شوكة بحلق إيران في العراق ولبنان.. ماذا يفعل «السبهان» في بيروت؟

الجمعة 28 أكتوبر 2016 07:10 ص

جاءت زيارة وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي «ثامر السبهان»، إلى لبنان، في زيارة هي الأولى لمسؤول سعودي لبيروت، منذ توتر العلاقات، بمثابة رسالة قوية إن السعودية لن تتخلى عن لبنان.

الزيارة التي لم يعلن عنها سابقا، جاءت عن طريق «السبهان»، الذي كان شوكة في حلق إيران عندما كان سفيرا للمملكة ببغداد، ما دفع الحكومة العراقية الموالية لإيران، بإيعاز من «قاسم سليماني» قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، بحسب ما نشرته تحليلات، إلى طلب تغييره.

ليبقى السؤال، ماذا يفعل «السبهان»، في لبنان، بعد أيام من تأييد حليف السعودية «سعد الحريري»، لـ«ميشال عون» ليكون رئيسا لبنان، وهو قريب الصلة بـ«حزب الله»، المدعوم من إيران.

السعودية، أعلنت على لسان «السبهان»، أنها ستدعم الرئيس الذي يتفق عليه اللبنانيون.

وفي مداخلة مع قناة «العربية الحدث» من بيروت، قال «السبهان» إنه سيلتقي بمختلف القيادات السياسية في لبنان، بما في ذلك جميع قادة الأحزاب والسياسيين في لبنان، بغرض بحث سبل العمل المشترك لمستقبل العلاقات بين البلدين.

ويعيش لبنان فراغاً رئاسياً منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق «ميشال سليمان»، في 25 مايو/ أيار 2014، وفشل البرلمان على مدار 45 جلسة في انتخاب رئيس جديد نتيحة الخلافات السياسية.

رسالة لإيران

وشدد «السبهان» على أن السعودية ترفض التدخل في السياسات الداخلية للدول، ولذا فإن الرياض لن تدخل في اختيار رئيس يتفق عليه اللبنانيون، مضيفاً: «نحن ندعم من يتفق عليه اللبنانيون»، بما هو في مصلحة لبنان العربي القوي المستقل، بعيداً عن التجاذبات في المنطقة.

يأتي في الوقت الذي يتجه زعيم مسيحي مخضرم حليف لـ«حزب الله»، التي اتعبترها السلطات السعودية، إرهابية، لملء الفراغ الرئاسي اللبناني في صفقة تعزز صعود حلفاء إيران، وتشير إلى تراجع الدور السعودي في البلاد.

إلا أن حديث «السبهان» وزيارته، قد تكون رسالة سعودية جديدة إلى إيران، إنها وإن كانت قد نجحت في فرض مرشح تابع لها في الرئاسة اللبنانية، فإن المملكة لا يزال لها وجود داخل لبنان، وتلتقي كل الأطياف والأحزاب هناك.

ظهر ذلك، في حديث «السبهان»، حين قال: «نحن نتعامل مع الدولة اللبنانية بجميع الفئات»، مشيراً إلى أن السعودية ستتعامل مع من يعمل مع مصلحة لبنان واللبنانيين، ومؤكداً أن «الرياض تعمل حالياً على إعادة الحيوية للعلاقات السعودية اللبنانية».

«السبهان» أضاف أنه سيلتقي مع قادة الأحزاب التي «ليس لها أي تصنيفات إرهابية»، بحسب وصفه.

رسالة مزدوجة

الرسالة السعودية، مزدوجة، حيث أن من قام بالزيارة إلى لبنان، هو «السبهان» نفسه، التي ضاقت به إيران والحكومة العراقية، عندما كان سفيرا للمملكة هناك، وطلبت الحكومة المحسوبة على إيران تغييره.

وبحساب الكتل التصويتية في مجلس النواب اللبناني، أصبح من شبه المؤكد أن «ميشال عون» سيصبح رئيسا للبلاد الأسبوع المقبل، بناء على ترشيح غير متوقع من قبل الزعيم السني «سعد الحريري» الذي قاد تحالف القوى المدعومة من السعودية على مدى عقد من الصراع السياسي مع «حزب الله» وحلفائه المدعومين من إيران.

والخميس الماضي، أعلن «الحريري» تأييده ترشيح «عون» لرئاسة لبنان، وهو ما دعمه «حزب الله» الذي يعد أبرز خصوم السعودية في لبنان.

وعلى الرغم من توقعات أن ترشيح «الحريري»، يمثل أن إدراك للمملكة صعوبة هزيمة «حزب الله» فيما يبدو، وتراجع لبنان إلى قاع قائمة الأولويات الإقليمية للسعودية، بسبب انشغالها بمواجهة إيران في اليمن والبحرين وسوريا.

إلا ان الزيارة، تشير إلى أن الأولويات السعودية في لبنان، لا تزال قائمة، ما دفع حلفاء الرياض في لبنان لعقد صفقات جديدة من أجل الحفاظ على مصالحهم.

حيث قال «السبهان»: «نحن نسعى دائماً لبناء علاقات جيدة مع الدول العربية.. لبنان يعني لنا الكثير والعلاقات التاريخية بين البلدين لا يمكن تجاوزها ولا يمكن أن تؤثر عليها أي أجندات طارئة.. نحن نعمل على استراتيجيات كاملة فيما يخص لبنان وجميع الدول العربية».

كما أن محللين سياسيين، توقعوا أن تكون الزيارة الأولى لـ«عون» عقب نتخابه رئيسا، إلى المملكة، ومن ثم، العودة بـ2 مليارات دولار، كانت قد منحتها السعودية للبنان، وجمدتها في وقت لاحق، تزامنا مع الخلافات بين البدين.

يذكر أن «السبهان» يعتبر أول مسؤول سعودي يصل لبنان منذ فترة طويلة.

وتوترت العلاقات السعودية اللبنانية بسبب ما سمته المملكة بمواقف لبنانية مناهضة لها على المنابر الإقليمية والدولية، لاسيما من «حزب الله» الشيعي، عقب الاعتداء على سفارتها في طهران مطلع العام الجاري، بالتزامن مع تجميد مساعدات عسكرية سعودية إلى لبنان بقيمة 4 مليارات دولار.

وجاءت التصريحات الرسمية الصادرة لاحقاً من لبنان تؤكد أهمية العلاقات مع السعودية، أبرزها إعلان رئيس الوزراء اللبناني رغبة بلاده في الحفاظ على العلاقات مع الدول العربية لاسيما المملكة.

أزمة سابقة

يشار إلى أن «السبهان»، كان يشغل قبل أسابيع منصب السفير السعودي في العراق، قبل أن يتم تغييره بناءً على طلب الحكومة العراقية إثر تصريحاته المنتقدة لميليشيات الحشد الشعبي الشيعية.

وطلب العراق من السعودية، في أغسطس/ آب الماضي، استبدال سفيرها في بغداد «السبهان»، بعد أسابيع طويلة من التجاذب السياسي والإعلامي.

ونقلت قناة «العربية» حينها عن «السبهان» قوله، إن سياسات المملكة في العراق لن تتغير وإن العلاقات السعودية مع السياسيين العراقيين ودية.

جاء ذلك، عقب أن شهدت العلاقة بين «السبهان» وعدد من السياسيين العراقيين، الموالين لإيران، توترا واضحا، حتى أن وسائل إعلام نقلت عن وزير الخارجية العراقي «إبراهيم الجعفري»، انتقاده لتحركات السفير التي اعتبرها تدخلا بالشأن الداخلي كما اتهمته بتأجيج ما وصفه بالخطاب الطائفي.

وسبق للسفير السعودي، أن وجه انتقادات لسياسات جارية في العراق، إلى جانب التنديد بالتدخلات الخارجية وخاصة الإيرانية منها، علاوة على حديثه عما يحصل من تجاوزات في مناطق العمليات العسكرية التي تغلب عليها أكثرية سنية.

«السبهان» قال في يونيو/ حزيران الماضي، إن وجود شخصيات إرهابية إيرانية قرب الفلوجة (أهلها من السنة)، غربي العراق، دليل واضح بأنهم يريدون حرق العراقيين العرب بنيران الطائفية المقيتة.

ما دفع حركات شيعية عراقية، مهاجمته ووصفه بـ«مشروع تخريب».

وتشهد العلاقات بين السعودية وإيران، أزمة حادة، عقب إعلان الرياض في 3 يناير/ كانون الثان الماضي، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الأخيرة، على خلفية الاعتداءات التي تعرضت لها سفارة المملكة، في طهران، وقنصليتها في مدينة مشهد، شمالي إيران، وإضرام النار فيهما، احتجاجاً على إعدام «نمر باقر النمر» رجل الدين السعودي (شيعي)، مع 46 مداناً بالانتماء لـ«التنظيمات الإرهابية».

وتتهم السعودية «حزب الله» بالموالاة لإيران والهيمنة على القرار في لبنان، وتنتقد تدخّله العسكري في سوريا للقتال إلى جانب نظام «الأسد» منذ 2012، وأدرجت عدداً من عناصره على قائمة الإرهاب.

وبدروه يهاجم «حزب الله» السعودية على خلفية مواقفها السياسية، ولاسيما بعد بدء عملية «عاصفة الحزم» في اليمن لدعم الشرعية ممثلة في الرئيس اليمني «عبد ربه منصور هادي» في مواجهة الحوثيين.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السبهان لبنان إيران السعودية ميشال عون