«الأخبار» اللبنانية: بوادر انقلاب سعودي على الإمارات في جنوب اليمن

الأربعاء 16 نوفمبر 2016 05:11 ص

كشفت صحيفة لبنانية عن ظهور بدوار انقلاب سعودي على الإمارات في الساحة الجنوبية باليمن، حيث يتنازع الحليفان منذ سيطرة قوات «التحالف العربي» على الجنوب، موضحة أن الرياض استطاعت حتى الآن التقدم فيها وإقصاء أبوظبي.

وقالت صحيفة «الأخبار» اللبنانية إن سياسة الإمارات وإعلامها يعكسان وجه الصراع المستمر في جنوبي اليمن على السيطرة وبسط النفوذ بين دول «التحالف العربي» الرئيسية وهي الإمارات والسعودية، حيث تسعى كل من الدولتين عبر أدواتهما اليمنية إلى الاستئثار والتفرد، ومحاولات الإقصاء التام للطرف الآخر.

وبحسب الصحيفة، فإن الدور الإماراتي في الجنوب اليمني يتعرض إلى اختبارات قاسية، تصارع فيه أبوظبي من أجل البقاء وتثبيت ما تبقى لها من دور في عدن، إلا أن مسارعتها للموافقة على خارطة المبعوث الدولي «إسماعيل ولد الشيخ» لوقف الحرب من دون الوقوف عند رأي السعودية، وعدم مراعاة أهدافها، ناتجة عن محاولة الرياض إقصاءها وحصر نفوذها بالإطار العام، من دون أن يكون لها أية ممارسة فعلية في إدارة المحافظات الجنوبية.

وأوضحت الصحيفة أن السعودية لا تزال تحتضن حزب «الإصلاح» (الذراع السياسي للإخوان) عدو الإمارات التاريخي، وتدعمه ماليا، وتوفر له تسهيلات ميدانية، وتمكنه من بسط النفوذ والسيطرة في الجنوب، كما أنها تؤمن لقادته ملاذا آمنا على أراضيها، ومنطلقا لممارسة نشاطهم في اليمن عموما والجنوب خصوصا، بالإضافة إلى ضغوطها لإشراكه في «رأس الشرعية» عبر تنصيب «علي محسن الأحمر» نائبا للرئيس، بعد إقالة نائب الرئيس «خالد بحاح» المحسوب على الإمارات، وتعيين أعضاء الحزب في الحكومة، ولا سيما الوزارات السيادية وأبرزها وزارة الداخلية التي يرأسها «حسين عرب».

وذكرت الصحيفة أن السلطة التنفيذية يدريها حاليا في الجنوب الثنائي المتحالف المحسوب على الرئيس «عبدربه منصور هادي»، وهم مجموعة منشقين عن حزب «المؤتمر الشعبي العام» وفي مقدمتهم رئيس الوزراء «أحمد بن دغر»، و«إبن هادي جلال»، موضحة أن من جهة حزب «الإصلاح»، يدير وزير الداخلية «أحمد عرب» فعليا بنفسه دفة «التحالف» من قصر المعاشيق في عدن، حيث يمتلك هذا التحالف القوة والمال والنفوذ، وخبرة واسعة في السلطة والتغلغل في الدوائر الرسمية والاستقطاب والنفس الطويل، وقد جرى اكتسابها من الحكم بالشراكة لعشرات السنين.

وأشارت الصحيفة المقربة من «حزب الله» إلى أن السعودية استفادت من حضور حزب «الإصلاح» المنظم أثناء الحرب بعدما كان مصنفا إرهابيا قبلها، مبينة أن هذه الاستفادة جاءت على خلفية ضيق الخيارات أمامها، واضطرارها إلى العمل مع جهة محلية وازنة.

وذكرت الصحيفة أن ساحة الجنوب اليمني شهدت في الآونة الأخيرة، توترا سياسيا بين طرفي النزاع المحسوب على الإمارات ممثلة في محافظ عدن «عيدورس الزبيدي»، من جهة، وتحالف «هادي» وحزب «الإصلاح» من جهة السعودية، على خلفية السيطرة على السلطة، إذ يسعى هذا التحالف لفرض نفوذه، مستفيدا من الحضور القوي والعميق لأدواته في مؤسسات الدولة، لافتة أن  الهدف الرئيس أمام هذا التحالف هو إقصاء الطرف الآخر الذي يسعى بدوره للهدف نفسه، وإن كانت علامات الضعف والتراجع تبدو واضحة عليه.

وفي هذا الإطار، رصدت الصحيفة عددا من النقاط أبرزها النجاح في إجبار محافظ عدن على إقالة مستشاره الخاص وأحد أبرز المقربين منه «أبو علي الحضرمي»، القريب من الإمارات بعد تعرضه لحملة إعلامية شرسة من قبل تحالف «هادي الإصلاح»، بذريعة أنه «مقرب سابق من إيران»، ولم يكتف التحالف المذكور بذلك بل أجبر المستشار المقال على مغادرة الجنوب فلجأ إلى الإمارات.

وتضمنت النقاط التي رصدتها الصحيفة إحراج المسؤولين الحكوميين الذين كانوا في الحراك الجنوبي سابقا، والمحسوبين على الإمارات حاليا، من خلال عدد من الأنشطة الرسمية التي أقامها هذا التحالف، تأييدا لمخرجات الحوار الوطني الذي انبثقت عنه الأقاليم الستة لليمن، ومنها تقسيم الجنوب إلى إقليمين، الأمر الذي يخالف رأي القاعدة الشعبية في الجنوب، واضطر هؤلاء المسؤولون، تحت ذريعة غياب القضية الجنوبية عن خارطة «ولد الشيخ»، للحضور بصفتهم يمثلون مواقع رسمية على خلاف تاريخهم وأهدافهم.

وتضمنت النقاط أيضا، عرقلة الأعمال الإدارية في عدن والمحافظات القريبة، وإيقاف تسيير شؤون الناس اليومية، وإبعاد الموظفين المحسوبين على «عيدروس الزبيدي» واستبدالهم بآخرين قريبين من تحالف «هادي الإصلاح».

كما شملت تصوير الصراع على أنه صراع مناطقي من خلال التلاعب بالتمايزات بين المحافظات، ولا سيما أن هذه التمايزات كانت أحد جوانب الإمساك بالسلطة سابقا من قبل صنعاء وقبلها عدن، بالإضافة إلى تجميع فصائل مناهضة للإمارات.

وكانت خامس نقاط الرصد للصحيفة هي «إقالة عبدالسلام الحميد» من رئاسة الشركة الوطنية للنفط التابعة للدولة واستبداله بـ«ناصر مانع حدور»، وهو سلفي سابق وإخواني حالي، وموظف عادي يعمل في شركة النفط بصفة أمين مخزن، ولما امتنع محافظ عدن عن تنفيذ الأمر جرى افتعال أزمة المشتقات النفطية التي يقف وراءها وزير الداخلية «حسين عرب» عبر الشركة الوحيدة المحتكرة لاستيراد النفط «عرب غولف» المملوكة من «صالح العيسي» المحسوب على «الإصلاح»، وهو ما تسبب بتوقف المشتقات النفطية عن محطات التوزيع ووقف ضخ البترول والديزل إلى محطات الكهرباء، ما أدى إلى انقطاع شبه تام عن كامل محافظة عدن والمحافظات القريبة.

وقالت الصحيفة إن تحالف «هادي الإصلاح» صم آذانه عن وجع الناس وحاجاتهم، إثر تفاقم أزمة البترول والديزل، حيث عطلت البلد وشلت سبل الحياة فيه، فسارعت قوى وفعاليات المجتمع المدني بالتهديد بالعصيان المدني، ولم تجد الأزمة طريقا للحل، إلا بخضوع «الزبيدي» عبر تنصيب المدير المفروض من قبل الرئيس «هادي»، «ناصر مانع»، لافتة أنه بدأ وعلى الفور الانفراج بتوزيع المشتقات على المحطات وعودة الأمور إلى طبيعتها وبإعلان المدير الجديد في تصريح صحفي عن وعد بالانتهاء من مشكلة الوقود خلال ساعات وإيجاد حل نهائي للمشكلة.

وأوضحت «الأخبار» أن النفوذ الإماراتي بات ينحصر بعدد من المحافظين، أبرزهم محافظ عدن وبعض الموظفين والضباط، فيما يعمل «تحالف الضرورة» على استيعابهم وإقصاء الممتنعين، مشيرة إلى أن  أبوظبي تحاول التعويض عن خسارتها في عدن عبر التوجه إلى حضرموت وتركيز الجهد فيها، للحفاظ على ما تبقى من مكتسبات، وهي تتواصل مع الشخصيات والفعاليات في المكلا وتعمل على تقديم الخدمات وإرضاء الناس فيها ما أمكنها، لكنها في المقابل أيضا تواجه غريمها التقليدي حزب «الإصلاح» الذي احتفظ بدوره أثناء احتلال «القاعدة» للمكلا، واستمر بأداء الدور نفسه أثناء سيطرة الإمارات عليها، وهو يحضر إلى مؤتمر حضرمي جامع يسعى ليكون بوجه أبوظبي، إضافة إلى أن حسابها مع «القاعدة» لا يزال مفتوحا.

وأشارت الصحيفة إلى أن دولة الإمارات قد بنت تشكيلين عسكريين منفصلين، واحد في حضرموت تحت مسمى «النخبة الحضرمية»، والثاني في عدن والمحافظات الغربية تحت مسمى «الحزام الأمني»، يعمل تحالف «هادي الإصلاح» على الحد من دورهما عبر إشغالهما بـ«القاعدة» في كل من حضرموت ويافع بمحافظة لحج.

المصدر | الخليج الجديد + الأخبار

  كلمات مفتاحية

السعودية الإمارات اليمن الجنوب عبدربه منصور هادي حزب الإصلاح حزب المؤتمر الشعبي العام