كيف يدفعنا الساسة إلى الجنون؟ وهل نملك الخيار حقا؟

الخميس 3 نوفمبر 2016 06:11 ص

بدافع غريزي للبقاء، يتطور العقل البشري محاولا النجاة في تلك المعركة والبقاء لأطول فترة ممكنة. وبالتالي فإن كيميائية الأعصاب في الجسم تخلق شغورا متواصلا بالرغبة تجاه أي شيء يخدم بقاءنا على قيد الحياة. وكما أن لدينا حاجات مادية لا نستطيع الاستغناء عنها من أجل البقاء، فإن لدينا احتياجات اجتماعية أيضا تعتمد عليها فرص نجاتنا.

حيلة خبيثة

المدهش، أن السياسة، من خلال حيلة ذكية، تجعلك تشعر بالسعادة. ذلك يحدث عندما تعتقد أن احتياجاتك يتم تلبيتها بشكل ما. كما ان السياسة قادرة أيضا على إشعارك بالتعاسة، من خلال تحفيز كيمياء الشعور بالاكتئاب، عندما تكتشف حجم العقبات الذي يقف بينك وبين تلبية احتياجاتك، لتنتهي في النهاية بمشاعر أشبه بالساقية، لا تثبت على حال.

عندما ولدنا، كان العالم يتمحور حول احتياجاتنا. ولكن بمرور الوقت وتقدمنا في العمر، بدأنا نكتشف أن العالم لا يتمحور حولنا، وأننا لا نستطيع تلبية كل احتياجاتنا، الأمر الذي يجعل عقولنا -من منظور غريزي بحت- تشعر بأن هناك شيء خاطئُ يحدث، فكل الناس تهتم بشئونها الشخصية، بينما لم تعد احتياجاتك مركز الاهتمام كما كانت. 

هنا يتدخل السياسيون، ليستغلوا تلك الحاجة الملحة في عقولنا، و يقنعوننا بأن العالم يتمحور حول حاجاتنا فعلا، الأمر الذي يبدو مغريا لنا على المدى القصير، ولكنه يتحول إلى خيبة أمل شديدة على المدى البعيد.

البيضة أم الدجاجة؟ متاهات سياسية من نوع آخر

لحسن الحظ، فإننا تعلمنا العيش في مجموعات من خلال بناء تحالفات اجتماعية تساعدنا على تلبية احتياجاتنا. أسلافنا نجوا من خلال بناء تلك التحالفات الاجتماعية، ونحن ورثنا منهم عقولًا مصممة لفعل ذلك.

ولذا فإن التحالفات السياسية تشعرنا بحالة جيدة لأنها تساعدنا على تحقيق احتياجاتنا الاجتماعية. وكذلك، فإن انتماءك السياسي أو كونك عضوا في منظومة سياسية أكبر يحفز في مخك الشعور بالانتماء الذي يجعلك تشعر بالأمان. ولكن الأمر ليس مقتصرا على الشعور بالأمان فقط، فعقولنا في سعي دائم نحو التفوق. قد لا تشعر بذلك بشكلٍ مباشر، ولكن عقولنا تسعى بشكل متواصل نحو تحقيق مكانة اجتماعية، تجعل من إنجاح أهدافنا أمرًا أكثر يسرا.

في العصر الحالي، نحن تعلمنا تجنب الحلول الأكثر عنفًا التي تثبت التفوق الجسدي، وأصبحنا أكثر ميلًا إلى الصراعات اللفظية التي تثبت التفوق الأخلاقي. تتحفز مناطق السعادة في مخك عندما تشعر أنها تخدم قضية أكبر وأسمى، ولكن في نفس الوقت، نشعر بالتهديد عندما تواجه تلك القضية بدورها أي تهديد. المثير في الأمر أن عقولنا لا تتوقف عن الشعور بتهديد من يتقدم علينا، لأنه ذلك السباق سيظل موجودًا حتى النهاية، بلا رابح وحيد، أو خاسر حتى النهاية. وبالتالي إذا لم نتصالح مع فكرة رغبة عقولنا الملحة في التفوق الدائم، سنعاني بالتأكيد من إحباطات متتالية.

البحث الدائم عن التهديد الجديد

من الصعب أن تكون تحالفاً من مجموعة من الأشخاص يهتمون فقط بمصلحتهم الشخصية. الحل الوحيد لفعل ذلك هو أن تخلق عدوًا مشتركًا يصبون طاقاتهم في مواجهته. بالنسبة إلى العقول الأكثر بدائية كالحيوانات، فان غريزة العيش في قطيع لمواجهة المخاطر المحتملة هو أمر سائد، وكذلك تماما بالنسبة للإنسان، فإنه يميل إلى الانضمام إلى مجموعات لمواجهة التهديدات المحتملة، والتي بمجرد القضاء عليها فإن عقلك يشعر براحة شديدة.

ولكن السياسيين ليست مهتهم أن يواجهوا ذلك العدو، ولكن مهمتهم أن يخلقوا عدوًا دائمًا، والذي بمجرد القضاء عليه يتفننون في اختيار عدوٍ جديد، ليبقوا على المجموعة التي تدعمهم متماسكة لأطول وقت ممكن.

أنت تملك خيارًا

أنت تستطيع انهاء ذلك الجنون الآن. توقف عن اعتبار كل مسألة سياسية مسألة حياة أو موت، فمن السهل للغاية أن يولد السياسيون لديك ذلك الشعور ليجعلوك في قلقٍ دائم وعدم ارتياح متواصل.

المصدر | سايكولوجي توداي

  كلمات مفتاحية

الشعبوية السياسة الجنون خلق التهديد