محكمة عراقية تصدر مذكرتي اعتقال بحق مراسلي «الشرق الأوسط» بسبب تقرير «الحمل غير الشرعي»

الأربعاء 23 نوفمبر 2016 01:11 ص

أصدرت محكمة تحقيق الكرادة في بغداد مذكرتي اعتقال بحق مراسلي صحيفة «الشرق الأوسط» السعودية في بغداد، على خلفية تقرير مغلوط بخصوص الزواج غير الشرعي خلال المراسم الدينية في العراق نشرته الصحيفة ونسبته إلى منظمة الصحة العالمية، بحسب ما أفاد مصدر قضائي وكالة «فرانس برس» الأربعاء.

وأوضح المصدر أن أمري الاعتقال يستندان إلى المادة 372 من قانون العقوبات بشقيه الأول والثاني اللذين ينصان على معاقبة كل «من اعتدى بإحدى طرق العلنية على معتقد احدى الطوائف الدينية أو حقر من شعائرها» وعلى «من تعمد التشويش على إقامة شعائر طائفية دينية أو على حفل أو اجتماع ديني أو تعمد منع أو تعطيل إقامة شيء من ذلك».

وكانت صحيفة «الشرق الأوسط» السعودية نشرت على الصفحة الأولى من عددها الصادر الأحد تقريرا بعنوان «تحذير أممي من حالات الحمل غير الشرعي في كربلاء»، ونسبته إلى متحدث باسم منظمة الصحة العالمية، ما استدعى نفيا قاطعا من الأخيرة التي وصفت الخبر بـ«الكاذب»، وتنديدا من رئاسة الوزراء العراقية.

وفي اليوم التالي، نشرت الصحيفة بيان النفي الكامل لمنظمة الصحة، وأعلنت «إيقاف التعامل مع محرر الصحيفة في بغداد».

وبعيد ذلك، أعلن أحد مراسلي الصحيفة في العراق في رسالة قصيرة نشرها على صفحته الخاصة على «فيسبوك» أنه قدم استقالته. بينما أكد «معد فياض»، وهو صحفي يعمل لصالح الصحيفة في بغداد، براءته من كتابة الخبر.

وأصدر «زياد عجيلي» من «مرصد الحريات الصحفية» بيانا ندد فيه بأمري الاعتقال، معتبرا أنه «تحريض على القتل».

ولم يكن واضحا الأربعاء مكان تواجد الصحفيين المذكورين.

وتزامن نشر الصحيفة للخبر مع إحياء ملايين المسلمين الشيعة في مدينة كربلاء العراقية جنوب بغداد ذكرى أربعينية الإمام الحسين.

وكانت وزارة الخارجية العراقية، قد بدأت خطواتها لمقاضاة صحيفة «الشرق الأوسط»، الصادرة في لندن عن المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق، واصفة إساءة الصحيفة بـ«المحاولة الرخيصة».

ونقلت وكالىة «تسنيم» الإيرانية، عن المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقي «أحمد جمال»، قوله إن سفارة جمهورية العراق في لندن باشرت باتخاذ الإجراءات القانونية والقضائية ضد صحيفة «الشرق الأوسط» منذ الساعات الأولى لنشرها الخبر الكاذب والمنسوب الى منظمة «الصحة العالمية» التي نفته بدورها جملة وتفصيلاً.

وأضاف «جمال»: «وقد شرعت الوزارة بإجراءات إقامة دعوى قضائية لدى المحاكم البريطانية ضد الصحيفة، التي تعمدت هذه الإساءة الواضحة في محاولة رخيصة للتجاوز على مراسم زيارة أربعينية الإمام الحسين (ع) سبط الرسول الأعظم محمد (ص)»، بحسب قوله.

وأكد «جمال» أن «مثل هذه المحاولات الدنيئة لبعض وسائل الاعلام المتبنية لأجندات طائفية، لن تستطيع تشويه الصورة الناصعة للحشود المليونية المتوافدة نحو كربلاء المقدسة، ولن تمر دون ردع».

وكانت منظمة الصحة العالمية، نفت تقريرا صحفيا نسب إليها الحديث عن «زيادة معدلات الحمل غير الشرعي خلال مواسم الأعياد الدينية في العراق»، وهو الخبر الذي اعتبره «حيدر العبادي» رئيس الوزراء العراقي «يشكل إساءة للشعب العراقي».

وفي بيان لها، كذبت منظمة الصحة العالمية، خبرا نشره موقع «أصوات حرة»، ونقلته صحيفة «الشرق الأوسط» السعودية، في عددها الصادر الأحد الماضي، وتسبب في موجة غضب شعبية ورسمية في العراق.

ونسب الخبر للمنظمة الدولية تحذيرها من تزايد «حالات حمل غير شرعي» في مدينة كربلاء العراقية بالتزامن مع إحياء مراسم دينية.

وقالت المنظمة الأممية في بيان نشر على موقعها الرسمي إنها «تنفي بشدة» و«تستنكر استخدام اسمها في خبر عار عن الصحة نشر على موقع «أصوات حرة»، يدعي أن أحد إعلامي المنظمة في جنيف صرح بخصوص الزواج غير الشرعي خلال المراسم الديني»، بحسب «بي بي سي».

وأضاف البيان «وإذ تدين المنظمة بأشد عبارات الإدانة إقحام اسمها في تقرير مفبرك لا يمت لمبادئها بصلة، فإنها تتحرى حالياً عن مصدر الخبر الخاطئ وقد تلجأ إلى مقاضاة ناشريه».

وقد سارعت صحيفة «الشرق الأوسط»، إلى حذف الخبر من موقعها الالكتروني وحذف صورة نسختها الورقية المصورة من الموقع أيضا، ووضع صورة عدد اليوم الفائت بدلها.

كما نشرت لاحقا نص بيان التكذيب الصادر عن المنظمة الأممية، مرفقا بإعلان الاستغناء عن مراسلها في العراق لنشره «معلومات مغلوطة».

وقالت الصحيفة إنها «تنشر هذا النفي لتصحيح المعلومات المغلوطة التي تضمنها، كما تعلن أنه تم ايقاف التعامل مع محرر الصحيفة في بغداد الذي تسبب بنشر التقرير، وتؤكد أنها تلتزم بالمعايير المهنية الأخلاقية والدقة والموضوعية».

ولم تشر الصحيفة في نفيها إلى الموقع الذي تقول منظمة الصحة أنه نسب الخبر الملفق إليها.

وكانت الصحيفة استخدمت التصريح المذكور وضمنته في سياق تحقيق نشرته عن إحياء مراسم «زيارة الأربعين» في مدينة كربلاء المقدسة لدى الشيعة، حيث يتوجه مئات الآلاف من الزوار الشيعة إلى مرقد الإمام الثالث لديهم «الحسين بن علي».

ووضعت الصحيفة التصريح المفبرك «تحذير أممي من حالات الحمل غير الشرعي» في كربلاء عنوانا لتحقيقها الذي يتحدث عما تقول الصحيفة إنها مشاركة «ثلاثة ملايين زائر بينهم مليونا إيراني يرافقهم عناصر الباسيج (الحرس الثوري الإيراني)، في مراسم احياء أربعينية الأمام الحسين في كربلاء غدا».

وقد أثار تحقيق الصحيفة غضبا كبيرا في الشارع العراقي، انعكس في الآلاف المشاركات والتغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي التي اتهمت الصحيفة بإهانة العراقيين والتطاول على شرف العراقيات.

كما نشر العديد من المواقع الاخبارية العراقية تعليقات وكلمات غاضبة ضد تقرير الصحيفة.

ويعتبر الشيعة الإمام «الحسين» «ثالث أئمة أهل البيت»، وفشل الآلاف منهم في الدخول إلى العراق للاحتفال بذكرى مرور 40 يوماً على استشهاده، لعدم حصولهم على تأشيرات رسمية لدخول البلاد.

ويعتبر الشيعة ذكرى أربعينية الحسين، من أهم المناسبات لديهم، وتخرج مواكب رمزية للعزاء في ذلك اليوم، كما يتوافد مئات الآلاف من الشيعة، من جميع العالم، لزيارة مرقد «الحسين»، ويحاول أن يأتي كثيرون منهم مشياً على الأقدام.

وتؤمن قوات الأمن العراقية الطرق المؤدية إلى مدينة كربلاء، بخاصة في المحافظات الجنوبية، وبغداد منعاً لهجمات متوقعة من تنظيم «الدولة الإسلامية».

  كلمات مفتاحية

العراق الشرق الأوسط حمل غير شرعي