مطبخ «زيت زيتون» في مصر ..وجبات منزلية وسوريات يخففن ألم اللجوء

السبت 29 أكتوبر 2016 07:10 ص

اضطررن إلى الفرار من سوريا إلى مصر جراء الحرب، غير أن شاطئ الأخيرة كان ملبدًا بغيوم الفقر وألم اللجوء، وبالنحت في الصخر تمكّن من تغيير واقعهن.

6 سوريات نجحن في تأسيس مطبخ منزلي لبيع الطعام للأسر بالقاهرة، للتغلب على أوضاع عائلاتهن المعيشية الصعبة وأطلقن عليه «زيت زيتون».

«السوريات يتمتعن بسمعة طيبة في صناعة الأطعمة بمصر؛ لذا كان مشروع المطبخ أهم الأفكار التي يمكن تنفيذها هنا (القاهرة)، خصوصًا مع نجاح مشروعات كثيرة مماثلة»، تقول «لينا شاكر» المديرة التنفيذية لـ«زيت زيتون».

الهدف الأساسي للمطبخ، بحسب «لينا»، هو المحافظة على التراث السوري البارع في إعداد الطعام، إلى جانب مساعدة أسرهن في تكاليف العيش التي أصبحت غير محتملة، بسبب الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر.

تكمن تفاصيل المشروع النسائي، في تجهيز حفلات مصرية بالطعام السوري، بدأت «لينا» وعدد من صديقاتها في تنفيذه بشكل مصغر في البداية.

كنّ يتلقين طلبات إعداد الطعام من معارفهن بالقاهرة هاتفياً، ثم يشرعن بعدها في توزيع العمل عليهن ليتم تجهيزه من المنازل، وإرساله إلى أصحابه.

تقول «لينا» لوكالة «الأناضول» إن «الأمر في البداية كان صعبًا جدًا؛ لأن طلبات الطعام كانت تُجهز في أكثر من منزل، أو نضطر للذهاب لبيت واحدة منا وإعداد الطعام هناك».

قررت السوريات الست، استئجار منزل للمطبخ بالقرب من محل سكنهن بمدينة العبور (شرقي القاهرة)، وتدشين صفحة على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» لتلقي الطلبات ومن ثم إعدادها في محاولة لتوسيع العمل.

«لاقت الفكرة رواجًا في المجتمع القاهري، ولم يتوقف هاتف المطبخ طوال شهر رمضان الماضي عن العمل».

بدأن العمل في مشروعهن «زيت زيتون» قبل نحو أربعة أشهر، وتحديدًا قبل شهر رمضان الماضي بأسبوعين.

وأكدت المديرة التنفيذية للمشروع، على نجاحهن في الوصول لعدد من المناطق، لاسيما مدينتي القاهرة الجديدة والرحاب (شرقي العاصمة)، المعادي (جنوب)، والسادس من أكتوبر (غرب)، وغيرها من المدن.

تتلقى «لينا» طلبات الطعام من الراغبين ثم توزع الأدوار على صديقاتها، كل واحدة تعمل في الطبخة التى تجيدها، مشيرة إلى أنهن من محافظات سورية مختلفة، فيقدمن الطعام السوري بمختلف أنواعه إلا أن الطابع الدمشقي يغلب عليه.

ليس الهدف من مطبخ «زيت زيتون» الربح فقط، فالمشروع يهدف إلى تشغيل السوريات الأكثر فقرًا، وغالبية العاملات ليس لهن عائل، ويعد المطبخ مصدر الدخل الرئيسي لهن، حيث يبدأن في العمل منذ الصباح وينتهين مع الثالثة عصرًا بشكل يومي.

توضح مديرة المشروع أنهن «يستهدفن الطبقة فوق المتوسطة والأغنياء بمشروعهن، ويقمن حفلات أعياد الميلاد والولائم، ولا يقبلن إلا بطلبات تكون تكلفتها أكثر من 400 جنيه مصري (نحو 45 دولاراً) وتكفي لطعام 10 أفراد».

السبب في تحديد هذا الرقم، بحسب المتحدثة هو توفير أجر مجد للعاملات اللاتي سينتقلن من بيوتهن لمقر المطبخ، وحتى يتسنى للجميع العمل، وفي حالة وجود طلبات كثيرة يحضرن بعض السوريات الأخريات للمساعدة بمقابل مادي.

«كل سيدة تعمل فيما تجيده من الأطعمة»، هكذا تقرر «لينا» طريقة عملهن، لأن كل محافظة سورية تشتهر بطعام معين فتخصص إحداهن في عمل السلطات كالفتوش والتبول وغيرها من هذه الأصناف، وثانية في المخبوزات، وأخرى في صنف ثالث.

تطمح السوريات أن يتحول مطبخهن الصغير القابع في مدينة على أطراف القاهرة، لمطعم كبير بوسط العاصمة، ليستوعب أكبر عدد من السوريات اللاتي يحتجن للمال وحتى يتعففن عن تلقي المساعدات.

وتأمل «لينا» أن يوفر المطعم الجديد في حال تنفيذ الفكرة، فرص عمل لـ100 سيدة سورية أخرى.

واتفقت السوريات مع سائق مصري؛ على توصيل الطلبات للمنازل، ووضعن مبلغ 50 جنيها (5 دولارات تقريبًا) قيمة التوصيل لطلبات الطعام التي تتكلف أقل من ألف جنيه (نحو 100 دولار تقريبًا)، وما يزيد عن ذلك يتم توصيله مجانًا.

السبب في اختيار مصري لتوصيل الطعام، كونه أعلم بالبلد عن غيره من اللاجئين المحتمل ألا يستطيع أحدهم الوصول لكل الأماكن بسهولة.

أبرز التحديات التى تواجة مشروع اللاجئات، هى الأسعار خصوصًا مع الأزمة المالية ونسبة التضخم التى وصلت لـ 14.6% في مصر بحسب آخر إحصاء أصدره الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء(حكومي).

وازداد وضع غالبية السوريين بمصر سوءً مؤخرًا بسبب الأوضاع الاقتصادية بالبلاد، فوفق تقرير صادر عن الجهاز السابق يدخل أكثر من 27% من المصريين تحت خط الفقر.

وبحسب مديرة المشروع فإن المعاناة بالنسبة للاجئين في مصر، مضاعفة بسبب ارتفاع الأسعار والخدمات، وقلة الدعم الذي تقدمه المنظمات غير الرسمية أو الدعم الحكومي المقدم لهم.

ويبلغ عدد اللاجئين في مصر نحو 350 ألف لاجئ، بحسب تصريح سابق لمساعد وزير الخارجية المصري «هشام بدر»، منهم 140 ألفاً فقط مسجلين بمفوضية اللاجئين.

وقدرت المفوضية الدولية لحقوق اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، السوريين الذين يحتاجون لمساعدات بمصر قرابة 180 ألف شخص نهاية 2013 الماضي.

تقول «لينا» إن التحدي الثاني هو «صعوبة توصيل الطعام لطالبيه، نظرًا لعدم توفر سائق أمين طوال الوقت، لا يستغل حاجتهن له».

وتشير إلى أن قرابة نصف الأرباح تضيع على عملية التوصيل، وإيجار المنزل الذي يُحضرن الطعام فيه، وباقي المبلغ يوزع عليهن بالتساوي بعد خصم أسعار المواد الخام والصيانة.

وتسمية المشروع بـ«زيت زيتون»، لأنه يلفت الانتباه، بجانب كون زيت الزيتون «طيب» ويفضل غالبية الطبقات فوق المتوسطة أن يطهى طعامهم به، وفق مديرة المشروع.

وتوضح مديرة المشروع أن غالبية الأطعمة تطهى بزيت الزيتون، إلا أنهن يستخدمن مستحضرات أخرى بجانبه، ولا يعتمدن عليه وحده في عمليات الطهي.

المصدر | الأناضول

  كلمات مفتاحية

سوريات مطبخ مصر ألم لجوء