سجن برج العرب بمصر.. المعتقلون بين مصاب ومرحل و«لؤاء الثورة» يتعهد بالانتقام

السبت 19 نوفمبر 2016 01:11 ص

جاء بيان تنظيم «لواء الثورة» المسلح في مصر، الذي تعهد بالانتقام لما وقع ضد المعتقلين في سجن برج العرب بالإسكندرية (شمالي البلاد)، ليعيد إلى الأذهان ما حدث ضد المحبوسين الأسبوع الماضي.

وشهد الأسبوع الماضي، منعا للزيارات بحق المحبوسين في سجن برج العرب، لمدة 4 أيام، وسط اشتباكات مع ذوي وأهالي المحبوسين في الخارج، واعتداء على المعتقلين في الداخل.

وقال بيان لـتنظيم «لواء الثورة»، اليوم: «لقد تـــــــابعنا عن كـــــــثب خلال الأيام الماضية كافة الجرائم التي ارتكبتها ميليشيات الداخلية ومجرمو سـجــــن برج العـرب ضـد الأسرى وأهليهم، وما أدى إليه من تغريب العشرات وتعذيب وإيذاء غيرهم ووصل الأمر حد الاعتداء على الأهالي المرابطين أمام السجن».

وأضاف التنظيم الذي سبق وأعلن مسؤوليته عن تنفيذ عمليات اغتيال لمسؤولين بارزين في البلاد:  «إننا إذ نشد على أيدي إخواننا الأسرى وذويهم، ونحيى جهادهم ونضالهم، فإننا ننذر إنذارا لن نكرره للمجرم الملعون حسن السوهاجي (مساعد وزير الداخلية رئيس مصلحة السجون) ومن حوله ومن دونه، كفوا أيديكم فورا أو إننا سوف نتدخل بما تعرفون وبما جربه غيركم معنا، وسيأتيكم ردنا حيثما كنتم، لن يخلفكم وعده ولن تخلفوه».

بداية الأزمة

كانت بداية الازمة، مع مطلع الأسبوع الماضي، عندما هدد أحد ضباط السجن (لم يذكر اسمه)، لعنابر الإعدام بتنفيذ الأحكام ومنع الزيارات عنهم، بحسب الأهالي.

في الوقت الذي قام السجن بترحيل عدد كبير من المعتقلين في سجن برج العرب، وأغلبهم من المنتمين لأنصار الرئيس الأسبق «محمد مرسي» والمعتقلين بتهم تتعلق بالتظاهر والاشتراك في تجمهر، إلى سجون أخرى، على رأسهم 100 إلى سجن المنيا (وسط البلاد)، و225 إلى سجن جمصة (دلتا النيل)، على دفعات، بخلاف عدد من الذين تم ترحيلهم إلى سجن وادي النطرون (دلتا النيل).

الاهالي قالوا إن مأمور السجن، أبلغهم أنه من المنتظر أن يتم ترحيل 250 آخرين، ليصل إجمالي من سيتم ترحيلهم إلى 800 من المعتقلين.

جاءت هذه الخطوة بعد احتجاجات شهدها السجن، أدت إلى منع معظم زيارات اﻷهالي المقررة لذويهم.

عمليات نقل المعتقلين، أدت إلى تجمهر ذويهم أمام السجن، للاطمئنان عليهم، إلا أن إدارة السجن، قابلت هذا التجمهر بالاعتداء عليهم في الخارج وعلى المحبوسين في الداخل.

شهادات

وقالت واحدة من الأهالي، رفضت نشر اسمها، لموقع «مدى مصر»، إن زوجها أخبرها أثناء زيارتها له أن اﻷزمة بدأت بعدما هدد أحد ضباط السجن، واسمه «عمرو عمر»، المحكوم عليهم باﻹعدام بأن تنفيذ حكم إعدامهم سيتم في اليوم التالي.

ونقلت الزوجة أن «المحكوم عليهم باﻹعدام طلبوا توفير حمام في زنزانتهم، وهو الطلب الذي قوبل بالرفض».

وأضافت أنه «بعد تهديدات الضابط ردد المعتقلين في مختلف العنابر هتافات منددة بالمعاملة السيئة، وهو ما استدعى اقتحام قوات اﻷمن لهذه العنابر».

وطبقًا لما نقلته عن زوجها، فإن «قوات اﻷمن استخدمت طلقات الخرطوش والغاز المسيل للدموع للسيطرة على المساجين، ومنعت العلاج عن المصابين».

فيما نقلت صحيفة «المصري اليوم»، عن «ج»، فتاة عشرينية، والدها «ي. أ»، محبوس بعنبر المحكوم في سجن برج العرب، قولها إنها زارت والدها، وكانت آثار الاعتداء واضحة عليه، ونقلت عنه: «منذ 4 أيام يتم الاعتداء بشكل يومي على عدد من العنابر بالسجن، بدأت بعنابر 21، 23، 24، ووصلت، الأربعاء، إلى عنبر 1، 2».

وأضافت: «ضربوهم وأخدوا منهم الأدوية، وشفت ناس مصابين بجروح في رأسهم، وواحد محروق في دراعه».

وتابعت «ج»، أن ما نقلته هو ما رأته في الزيارة، التي لم تتعد 5 دقائق، بعد تهديد إدارة السجن لهم، واعتدائها لفظيًا على عدد من المتواجدين أمام بوابة الزيارة.

واستطردت «ج»: «العنابر بتتعاقب، بيضربوا عليهم غاز وخرطوش، وبيضربوا اللي بيرحلوهم، وبياخدوا من كل الناس متعلقاتها، وأخدوا من والدي الدواء وجميع متعلقاته، وضربوا اللي في العنبر»، موضحة أن عدد من الذين سجلوا أسمائهم لرؤية ذويهم المحبوسين لم يستطيعوا رؤيتهم لأن «إدارة السجن منعت عنهم الزيارة».

شهادة «ج» تطابقت معها رواية المحامية «ماهينور المصري»، محامية عدد من المحبوسين بالسجن، أن هناك حالات تعذيب وجرائم عنف داخل سجن برج العرب، بسبب «تعامل إدارة السجن مع عنابر المخصوص أو الإعدام، ما خلق حالة من عدم الرضا بين بقية المحبوسين».

«هند القهوجي»، شقيقة المحبوس «لؤي»، الذي تم ترحيله مع آخرين من سجن برج العرب إلى سجن جمصة، زارت شقيقها، 10 دقائق فقط، على خلاف قواعد السجن، التي تعطي حق الزيارة للسجين ساعة كاملة، موضحة أن التفتيش كان سيئًا للغاية، ورفضت إدارة السجن دخول الطعام إلى المحبوسين، واكتفت بإدخال «البطانية»، وعدد من الملابس الداخلية، واصفة التعامل في السجن بـ«الوحشي»

وقالت «هند»، إنها وآخرين من أهالي المُرحلين إلى سجن جمصة، تم التعامل معهم بطريقة سيئة: «رموا الحاجات بتاعتنا على الأرض، وشتمونا».

ونقلت عن شقيقها ما حدث ليلة ترحيله إلى السجن: «عملولنا تشريفة ضرب وسحل على البطن، وكلبشونا من الخلف، وخلونا نزحف على بطننا في القاعة كلها».

وفقًا لرواية «لؤي» التي نقلتها شقيقته، فإن جميع الذين تم ترحيلهم من سجن برج العرب إلى سجن جمصة، موجودين في مكان واحد، ويتم تكديرهم بشكل يومي، إذ يتم منعهم من النوم منذ السابعة صباحًا حتى السابعة مساءً، كما تم منع دخولهم دورات المياه إلا باستئذان، وهناك حالات اعترضت على الوضع فتم تحويلها إلى التأديب.

فقدان ذاكرة

في الوقت الذي قال والد الطالب «معاذ صالح عبد العزيز»، إن ابنه تعرض للتعذيب الشديد والانتهاكات بسجن برج العرب مع مجموعه من المعتقلين، بواسطة مأمور السجن وعدد من الضباط، ما أدى الى إصابته بصدمة وفقدان بالذاكرة.

وأضاف والد «معاذ» في تصريحات خاص لموقع «رصد»: «معاذ فقد الذاكرة تمامًا، ولم يتعرف علينا في الزيارة بداية الاسبوع الماضي، ولم يتعرف على أخوه المعتقل معاه منذ 3 سنوات»، مؤكدًا أن «معاذ تعرض للتعذيب وتم ضربه في رأسه حتى فقد الذاكره، وحاسس إن كل اللي معاه في الزنزانه أعداءه، وحالته الصحية سيئة جدًا، ولما كلمت الضابط المسؤل لنقل ابني للمستشفى قالي: اتفضل زيارتك خلصت وامشي».

شهادات أخرى، اتفقت أن من سمح لهم بالزيارة خلال الأسبوع الماضي، خرجوا من زيارتهم في حالة انهيار بسبب ملاقاتهم تفتيشًا تعسفيًا، وفشلهم في إيصال المؤن واﻷطعمة التي جلبوها لذويهم.

ومع تجمع أهالي المعتقلين الثلاثة أيام الأخيرة أمام السجن، لمعرفة مصير ذويهم بعد انتشار أنباء عن ترحيل عدد من المعتقلين، هاجمتهم قوات الشرطة بقنابل الغاز والخرطوش.

بلاغات

وإثر ذلك، قدم عدد كبير من الأهالي بلاغات ضد ما يحدث لذويهم في سجن برج العرب، وصل إلى أكثر من 250 أسرة، قدموا بلاغات في نيابة غرب الإسكندرية، وفقًا لما أكده «محمد حافظ» المحامي بمؤسسة «حرية الفكر والتعبير»، ومحامي عدد من أهالي المحبوسين، قائلًا إن «الأهالي اختصموا مأمور سجن برج العرب، وعماد الشاذلي، رئيس مباحث السجن، والضابطين عمرو عمر، وسامح الصيرفي»، مؤكدين في بلاغهم «خشيتهم على أقاربهم من الموت».

وأضاف «حافظ» أن أعضاء النيابة الجزئية الذين انتقلوا إلى السجن للتحقيق لم يدخل أي منهم العنابر الخاصة بالمحبوسين«السياسيين»، لكنهم اكتفوا بالجلوس في غرفة المأمور، على حد قوله، مؤكدًا أنه حتى الآن لم يتم الرد على الأهالي بشأن ما يحدث لذويهم في السجن.

في الوقت الذي نظم الأهالي وقفة احتجاجية أمام محكمة المنشية (وسط الإسكندرية)، تنديدا بمنع الزيارة والانتهاكات التى تمارسها قوات الامن تجاه المعتقلين.

من جانبه، قال المحامى «عبد الله النجار»، مدير «المركز العربي الأفريقي للحريات وحقوق الإنسان»، إن ما يحدث في سجن برج العرب يمثل انتهاكًا صارخًا للدستور الذي نص في مادته 55 على أن «كل من يقبض عليه، أو يحبس، أو تقيد حريته تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته، ولا يجوز تعذيبه، ولا ترهيبه، ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنيًا أو معنويًا، ولا يكون حجزه، أو حبسه إلا فى أماكن مخصصة لذلك لائقة إنسانيًا وصحياً، وتلتزم الدولة بتوفير وسائل الإتاحة للأشخاص ذوي الإعاقة. ومخالفة شىء من ذلك جريمة يعاقب مرتكبها وفقا للقانون».

أما المتحدث الإعلامي باسم الإخوان «محمد منتصر»، فقال في بيان له، أمس الأول: «تكالب كلاب النظام وزبانيته المجرمون كلاب الداخلية علي المعتقلين العزل الأبطال في سجن برج العرب ليكسروا شوكتهم ويأخذوا من عزيمتهم ظانين أن هذه الأشياء التي يفعلها هؤلاء المجرمون ستأخذ من عزيمتنا أو تفت في عضدنا لكن هيهات لهم ذلك».

ووجه رسالة إلى المعتقلين قائلا: «يا رجال برج العرب، وَيَا كل الرجال في سجون الظالمين في هذا الوطن، سامحونا علي تقصيرنا في حقكم.. سامحونا علي تجرء هؤلاء الكلاب عليكم.. لكننا والله بيننا وبينهم ثأراً وقصاصاً لن ينسي وإن طال الزمان.. اثبتوا يا أسيادنا ومثلنا لا يطلب منكم الثبات.. اثبتوا واكسروا شوكتهم بعزيمتكم وإصراركم.. وإن الفرج قريب وإن الله لا يضيع أجر المحسنين».

انتهاكات متكررة

وهذه ليست المرة الأولى، التي يتعرض فيها المعتقلون السياسيون في سحجن برج العرب، لانتهاكات، فقد سبق أن تعرضوا لحملة تعذيب في مارس/ آذار من العام الماضي.

وكشف شقيق أحد المعتقلين وقتها أن «نزلاء السجن يُحتجزون في أماكن ضيقة، وكل بضعة أيام يتعرضون لتفتيش مفاجئ وحرق البطاطين والأغطية وتكسير ممتلكاتهم».

وكان تقرير نشرته «الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان»، عن أوضاع السجون بعنوان «هناك متسع للجميع.. سجون مصر قبل وبعد ثورة يناير» قد رصد 12 انتهاكًا يتعرض لها السجناء والمحبوسين في السجون، حدد مسؤولية النيابة العامة عن إثنين منها ومسؤولية وزارة الداخلية عن تسعة منها، ومسؤولية الجهتين مشتركتين عن واحدة.

وبحسب التقرير تبدأ الانتهاكات بلحظة القبض أو الاحتجاز، وتمتد إلى التحقيق بدون محام، ثم الحبس الاحتياطي المطول بالمخالفة للقانون، والاحتجاز في أماكن غير قانونية، وغير لائقة صحيًا، وإيداع المحبوس احتياطيًا بسجن مخالف، والحرمان من الاتصال التليفوني للسجين، والحبس الانفرادي دون عقوبة، أو لمدد أطول من القانون، والحرمان من تأثيث الزنزانة أو التمييز بين السجناء، والحرمان من الرعاية الصحية، وعدم توقيع عقوبة على الموظف الذي يحتجز شخصًا في مكان غير قانوني، وعدم منح مدة الزيارة القانونية، واحتجاز أطفال مع البالغين.

كما تشكو منظمات حقوقية مصرية ودولية من الإهمال الطبي بحق المعتقلين وارتكاب انتهاكات بحقهم، وتعرض العشرات منهم للوفاة جراء منع الأدوية عنهم، وسوء المعاملة.

وتقول تقارير دولية إن نظام الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» زج بعشرات الآلاف في السجون من أنصار جماعة الإخوان، والرئيس «محمد مرسي» أول رئيس مدني منتخب، والذي أطاح به الجيش في انقلاب عسكري في يوليو/ تموز 2013.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

انتهاكات محبوسين سجن مصر برج العرب منع الزيارة