«الإيكونوميست»: الإصلاحات تهز شعبية «السيسي».. فهل يستطيع تحمل ذلك؟

الأحد 20 نوفمبر 2016 04:11 ص

عندما دعى الرئيس السلطوي في مصر «عبد الفتاح السيسي» للتغيير في سبتمبر/ أيلول، لم يكن يقصد للأسف الإصلاح السياسي. لكنّه بدلًا من ذلك، طلب من مواطنيه «الفكة» من القروش من أجل تمويل مشروعات التنمية. ونظرًا لحجم المشاكل الاقتصادية في مصر، والأوضاع المالية لغالبية الشعب، تم السخرية من الفكرة على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي.

وعلى الرغم من أنّه يقدم نفسه كمنقذ مصر، فشل «السيسي»، الجنرال السابق، في تحقيق أي سيطرة على الاقتصاد المتداعي بسبب مشاكل السياسة والإرهاب منذ ثورة 2011. وقد تآكلت شعبيته بفعل البطالة المرتفعة (أكثر من 12%) والتضخم المتزايد (أعلى من 14%). من الممكن أن تكون الاستطلاعات غامضة وخادعة في مصر، ولكنّ استطلاعًا للرأي أجراه مركز بصيرة، يظهر فقدان شعبية «السيسي» لـ 14 نقطة خلال الشهرين الأخيرين.

ويبدو أنّ الأمر ستزداد تدهورًا. فبعد عامين من حكم «السيسي»، قرر أخيرًا القيام بإصلاحات اقتصادية مؤلمة ولكن ضرورية. فقد فرضت الحكومة في شهر أكتوبر/ تشرين الأول ضريبة القيمة المضافة لرفع العائدات. وفي هذا الشهر، قامت بما هو أكثر من ذلك بالسماح بتعويم الجنيه المصري. وتم الحديث حول تقليص الدعم المكلف. وكل ذلك يأتي في إطار جهود تلبية شروط صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار على ثلاث سنوات. ومع عجز موازنة تخطى 12% هذا العام، فإنّ الحكومة تحتاج للأموال بشدة.

وتسببت خطوة أخرى وهي زيادة أسعار الوقود في حدوث سخط عام. وبينما كانت الحكومة تثبت سعر الجنيه، انخفضت قيمته لأكثر من 50% في السوق السوداء، مما تسبب في زيادة أسعار الكثير من السلع، حيث تستورد مصر غالبية السلع الأساسية. وحدث نقص حاد في بعض السلع التي كانت متوفرة سابقًا مثل لبن الأطفال والسكر، وكانت هذه العوامل من أسباب رفض «السيسي» وفقًا لاستطلاع بصيرة. وكان رجل في الإسكندرية قد قام بإشعال النار في نفسه بعدما صرخ لأنه لا يستطيع تحمل نفقة طعامه.

ومن المرجح أن يزداد الوضع سوءً قبل أن يتحسن. ويعتقد معظم المحللون أنّ تأخير «السيسي» للإصلاحات جعلها مؤلمة أكثر. فرفع الدعم المخطط له عن الوقود والكهرباء سيرفع التضخم بشكل أكبر، وستنهار قيمة مدّخرات المصريين. لذا فالحكومة كانت حذرة. والوقود على سبيل المثال، تشتريه الدولة وتبيعه بأقل من سعر السوق. وبعد خفض قيمة العملة، ارتفعت الأسعار بالعملة المحلية، لذا لم يكن هذا كافيًا لتعويض انخفاض القيمة، وبذلك ارتفعت تكلفة الدعم. ولا يتوقع تقليص الدعم الحقيقي قبل حلول العام القادم.

وتعيد الأزمة للأذهان ذكريات عام 1977، حيث كانت مصر تتفاوض للحصول على قرض من البنك الدولي، والذي طلب خطوات جريئة، مثل تخفيض قيمة الجنيه وتقليص الدعم. وعندما أعلنت الحكومة رفع أسعار كل شيء بداية من الدقيق إلى الأرز، اندلعت أعمال الشغب. ووصف الرئيس المصري حينها، «أنور السادات»، تلك الأعمال بـ «انتفاضة اللصوص». لكنّه تراجع خلال أيام، وألغى قرارات رفع الأسعار، وطلب من الجيش استعادة النظام. ومن جانبه، قام «السيسي» أيضًا برفع سعر السكر، لكنّه رفع أيضًا أسعار باقي السلع الغذائية الأساسية. ويصر صندوق النقد الدولي على أن تستكمل الحكومة كل الإجراءات.

قد يواجه الرئيس اضطرابات. وكانت دعوات قد ظهرت لتظاهرات واسعة ضد القرارات الاقتصادية يوم 11 نوفمبر/ تشرين الثاني، لكن لم تخرج احتجاجات كبيرة أو واسعة، وهذا يرجع إلى أنّ المصريين قد تعبوا من 5 سنوات من التظاهر والاحتجاج منذ ثورة يناير/ كانون الثاني عام 2011. كما أنّ الحكومة قد قامت بحملات استباقية على من أسمتهم مثيري الشغب الذين كانوا يخططون للاحتجاجات ذلك اليوم.

ويكمن التحدي أمام «السيسي» لنجاح الإصلاحات التي يقوم بها فيما إذا كان سيتحمل تراجع شعبيته. إنّه حساس للنقد بشكل ملاحظ، وكان قد أعلن أنّه سيتراجع عن الترشح إذا ما استمرت شعبيته في التراجع. ويقول 60% من المصريين أنّهم لن يعيدوا انتخاب السيسي إذا ما ترشح الآن. انخفض هذا الرقم من 80% في الصيف، وربما يكون مبالغًا فيه حيث أنّه لا يوجد بدائل. ولكن بشرائه الدوائر الأمنية ودوائر الجيش عن طريق زيادات المرتبات السخية، وبوجود جزء كبير من الإعلام خلفه، على الرئيس أن يشعر بالأمان على منصبه وأن يمضي قدمًا في الإصلاحات اللازمة.

  كلمات مفتاحية

السيسي مصر الأزمة الاقتصادية قرض صندوق النقد