استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

يكفي كلاما وتحركوا للتغيير: القوة الداخلية أساسا لمواجهة تحديات الخارج

الخميس 27 أكتوبر 2016 10:10 ص

الجزء الأول من العنوان أعلاه هو للمستشار المؤرخ المصري المخضرم طارق البشري. وكان قد نشرَ تحته مقالًا، منذ بضع سنوات، فيه أكثر من خصوصية تلفتُ الانتباه.

فمن جهة، كان المقال فريدًا في أسلوب الرجل الذي عُرفت عنه الكتابة في عالم الأفكار، تحليلًا لواقع مجتمعه وعرضًا لتحدياته وطرحًا لأسئلته، مع الإشارة بشكلٍ غير مباشر إلى ملامح الحلول والإجابات. فالمثقف يرى في إشاعة هذا التفكير من خلال الجهد العلمي والإعلامي دافعًا يُحرك أصحاب العلاقة، في الشعوب والحكومات، لإصلاح الواقع عمليًا من خلال البرامج والخطط والقوانين.

غير أن الرجل وصلَ وقتها، فيما يبدو، إلى مرحلة صدمةٍ باتَ فيها مضطرًا إلى الكلام بأسلوبٍ مختلف وبصراحةٍ أكبر. من هنا، بدأ كلامه قائلًا:

"لقد تكلمنا بما يكفي وزيادة، واستنفد الكلام غرضه بما وَصلَ إليه من مقررات يكاد ينعقد عليها إجماعُ من تهمهم شؤون بلادهم، ولم تبق الآن زيادة لمستزيد في هذا الشأن، ولقد ذاع ذلك كله وتناولته الصحف والأحاديث بما صار به عِلمًا عامًا، ولم تبقَ إلا الحركة، والمطلوبُ هو تلك الأفعال التي تفضي إلى الإزاحة العملية لما هو ضارٌ ومخربٌ وظالمٌ ومستبدٌ وغير وطني، لا يرعى مصالح الجماعة السياسية في يومها ولا في غدها ولا في مستقبلها، ويمكّن أعداءها فيها، ويجعلهم المسيطرين عليها، والحاكمين لها وأصحاب القرار النافذ فيها"..

أما الخصوصية الثانية المتعلقة بالمقال فتكمن في حقيقة أنه جاء قبل اشتعال الثورات في بعض البلاد العربية، وما تلاها من تغييرات غير مسبوقة، وَصَلت بالعرب جميعًا إلى واقع اليوم بكل ما فيه من مخاطر وتحديات. خاصة أنه تنبأ في المقال بحصول ما حصلَ فِعلًا بعد ذلك.

لم يكن الرجل يعلم الغيب ولا "يضرب المندل" كما يقول المثل الدارج، وإنما كان يقرأ قوانين الاجتماع البشري التي يجهل البعض أن قوتها وتماسُكها يُماثِلُ قوة القوانين الفيزيائية، وأنها كانت دومًا تحكم حركة ذلك الاجتماع عبر التاريخ، في كل زمانٍ ومكان، وستبقى تحكمهُ وتتحكم فيه، دون أن يجد أحدٌ مهربًا من هذه الحقيقة، تمامًا كما هو الحال مع قواعد الكيمياء والفيزياء. لهذا، يبدو التذكير بها واستحضارُها، اليوم، مسؤوليةً لا مفرَّ منها.

لم يعد ثمة جدالٌ في وجود وطبيعة التحديات الخارجية الضخمة التي تواجه العرب اليوم، وتحديدًا، من لا يزال يملك أوراق الفعل البشري منهم. وفي حين يبقى مشروعًا، ومطلوبًا، التعاملُ مع تلك التحديات من خلال سياسات خارجية تستوعبها بكل شكلٍ ممكن، تظل القوة الداخلية للمجتمع والدولة، بعناصرها المعروفة، الأرضية الصلبة التي تتأكد في وجودها إمكانيةُ التعامل مع كل تحدٍ خارجي في نهاية المطاف.

نعم، الكل يسمع ويقرأ عن نية الإصلاح والجهود المتعلقة به في أكثر من مجال. لكن استفراغ الوسع، عمليًا، في هذا المجال يبدو أولويةً قصوى لا يمكن التهاونُ فيها. خاصة أن "ما يجب فعله" لم يعد سرًا يحتاج لبحثٍ وتنقيب، تمامًا كما وصفَ البشري الحال منذ سنوات.

في كتابه الشهير عن "فن الحرب"، يقول الإستراتيجي الصيني صن تسو: "يُعلمُنا فنُّ الحرب ألا نعتمد على احتمال عدم مهاجمة العدو، بل على استعدادنا لمنازلته، وعلى حقيقة أننا جعلنا أنفسنا في موقع من لا تُمكن مهاجمتهُ أصلًا". ثم يقول في موقعٍ آخر من الكتاب: "عامل رجالك كما تعامل أولادك المحبوبين، وسيسيرون تحت قيادتك إلى أعمق الوديان". ثمة علاقةٌ وثيقة بين المقولتين يجدر التفكير بها على الدوام.

* د. وائل مرزا كاتب وأكاديمي سوري

المصدر | الشرق القطرية

  كلمات مفتاحية

التغيير القوة الداخلية طارق البشري المثقف الجهد العلمي الشعوب الحكومات الإصلاح