أحالت النيابة العامة المغربية 11 شخصا، إلى قاضي التحقيق، اليوم الثلاثاء، بتهم القتل غير العمد في قضية «محسن فكري»، بائع السمك الذي قضى طحنا داخل شاحنة نفايات حينما كان يحاول إنقاذ بضاعة له صادرتها الشرطة.

وبحسب بيان صادر عن الوكيل العام للملك في مدينة الحسيمة في شمال المغرب حيث قتل «فكري»، فإن النيابة العامة، من خلال دراستها لتفاصيل الأحداث وتصريحات الأطراف، رجحت كون الأفعال المرتكبة تكتسي طابع القتل غير العمدي، مشيرا إلى أن القضاء سينظر في القضية ويقرر ما يراه ملائما بشأنها.

وأوضح البيان أن من بين المحالين، اثنان من رجال السلطة ومندوب الصيد البحري ورئيس مصلحة بمندوبية الصيد البحري وطبيب رئيس مصلحة الطب البيطري.

وبحسب البيان، حققت النيابة العامة قبل إحالة هؤلاء الأشخاص إلى قاضي التحقيق بتهمة التزوير والقتل غير العمد، مع عشرين شخصا، وأجرت معاينات ومواجهات استغرقت كامل الوقت المخصص قانونا للحراسة النظرية (72 ساعة بعد التمديد).

ووفقا لمعطيات التحقيق الواردة في البيان، اشترى «فكري» من بعض الصيادين بميناء الحسيمة حوالي نصف طن من سمك أبو سيف (اسبادون)، المحظور صيده خلال الفترة الممتدة من أول أكتوبر/تشرين الثاني إلى 30 نوفمبر/تشرين الثاني من كل سنة بمقتضى قرار وزير الصيد البحري.

وكلف «فكري»، حسب المصدر نفسه، أحد الأشخاص بنقل هذه الأسماك على متن سيارة نقل لم تخضع للمراقبة عند مغادرة الميناء، الأمر الذي دفع عنصر الأمن المداوم هناك إلى تبليغ مصالح الأمن المعنية، وحجزت الأسماك العائدة لـ«فكري».

وبحسب وكيل الملك، فإن الطبيب البيطري أفاد بعدم صلاحية الأسماك للاستهلاك لعدم التوفر على وثائق تثبت مصدرها مما يقتضي إتلافها.

وقبل إتلاف الأسماك، طلب أحد المسؤولين عن شاحنة النفايات الحصول على أمر بالإتلاف قبل نقل كمية السمك المحجوزة، ما دفع لجنة مكونة من مندوب الصيد البحري ورئيس مصلحة الصيد البحري والطبيب البيطري وممثل السلطة المحلية إلى تحرير محضر بإتلاف السمك، ما اعتبرته النيابة العامة جناية تزوير في أوراق رسمية.

ومع بدء عملية الإتلاف، حسب المصدر نفسه، قام «فكري» بصحبة بعض الأشخاص بالتوجه إلى الجهة الخلفية لشاحنة نقل النفايات للحيلولة دون وضع الأسماك بها، وفي هذه الأثناء اشتغلت آلة الضغط، ما أدى إلى وفاته.

وقال الوكيل العام إن البحث لم يثبت صدور أي أمر بالاعتداء على الضحية من طرف أية جهة، مرجحا أن تكون الأفعال المرتكبة تكتسي طابع القتل غير العمد.

وأثارت وفاة «فكري» موجة غضب عارمة في مدينة الحسيمة حيث خرج الآلاف في جنازته أول أمس الأحد، كما تظاهروا في نحو 20 مدينة مغربية، منددين بما حصل له ومطالبين بمعاقبة الجناة.

وتجددت الاحتجاجات في مدينة الحسيمة شمال البلاد، أمس الاثنين، لليوم الرابع، كما نظمت احتجاجات أصغر أيضا، مساء أمس الاثنين، في عدد من المدن والبلدات الأخرى بما في ذلك العاصمة الرباط ومدينة وجدة بشرق البلاد ومدينة سطات بوسط المملكة.

وقال ناشطون إن طلابا بالمدارس الثانوية احتجوا في وقت سابق من أمس الاثنين في بلدة بشمال البلاد.

وردد المحتجون أثناء المظاهرات شعارات منتقدة لتصرف الشرطة، وطالبوا بالكشف عن نتائج التحقيق ومحاسبة المتورطين في مقتل البائع.

وهذه الاحتجاجات هي الأكبر على مستوى البلاد منذ عام 2011 عندما نظمت «حركة 20 فبراير» مظاهرات تطالب بالإصلاح الديمقراطي مستلهمة انتفاضات «الربيع العربي» التي اندلعت في مختلف أرجاء المنطقة.