الإعلام الأمريكي في مراجعة ذاتية بعد صدمة فوز «ترامب»

الخميس 10 نوفمبر 2016 08:11 ص

بدأ الإعلام الأمريكي الذي تهجم عليه «دونالد ترامب» طوال أشهر يحاسب نفسه على طريقة تعامله مع انتخابات عام 2016 الرئاسية، وكيف أخفق في عدم توقعه اتجاه المرشح الجمهوري نحو الفوز.

فهل ساهمت الدعاية المجانية التي قدمها إعلام منبهر لـ«ترامب» في بدايات الحملة في إعطائه الزخم لاحقا؟ وهل أدت مشادات «ترامب» مع مؤسسات إعلامية إلى ارتفاع شعبيته لدى جمهور لا يثق بالإعلام؟

واعتبرت الكاتبة حول قضايا الإعلام في صحيفة واشنطن بوست، «مارغريت ساليفان» حملة عام 2016 فشلا ذريعا للإعلام الإخباري.

وكتبت «ساليفان» «أقولها بصراحة، وسائل الإعلام أخطأت في الخبر».

وأوضحت «ففي النهاية اتضح أن عددا ضخما من الناخبين الأمريكيين يريد أمرا مغايرا. ورغم أن هؤلاء الناخبين عبروا عن ذلك بالصراخ والهتاف، لم يكن الصحفيون يصغون بغالبيتهم.

من جهته، قال الكاتب حول قضايا الإعلام في نيويورك تايمز «جيم روتنبرغ» إن غالبية المؤسسات الإخبارية أساءت تفسير النبض المعقد للبلاد.

وتابع أن إخفاق مساء الثلاثاء يتجاوز بكثير الخلل في الاستطلاعات، موضحا أنه كان فشلا في رصد فورة غضب لدى قسم كبير من الناخبين الأمريكيين الذين شعروا بأنهم تعرضوا للإهمال في تعاف انتقائي وللخيانة في اتفاقيات تجارية يعتبرونها تهديدا لوظائفهم وقلة احترام من طبقة سياسية تقليدية في واشنطن وعالم الأعمال والإعلام عامة.

ولطالما بدت العلاقة معقدة بين «ترامب» والإعلام منذ إطلاق حملته الطموحة للرئاسة.

وأضافت «ساليفان» أن «ترامب» تلقى دعما عبر حجم هائل من التغطيات المبكرة في الأشهر السابقة للانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري مع بث القنوات الإخبارية كافة تحركاته بشكل متواصل.

حول نفسه مركزا للاهتمام

وأشارت دراسة قادها أستاذ وسائل التواصل في جامعة ويسكونسن كريس ويلز إلى براعة «ترامب» في البقاء مركزا للاهتمام عبر دفق ثابت من التعليقات الاستفزازية والخارجة عن المألوف، الأمر الذي ثابرت عليه وسائل الإعلام في سباقها على عدد المشاهدين.

وكتب «ويلز» وزملاؤه «أثبت ترامب قدرة فريدة على تلبية الحاجة إلى الهيمنة على الأجندة الإعلامية، بالدخول إلى دورة الأخبار …وإعادة دخولها تكرارا عبر أخبار ومبادرات بحيث كانت التغطية الناجمة عن ذلك وقا لشروطه».

وقال «ويلز» «باكرا في الحملة وفرت الصحافة له تغطية واسعة ولم تأخذه بشكل جدي في الوقت ذاته».

كما أشارت تقارير إلى شبكات إخبارية على غرار (سي ان ان) و(فوكس نيوز) و(ام اس ان بي سي) كانت في أزمة في السنوات الاخيرة، جددت ثرواتها أثناء الحملة، إلى حد كبير بفضل ترامب.

فالمؤسسات الإعلامية أدركت رغم نفورها من المرشح الفظ أنها تستطيع حصاد مردود القراءة الكثيفة لاخبار ترامب على الانترنت.

ورأى أستاذ الصحافة في جامعة نورثيسترن دان كينيدي أن «ترامب فهم مناخ الإعلام المعاصر أكثر من أي شخصية عامة أخرى وتمكن من استغلاله بحيث جعل نفسه النجم».

وأضاف أن «الأخبار كانت دائما حول شخصه».

رواية مضادة 

وأشار «كينيدي» إلى أن انتقاد الإعلام على إساءة تحليل الكتلة الناخبة ليس منصفا.

وقال إن «الإعلام أجاد إيصال حجم عيوب شخص ترامب».

فمع ازدياد التغطية الإعلامية شراسة، استجوب «ترامب» بشأن معاملاته المالية ومعلومات حول تجاوزات جنسية، لكنه رد بقسوة على ما اعتبره أكاذيب إعلام فاسد.

في المرحلة الأخيرة من الحملة بدا الجزء الأكبر من تغطية كبرى المؤسسات الإعلامية ناقدا للمرشح الجمهوري إلى حد أن بعض وسائل الإعلام الأمريكية اتهمه بالكذب على صفحات الأخبار.

حتى آنذاك نجح «ترامب في نشر رواية مضادة على وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع الإعلام البديل لتهدئة انصاره واثارة حماستهم.

وتزامن موقفه مع تراجع ثقة الأمريكيين بالإعلام إلى أدنى مستوياته. فقد كشف استطلاع لمؤسسة غالوب في العام الجاري عن ثقة 32% فحسب في قدرة الإعلام على نقل الأخبار بشكل كامل ودقيق ومنصف.

ورأى «ويلز» أن انتقادات الإعلام لم تؤثر على ترامب إطلاقا لأن هذه الوسيلة افتقرت إلى أدنى درجات المصداقية في أوساط قاعدته الأساسية.

كما كتب مسؤول شؤون الاعلام لدى موقع ان بي آر ديفيد فوكنفليك على «تويتر» أن الرئيس المنتخب يدخل البيت الأبيض بعداء جلي للصحافة رغم اعتماده على التغطية الإعلامية.

وعن العلاقة بين «ترامب» والإعلام الآن، قال «كينيدي «لا أظن أن التعافي سيحصل لان ترامب هو ترامب»، مضيفا “ليس هناك أي دليل على أنه سيغير سلوكه».

يشار إلى أن «ترامب» عرف بتصريحاته المثيرة للجدل، والتي لاقت انتقادات واسعة على المستويين الداخلي والخارجي، ومن بينها دعوته دول الخليج إلى دفع أموال لأمريكا مقابل قيامها بحمايتهم، بالإضافة إلى رفضه استقبال أي لاجئين في بلاده، وغيرها الكثير.

ولم تخف كبرى الصحف الأمريكية، مفاجأتها وصدمتها في آن واحد من الفوز الساحق الذي أحرزه الملياردير، الجمهوري، بالرئاسة عقب معركة انتخابية شرسة خاضها ضد وزيرة الخارجية السابقة، مرشحة الحزب الديمقراطي، «هيلاري كلينتون».

  كلمات مفتاحية

أمريكا ترامب الإعلام الأمريكي

7 سياسات لـ«ترامب» قد تغير وجه أمريكا تماما

«لوبان»: انتخاب «ترامب» يبرز عالم جديد ويعزز فرصتي لرئاسة فرنسا