«كارنيجي»: هشاشة النظام المصري تجرفه نحو روسيا مع تراجع الدعم السعودي

السبت 5 نوفمبر 2016 07:11 ص

أوضح معهد «كارنيجي» للسلام الدولي أن تدهور العلاقات بين السعودية ومصر مؤخرا، يرجع إلى عجز مصر عن تأدية دورها كضامنة لأمن الخليج في مواجهة الهيمنة الإيرانية المتنامية، ورغبتها في بناء تحالفات دولية أخرى أقل تطلبا لاسيما مع روسيا التي تتعارض أجندتها الإقليمية مع الأجندة السعودية.

وبحسب المحلل السياسي «ماجد مندور» فإن التحول المصري نحو روسيا تجلى في خلاف علني بين مصر والسعودية على خلفية تصويت في «مجلس الأمن الدولي» في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث صوت الوفد المصري لصالح قرار روسي لوقف إطلاق النار في حلب من شأنه أن يتيح لروسيا الاستمرار في شن هجمات جوية، في خطوة أثارت انتقادات علنية من الوفد السعودي.

وأوضح «مندور» أن مؤشرات التوتر المتزايد في العلاقات السعودية المصرية بدت جلية حتى قبل التصويت في «الأمم المتحدة»، ما يوحي بوجود تصدع أعمق في الروابط بين البلدين، لافتا إلى تداعيات القرار الذي اتخذ في أبريل/نيسان الماضي بتسليم جزيرتي تيران وصنافير المصريتين إلى السعودية.

وأشار المحلل إلى قيام شركة النفط الوطنية السعودية أولا بتأخير شحنات الوقود التي كان من المقرر إرسالها إلى مصر خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ثم تعليقها، فيما لم تقدم أية أسباب لتبرير هذا التصرف.

في المقابل، أطلقت وسائل الإعلام المصرية الموالية للنظام حملة ضد المملكة، متكئة على الخطاب القومي عن السيادة والاستقلال، ووصل بها الأمر إلى اتهام السعودية بدعم الإرهاب، فيما شنت وسائل الإعلام السعودية هجمات على مصر، في واحد من المظاهر العلنية النادرة للنزاع.

وقال «مندور» إن السبب وراء الهوة التي تتسع بصورة مطردة يعود ربما إلى عجز مصر عن الوفاء بالوعود التي قطعتها بالتصرف كقوة عسكرية دفاعا عن أمن الخليج في مواجهة التوغل الإيراني المتزايد في اليمن وسوريا، عندما قطع «عبدالفتاح السيسي» هذا التعهد بنفسه خلال حملته الرئاسية في العام 2014، وصرح بأن التدخل العسكري المصري لحماية دول الخليج هو جزء من عقيدة الجيش المصري، مجددا في اجتماع مع وفد كويتي العام الجاري، التزام بلاده بالحفاظ على أمن دول الخليج، غير أن الدافع وراء هذه الخطوة لم يكن رغبة النظام في توسيع نفوذه خارج حدوده، بل وكما ظهر جليا في تسجيل صوتي مسرب لاجتماع بين «السيسي» وقادة عسكريين آخرين، كان الدافع الحاجة إلى استمرار تدفق المساعدات من الخليج، ولاسيما من السعودية.

وأشار المحلل إلى أن مصر فشلت في الوفاء بالتزاماتها، موضحا أن الموقف المصري في الملف السوري أكثر اصطفافا إلى جانب موسكو وطهران منه إلى جانب الرياض، حيث أعلنت السعودية في فبراير/شباط الماضي، أنها جاهزة لإرسال قوات برية إلى سوريا في إطار «التحالف الدولي» لمحاربة تنظيم «الدولة الإسلامية»، بعدما حققت القوات الموالية لـ«الأسد» عددا من المكاسب بدعم من الهجمات الجوية الروسية التي بدأت في سبتمبر/أيلول 2015، فردت مصر بأن الاستعداد لإرسال قوات برية إلى سوريا هي قرار سيادي سعودي، ولا تنطبق على «التحالف العسكري الإسلامي لمحاربة الإرهاب» الذي أنشأته السعودية ويضم في صفوفه مصر و37 بلدا آخر، من دون أن يشمل إيران والعراق وسوريا.

ولفت أن مصر تسعى من خلال دعمها السياسة الروسية الموالية لـ«لأسد» في سوريا، إلى توطيد أواصر العلاقات مع موسكو.

وقال «مندور» إن الموقف المصري أكثر التباسا في حالة اليمن حيث يخوض «التحالف العربي» حملة مطولة بقيادة السعودية، لكن المحصلة النهائية هي نفسها، وتتمثل في المشاركة الرمزية في الحرب، موضحا أن مشاركة الجيش المصري في اليمن ترتدي طابعا رمزيا في شكل أساسي، ولم تستوف النوعية أو الكمية التي تتوقعها دول الخليج.

وذكر أن مصر تسعى إلى أن تكسب روسيا كحليف اقتصادي، حيث تعاونت معها في مجال الطاقة النووية، ووافقت في هذا الإطار على الحصول على قرض روسي قدره 25 مليار دولار في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2015 لبناء مصنع للطاقة النووية، وفي 15 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعدما خرجت التشنجات مع السعودية إلى العلن، وافقت مصر وروسيا على تنظيم تدريبات عسكرية مشتركة، ما أدى إلى تفاقم التنافر بين الوعود والممارسات المصرية تجاه دول الخليج

واختتم «مندور» مقاله بأن السبب وراء التدهور العلني في العلاقات بين الحليفين يعود إلى الديناميات الطويلة الأمد المرتبطة بعجز مصر عن التصرف كضامنة لأمن الخليج، وهكذا على ضوء العجز المصري عن تلبية هذه المقتضيات، تصوب القاهرة أنظارها نحو حلفاء أقل تطلبا، على رأسهم روسيا، لافتا إلى أنه مع تعاظم هشاشة النظام المصري، أصبح الاحتمال أكبر بأن ينجرف بصورة متزايدة نحو الدوران في الفلك الروسي والبحث عن حلفاء موثوقين مماثلين ميزتهم الإضافية بالنسبة إليه أنهم يدعمون قمعه للمعارضين في الداخل.

  كلمات مفتاحية

السعودية دول الخليج مصر سوريا اليمن روسيا عبدالفتاح السيسي العلاقات السعودية المصرية العلاقات المصرية الروسية