دراسة جديدة ترجح أن اختلال «المخيخ» قد يكون هو السبب الرئيسي للتوحد

الثلاثاء 22 نوفمبر 2016 11:11 ص

قامت مجموعة من علماء الأعصاب بعمل دراسة على تماثل الدماغ عند مجموعتين من الفئران، إحداها تحمل جينات التوحد والأخرى سليمة، وتحديد تأثير الإصابة الدماغية على مدى تماثل المخ لديهم. نتائج تلك الدراسة تم تقديمها في وقت سابق هذا الأسبوع في المؤتمر السنوي لعلوم الأعصاب بسان دييغو.

«جايكوب ايليجود» الذي قدم النتائج في المؤتمر وأحد أهم المشاركين بالدراسة، اكتشف أن الفئران المصابة بالتوحد أظهرت مزيدًا من التماثل بين نصفي المخ الأيمن والأيسر، مقارنة بالفئران الغير حاملة للجين. ولكن المثير للدهشة أن نفس الفئران المصابة بالتوحد أظهرت تماثلًا أقل بين نصفي المخيخ الأيمن والأيسر.

قام ايليجود وفريقه بتحديد ثلاثة مناطق في مخيخ الفئران المصابة بالتوحد، ظهر فيها إختلال واضح في الأحجام واختلافات بين النصف الأيمن والأيسر.

عدم التماثل في المخيخ هو اكتشاف ذو أهمية خاصة للباحثين، فقد وجدت مجموعة كبيرة من الدراسات أن حجم المخيخ وتوصيله الوظيفي يرتبط بالخلل الدماغي لدى المصابين بالمرض، كالقدرة على تنظيم العاطفة والانتباه.

في دراسات سابقة، وجد أن الأشخاص الذين يعانون من التوحد يقومون بمعالجة اللغة في النصف الأيمن من القشرة الدماغية، وهو أمر غير طبيعي بالطبع.

نظريًا، فإن هذا التغير الحاصل في مركز معالجة اللغة قد يكون وسيلة لتعويض ما ينتج عن الضرر الهيكلي في المخ الذي يسببه التوحد، أو لتعويض الخلل في التوصيل بين نصفي المخيخ الأيمن والأيسر.

ولكن ماهي وظيفة المخيخ الحقيقية؟

حسنًا إليك بعض الحقائق عن نصفي المخ وكذلك نصفي المخيخ:

في عام 1504 وأثناء تجهيزه لنماذج مخ مصنوعة من الشمع، صاغ ليوناردو دافينشي مصطلح المخيخ لأول مرة بعد ان لاحظ وجود نصفي مخ آخرين صغيرين للغاية مخبئين بدقة تحت نصفي الدماغ.

والمخيخ كما يبدو من الكلمة فهو إشتقاق من المخ، وتصغير له، وهو القسم الكروي الأصغر الذي يقع أسفل نصفي الكرة المخيتين في الدماغ. يقع أسفل النصفين الكرويين في الجهة الخلفية للمخ ويتركب من فصين أيمن وأيسر يصل بينهما فص ثالث، ويحتل المخيخ ما يقارب 10% من حجم الجمجمة ويحتوي على 50% من الخلايا العصبية بالدماغ.

بناءً على هذا التوزيع غير متكافئ للخلايا العصبية، أي أن يحوي 10% من الجمجمة على 50% من الخلايا العصبية بالدماغ، فنحن لا نعرف في الواقع ما هو المخيخ، أو مازلنا عاجزين حتى الآن على فهم وظائفه كلها، فوفقًا لعالم الأعصاب ومؤلف كتاب نسيج العقل «ريتشارد بيرجلاند»: «نحن لا نعرف بالضبط ما يفعله المخيخ، ولكن بالتأكيد هو يفعل الكثير للغاية».

وفي تناسق مدهش، يعمل نصف المخيخ الأيسر جنبًا إلى جنب مع نصف المخ الأيمن، ويقومان معًا بضبط ومراقبة حركة العضلات في الجانب الأيسر من الجسم. وعلى العكس، فإن النص الأيمن من المخيخ يعمل مع النصف الأيسر من المخ لضبط ومراقبة حركة العضلات على الجانب الأيمن من الجسم.

تاريخيًا، اعتقد العلماء أن المخيخ هو المسؤول عن أي شيء غير التفكير، كالتوازن، الحركة بشكل سلس، وتنسيق حركة العضلات. وكانوا يظنون أن وظائفًا مثل مهاراتنا المعرفية، الذكاء الإجتماعي، المنطق، اللغويات والإبداع وكل شيء آخر تندرج تحت وظائف القشرة الدماغية وحدها. ولكن الأمور تغيرت الآن، فالعديد من العلماء الآن يعتقدون أن المخيخ يلعب دورًا محوريًا في العديد من الوظائف المعرفية وقدراتنا الإبداعية، فضلًا عن تنظيم تفاعلاتنا العاطفية مع العالم المحيط بنا ومع أنفسنا حتى.

ويأتي الإكتشاف الأخير ليطرح عددًا من الأسئلة هامة؛ لماذا يزيد التماثل في المخ ويقل في المخيخ عند المصابين بالتوحد؟ وهل يعني ذلك أن الدراسات القادمة التي تحاول أن تجد علاجًا للتوحد يجب عليها أن تصب النظر على المخيخ؟ وما هو دور المخيخ الحقيقي؟

تلك الأسئلة التي من شأنها أن تفتح بابًا جديدًا للنظر إلى المخ الغامض من نافذة جديدة.

المصدر | سايكولوجي توداي

  كلمات مفتاحية

المخ المخيخ التوحد علم الأعصاب