سيكولوجية وسائل التواصل الاجتماعي: هل يصيبنا فيسبوك بالاكتئاب؟

الخميس 17 نوفمبر 2016 11:11 ص

منذ إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016، استمعت للعديد من أصدقائي وزملائي يذكرون أنهم قرروا الابتعاد عن موقع أو أكثر من مواقع التواصل الاجتماعي بسبب غضبهم الشديد الناتج عن تصريحات ومشاركات مؤيدي «ترامب» في تلك المواقع. بالمثل، بالنسبة لي، ما كان قد بدأ كفترة راحة لمدة شهر واحد بعيدا عن موقع فيسبوك تحول إلى تعطيل دائم لحسابي عندما بدأت أدرك كم أصبحت أكثر سلاما وراحة، وأنا غير متصل بتلك الشبكات.

هذا جعلني اتساءل، هل من الممكن أن تكون حضارتنا المتمثلة في الاتصال الرقمي المستمر هي سبب مرضنا جميعا؟ مصطلحات مثل «اكتئاب فيسبوك» ظهرت في التيار الدارج للمصطلحات المستخدمة حاليا. أيضا الاعتراف بأن الضغط الدائم للبقاء على اتصال بالعالم الرقمي قد يكون له تبعاته على كل المستخدمين. في مقالة تم تداولها بكثرة في «نيويوك تايمز»، بعنوان «لقد كنت إنسانا يوما ما» يصف «أندرو سوليفان» ببلاغة كيف أن الحياة بشكل دائم الاتصال بالشبكات المفتوحة كان له تبعات مهولة على جودة الحياة والوعي والسلامة العقلية.

عن طريق الروايات المتناقلة، سمعنا جميعا حكايات عديدة عن إدمان مواقع التواصل الاجتماعي، الاكتئاب، التنمر والاضطهاد باستخدام الانترنت، ومخاطر أخرى عديدة للحياة متصلين بالانترنت بشكل مستمر. ولكن ماذا يكشف لنا الأدب التجريبي عن سيكولوجية التواجد في وسائل التواصل الاجتماعي؟ عندما تمت دراسة الأمر بشكل منهجي وكمي، ما تأثير حياتنا الرقمية الدائمة التضخم على شخصياتنا وسلامتنا العقلية والنفسية؟

في الواقع فإن الإجابة المباشرة على هذا السؤال هي أن الأمر متوقف على عدة متغيرات. الدراسات التي تتناول المسألة حتى تاريخنا هذا مختلطة جدا فيما يخص المخاطر المحتملة في مقابل المكاسب الناتجة عن البقاء على اتصال بوسائل التواصل الاجتماعي. دعونا نبدأ بما وجد الباحثون إجماعا بخصوصه بشكل عام: تم رصد أن أغلب المستخدمين يزورون مواقع التواصل الاجتماعي للتواصل مع الآخرين لاستحضار الشعور بالانتماء. ومن الموثق بشكل واضح أن واحدا من أكثر الردود شيوعا بين المستخدمين أنهم يستخدمون فيسبوك لمقارنة نفسهم بالآخرين اجتماعيا. المقارنة الاجتماعية بإمكانها أن تكون إيجابية أو سلبية بالنسبة لسلامتنا العاطفية طبقا لموقعنا من تلك المقارنات.

بشكل متوقع، فإن الانخراط في مقارنة تحط من رؤيتنا لأنفسنا دائما ما ترتبط بنتائج سلبية كقلة الثقة بالنفس وتقدير الذات، احتمالية الاكتئاب وأعراض التوتر والقلق المرضي. في الواقع, أظهرت أبحاث سابقة بالفعل أن الأفراد يميلون لتصديق أن مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الآخرين يعيشون حياة أفضل منهم. وعلاوة على ذلك، فإن الأبحاث تطرح أنه بشكل عام، فإن مستخدمي فيسبوك من المرجح أن يضعوا أنفسهم في هذا النوع من المقارنات بدلا من مقارنات تكون لهم بها اليد العليا.

ولكن قبل أن ندين وسائل التواصل الاجتماعي بشكل قطعي، هناك أيضا أبحاث عديدة أشارت إلى مميزات التواصل الاجتماعي، مثل الحصول على شعور أفضل بالنفس عبر صفحاتنا الشخصية، الحصول على الدعم الاجتماعي عن طريق شبكاتنا، وتحسين أو دعم شعورنا بذواتنا.

بالعودة إلى الانتخابات، أصبح أيضا من المؤكد لنا جميعا، أن استخدامنا لوسائل التواصل الاجتماعي وقدرتنا للتواجد على الإنترنت يعد طريقة لفرز المعلومات وتدعيم آرائنا الخاصة في الأمور، وهينتيجة متعارف عليها أصبحت تعرف باسم غرف الصدى. الداعمون لـ«ترامب» لم يكونوا متفاجئين بفوزه مثل مفاجأة داعمي «هيلاري» بخسارتها لأنهم قد قاموا بفرز وتصفية المعلومات السياسية التي تصلهم عبر عدسة مكبرة لاحتمالات فوزه. بالمثل، حطمت خسارة «هيلاري كلينتون» داعميها بشكل قاس في مرحلة ما بعد الانتخابات، لأن قنوات التواصل الاجتماعي ومصادر الآراء والمعلومات التي توجهوا إليها قد صدرت بشكل مؤكد أن النصر من نصيب الحزب الديمقراطي.

الأبحاث مختلطة جدا، ومن المحتمل أن تكون معاكسة لذاتها أيضا لأنه من المؤكد أن كل مستخدم لوسائل التواصل الاجتماعي يوظف ذلك الاستخدام بشكل مختلف. يميل بعض المستخدمين للمقارنة الاجتماعية أكثر من غيرهم، وهناك آخرون يمرون عبر الأخبار في صفحاتهم بشكل سلبي أو مغيب، في حين أن البعض أكثرا نشاطا ومشاركة فيما يخص استخدامهم لتلك المواقع. كل تلك العوامل من شأنها أن تؤكد أن طريقة استهلاك وسائل التواصل الاجتماعي تؤثر بشكل كبير على مستخدميها.

يقترح بعض الباحثين أن التكنولوجيا تضخم صورة ما أنت عليه بالفعل كشخص، في حين أن آخرون يقترحون أن إتاحة مواقع التواصل الاجتماعي لها القدرة علي تغيير المستخدم وإضافة سمات جديدة لشخصية الفرد. ربما ما يمكن أخذه كخلاصة من كل هذا هو الاستمرار في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بحذر، والأخذ في الاعتبار الاعتدال والتوسط في الاستخدام، وربما أيضا أخذ فترات نقاهة من آن لآخر للبقاء حاضرين في واقعنا الحاضر هنا والآن.

المصدر | سايكولوجي توداي

  كلمات مفتاحية

إعلام وسائل التواصل الاجتماعي فيسبوك اكتئاب