رفيقة درب «عبد الله عزام» تتحدث للخليج الجديد في ذكراه الـ27: أسس للجهاد في فلسطين

الخميس 24 نوفمبر 2016 09:11 ص

«إن الأبطال الحقيقيين هم الذين يخطون بدمائهم تاريخ أممهم ويبنون بأجسادهم أمجاد عزتها الشامخة».

إنها إحدى عبارات الشهيد المجاهد د. «عبد الله عزام»، والذي تحل اليوم الخميس ذكرى استشهاده الـ 27، وقد حقق بالفعل مقولته وخط بدمائه هو وولديه تاريخا في الجهاد خاصة في فلسطين يظل يحكى ويدرس لأجيال تلو الأجيال.

ويعد الدكتور «عبد الله يوسف عزام» رائد الجهاد الأفغاني من مواليد قرية جنين بفلسطين 1941م، حصل على شهادة الماجستير في أصول الفقه بتقدير جيد جدا ، ثم الدكتوراة من الأزهر الشريف في العلم ذاته 1973 وبدأ العمل الجهادي مع المجاهدين الأفغان عام 1982 م ، وأسس عام 1984، مكتب الخدمات»، ثم قدم استقالته من الجامعة الإسلامية بإسلام آباد، وتفرغ للعمل الجهادي.

 وفي 24 نوفمبر/تشرين ثان 1989م، وبينما كان الشيخ في طريقه إلى مسجد سبع الليل في مدينة بيشاور الباكستانية لإلقاء خطبة الجمعة، انفجرت سيارته بلغم مدبر، مما أدى إلى استشهاده مع ولديه (محمد وإبراهيم) الذين تناثرت أشلاؤهم في مساحة واسعة حول السيارة التي انشطرت إلى قسمين من قوة الانفجار.

وينفرد الخليج الجديد بحوار خاص مع زوجة «عبدالله عزام»، الحاجة سميرة عواطلة (أم محمد عزام) في ذكرى استشهاد زوجها لتحكي مسيرته ومحطات جهاده في فلسطين والأردن ومصر، والتي سبقت الجهاد الأفغاني الذي اشتهر به، وعن دورها كزوجة وأم في تربية 8 من الأولاد وسط ظروف قاسية من التنقل بين البلاد المختلفة، وغياب الأب المجاهد بين تدريسه بالجامعة ، ومراعاته للشباب المجاهدين والمغتربين، والأرامل واليتامى، وعمله الأساسي في معسكرات التدريب، وعن دور الرئيس المصري الراحل «جمال عبد الناصر» في محاصرة وإنهاء العمل الجهادي في الأردن بعد نكبة 67 ، وغيرها من التفاصيل في حياة محفوفة بالمخاطر والعمل الجهادي ووصولا لتلقيها خبر استشهاد زوجها وولديها.

وفي بداية الحوار، عرفت الزوجة نفسها قائلة اسمي «سميرة عبد الله محيي الدين عواطلة، أعمل في مجال الدعوة ، ومساعدة المجاهدين وأسرهم في فلسطين الآن، ومن قبل ذلك في أفغانستان، وعندي من الأولاد 8 ، اصطفى الله منهم اثنين مع أبيهم (محمد وإبراهيم) وبقي 3 أولاد و3 بنات ، حذيفة (دكتوراة في اللغة العربية ، حمزة  (إدارة أعمال) ، ومصعب (إعلام) ، وفاطمة (دكتوراة في أصول الفقه )، ووفاء دكتوراة في التفسير ، وسمية (تدرس الماجستير الان في التربية في بريطانيا)».

وتابعت «تزوجت من الشيخ في 1965 في فلسطين، وكانت أولى كلماته لي (إذا كانت دعوتي وجهادي يحتاجون للقمة التي في فمك، فسأخرجها من فمك وأقطعها نصفين بينك وبين دعوتي وجهادي)، فأنا لن أوعدك بوعود وردية مثل بعض الرجال لن أوعدك بالقصور ولا السيارات الفارهة ، ولكني أقل لك الحقيقة – وذلك بالرغم من مركزه ووظيفته المرموقة آنذاك – فإن وافقتي على هذه الحياة فنعم، وإن كنت تريدين الحياة ومباهجها فلا أعدك ، فلا أريد الدنيا».

ومضت تقول «ولم ينزل من على لسانه منذ اليوم الأول حتى استشهاده كلمة الجهاد، وكنت في البداية أتعجب أين هو الجهاد ؟  آنذاك».

وتابعت «وبالفعل لم يمض على زواجنا عامين – كنت قد أنجبت فاطمة وحاملا في وفاء – حدثت نكبة 67، فكانت أول هجرة لنا في الأردن حيث لم يتحمل أن يظل في فلسطين وفيها يهودي، وقرر الخروج حتى يستطيع محاربتهم وهو غير مقيد ، ولم تكن فرص العمل متاحة في الأردن للفلسطينيين الإسلاميين فانطلقنا إلى السعودية ومكثنا 9 أشهر ، ثم رجعنا للأردن مرة أخرى، وبدأت تتاح له فرص العمل والتدريس بعد تغيير وزير التعليم الذي فتح المجال لتعيين وتمكين أبناء الحركة الاسلامية في مراكز جيدة».

ألسنا أولى بالجهاد ؟

وروت أحد المواقف مع رفيق دربها، قائلة «جاء الشيخ ذات ليلة في منتهى الأسف والانفعال وأيقظني من النوم، وقال ألقي بسمعك، وإذا بشباب يهتفون ببعض الأهازيج الجهادية مثل (كلاشنكوف يخلي الدم الشلال) وظل يبكي بحرقة قائلا :أليس عيبا أن يبدأ هؤلاء قبل الحركة الإسلامية ؟ ألسنا أولى بالجهاد ؟والله لن أسكت بعد الآن، وبدأ بالفعل طريقه مع الحركة الإسلامية لإقناعهم بضرورة البدء فورا بأي طريقة».

وتابعت «وبعد شهرين من هذه الواقعة، جاء متأخرا وأيقظني وسألني : إذا جاء من أخبرك أن عبد الله ذهب إلى الجهاد ماذا تقولين ؟ ، قلت والله هذا فرض ، ولا أستطيع أن أقف في وجهه ولكن لي شرط : قال ما هو، قلت أن تضمن لي العيش الكريم أنا وأبنائي وألا نكون أذلة ، فقال: لك ذلك وفي هذه اللحظة هزني بشدة بيديه وقال:هذا أسعد أيام حياتي فجزاك الله عني خيرا».

ومضت قائلة «كنت وقتها حاملا في الشهر الثامن ، قلت له ألا تنتظر حتى أنجب؟ ، قال سيكون هناك من يعتني بك لا تخافي، وبالفعل بعد أيام قليلة، حملني عند بيت ابن عمي واستأجر لي بيتا مقابله، وذهب هو لمرحلة التدريب على العمليات ضد العدو الصهيوني في فلسطين، وغاب في المرة الأولى شهرين متواصلين كنت قد أنجبت ولدي محمد، وكان أول مرة يراه وهو عمره شهر».

وأكملت «بدأ العمل بانتظام في معسكرات منفصلة عن منظمة التحرير في قواعد (الشيوخ) للحركة الإسلامية في شمال الأردن، في أواخر عام 68 ، وبدأت في مساعدته أنا ونساء بعض المجاهدين بعمل حلقات في المساجد عن فضل الجهاد وجمع التبرعات لهم، وكانوا يعملون في البداية تحت اسم منظمة التحرير، ولكن لا يأخذوا منهم مخصصات مالية تذكر، وبدأت المنظمة تعاتبهم لماذا لاتقوموا بالعمليات معنا، فقالوا لهم ننسق سويا ،ولكن على شرط تمويل العمليات المشتركة يكون منا ، فوافقوا ووفروا الشباب من لديهم ، وقام مجاهدو الحركة الإسلامية بدور كبير تربوي مع هؤلاء الشباب أثناء العمليات – والذين كان منهم عدد كبير للأسف ينزل العمليات دون أن يكون على طهارة حتى فكانوا على سبيل المثال يرتبوا النزول بالقرب من عين ماء ويقيموا لهم حمامات على الطريق ليغتسلوا ويتوضأوا».

وأضافت في نهاية عام 1970 كان الدور الأكبر لجمال عبد الناصر في القضاء على الحركة وإنهاء عمل قواعد (الشيوخ ) في الأردن».

الجزء الثاني من الحوار يتناول هجرة الشيخ عزام والإسلاميين من الأردن، ثم رحلة جهاده في أفغانستان وكيف ذهب إلى هناك ، ومالذي فعله حتى لقي ربه شهيدا.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

عبدالله عزام فلسطين أفغانستان