تركيا وإيران تتجهان نحو الشرق.. هل تتقابلان هناك؟

الأحد 27 نوفمبر 2016 01:11 ص

منذ عدة أيام قليلة، وبالتحديد في الـ 20 من نوفمبر/ تشرين الثاني، ألمح الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» أنّ أنقرة قد تتجه خطوات إضافية نحو الشرق. ونحن نعلم أنّ فكرة فتح أرضية جديدة للتعاون بين بعض الدول العربية وكلًا من الصين وروسيا يجري مناقشتها بجدية.

وصرّح «أردوغان» للمراسلين على الطائرة الرئاسية العائدة من أوزباكستان، قائلًا: «ينبغي على تركيا أن تشعر تمامًا بالراحة حول الاتحاد الأوروبي، وألّا يتشتت انباهها. ينتقدني البعض، لكنّي أعبر عن رأيي. على سبيل المثال، لقد قلت، لماذا لا ينبغي أن تكون تركيا في شنغهاي».

ومنظمة شنغهاي للتعاون، هي كتلة للتعاون الأمني والاقتصادي تقودها روسيا والصين، بالإضافة لباقي الأعضاء الرسميين كازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان.

وقال «أردوغان» أنّه قد ناقش الفكرة بالفعل مع الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» ومع رئيس كازاخستان «نور سلطان نزارباييف». وأضاف «أردوغان»: «تمّ إنشاء المنظمة من قبل 5 أعضاء، ولكن دولًا مثل أوزباكستان وباكستان والهند، انضمت بعد ذلك. وإيران تريد الانضمام، والرئيس بوتين يقول أنّ الفكرة تقيّم. وانضمام تركيا للمنظمة سيعطيها حرية أكبر في التعامل مع الاتحاد الأوروبي».

ومع ذلك، فإنّ حقيقة أنّ «أردوغان» يبدو كمن يلعب بفكرة الانضمام للمنظمة تجد بعض المعارضة في تركيا. فانضمام تركيا للمنظمة التي يتكون أعضاؤها من دول يحكمها «الفرد الواحد» سيتسبب بمزيد من المشاكل في السياسة الخارجية لتركيا، وهذا ما عبّر عنه عضو البرلمان عن حزب المعارضة الرئيسي، حزب الشعب الجمهوري، «أوزتور كيلماز».

وبلغ غضب تركيا من الاتحاد الأوروبي مبلغًا لم يصل له من قبل. لكنّها ليست القوة الوحيدة التي تدفعها نحو الشرق. فشكاوى تركيا من تعامل الولايات المتحدة في سوريا والعراق تلعب دورًا هامًا في سعي أنقرة لفتح آفاقٍ جديدة نحو الشرق.

وفي الدورة السنوية للجمعية البرلمانية لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في إسطنبول يوم 22 من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، سأل «أردوغان» جمهور الحاضرين إذا كانوا على استعداد لدعم ما سماه «قتالنا المشترك ضد الإرهاب». وأضاف: «وبالمثل، نتوقع دعمكم في كفاحنا ضد كل المنظمات الإرهابية، وفي المقدمة منها داعش وبي كا كا، اللذان يقومان معًا بجرائم ضد القيم الإنسانية المشتركة».

واتهم «أردوغان» الولايات المتحدة بدعم حزب الاتحاد الديمقراطي العمود الفقري للقوات الديمقراطية السورية التي تقاتل بلا هوادة ضد تنظيم الدولة في الأشهر الأخيرة. وهزمت القوات الديمقراطية تنظيم الدولة واستولت على منبج، وهي البلدة التي طالما اعتبرت ذات أهمية استراتيجية بالنسبة لمسؤولين أمنيين بتركيا. وتدعم تركيا مجموعة مختلفة تحت اسم درع الفرات، والتي تحاصر الآن بدورها تنظيم الدولة في مدينة الباب.

وتقول أنقرة أنّها تلقت وعدًا من الولايات المتحدة بانسحاب القوات الديمقراطية من منبج قريبًا.

وقد شدّد رئيس الوزراء التركي «بن علي يلدريم» على أنّ أنقرة تتوقع الوفاء بالتزام القوات الديمقراطية السورية بالانسحاب من منبج، كما أكدت مؤخرًا الولايات المتحدة.

وقال «يلدريم»: «يؤكدون دائمًا في كل اجتماع أنّهم وراء ذلك الاتفاق وسيفعلون كل ما هو ضروري. ما زلنا ننتظر ذلك. سينسحب الواي بي جي، بطريقةً أو بأخرى».

وفي 16 نوفمبر/ تشرين الثاني قال «بريت ماكجورك» المبعوث الأمريكي الخاص للتحالف العالمي ضد تنظيم الدولة إلى وحدات الحماية الشعبية الكردية السورية، أنّهم سينسحبون من منبج إلى شرق الفرات، الأمر الذي لطالما طالبت به تركيا، بعد الانتهاء من واجباتهم في المنطقة.

ومع ذلك، يبدو أنّ صبر «أردوغان» بدأ بالنفاذ. وقد قال «أردوغان» عن ذلك الأمر: «لقد وصلنا الآن للباب، وحاصرنا الباب أيضًا من الغرب. وهذا ليس كافيًا. سنتوجه من هناك أيضًا إلى منبج». وأضاف: «لماذا نذهب إلى منبج؟ ليس لأننا حريصون على ذلك. يوجد الواي بي جي في منبج. عليهم مغادرة منبج أيضًا والابتعاد ناحية الشرق».

بعبارة أخرى، ستقاتل القوات المدعومة من تركيا ضد القوات المدعومة من الولايات المتحدة. ومن الواضح أن الأزمة العامة للشرق الأوسط قد تتسبب في تدهور علاقة تركيا بالغرب، وهذا يرفع من أسهم خيار البديل الشرقي لدى أنقرة.

إيران أيضا

وإيران هي قوة إقليمية أخرى تتجه نحو الشرق في الوقت الذي اعتقد فيه «أوباما» أنّها ستنهي عداءها مع الغرب فور توقيع الاتفاق النووي.

وقد وقع وزير الدفاع الإيراني «حسين دهقان» مع نظيره الصيني «تشانغ وان تشيوان»، اتفاقًا في 14 من نوفمبر/ تشرين الثاني يتعهد بتعاون عسكري أكبر في عدد من المجالات بما في ذلك التدريب العسكري والعمليات ضد الإرهاب. والتزم الطرفان أيضًا بعقد تجارب عسكرية مشتركة في المستقبل القريب. وعبر وزير الدفاع الصيني عن ثقته بأنّ الروابط الدفاعية بين إيران والصين ستقوى خلال الأعوام القادمة.

وعبّرت إيران عن رغبتها في تقوية علاقاتها مع الصين بشكل أقوى. وقال وزير الدفاع الإيراني: «تطوير العلاقات والتعاون طويل المدى في المجال العسكري والدفاع مع الصين أولوية أولى للدبلوماسية الدفاعية لجمهورية إيران الإسلامية. نحن نثمن زيارة وزير الدفاع الصيني بما يتماشى مع معايير الدبلوماسية الدفاعية لإيران».

ومع توجه تركيا وإيران بالتوازي باتجاه الشرق، من الممكن أن يتقابلا في نقطة ما هناك. وربما استطاعت موسكو تحديد المكان والزمان لهذا الموعد.

العالم يتغير بالفعل.

المصدر | سمير التقي وعصام عزيز - ميدل إيست بريفينج

  كلمات مفتاحية

تركيا إيران روسيا الاتحاد الأوروبي الولايات المتحدة حزب الاتحاد الديمقراطي