ضجيج «المعركة الصامتة» بين تركيا وإيران في العراق لم يعد بالإمكان كتمانه

الخميس 3 نوفمبر 2016 07:11 ص

يبدو أن ضجيج «المعركة الصامتة» بين تركيا وإيران الدائرة حاليا في العراق، لم يعد في الإمكان كتمانه.

فتركيا، التي أكدت مرارا وتكررا أنها لن تتوانى في اتخاذ ما يلزم لحماية مصالحها وأمنها القومي في العراق، بدأت في اتخاذ خطوات فعلية لمواجهة خصمها الإيراني، الذي يواجهها بشكل غير مباشر عبر ميلشيات شيعية مسلحة موالية له في العراق، وأهمها «الحشد الشعبي»، وعبر نفوذه القوى على حكومة «حيدر العبادي».

إذ أغلقت السلطات التركية، أول أمس الثلاثاء، قناة تلفزيونية إيرانية تدعى «القدس» قالت إنها تبث الدعاية لجرائم «الحشد الشعبي» في العراق.

وأوضحت وسائل إعلام تركية أن قوات الأمن وبناءً على قرار من الهيئة العليا للإذاعة والتلفزيون التابعة للحكومة التركية اقتحمت، مساء الثلاثاء، مقر الفضائية في مدينة إسطنبول، وأبلغت العاملين بقرار إغلاقها قبل مصادرة جميع المعدات والأجهزة الكهربائية والإلكترونية التابعة لها.

وفي اليوم ذاته، أرسل الجيش التركي عددا كبيرا من الدبابات والعربات المدرعة من ثكناتها في العاصمة أنقرة، ومدينة جانقيري (وسط)، باتجاه قضاء سيلوبي في ولاية شرناق (جنوب شرق)، المحاذي للحدود مع العراق.

وقال وزير الدفاع التركي، «فكري إشيق»، إن بلاده «ليس عليها التزام» بالانتظار وراء حدودها، وستفعل كل ما هو ضروري إذا أصبح لمقاتلي «حزب العمال الكردستاني» (بي كا كا) تواجد في منطقة سنجار، شمالي العراق.

وسبق ذلك تصريح للرئيس التركي، «رجب طيب أردوغان»، قال فيه إن تركيا تهدف إلى تعزيز قواتها على الحدود العراقية، مشددا على أن أنقرة سيكون لها «رد مختلف» على الفصائل الشيعية (الحشد الشعبي) إذا «أثارت الرعب» في مدينة تلعفر العراقية.

وحذرت أنقرة من القيام بمثل هذا التحرك تجاه تلعفر التي تقع على بعد نحو 170 كيلومترا من سيلوبي، ويقطنها عدد كبير من المنحدرين من أصل تركماني وتربطهم علاقات تاريخية وثقافية بتركيا.

اتهام تركيا لإيران.. التلميح صار تصريحا 

التلميح التركي بشأن وقوف إيران وراء موقف حكومة بغداد الرافض لمشاركة تركيا في معركة الموصل، شمالي العراق، أصبح صريحا هذه المرة.

إذ قال نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، «ياسين أقطاي»، أمس الأربعاء، إن إيران وراء رفض العراق مشاركة تركيا في معركة تحرير الموصل من تنظيم الدولة.

وأضاف: «إيران لها تأثيرها على الحكومة العراقية وترفض التدخل التركي، لكنها لا تقول ذلك صراحة، وإنما تترك لغيرها أن يقول هذا نيابة عنها».

وتابع في تصريحات نقلتها وكالة «الأناضول» التركية الرسمية: «العبادي (رئيس الحكومة العراقية) يكذب بدافع من إيران، فبعد أن طلب من تركيا تدريب عناصر من القوات العراقية في بعشيقة عاد وأنكر ذلك، لأن من وراءه (إيران) فقط رأوا أن تركيا تتصدى لكل أجنداتهم ومؤامراتهم، لكن تركيا ستواصل لأن لها حقًا أكثر من الكل، وهي تدفع فاتورة التدخل الخارجي في العراق وسوريا وتستضيف 3 ملايين من اللاجئين، وهي تدفع هذه الفاتورة وحدها».

ويقول مراقبون إن إيران، التي تتمتع بنفوذ في العراق أكثر من الحكومة المركزية في بغداد، تدفع قوات «الحشد الشعبي» إلى ممارسة الدور الذي لعبته في أكثر من معركة شاركت فيها مؤخرا عبر تغيير ديمغرافية الموصل ومحيطها بحيث يكون المكون الشيعي له الغالبية.

وترمي طهران من وراء هذه الخطوة إلى إنشاء حزام شيعي في هذا المنطقة، ذات الغالبية السنية؛ ما يخلق نوع من التوازن يمنع تمدد تهديدات الدولة الكردية إليها؛ حيث تواجه جماعات مسلحة تسعى إلى هذا الهدف في مناطقها الشمالية العربية، وبينها «حزب حياة حرة» (بيجاك) الكردي، و«الحزب الديمقراطي الكردستاني».

كما تجهض إيران بذلك الخطوة التركية الساعية إلى الإبقاء على حزام سني في الشمال العراقي قد يقوي نفوذ أنقرة في المنطقة.

التعزيزات العسكرية التركية قرب الحدود العراقية لم تصمت عنها حكومة بغداد.

إذ قال رئيس الوزراء العراقي، «حيدر العبادي»، إنّ بلاده لا ترغب في خوض حرب ضدّ تركيا، ولكنها مستعدة لهذا الاحتمال في أي وقت كان، معتبراً أن «أي اعتداء من الجانب التركي على الأراضي العراقية، سيكون بمثابة انهيار تركيا، نظراً لقوة الرد التي سنظهرها القوات العراقية».

ورداً على تهديدات «العبادي»، شن وزير الخارجية التركي «مولود جاويش أوغلو»، الأربعاء، هجوماً عنيفاً على «العبادي»، قائلاً: «لا تقومون بالحرب على الإرهاب في بلدكم، بعد ذلك تحاولون عرض بطولاتكم علينا، نحن نقوم بالعمل من أجل حماية حدودنا ولا نلتفت للكلام الفارغ».

بينما قال نائب رئيس الوزراء التركي، «نعمان قورتولموش»، الأربعاء: «ننصح العبادي برؤية الصورة والمؤامرة الكبيرة، التي تهدف لصراع بين القوات السنية والشيعية في المنطقة وحرب القوى العرقية فيما بينها».

وأضاف أن أطرافا (لم يحددها)، تريد إشعال نار فتنة عرقية ومذهبية، في إيران والعراق وسوريا ولبنان والأردن، وكذلك في تركيا إن استطاعوا القيام بذلك.

وبينما يتعالى ضجيج المعركة التركية الإيرانية في العراق، تبقى القيادة الإيرانية صامته، ولا تبدي أي تعلق عما يدور هنا، وهي سياسه إيرانية تكاد تتبعها في مختلف الملفات في المنطقة؛ حيث من يرد ويتحرك بالنيابة عنها عنها هم الوكلاء فقط.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تركيا إيران العراق العبادي أردوغان جاويش أوغلو قورتولموش