استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الشرق الأوسط بين «أوباما» و«ترامب»

الأحد 27 نوفمبر 2016 07:11 ص

غالبا ما كانت الحملة الانتخابية للرئيس المنتخب، دونالد ترامب، معنية بالقضايا الداخلية، لا بالسياسة الخارجية. وحتى خطاب فوزه في 9 نوفمبر/تشرين الثاني، كان خاليا على نحو ملحوظ من أي إشارة إلى البلدان خارج الولايات المتحدة. وكانت حملته مليئة بالتصريحات المثيرة للجدل، منها تلك التصريحات المتعلقة بالمسلمين والمكسيكيين، والتي أشارت إلى زيادة الانعزالية الأمريكية وألمحت الى انفصال جذري عن إدارة أوباما. وقد أفضى ذلك إلى التكهن بما ستكون عليه سياسة الرئيس ترامب في الشرق الأوسط. يبدو بعض التوقعات أكثر رجحانا من غيره، غير أن الاعتماد المفرط على تصريحات الحملة للتنبؤ بنهج ترامب السياسي المحتمل فيه مخاطرة بتكوين توقعات خاطئة.

في ما يتعلق بالصراع السوري، يبدو ترامب مؤيدا للتحالف مع روسيا في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، معتبرا ذلك – وما يتضمنه من معارضة إطاحة الرئيس السوري بشار الأسد - أمرا ذا أولوية بالنسبة الى الولايات المتحدة. ففي حوار مع صحيفة «وول ستريت جورنال» في 11 نوفمبرتشرين الثاني، قال ترامب: «رأيي هو أنكم تحاربون النظام السوري الذي يحارب داعش، وما عليكم فعله هو القضاء على داعش. روسيا الآن متحالفة مع النظام السوري، وكذلك إيران، التي أصبحت قوية بسببنا. وما نفعله الآن هو أننا ندعم الثوار في حربهم ضد النظام السوري، وهم أناس لا نعلم عن ماهيتهم شيئا».

هذا التصريح يشير إلى خلط ترامب بين النظام السوري والدولة السورية، وأن موقفه تجاه الثوار السوريين – ومنهم جماعات تدعمها الولايات المتحدة - يختلف عن موقف إدارة أوباما الحالية. لكن هذا لا يعني بالضرورة أن الرئيس ترامب سيغير جذريا سياسة أمريكا تجاه سورية. والنظر إلى إجراءات إدارة أوباما – بدلا من تصريحاتها - يشير إلى احتمال وجود أوجه شبه بين سياستي الإدارتين أكثر مما قد يبدو من الوهلة الأولى.

كان ثابتا في فترتي رئاسة أوباما، إعطاء الأولوية لمحاربة تنظيم «القاعدة». ففي خطاب أوباما الانتخابي عن السياسة الخارجية في يولوي/تموز 2008، أعرب عن أسفه لما فقد من أموال وأرواح أمريكية في الحرب العراقية، وأن مجهودا كهذا كان يمكن استغلاله في «ملاحقة أسامة بن لادن والقاعدة وطالبان وتدميرهم»، أوباما الآن على وشك ترك منصبه بعد أن دبر مقتل بن لادن، وبعد أن أصبحت الحرب ضد «داعش» هي الهدف الرئيسي للولايات المتحدة في سورية، بدلا من المساعدات الإنسانية أو تغيير النظام.

في ما يتعلق بالثورات العربية، قال أوباما في خطاب ألقاه في مايو/أيار 2011، أنه يؤيد المتظاهرين في مصر وليبيا وسورية، مضيفا أن «المجتمعات المتماسكة تحت تأثير الخوف والقمع قد توفر استقرارا وهميا لبعض الوقت، لكنها مجتمعات مؤسسة على صدوع لن تلبث أن تنهار». لكن مثلما فعل ترامب في حملته الانتخابية، إذ لم يقطع أي وعود سياسية خارجية تتعلق بتلك القضايا، كذلك فعل أوباما حين رشح نفسه في انتخابات 2012.

وحتى الخطاب الأمريكي المتعلق بدعم المعارضة السورية – سواء كان سياسيا أو مسلحا - لم يكن مصحوبا بالعمل من جانب إدارة أوباما. ففي الشهور الأخيرة، انخفض تمويل الولايات المتحدة لـ «الجيش السوري الحر»، وانقطعت محادثات السلام. الضعف الناتج في صفوف «الجيش الحر» وعدم وجود آفاق سياسية لإنهاء الصراع، إضافة إلى حملة روسيا العسكرية في سورية التي تستهدف «الجيش السوري الحر» في المقام الأول، ذلك كله أدى إلى لجوء عدد من الجماعات المتمردة في سورية إلى تغيير موقفها لتتحالف مع الجماعات الجهادية ذات التمويل والقدرة العسكرية، بخاصة «جبهة النصرة» التي لها علاقات مستمرة مع تنظيم «القاعدة»، مع أن الجبهة غيرت اسمها أخيرا إلى «جبهة فتح الشام» وأعلنت عن قطع تلك العلاقات. هذا كله خلق نبوءة روسية محققة لذاتها بأن حربها ستكون حربا ضد «المتطرفين». وعلى هذا النحو، يمكن النظر إلى تركيز ترامب على محاربة «داعش» والتحالف مع روسيا كأنه مواصلة لسياسة أوباما، وليس انفصالا عنها.

ليس من المستبعد أيضا لهذه المواصلة أن تحدد شكل العلاقات مع إيران. فأوباما على وشك ترك منصبه بعد إبرام الاتفاق النووي المعروف بـ«الاتفاق الشامل للبرنامج النووي الإيراني» (JCPOA)، وهو ما يتماشى مع حملته الانتخابية الخاصة. ففي خطاب حملته في يوليو/تموز 2008، قال أن «منع إيران من تطوير أسلحة نووية يعتبر من مصلحة الأمن القومي للولايات المتحدة». ومع أن ترامب عبر في حملته الانتخابية صراحة عن معارضته الاتفاق النووي، كما عين مايكل بومبيو (Michael Pompeo) – المشهور بانتقاده الاتفاق النووي - رئيسا لوكالة الاستخبارات المركزية، إلا أن مستشاره في الشرق الأوسط، وليد فارس، صرح بعد انتخاب ترامب بفترة وجيزة بأن الأخير «سيراجع» الاتفاق فحسب.

وكذلك يتشابه خطابا أوباما وترامب في ما يتعلق بالصراع بين إسرائيل وفلسطين. ففي 2008، أشار أوباما إلى أن عملية السلام في الشرق الأوسط ستكون لها الأولوية إذا نجح في الانتخابات. وفي الفترة التي سبقت انتخابات 2012، أعيد إدراج «القدس باعتبارها عاصمة لإسرائيل» في برنامج الحزب الديموقراطي. أما الآن، فقد ذكر ترامب القدس باعتبارها عاصمة لإسرائيل، وأعرب عن أمله بإبرام «الاتفاق الذي لا يمكن إبرامه» بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

بالطبع، لم تسفر الأعوام الثمانية التي أمضاها أوباما في الحكم عن حل للصراع بين إسرائيل وفلسطين، كما أن تصريحاته عن أهمية معالجة الدوافع الرئيسية للإرهاب والاحتجاج في العالم العربي لم تفض إلى اتخاذ إجراءات ملموسة في شأن تلك القضايا. وفي ما يتعلق بالعراق، كان أوباما قال قبل انتخابه في 2008: نجاحنا الحقيقي سنحرزه حين نترك العراق بين يدي حكومة تحول دون نشوب صراع طائفي، وتضمن أن خطر تنظيم «القاعدة» – الذي صدته قواتنا - لن يعاود الظهور. ومع ذلك، فقد غضت إدارته الطرف عن تجاوزات حكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، ما أدى إلى المظالم الطائفية التي ساهمت في بزوغ «داعش».

أيا كانت السياسة التي سينتهجها ترامب في الشرق الأوسط حين يتولى الرئاسة، فستؤثر فيها حتما الظروف الراهنة التي يتحمل أوباما جزءا من مسؤولية تكوينها. ربما يكون أوباما قد أوفى بوعده بملاحقة بن لادن والحد من البرنامج النووي الإيراني، لكن النظر إلى فترة رئاسته يكشف عن غياب مقلق لبعد النظر في الشأن الشرق أوسطي. ففي 2008، صرح بأنه لو كان هناك تهديد شبيه بـ9/11 فسيأتي من أفغانستان وليس من العراق. والواقع أن الهجمات الإرهابية التي اندلعت في جميع أنحاء العالم على مدى العامين الماضيين، كانت نتيجة لبزوغ «داعش» في العراق وسورية وليس أفغانستان.

وفي المناظرة النهائية حول السياسة الخارجية ضد ميت رومني في أكتوبر/تشرين الأول 2012، هاجم أوباما رومني قائلا: يسعدني اعترافك بأن تنظيم «القاعدة» يشكل تهديدا، لأنك قبل بضعة أشهر حين سئلت عن أكبر تهديد جيوسياسي تواجهه أمريكا أجبت بأنه روسيا، وليس «القاعدة». ومع ذلك، وكما ذكر أعلاه، فتزايد قوة الجماعات التابعة لتنظيم «القاعدة» في سورية يعتبر جزئيا نتيجة التدخل العسكري الروسي والسياسة الروسية.

بالنظر مرة أخرى إلى تصريحات حملات أوباما الانتخابية والإجراءات الفعلية التي أجراها وهو في منصبه، يصبح واضحا وجوب الحذر عند اتخاذ تصريحات الحملة أساسا للتنبؤ بمسار السياسة الخارجية لأي رئيس. افتقار ترامب إلى أي خبرة سياسية سابقة، واللغة التحريضية التي استخدمها طوال حملته الانتخابية، وعدم اهتمام عامة الجماهير باحتمالات فوزه، ذلك كله جعل سياسته المرجحة تجاه الشرق الأوسط يكتنفها الغموض. لكن حتى في حالة أوباما، لم تكن سياسته في الشرق الأوسط دائما مطابقة لما قاله في تصريحاته الانتخابية.

* كاتبة لبنانية - رئيسة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «تشاتام هاوس» - لندن

  كلمات مفتاحية

أمريكا روسيا سوريا إيران فلسطين إسرائيل باراك أوباما دونالد ترامب داعش القاعدة

«فورين أفيرز»: قراءة في سياسة «ترامب» في الشرق الأوسط