«هافينغتون بوست»: استطلاع رأي يكشف رغبة الشباب السعودي في خلافة «بن سلمان» لوالده

السبت 29 أكتوبر 2016 07:10 ص

كيف يرى الشباب السعودي سياسات بلدهم الخارجية والمحلية والمستقبل بشكل عام؟ هذا السؤال مهم بشكل خاص، لأن السعوديين الذين تقل أعمارهم عن 25 عاما تصل نسبتهم إلى 51% من السكان؛ وإذا أضفنا السعوديين الذين تقع أعمارهم في منتصف الثلاثينيات سوف تقترب النسبة من 75%. ووسط معدلات البطالة المقلقة والدفع لإنهاء حالة الرفاه من خلال الإصلاحات الجذرية وإجراءات التقشف، فإن ولاء الشباب خلال السنوات القليلة المقبلة سيكون أمام اختبار قاس.

وقد أتيحت لي مؤخرا فرصة لقياس وجهات نظر الشباب السعودي من خلال بعض البيانات الإحصائية الجديدة. أجرت شركة استشارات في المملكة العربية السعودية استطلاعا كبيرا للرأي العام. وكانت الدراسة الممولة ذاتيا تهدف إلى تقديم خدمة من الشركة لتحفيز الاهتمام لدى العملاء المحتملين في منطقة الخليج، وكذلك لاختبار أجهزتها الخاصة بالاقتراع والبيانات الوصفية والأبحاث. وقد دعاني مدير عام الشركة، لمراجعة وتحليل النتائج والكتابة عنها، فضلا عن طرح أسئلة حول الطريقة التي أجري بها المسح.

برزت ثلاث نتائج رئيسية. أولا، وسط الصراع بالوكالة مع إيران، فإن الشباب السعودي بدا بشكل غريب لا يهتم بالشؤون الخارجية مقارنة بالمسائل المحلية. أما فيما يتعلق بالاهتمام بالقضايا الخارجية فتأتي علاقة المملكة مع الحكومة الإيرانية ثم الصراعات في العراق وسوريا، واليمن، تليها علاقات السعودية مع حلفائها الأمريكيين والبريطانيين ثم القضية الفلسطينية.

النتيجة الثانية تتعلق بالخطة الطموحة للإصلاحات الاقتصادية المعروفة باسم «رؤية 2030»، والتي تهدف إلى الحد من الاعتماد على النفط عن طريق الحد من السخاء، وتنويع الاقتصاد، ببيع قسم من أرامكو السعودية، وتعزيز أكبر قدر من الشفافية لجذب المستثمرين الأجانب. يبدو الشباب السعودي يتأرجح بين الثقة في نجاحها في نهاية المطاف والقلق حول تأثيرها الفوري. والمعظم لديه رغبة بمواصلة التمتع بفوائد دولة الرفاه. وفي الوقت نفسه، على الرغم من حزمة من المشروعات الاقتصادية والاجتماعية الجديدة التي تم إطلاقها لغرض إفادة الشباب السعودي، فإن قلة من الشباب هم على دراية بها.

النتيجة الثالثة المثيرة للجدل هي أن معظم الشباب يفضلون عند وفاة الملك الحالي، «سلمان بن عبدالعزيز»، أن يحل محله ولي ولي العهد البالغ من العمر 31 عاما الأمير «محمد بن سلمان» خلافا لولي العهد البالغ من العمر 57 عاما «محمد بن نايف». وتتجاوز شعبية «محمد بن سلمان» على النحو الوارد في مناقشات تويتر جميع أفراد العائلة المالكة السعودية الآخرين.

الاستعراض الأكثر تفصيلا للاستطلاع ونتائجه يكشف أيضا عن المجالات والمشاكل التي يختلف عليها السعوديين في بيئة سلطوية تعد نطاقا غريبا لأبحاث الرأي.

وقد استندت الدراسة على مجموعة من مقابلات هاتفية مع مواطنين سعوديين مع تدقيق بيانات ما يقرب من 15 مليون تغريدة في السعودية. تم تصميم نوعين من المعلومات لتعويض الثغرات: من جهة، وفرت المحادثات الشفوية فرصة لجمع بيانات أكثر ثراء. لكن القلق في أي دولة عربية من عقد مناقشات صريحة مع شخص غريب، والأجيال من الحكم الاستبدادي، أدت بعدد كبير من الناس لرفض المشاركة. أما بالنسبة لبحوث حسابات تويتر فهي تختلف عن ذلك، حيث إن السعوديين يفضلون التفاعل بحرية أكثر مع بعضهم البعض عبر وسائل الإعلام الاجتماعية. ولكن الكثير من مستخدمي تويتر في السعودية يعتمدون الرقابة الذاتية، وكذلك كثير من التغريدات على ما يبدو تم إنشاؤها بشكل تلقائي. وقد اعترفت استطلاعات الرأي بهذه المشاكل. وفيما يتعلق بالاستبيان الهاتفي على وجه الخصوص، فقد اهتموا برفع بيانات القضايا الأكثر حساسية بشكل غير مباشر فقط.

وفيما تم طلب إجراء 60500 مكالمة هاتفية عبر أرقام الاتصال الهاتفي العشوائي لمستخدمي الهاتف الخليوي. فمن هذا العدد الهائل، وافق فقط 561 شخص للمشاركة. وكانت النساء ممثلات تمثيلا ناقصا إلى حد كبير، ولكن التوزيع الجغرافي بين المحافظات الثلاث الرئيسية (الرياض، مكة المكرمة، والمنطقة الشرقية) كان جيدا إلى حد ما، وكذلك مؤشرات التوظيف، والتقاعد، والدرجات العلمية. أما بالنسبة لعدد التغريدات الهائلة فقد تم اختيارها عشوائيا.

الآراء حول السياسة الخارجية السعودية

فيما يتعلق بالسياسة الخارجية للبلاد، أبدى معظم المجيبين الثقة والدعم واسع النطاق. وردا على سؤال حول درجة رضاهم عن التدخل العسكري بقيادة السعودية في اليمن والتزامها بحماية بعض الدول مثل مصر، تراوحت ردود الفعل الإيجابية الموثوقة بين 60 و 80 %. وقد عكست التغريدات بشأن هذه المسائل دعما أكبر، مما يشير إلى أن السعوديين الأصغر سنا أكثر حماسا حول الموقف الحازم الحالي للبلاد.

 وردا على سؤال حول درجة رضاهم عن «علاقة المملكة العربية السعودية مع إيران»،" قال 13% إنهم «غير راضين جدا». وقال أكثر بقليل من 44% أنهم مترددون بشكل كبير.

بعض وجهات النظر حيال هذه الردود يخرج، من الثرثرة حول إيران في تويتر: لم نجد سوى عدد ضئيل جدا من التغريدات المعنية بإيران، في حين تناولت معظم التغريدات القضايا المحلية. وشكلت الصراعات بالوكالة في العراق وسوريا واليمن ثاني أكبر حصة، تليها العلاقات مع حلفاء السعودية الغربيين التقليديين. و المركز الرابع كان مزيجا من شظايا شملت مصر وتركيا وفلسطين.

البيانات في تويتر حول إيران، تلمح أيضا إلى الفجوة بين الأجيال في المملكة خلال التوقعات تجاه هذا البلد: في حين أن السعوديين من كبار السن يفضلون رؤية المملكة تتبنى موقفا تصالحيا نحو طهران يشعر الشباب بالارتياح لحافة الحرب الحالية.

وبسؤالهم عن تقييمهم لإدارة المملكة للإصلاحات الاقتصادية السعودية بشكل عام، كانت إجابات المشاركين على الهاتف معظمها إيجابية. وعند السؤال عن شيء أكثر تحديدا من الأجزاء المكونة لخطة الإصلاح، كان هناك التباس كبير.

على سبيل المثال، عندما تم توجيه سؤال: «هل تعتقد أن الميزانية السعودية للعام القادم ينبغي أن تعتمد إجراءات تقشفية»، أبدى 12% فقد دعمهم لاتخاذ تدابير التقشف. 34.4 في حين رفضها 34% وأبدي قرابة 54% ترددهم. هذا التفضيل الواضح لاستمرار الاقتصاد الريعي يبدو أنه يعكس القلق بشأن احتمال فقدان الوظيفة أو الارتفاع في تكاليف المعيشة. كما أن إجابة «لا أعرف» في هذه الحالة، بقدر ماتمثل تعبيرا يرتدي معطفا طويلا من السلبية، فهي أيضا انعكاس حقيقي للنقص في المعرفة. السبب في أنني أقول ذلك هو أن بيانات أخرى من المناقشات على الهاتف حول الشؤون الداخلية تشير إلى أن التفاصيل الرئيسية لخطط الإصلاح في المملكة لم توضح بشكل جيد للشعب. وأيضا لم يعرف السعوديين عن بعض المؤسسات العاملة في مجال العمل الخيري والتكافل الاجتماعي التي تعمل لإنجاح رؤية 2030.

قضية خلافة الملك «سلمان»

أثارت قضية خلافة الملك «سلمان» آثار عميقة على مستقبل البلاد، ونوقشت على نطاق واسع. فولي العهد، البالغ من العمر 57 عاما «محمد بن نايف» يقود قوى الأمن الداخلي. ويحمل ولي ولي العهد الأمير «محمد بن سلمان»، 31 عاما، سلطة غير مسبوقة لرجل في عمره في الدفاع والاقتصاد. ويعتقد أنه مهندس الحرب في اليمن، فضلا عن خطة الإصلاحات. أي من الأمراء سيخلف الملك «سلمان بن عبدالعزيز» هو موضوع جدال عالمي، مع شائعات تدور حول خطة ولي ولي العهد للقفز على رئيسه.

إن حساسية الموضوع تجعل من الصعب على استطلاعات الرأي طرحه مباشرة، لكن اللافت للنظر، أن البيانات تشير إلى أن الغالبية العظمى من السكان يفضلون خلافة «محمد بن سلمان» لوالده. تعكس تغريدات تويتر شعبية الأمير البالغ من العمر 31 عاما: 76% من التغريدات الي تناولت العائلة المالكة دارت حول «بن سلمان». وقد كانت في معظمها إشارات إيجابية وليست سلبية.

هذه النتائج سوف تحتاج إلى مزيد من البيانات من أجل دراسة الرأي العام السعودي. ولكن هذا يستحق أن يكون لمحة أولية حول هذا المجتمع المغلق، وخطوة هامة لتقديمه إلى العالم.

  كلمات مفتاحية

محمد بن سلمان رؤية 2030 استطلاع رأي الشباب السعودي