نائب رئيس «العدالة والتنمية»: غالبية الأتراك مع النظام الرئاسي

الأربعاء 2 نوفمبر 2016 07:11 ص

أكد نائب رئيس حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا «ياسين أقطاي» أن غالبية الأتراك مع النظام الرئاسي الذي بات من الواضح أن تركيا تتجه إليه بقوة الآن، مشيرا إلى أن رفض المعارضة له يجيء «لعدم ثقتها في نفسها».

وقال في حوار أجرته معه صحيفة «الشرق الأوسط»، إن النظام الرئاسي هو نظام يناقش في الإطار السياسي التركي منذ الثمانينات من القرن الماضي، وإن النقاش حوله بدأ في عهد الرئيس الراحل «تورجوت أوزال»، حيث قال وقتها إن تركيا تحتاج لنظام رئاسي حتى تنقذ من الحكومات الائتلافية التي تهدد استقرار تركيا السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي، مشيرا إلى أنه يصعب إدارة الدولة في ظل النظام البرلماني الحالي لأنه لا يضمن استقلال السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية.

وأوضح «أقطاي» أن الحزب الذي يحصل على الأغلبية يشكل الحكومة وبالتالي يجمع السلطتين التشريعية والتنفيذية في يده فعليا، لافتا أن هذا ضد النظام الديمقراطي.

وأشار إلى أن رفض أحزاب المعارضة للنظام الرئاسي، يرجع إلى خوفها من عدم الحصول على الأصوات التي تضعها في قيادة الدولة، موضحا أن حزب «الحركة القومية» كان أكثر ذكاء من حزبي «الشعب الجمهوري» و«الشعوب الديمقراطي» لأنه رأى أن النظام الرئاسي سيكون لصالح تركيا نفسها وليس لصالح «العدالة والتنمية».

وقال «أقطاي»: «نحن كحزب العدالة والتنمية كنا نحتاج دعما من حزب واحد، ومع دعم حزب الحركة القومية في البرلمان سنستطيع نقل النظام الرئاسي إلى الاستفتاء الشعبي، واستطلاعات الرأي تشير إلى أن هناك نحو 55% من الشعب التركي يوافقون على النظام الرئاسي، وهذه النسبة هي نسبة تؤيد شخص رجب طيب أردوغان لأنه لو كان شخص آخر اقترح هذا النظام ما أيدته هذه النسبة».

وذكر أن إجراء انتخابات برلمانية مبكرة كما يردد حزب «الشعب الجمهوري» (أكبر أحزاب المعارضة) أمر صعب جدا في ظل الظروف الراهنة، لكنه ليس مستحيلا إذا أصبحت هناك ضرورة لذلك.

وأضاف: «لا يوجد خوف من تكرار محاولة الانقلاب لكن الضالعين في هذا الانقلاب هم تنظيم سري وخطير لا بد من تصفيتهم من أجهزة الدولة، ونعمل على ذلك الآن، ولا بد من أن نأخذ احتياطنا وتدابيرنا، هذا لا يعني أنهم قادرون على تكرار المحاولة لكن علينا أن نكون يقظين، والجيش التركي الآن جيش أمين ومخلص ونرى نجاحه في عملياته في جنوب شرقي البلاد وفي سوريا، وفي العراق قريبا أيضا».

ولفت «أقطاي» أن الشعب التركي بعد وقوع محاولة الانقلاب حدث لديه إجماع قومي استثنائي على إعادة عقوبة الإعدام، لكنه أوضح أن الصعوبة الآن هي صعوبة تقنية تتعلق بأن عقوبة الإعدام أزيلت من القانون التركي، وسيكون مستحيلا تطبيقها بأثر رجعي على من تورطوا في الانقلاب.

معركة الموصل

وحول الموقف العراقي الرافض لمشاركة تركيا في عملية الموصل، رجح «أقطاي» أن هناك أطرافا أخرى هي التي تدفع في هذا الاتجاه، موضحا أن حكومة العراق لو كانت تؤتمن على هذا البلد وتعرف مصلحته لكانت طلبت مشاركة تركيا في هذه العملية، ولتركت لتركيا مهمة تدريب القوات للدفاع عن الموصل والمشاركة معها بدلا من الاستعانة بعناصر مثل «الحشد الشعبي» و«العمال الكردستاني» وحزب «الاتحاد الديمقراطي» الكردي.

وقال: «أهل الموصل قادرون على الدفاع عن مدينتهم، لكن إذا كانت هناك أجندات خفية فهذا يدفع إلى محاولة إبعاد تركيا من هذا الإطار، لأن وجود تركيا كفيل بمنع بعض العناصر من تدبير مؤامرات والقيام بتصفية عرقية وطائفية في الموصل وتركيا تزعج من يحاول تنفيذ مخطط طائفي في العراق ولو نظرنا نجد أن تركيا هي من يدفع فاتورة التدخل الخارجي في العراق وسوريا وتستضيف 3 ملايين من اللاجئين وهي تدفع هذه الفاتورة وحدها».

وتابع: «إيران لها تأثيرها على الحكومة العراقية وترفض التدخل التركي، لكنها لا تقول ذلك صراحة وإنما تترك لغيرها أن يقول هذا نيابة عنها، والعبادي يكذب بدفع من إيران، فبعد أن طلب من تركيا تدريب عناصر من القوات العراقية في بعشيقة عاد وأنكر ذلك، لأن من وراءه رأوا أن تركيا تتصدى لكل أجنداتهم ومؤامراتهم، لكن تركيا ستواصل لأن لها حقا أكثر من الكل وهي تدفع فاتورة كل هذه الكوارث، نعم تركيا ترحب بمن يسعى للنجاة بحياته لأنها تحترم حق الحياة وتمد يدها لمن يخافون على أنفسهم، لكن الأطراف الأخرى يمدحون تركيا فقط عندما تستقبل اللاجئين لكن في المواقف والاستحقاقات المهمة يرفضون مشاركتها».

المعارك في سوريا

وحول العمليات العسكرية التي تقوم بها تركيا في شمال سوريا، أكد «أقطاي» أن هذه العمليات ستستمر حتى تضمن تركيا أمنها تماما، مشيرا إلى أنه لا تزال هناك تهديدات للأمن القومي التركي من سوريا والعراق.

وأوضح أن تركيا لم تعد لديها مشكلة كردية، قائلا: «الآن نحن في مرحلة انتهت فيها القضية الكردية؛ قمنا بحلها، لب المشكلة الكردية كان في منع التحدث باللغة الكردية والضغط على هوية الكردي، فمن كان يقول إنه كردي كان يسجن، الآن هناك دعاية للأحزاب الكردية بلغتها الأم، والآن عدد النواب الأكراد في حزب العدالة والتنمية الحاكم أكبر من عددهم في حزب الشعوب الديمقراطي الكردي نفسه، فالمشكلة حلت سياسيا، لكن هذا أزعج العمال الكردستاني أكثر، كنا نتوقع أن يكون حزب الشعوب الديمقراطي مرحبا بالإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الخاصة بالأكراد، لكن الحقيقة أن هذا يزعجهم، وهذا شيء غير منطقي لأن حزب الشعوب الديمقراطي كحزب سياسي كان عليه أن يفصل نفسه عن حزب العمال الكردستاني، لا نية لدينا كحزب حاكم في العودة إلى طاولة المفاوضات، نحن الآن بصدد الحرب على الإرهاب وسننتصر فيها».

الهجوم الأمريكي على السعودية

وبشأن قانون «جاستا» الذي وضعه «الكونغرس» الأمريكي لمعاقبة السعودية بسبب تفجيرات 11 سبتمبر/أيلول 2011، شدد «أقطاي» على أن تركيا تقف بجانب السعودية ضد هذا القانون، معتبرا أن القانون يعد هجوما على السعودية من جانب بعض اللوبيات في أمريكا، لافتا أن الرئيس «باراك أوباما» كان ضد القانون لكن «الكونغرس» أقره.

وأوضح أن بلاده ترى ازدواجية المعايير بشكل فاضح في أمريكا ضد كل ما هو إسلامي، مؤكدا أن هذا القانون ليس موجها ضد السعودية فقط، لكن ضد عموم المسلمين ويمثل هجوما على الأمة كلها.

وقال: «نحن نرى أن الولايات المتحدة بالذات تقف وراء هذا الانقلاب الفاشل في تركيا، لا أقول إنهم دبروه لكن من دبر الانقلاب (الداعية فتح الله كولن كما تقول الحكومة) هو في أمريكا وترفض تسليمه ولديه فرص كبيرة للعمل ضد تركيا، وأمريكا تقوم بأعمال خطيرة في المنطقة من خلال تمويل ومساندة ودعم حزب الاتحاد الديمقراطي السوري الذي تمده بالسلاح الذي يذهب نصفه إلى العمال الكردستاني للقتال ضد تركيا، وعلاقة أمريكا مع كل هؤلاء الإرهابيين ضد تركيا والمسلمين هو أمر خطير، فالمنظمات الإرهابية جميعها مرتبطة ببعضها، وهو ما يجعلنا نشعر بأن هناك (حربا صليبية) جديدة ضد المسلمين».

وأضاف: «نحن رأينا ازدواجية المعايير والتجاهل الأوروبي لمحاولة الانقلاب في تركيا، لدرجة أنهم بدوا كمن يؤيد هذه المحاولة الانقلابية، لكن عموما علاقات تركيا بالعالم العربي ليست بديلا لعلاقاتها مع الاتحاد الأوروبي والغرب، والعكس صحيح، فالعلاقات في الاتجاهين تسير في طريقين متوازيين وكذلك نريد توسيع علاقاتنا مع روسيا والصين والهند وأمريكا اللاتينية، وحتى مع الولايات المتحدة، فسياسة تركيا من قبل كانت تسير في اتجاه واحد فقط هو اتجاه الاتحاد الأوروبي، نريد أن نوسع من دوائر العلاقات دون أن يأتي أحدها على حساب الآخر».

العلاقات مع روسيا ومصر

وذكر «أقطاي» أن العلاقات مع روسيا ليست بديلا للعلاقات مع أمريكا، وأن العلاقات مع روسيا علاقات جوار، قائلا: «لنا علاقات تاريخية قديمة، فضلا عن حجم التجارة الكبير بين البلدين، لكن عموما نحن خاب أملنا تجاه السياسة الأمريكية كدولة حليفة، ولا نفهم ذلك فعلا، فأمريكا تعلن علنا دعمها لتنظيمات إرهابية على حساب تركيا ونحن لسنا مضطرين لشيء، نحن مستقلون وسنقف على أرجلنا ومن لا يريد مراعاة العلاقة معنا نقول له مع السلامة».

وحول العلاقات مع مصر، قال: «لا يوجد أي انقسام أو خلافات، نحن لسنا ضد مصر ولسنا أعداء، في الحزب ليس هناك انقسام، لكن هناك من حين إلى آخر نوع من النقاش، وتركيا تقف مع الشعب المصري، لكن العلاقات على مستوى الحكومات رسميا صعبة الآن، إنما نحن نحتاج إلى أن تبقى بعض العلاقات حية على مستوى الشعبين، فمصر وتركيا دولتان كبيرتان في المنطقة وفي العالم الإسلامي، الحكومة أحيانا تقول نريد أن نؤسس العلاقات لكنهم لم يتخذوا الخطوات لأن هناك بعض الملفات التي تحتاج إلى خطوات من جانب مصر».

المصدر | الشرق الأوسط + الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تركيا حزب العدالة والتنمية النظام الرئاسي السعودية الولايات المتحدة روسيا العراق سوريا مصر