغم من عدم إعلان أيّ من القوى المعارضة أو جماعة الإخوان المسلمين تبنيها لتلك الدعوات.

وبحسب المصادر، يوجد إدراك داخل مؤسسة الرئاسة المصرية، بأن أجهزة ما داخل النظام نفسه تقف وراء مثل هذه الدعوات لتوصيل رسالة لـ«السيسي» مفادها «كفاك ذلك حتى لا تغرق المركب بالجميع».

وذكرت صحيفة «العربي الجديد» أنه، وفقا للمصادر فإن مؤسسة الرئاسة تعلم جيدا أن التظاهرات التي شهدتها بورسعيد أخيرا، وتصاعدها بشكل سريع، ليس أمرا طبيعيا، وكذلك أزمة السلع الغذائية.

وأضافت المصادر أنه بناء على معلومات لديها بشكل عام، فإن العد التنازلي لبقاء «السيسي» في الحكم بدأ منذ شهور.

وبحسب المصادر، فإن المؤسسة العسكرية متمسكة أن يكون الخروج بشكل آمن للغاية لعدم فتح الباب لاضطرابات، فهي ترفض أي عنف أو خطوات اضطرارية للحفاظ على صورة المؤسسة العسكرية، مضيفة أن «السيسي» أولا وأخيرا، كان وزيرا للدفاع وكان على رأس المؤسسة حتى وقت قريب.

نظام «السيسي» في خطر

من جهة أخرى، قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية في وقت سابق، إن اتصالات تمت مؤخرا بين مسؤولين سياسيين رفيعي المستوى في «إسرائيل» والولايات المتحدة في ظل خشية شديدة على نظام «السيسي »في مصر، حيث تهدد الأزمة الاقتصادية بتقويضه.

وأضافت الصحيفة أن التقديرات الإسرائيلية والأمريكية تشير إلى أن الخطر على نظام «السيسي» يكاد يكون وشيكا، وأنه في حال لم يطرأ تغيير جوهري على الاقتصاد المصري خلال العام 2017، فإن حالة الغليان الشعبي ستعيد الجماهير المصرية إلى الشوارع وتقوض حكم الجنرال «السيسي».

وتابعت أن القادة في مصر ينظرون إلى الأزمة الاقتصادية في البلاد على أنها التهديد الإستراتيجي المركزي على بلادهم.

ووفق الصحيفة فقد اشتدت الأزمة الاقتصادية لأسباب من بينها القتال الذي تخوضه مصر في سيناء وليبيا واليمن، بالإضافة إلى التزامات مالية حصلت عليها مصر من السعودية والإمارات والكويت ونفذت جزئيا.

كما أن توجه مصر إلى «صندوق النقد الدولي» للحصول على قروض بقيمة 12 مليار دولار قوبل بشروط شملت تقليص البيروقراطية ورفع الضرائب وخفض دعم الدولة للسلع، ومن شأن هذه الشروط أن تسرع حالة الغليان الشعبي في المدى القريب، وفق الصحيفة.

وقالت «يديعوت أحرونوت» إنه يوجد إدراك في العالم بأن عام 2017 سيكون حاسما بالنسبة للنظام المصري، مضيفة أن «إسرائيل» تحاول استخدام علاقاتها مع الولايات المتحدة ودول أخرى لدعم اقتصاد مصر.

ووفق الصحيفة، بحث مسؤولون إسرائيليون مع نظرائهم في مصر تنفيذ «إسرائيل مشاريع اقتصادية لدعم النظام المصري.

وقالت إنه برز من خلالها أن هذه المباحثات لا تعبر فحسب عن تقارب بين الدولتين، وإنما أيضا عن وجود حاجة ملحة لتحسين البنية التحتية في مصر على ضوء الأزمة الاقتصادية الشديدة التي تهدد الاستقرار السياسي في الدولة.

كما قالت إن النظام المصري توجه إلى «إسرائيل» مؤخرا طالبا التعاون معها في المجال الاقتصادي، مشيرة إلى أن جهاز الأمن الإسرائيلي أعد قائمة بمشاريع محتملة ومعنية، من بينها التعاون في مجال تحلية مياه البحر على ضوء انخفاض مستوى النيل، والتعاون في الطاقة الشمسية وتوليد الكهرباء والزراعة والري والغاز والسياحة، خاصة أن العائدات من توسيع قناة السويس -التي استثمر فيها نظام «السيسي» مليارات الدولارات- كانت أقل من المتوقع.

«السيسي» يواجه غضب الخليج

وفي سياق متصل، رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت الدكتور «عبد الله الشايجي» أن العروض العراقية والليبية المقدمة لتزويد مصر بالنفط ليست حلا استراتيجيا، بل هي نوع من الانتهازية للاستفادة من التباين الواضح في العلاقات بين دول «مجلس التعاون الخليجي» ونظام «السيسي».

وأوضح «الشايجي» أنه منذ تولي «السيسي» السلطة لم تتحول العلاقات بين دول الخليج ومصر إلى علاقات استراتيجية متناغمة وربحية للطرفين، وبما يتسق مع مركزية ومحورية دور مصر في العالم العربي، مبينا أن مصر بحاجة إلى تطابق الشعارات التي يرفعها «السيسي»، مثل «مسافة السكة»، وأن أمن الخليج جزء من أمن مصر، مع الواقع.

ورأى أن وقف إمدادات النفط السعودي لمصر هو رسالة مهمة وتململ خليجي عبرت عنه السعودية بوضوح، كما أنه مؤشر على حرب باردة بين السعودية ودول الخليج وبين مصر؛ بسبب مواقف الأخيرة، وفقدانها دورها الاستراتيجي، ووقوفها في منتصف الطريق، وميلها لمحور روسيا وإيران، وتناغمها مع الدور الإيراني في العراق وسوريا واليمن. 

في المقابل، قال «مجدي شندي» رئيس تحرير صحيفة «المشهد» المصرية الأسبوعية إن مصر دولة كبيرة، ولن تقبل ضغوطا أو أن يكون قرارها السياسي محل مساومة، أو مرهونا بالمساعدات.

وأضاف أنه على أي دولة عربية ألا تتصور أن سياسة مصر الخارجية يمكن أن تكون تابعة لها، مؤكدا أن السياسة الخارجية المصرية تنبع من مصلحة الشعب المصري، ولا تقبل أي إملاءات أو ضغوط، ومن الطبيعي أن تبحث مصر عن بدائل للنفط السعودي.

ووصف «شندي» الحديث عن «الرز الخليجي» بأنه نوع من الاستسهال وتسطيح الأمور، قائلا إن مصر قدمت لدول الخليج ما هو أكثر من المساعدات التي تتلقاها منها، حيث قدمت لها خيرة عقولها التي وضعت جهدها وعرقها في سبيل نهضة بلدان الخليج.

وأكد أن مصر يمكن أن تراهن على النفط الليبي والجزائري لسد حاجتها، مؤكدا أن مصر هي الشقيقة الكبرى للعرب ولا تقف مع طرف ضد آخر، ولا تبيع مواقفها أبدا، وسياستها الخارجية قائمة على المبادئ، ولا تباع ولا تشترى بالمصالح.

انفجار داخلي

وبالعودة إلى الوضع الداخلي، رصدت وكالة «رويترز» للأنباء في تقرير لها «نفاد صبر» المصريين على «السيسي» بسبب تدهور الوضع الاقتصادي وفرض مزيد من الأعباء على المواطنين.

وأشارت الوكالة في بداية تقريرها إلى رسم ساخر نشر على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر فيه مصري وهو يغرق ويلوح بيده طلبا للمساعدة، وفي المشهد التالي من الرسم يظهر «السيسي» وهو يقفز في الماء ثم يخطف ساعة حول معصم الرجل ويلوذ بالفرار.

ويعبر الرسم -بحسب الوكالة- عن جو اليأس والغضب لدى المصريين الذين يعانون في ظل زيادة الضرائب وارتفاع أسعار الغذاء وخفض الدعم الحكومي؛ مما قد يؤدي إلى تكرار الاحتجاجات العارمة التي شهدتها البلاد في فترات سابقة.

فمعدل التضخم الأساسي (الذي يستثني السلع متقلبة الأسعار) بلغ 14%، مسجلا أعلى مستوياته منذ سبع سنوات، مع تضرر البلد الذي يستورد شتى احتياجاته من السكر إلى السيارات الفاخرة، جراء نقص العملة الصعبة وزيادة الرسوم الجمركية.

ورفعت الحكومة المصرية أسعار الكهرباء بما بين 25 و40% في أغسطس/آب الماضي، وتطبق تدريجيا ضريبة قيمة مضافة بنسبة 13% أقرها البرلمان في الشهر نفسه.

ومن المتوقع أيضا في إطار الإجراءات الرامية إلى الحصول على قرض قيمته 12 مليار دولار من «صندوق النقد الدولي» أن تقلص الحكومة دعم الوقود، وأن تخفض قيمة الجنيه المصري، مما سيقود إلى دورة تضخم جديدة في مصر التي يعتمد عشرات الملايين من سكانها على السلع المدعومة.

ويشكو كثير من المصريين من أن شراء اللحوم لم يعد في إمكانهم، بينما يثير نقص السكر مخاوف من أزمة غذاء وشيكة.

ويحاول «السيسي» في خطبه إقناع المصريين بتقديم تضحيات لحماية البلد من الخراب المالي، ووصل الأمر إلى حد حث الناس على التبرع «بالفكة» في تصريحات كانت مثار سخرية على الإنترنت، غير أنه يحذر في الوقت نفسه من أن الجيش قد ينتشر خلال ست ساعات في حال حدوث اضطرابات في الشارع.

وظهرت في مصر دعوات للنزول إلى الشارع والاحتجاج على الأوضاع الاقتصادية في 11 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

ويرى الاقتصادي «أنغوس بلير» -من بنك الاستثمار (فاروس) في مصر- أن تضخم أسعار الغذاء ما زال عند مستوى ضار سياسيا، قائلا: «إنه مبعث قلق خاصة مع دعوات التظاهر في 11 نوفمبر/تشرين الثاني».

المصدر | العربي الجديد + الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر عبدالفتاح السيسي الجيش العسكر الغلاء ارتفاع الأسعار