كاتب كردي سوري: علاقة «الكردستاني» بنظام الأسد صارت «جرما مشهودا»

الثلاثاء 22 نوفمبر 2016 07:11 ص

اعتبر الكاتب الكردي السوري، «هوشنك أوسي»، أن هناك شواهد كثيرة على أن علاقة «حزب العمال الكردستاني» بنظام «بشار الأسد» صارت «جرماً مشهوداً» وليس اتهاماً كما يقول البعض.

وفي مقالة نشرتها صحيفة «الحياة» اللندنية بعنوان «حزب العمال الكردستاني وأكراد سورية... والعلويّة السياسيّة»، قال الكاتب: «يرفض الموالون لحزب (العمال الكردستاني)، بخاصّة من الكرد السوريين، الاتهامات الموجّهة إلى حزبهم بأنه حليف النظام الأسدي، وأن إحدى مقوّمات ومرتكزات هذا التحالف هي انزلاقه نحو ما اصطلح عليه بـ(العلويّة السياسيّة) على اعتبار أنه حزب يساري وعلماني وأممي، ولا يكترث بترّهات الطائفيّة وخرافاتها الخرقاء وأن المنظومة الفكريّة التي يطرحها زعيم الحزب ومرشده الروحي عبدالله أوجلان، متجاوزة لهذه الأطر القوميّة والدينيّة والطائفيّة والمناطقيّة الضيّقة، وأن أفكاره ومشاريعه كونيّة».

لكن الكاتب يرى أن «علاقة (الكردستاني) مع نظام الأسد خرجت من إطار التهمة، وصارت في خانة الإدانة والتلبّس بالجرم المشهود، وفق الكثير من الدلائل والمعطيات، على امتداد السنوات الخمس الأخيرة».

وقال في هذا الصدد: «صحيح أن أوجلان انتقل إلى سورية عام 1979، ولاقى ترحيباً من قبل الأحزاب الكردية السوريّة، بخاصة بعد انقلاب 12 (سبتمبر) أيلول عام 1980. لكن (الكردستاني) بدأ تشكيل تنظيماته بين الكرد السوريين عام 1983. ومذّاك وحتى هذه اللحظة، كانت الأولوية في القيادة هي لكرد تركيا».

وأشار إلى أنه أثناء فترة تواجد «أوجلان» في سوريا (1979-1998)، كان مسؤول عن الحزب هناك، ومنذ اعتقاله عام 1999 وحتى 2001، انتشرت حال من الغضب والسخط الشديدين بين قواعد الجماهير الموالية لـ «الكردستاني» في سوريا على الكوادر الكردية التركية، نتيجة حالات الفساد والتسيّب والعنجهية التي مارسوها بحق الكرد السوريين.

وتحت هذا الضغط والسخط، اضطر الحزب، حسب الكاتب، إلى «تكليف الراحل رستم جودي (قتل عام 2011 نتيجة قصف جوي تركي) بقيادة منظمة سورية ولبنان لحزب العمال، لكن النظام السوري رفض بشدّة، وأخبرت المخابرات السورية جميل بايك (المسؤول عن الحزب حاليّاً) وبوطان (نظام الدين تاش، انشق عن الحزب عام 2005)، اللذين كانا موجودين في دمشق عام 2000-2001، أنه يستحيل القبول بأن يتولى كردي سوري قيادة منظمة الحزب في سوريا».

وخلص الكاتب في هذا الصدد، إلى أن كل الذين يتصدرون الحزب اليوم في سوريا هم مجرّد واجهة، وهناك قيادي كردي تركي، هو الذي يصدر الأوامر للقيادات الكرديّة السوريّة التي من المفترض أنها تدير العمليّة العسكريّة والأمنيّة والسياسيّة في سورية، والكل داخل حزب «الاتحاد الديموقراطي» السوري (الذراع السوري لحزب العمال الكردستاني) يعلم ذلك، ولكن لا أحد يجرؤ على قول الحقيقة.

«العلويّة السياسيّة»

في السياق ذاته، رأى «هوشنك أوسي» أن هناك دلائل كثيرة على تهمة انزلاق «حزب العمال الكردستاني» نحو «العلويّة السياسيّة».

واعتبر أنه لا يمكن دراسة احتمال وجود «علويّة سياسيّة» داخل الحزب بمعزل عن «العلويّة السياسيّة» في تركيا في شكل عام.

وقال في هذا السياق إنه «فور انهيار السلطنة العثمانيّة، أكثر من رحّب بالنظام الجمهوري العلماني الأتاتوركي، هم العلويون في تركيا، أتراكاً وأكراداً».

وأضاف: «سرعان ما تمردّ العلويون الكرد على النظام الجمهوري في انتفاضة ديرسيم 1937-1938 بقيادة الزعيم الكردي العلوي سيد رضا، وسحقها أتاتورك وقصف المدينة بالطائرات؛ ما أسفر عن مقتل 14 ألف مواطن، وفق الإحصاءات الرسميّة، ونحو 60 ألفاً وفق الإحصائيات الكرديّة العلويّة، هذه المجزرة اعتذر عنها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان باسم الدولة في 23/11/2011».

لكن الكاتب يضيف أن «هذه المجزرة بحق العلويين، لم تدفعهم للارتداد عن دعم خيار الجمهوريّة والعلمانيّة، كونهم يعلمون أن العودة للسلطنة العثمانيّة (بالنسبة لهم) أسوأ من الارتداد عن الجمهوريّة».

وأشار الكاتب إلى أن «العلويين كانوا من مؤسسي الجمهوريّة ومن ضحاياها، ومن مؤسسي المعارضة اليساريّة للنظام الأتاتوركي أيضاً».

إذ أنه حتى الآن، نجد أن أغلب قيادات حزب «الشعب الجمهوري» والأحزاب اليساريّة القانونيّة والمحظورة والمتطرّفة، هم من العلويين الأكراد والأتراك, وبالتالي، حسب الكاتب، فإن «العلويّة السياسيّة» في تركيا مشبعة ولها تاريخ على مستوى إدارة الدولة، وعلى مستوى الأحزاب السياسيّة المعارضة للدولة، ومؤسسات المجتمع المدني.

أيضا، لفت الكاتب إلى أنه كرديّاً وعلى صعيد الحركات السياسيّة في تركيا، كان هنالك حضور علوي في الصفوف الأماميّة، على سبيل الذكر لا الحصر؛ «كمال بوركاي»، الزعيم السابق للحزب «الاشتراكي الكردستاني».

ومع ذلك، لا يمكن إنكار الحضور العلوي القوي والفاعل والمؤثر في تجربة «العمال الكردستاني»، منذ التأسيس في 27/11/1978 ولغاية اللحظة.

ووفق التاريخ الرسمي للحزب، من خلال أدبياته وأحاديث قادته الحاليين والمنشقين، فإن المؤتمر التأسيسي للحزب حضره بين 23-24 شخصاً، نصفهم تقريباً كانوا أكراداً علويين، كما يقول الكاتب.

واختتم الكاتب مقاله قائلا: «مع ما سلف ذكره، لا يمكن القول إن (العمال الكردستاني) كان حزباً طائفيّاً، في حقبة الثمانينات والتسعينات، كما يحلو للبعض وصفه الآن. ولكن، بعد الانزلاقات والارتدادات نحو الهويّات الفرعيّة والمناطقيّة والطائفيّة التي تشهدها المنطقة برمّتها، وقياساً إلى حضور وتأثير (العلويّة السياسيّة* في تركيا، لا يمكن عزل الكردستاني عن هذه الظاهرة أو تبرئته منها».

وأضاف: «مهما اعتبر الحزب نفسه علمانيّاً، وفي مأمن عمّا يجري حوله من انزلاق نحو مستنقع الطائفيّة، فلا يمكنه إنكار الحضور العلوي في القيادة والجهاز الإداري الأمني والإعلامي والسياسي في كل تنظيمات الحزب، سابقاً وحاليّاً». 

المصدر | الخليج الجديد + صحيفة الحياة

  كلمات مفتاحية

حزب العمال الكردستاني سوريا بشار الأسد تركيا