تزايد ظاهرة التسول في السعودية ومخاوف من شبكات منظمة وتمويل إرهاب وتجسس

الخميس 24 نوفمبر 2016 11:11 ص

تزايدت ظاهرة التسول في السعودية مع الخوف من استشرائها بين أفراد المجتمع، حيث سببت مشكلات أمنية واجتماعية واقتصادية وصحية، بسبب تزايد المتسللين عبر الحدود، وكذلك المتخلفين عن المغادرة بعد أداء الحج والعمرة، إضافة إلى تعاطف الناس مع هذه الفئة، ما يحيل التسول إلى مرض خطر يضرب جذور المجتمع ويهدد بمحو صورته الحضارية.

وتحرص المملكة على مكافحة هذه الظاهرة برعاية الفقراء ومساعدتهم من طريق البيانات التي تدلل على فقرهم، لكنها لم تستطع حتى الآن القضاء على هذه الظاهرة، نظراً لأنها أصبحت مهنة يحترفها البعض وليست ضرورة لطلب الحاجة والمساعدة، في ظل عمل شبكات منظمة على إدارة وتشغيل المتسولين.

وكانت دراسة بعنوان «ظاهرة التسول وأثرها الاجتماعي والاقتصادي والأمني في السعودية» أعدها باحث علم الاجتماع في جامعة الملك سعود الدكتور مساعد الحديثي، كشفت أن مدينة جدة تضم أكبر شريحة من المتسولين تم القبض عليهم، بنسبة 33%، تليها مدينة مكة المكرمة، بنسبة 25.3%، ثم الرياض 19.4%، والمدينة المنورة 16.5%. في حين احتضنت الدمام أقل نسبة تسول على مستوى مدن السعودية بـ4%.

وفي دراسة أخرى نشرتها مجلة «دراسات إسلامية» الصادرة عن وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، فإن الفئة العمرية للمتسولين من سن 16 إلى 25 عاماً يمثلون 24.6%، بينما بلغت نسبة الفئة العمرية من 46 عاماً فأكثر 22.5%.

وتتجه غالبية المتسولين، بحسب الدراسة ذاتها، إلى الأسواق، وينتشرون عند إشارات المرور والمساجد والأرصفة، والذهاب إلى المنازل.

واعتمدت متسولات وسيلة للتحايل على الأجهزة الرسمية عبر استخدام الأطفال في ممارسة التسول، مع عدم ظهور النساء، تحسباً للتوقيف خلال حملات المتابعة في حال القبض على متسولات.

ويؤدي استغلال الأطفال في التسول إلى تعريض المتسببين إلى عقوبتين، الأولى التسول، والثانية الاتجار في البشر (الأطفال).

وقدرت شرطة المنطقة الشرقية نسبة الأطفال الذين يمارسون التسول ويتم توقيفهم بحوالى 33 في المئة.

فيما أحالت إحدى شركات النظافة المتعاقدة مع أمانة منطقة حائل مراقب نظافة إلى سجن حائل العام، لإدانته باستغلال العمالة عبر التسول غير المباشر وإجبارهم على دفع مبلغ ألف ريال شهرياً.

من جهتها، أعلنت شرطة منطقة القصيم ضبط 76 متسولاً خلال شهر رمضان الماضي، بينهم 23 وافداً عثر في حوزتهم على مبالغ مالية امتهنوا التسول في الطرقات والأماكن العامة.

ويستغل المتسولون شهر رمضان لينالوا استعطاف الناس وتسابقهم على الخير، وينتشرون انتشاراً واضحاً فيه، بدعوى طلب الطعام ومصاريف العلاج وغيرها الكثير.

إذ كشفت شرطة الشرقية عن ضبط 607 متسولين، 62 % منهم سعوديون، يستغلون تنامي رغبات الصائمين في رمضان وتقديم الصدقات.

وتمكنت شرطة الرياض في ديسمبر/كانون أول 2014 من ضبط 8 آلاف و775 متسولاً ومتسولة، معظمهم من الرجال والأطفال، و2260 منهم مواطنين، و3938 يمنيا، فيما بلغ عدد الإثيوبيين 1096 متسولاً، و710 نيجيريين، و300 باكستاني، و220 هندياً، و115 أردنياً معظمهم نساء، و67 سورياً وسورية، و 51 متسولاً ومتسولة من جنسيات أخرى.

وقدرت جهات مختصة عدد المتسولين الذين تم القبض عليهم خلال عام على مستوى المملكة 12 ألفاً و400 متسول، يشكل السعوديون 13% منهم.

105 أطفال يتسولون

وفي تطور لافت لظاهرة التسول في السعودية، رصدت الجهات المعنية في منطقة مكة المكرمة في أكتوبر/تشرين أول (أكتوبر) 2014 عن ضبط 105 أطفال سعوديين يتسولون في شوارع المنطقة بمختلف المواقع بينهم 71 من الإناث.

وأوقفت أيضا 5 آلاف و855 طفلاً وطفلة غير سعوديين يتسولون في المنطقة، وكشفت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية عن توقيف أكثر من ثمانية آلاف «امرأة» يعملن في التسول من جنسيات مختلفة، إضافة إلى توقيف 147 سيدة جميعهن سعوديات كبيرات في السن يمارسن التسول.

وشددت الأجهزة المختصة من إجراءاتها، وذلك بهدف تجفيف منابع التسول في مكة، من خلال وكلاء الحج والعمرة في أنحاء العالم بفحص طلبات المعتمرين، ولا سيما فئات العجزة والأطفال المعوقين الراغبين في القدوم لأداء العمرة، مشددة على عدم ممارستهم التسول بعد قدومهم إلى البلاد.

وفي السياق نفسه، حذرت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية من تزايد ظاهرة التسوّل في رمضان المبارك، معتبرة أنها تشكّل «خطورة على المجتمع»، لكنها نصحت بالتروي في التعامل مع المعلومات المتداولة من أن بعض المتسولين هم عبارة عن جامعي معلومات لمصلحة التنظيمات الإرهابية، معتبرة ذلك «بحاجة إلى برهان»، ويُتهم إرهابيون بانتحال شخصيات متسولين، لجمع المعلومات التي تسبق تنفيذ عملياتهم الإرهابية.

وانتشرت مقاطع مصورة على شبكات التواصل الاجتماعي، حول تحول المتسولين من «حصّالات متنقّلة لجمع الأموال»، عبر استعطاف العابرين، إلى «جواسيس» يتنّقلون بين الأحياء لجمع المعلومات لصالح التنظيمات الإرهابية.

وكشفت شرطة الشرقية في مارس/آذار العام الماضي أنها ضبطت 278 متسولاً، كانت حصة السعوديين منهم 72%. فيما كانت نسبة النساء الأعلى بينهم.

وحذرت وزارة الداخلية من تعاطف المواطنين والمقيمين في المملكة مع المتسولين، وعدم تقديم أي وسيلة مساعدة لهم حتى لايستغل هذا الأمر في دعم أي جماعات مشبوهة من خلال ما يتلقونه من أموال، مؤكدة أن من سيتم القبض عليه متسولاً ستطبق عليه التعليمات وترحيله أياً كانت جنسيته.

وبرزت ظاهرة جديدة في عالم التسول، عبر الانتقال من حال الفقر والملابس الرثة، إلى الظهور، بصحة جيدة وبمظهر لائق، يقدمون أنفسهم بأنهم طلبة في إحدى الجامعات، يروون معاناتهم من أمراض «مزمنة» وبحاجة للعلاج وخاصة في محافظة الخبر.

وما زالت مكاتب المتابعة الاجتماعية ساعية إلى تحقيق أسس التوجيه والإصلاح السليمة للمتسولين السعوديين، إذ يوجّه ذوو العاهات والعجزة مثلاً إلى دور الرعاية الاجتماعية، والمرضى إلى المستشفيات المتخصصة، لتقديم الرعاية الصحية من دون مقابل، أما المحتاجون مادياً فتصرف لهم مساعدات مالية من الضمان الاجتماعي أو الجمعيات الخيرية، فيما يُحال الصغار والأيتام الذين تنطبق عليهم لوائح دور التربية إلى هذه الدور، وتبقى مهمة المتسولين الأجانب، ومتابعتهم وإنهاء إجراءات ترحيلهم تعنى بها الجهات الأمنية المختصة.

 

  كلمات مفتاحية

السعودية التسول

وزارة العمل السعودية تعلن نجاح تطبيقها لمكافحة التسول

الشورى السعودي يقر مشروع قانون لمكافحة التسول