سدنة المعبد في حكومة «ترامب».. الحريات تتراجع و«العنصرية» سيد المشهد

الأحد 27 نوفمبر 2016 03:11 ص

أخيرًا بدأت معالم إدارة «ترامب» القادمة في الوضوح، بعد تسميته مجموعة من المرشحين لتولي مناصب مختلفة، في مؤشرٍ أولي على الكيفية التي سيحكم بها «ترامب» البلاد. المؤشرات الأولية التي بدت مخيفة بحق، في ما يخص الأقليات، والمهاجرين والمسلمين والشرق الأوسط وحتى البيئة على حد سواء. فـ«ترامب» يبدو أنه عازم على تنفيذ وعوده الرئاسية، بعد تردد أقاويل عن تراجعه في بعض الوعود كمنع المسلمين أو بناء الجدار.

زادت ترشيحات «ترامب» من المخاوف بشأن سياسة إدارته بعد أن غلب عليها التوجهات الراديكالية المحاظفة، ومع وجود تاريخ من الخطاب التحريضي للعديد من هؤلاء المسؤولين.

«مايكل فلين».. رجل «ترامب» الحديدي

«هناك توجه جديد كالفاشية والشيوعية والنازية، اسمه الإسلام السياسي، ذلك السرطان الخبيث الذي يجب القضاء عليه عند أكثر من 1.7 مليار مسلم حول العالم».

هذا أحد تصريحات «مايكل فلين»، المرشح لمنصب مستشار الرئيس لشئون الأمن القومي، وهو ابن لعائلة كاثولوكية من ذوي الياقات البيضاء، فوالده كان بنكيًا وأمه كانت تعمل في العقارات، وتخرج من جامعة رود-آيلاند عام 1981 ليحصل على شهادة البكالوريا في علم الإدارة، ثم يلتحق بالجيش كملازم ثاني في الاستخبارات في نفس العام، لينتهي به الأمر مديرًا للاستخبارات العسكرية في أكتوبر/تشرين الأول 2012.

أجبر «فلين» على إعلان استقالته في أبريل/نيسان 2014، أي قبل عام كامل من نهاية خدمته، وذلك بسبب ما وصف برؤيته الحادة وتصريحاته المثيرة للجدل.

كانت الاستقالة هي المسمار الأخير في نعش «فلين» الديبلوماسي، ليظهر الخبير الأمني حاد الطباع والعنصري، بتصريحات أكثر إثارة للجدل، حيث أعلن أن إدارة «أوباما» كانت السبب الرئيسي في توفير مناخ مناسب لنمو الجماعات الإرهابية، وأن تركيا غضت الطرف عن الدولة الإسلامية في سوريا، وأنها كنت سببًا في في وصول التنظيم إلى حالته الآن.

على الرغم من أن «فلين» كان قد صرح في وقت سابق أن «أوباما» كان يجب عليه أن يدعم الميليشيات المسلحة في سوريا في بداية الثورة حتى يمنع تكون جماعات مسلحة إسلامية متطرفة كجبهة النصرة على حد تعبيره، إلا أنه وبعد حضوره حفل عشاء على شرف قناة روسيا اليوم الإنجليزية المملوكة للحكومة الروسية، أثنى على الموقف الروسي في سوريا وأعرب عن ضرورة تعاون البلدين في الملف السوري في مقابلة مع الصحفي «مايكل إزيكوف».

مع بداية سباق الإنتخابات الأمريكية، بدأ التقارب بينه وبين المرشح الجمهوري «دونالد ترامب»، على الرغم من أن فلين كان ديموقراطيًا طوال حياته. وقد غرد في وقت لاحق قائلًا أن الخوف من المسلمين هو أمر منطقي للغاية، داعيًا متابعيه أن يقرأوا كتابه «ساحة الحرب.. كيف يمكننا أن نكسب الحرب العالمية ضد الإسلام ومناصريه».

«بيتسي ديفوس».. خطوات في الطريق الخاطئ لإصلاح التعليم

مرشحة الرئيس المنتخب «ترامب» لمنصب سكرتيرة التعليم، هي المليارديرة «بيتسي ديفوس»، ولدت في عام 1958، لعائلة اشتهرت بالعمل في مجال الصناعة، فوالدها «إيدجار برينس» صاحب شركة برينس لقطع غيار السيارات بولاية ميتشيغن، والتي كانت توظف حوالي ربع سكان البلدة بأكملهم في وقت من الأوقات، وأخوه «إريك برينس» هو صاحب شركة بلاك ووتر العسكرية الأمريكية، الشركة الخاصة التي كان لها نشاط مشبوه في الحرب على العراق، والتي أطلق عليها «جيش بوش الخفي»، وتمتع جنودها بالحصانة من الملاحقات القضائية.

«بيتسي» يبدو أنها وعلى حد تعبيرها على موقعها الرسمي بصدد تغيير جوهر التعليم في أمريكا.

تسمية «بيتسي» كمرشحة للفوز بوزارة التعليم تسبب في موجات من الصدمة وردود الفعل الغاضبة بين أوساط العاملين في مجال التعليم، وهذا أمر مفهوم، لأن سياسات «ترامب» تتجه بقوة نحو دعم التعليم الخاص، من خلال توجيه الاموال العامة وأموال دافعي الضرائب نحو تطوير المدارس الخاصة والمستقلة.

«ترامب» كان قد أعلن سابقًا عن خطة تتكلف 20 مليار دولار لتطوير التعليم، وهي الخطة التي من المتوقع أن تستغلها «ديفوس» أثناء وجودها في الوزارة لتطبق نظام المدارس المستقلة التي تتبناه وتدعمه منذ وقت طويل على الرغم من أنه أثبت عدم كفاءته في عدة أماكن في السابق.

فديترويت المقاطعة التي طبقت نظام ديفوس للمدارس المستقلة، حققت أسوأ النتائج التي سجلت على الإطلاق في مستويات التعليم.

«جيف سيشنز».. مدعي عام يعادي المهاجرين والأقليات ويدافع عن التعذيب

تحت إدارة «بوش الابن»، أثناء الحرب على العراق وانتشار قضايا التعذيب في السجون أثناء التحقيقات، كان هناك سيناتور أمريكي يدافع بشدة عن مشروعية تعذيب المتهمين في قضايا الإرهاب، كان هذا السيناتور هو «جيف سيشنز».

السيناتور الأمريكي الجمهوري ولد في عام 1946 بولاية ألاباما، وتقلد منصب مدعي المقاطعة العام لـ12 عامًا، واشتهر بعصبيته وعنصريته تجاه المهاجرين والأقليات.

كانت أحد أشهر القضايا التي امتنع مكتب «سيشنز» عن تمثيلها هو مقتل أحد الشباب السود في ألاباما على يد اثنين من «كي كي كيه»، أحد الجماعات العنصرية الأمريكية، وعلى الرغم من أن الادعاء العام رفض تمثيل الشاب المقتول، إلا أنه تمت محاكمة وإدانة القاتلين.

اشتهر «سيشنز» بالتحامل العنصري ضد قضايا السود في أمريكا، لدرجة أنه تم رفض تنصيبه قاضيًا فيدراليًا عام 1986 عندما رشحه الرئيس الأمريكي «ريجان»، وكان السبب هو عنصريته الفجة.

ترشيح «سيشنز» يثير المخاوف من انتكاسة مخيفة في مساحات الحريات التي حاولت إدارة «أوباما» رفع سقفها في السنوات الثمان الماضية، فهو من أشد المعارضين للهجرة، الشرعية وغير الشرعية، ومن المتوقع أن يدعم المدعي العام الجديد قوانين تتسبب في ترحيل أكثر من 750 ألف مهاجر حصلوا على الإقامة أثناء مدة تولي «أوباما» الحكم. على صفحته على موقع تويتر، امتلأت الصفحة بالتغريدات المثيرة للجدل، فقد قال في وقت سابق أثناء السباق الرئاسي الذي أعلن فيه «سيشنز» دعمه لـ«ترامب» أن «كلينتون» تريد إدخال أكثر من نصف مليون مهاجر إلى أمريكا، وأن أمريكا ستتحمل نفقات ستصل إلى 400 مليار دولار إذا مرر مثل ذلك القرار، كما سخر من التغير المناخي واصفًا اياه بالأكذوبة.

كان «سيشنز» كان من أوائل الداعمين لـ«ترامب» إن لم يكن أولهم، وعمل مستشارًا له أثناء حملته الانتخابية.

«سيشنز» يشتهر أيضًا بنظرته شديدة العداء تجاه المسلمين، وهو من أهم المنادين بتقنين وسائل التحقيق السرية التي اتبعتها وكالة الاستخبارات الأمريكية في غوانتانامو وغيرها من مراكز الاعتقال.

«مايك بومبيو».. حرب بين الإسلام والمسيحية

«أولئك الذين يؤمنون أن الاسلام هو النور والحل الوحيد، هم التهديد الحقيقي لأمريكا»، «مايك بومبيو» في تصريح له أثناء اجتماع مع مجموعة كنيسة ويتشيتا عام 2014، ليعيد إلى أذهاننا تصريح «بوش الابن» عندما وصف حرب العراق بالحملة الصليبية، وما تبع ذلك الوصف من ويلات على الشرق الأوسط.

ولد في كاليفورنيا والتحق بالجيش الأمريكي قبل انخراطه في السياسة وانضمامه للحزب الجمهوري.

انتخب سيناتور للحزب الجمهوري في 2010 عن ولاية كنساس، وكانت له تصريحات شديدة العنصرية أثناء حملته الانتخابية، عندما قال واصفًا أحد منافسيه: «أنه مسلم أو هندوسي أو بوذي، من يعلم، ولكن بالتأكيد هو ليس مسيحي».

«بومبيو»، هو المرشح لتولي رئاسة وكالة الاستخبارات، وهو من أكثر مرشحي إدارة «ترامب» إثارة للجدل، فهو يقف موقفًا محافظًا تجاه أغلب القضايا الشائكة في أمريكا، فهو معادٍ لحقوق المثليين، ومعارض لحق المرأة في الإجهاض، وهو من أكبر داعمي حق حمل السلاح في أمريكا، لذلك فان المنظمة الوطنية للسلاح تعتبر من أكبر الداعمين له.

يعارض «بومبيو» أيضا أنظمة الرعاية الطبية المجانية، كما يعارض وضع منشورات على الأطعمة المعدلة وراثيًا.

في مجال الحريات، فإن «بومبيو» لم يأل أي جهد في أن يؤكد على موقفه المعادي لها، فقد صرح في وقت سابق أنه يدعم فرض الرقابة الالكترونية على الأجانب وحتى على الأمريكيين، كما أنه كان من الداعمين لمعتقل غوانتانامو، وصرح أن أساليب التحقيق القاسية والتعذيب هما أمران هامين في توفير الأمن للولايات المتحدة الأمريكية.

ويهدد تقلد «بومبيو» بعودة التاريخ الأسود لوكالة الاستخبارات الأمريكية، ودورها المشبوه في إدارة الازمات داخليًا وخارجيًا.

«نيكي هايلي».. أبرز داعمي (إسرائيل) سفيرة للأمم المتحدة

على الرغم من كونها من أصول مهاجرة، فوالديها جاءا مهاجرين من الهند، وأنها لم تكن داعمة لـ«ترامب» أثناء السباق الرئاسي، إلا أن «دونالد ترامب» سماها كمرشحة لمنصب سفير الأمم المتحدة في وزارته.

«نيكي هايلي»، ولدت في عام 1972 بولاية كاليفورنيا، وعملت في عدة أنشطة تطوعية، ثم عملت في شركة عائلتها إيكسوتيكا انترناشونال، شركة الملابس الناشئة التي أصبحت شركة ضخمة قيمتها ملايين الدولارات.تقلدت نيكي منصب مديرة الإدراة بعد 4 سنوات فقط من عملها في الشركة.

بدأت حياتها السياسية في عام 2004، لتصبح ثالث امرأة غير بيضاء تتقلد منصب الحاكم في ولاية أمريكية عام 2010.

سياسات «نيكي» الاقتصادية تتجه نحو تخفيض الضرائب ،وتقف موقفًا معاديًا للقوانين التي تحجم التجارة، كما تقف موقفًا معاديًا للنقابات. أما في السياسة الخارجية، فـ«هايلي» تعتبر من أهم الداعمين لدولة (إسرائيل)، فقد كانت ممن وقعوا قانونًا يمنع مقاطعة (إسرائيل) اقتصاديًا، بل وكانت من أهم المروجين لهذا القانون وقامت بجمع توقيعا من نواب أمريكين آخريين.

«هايلي» لم تقف في صف «ترامب» أثناء الانتخابات، وكانت ممن نادوا الرئيس المنتخب بنشر إقراراته الضريبية عندما تكاثرت الادعاءات التي اتهمته بالتهرب من الضرائب، وقام «ترامب» بمهاجمتها على حسابه على تويتر بعد أن صرحت هذا التصريح، لذلك كانت تسميتها لهذا المنصب غير متوقعة. من دورها رحبت «نيكي» بترشيحها لذلك المنصب في تصريح في وقت لاحق.

  كلمات مفتاحية

دونالد ترامب مايك فلين مارك بوميو سياسات ترامب التعذيب المهاجرين عنصرية