بعد شركات صلب ومبردات.. الجيش المصري يورد الأدوية للمستشفيات الحكومية

الأحد 27 نوفمبر 2016 07:11 ص

يشارك الجيش المصري، في توريد أدوية للمستشفيات الحكومية في ظل نقص تواجهه.

كشف ذلك وزير الصحة «أحمد عماد»، اليوم الأحد، في تصريحات نقلها موقع التلفزيون المصري (حكومي) حين قال إن «المشاكل التي تواجهها المستشفيات الجامعية (مستشفيات تتبع الجامعات الحكومية) تتمثل في نقص المحاليل، ووزارة الصحة تعهدت بتوفير كافة احتياجاتها (من المحاليل) خلال هذا الأسبوع».

وهذه ليست المرة الأولى التي يشارك فيها الجيش في تخفيف الأزمات، حسب بيانات رسمية سابقة؛ حيث شارك من قبل في استيراد عبوات لبن الأطفال، وتوزيع المواد الغذائية، وتدشين البنى التحتية، واستيراد اللحوم.

وذكر وزير الصحة المصري أن «إحدى الشركات (لم يسمها) تقدمت بعرض لتوفير أحد أدوية الأورام بسعر 3000 جنيه (165 دولارا) للأمبول، أقل من سعره حاليا وهو 5 آلاف جنيه (275 دولارا)».

وأضاف أن المستشفيات الجامعية تعاني أيضا من نقص أدوية الأورام، لافتاً إلى وزارات الدفاع والصحة والتعليم العالي أعلنت عن ممارسة عامة لشراء هذه الأدوية، وسيتم توفير هذه الأدوية عبرها، بحسب «الأناضول».

والممارسة العامة هو إعلان عن الحاجة لسلع أو بضائع ما بمواصفات محددة من أجل أن تتقدم جهات بإمكانية توفيرها بأسعار تعرضها، ويتم إرساء الممارسة على الشركة التي تتقدم بأقل سعر.

ومنذ تعويم الجنيه المصري، مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، ارتفعت أسعار السلع والمسلتزمات بمصر، وهو ما أنتج أزمة في مجال الدواء نظرا لاعتماده على الاستيراد، وفق تقارير محلية.

وفي نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قال رئيس الوزراء المصري «شريف إسماعيل»، في تصريحات لإحدى المحطات الفضائية الخاصة، إن دور الجيش في الاقتصاد سيتقلص في غضون عامين إلى ثلاثة أعوام، ردا على سؤال حول مزاحمة الدولة والقوات المسلحة للقطاع الخاص.

وتزامنا مع ذلك، قال الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي»، إن الأنشطة الاقتصادية للقوات المسلحة المصرية تعادل ما بين 1 إلى 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وإن الجيش لا يتطلع لمنافسة القطاع الخاص.

ويتعارض حديث «السيسي» مع تقديرات لمراقبون وخبراء تقول إن الجيش يسيطر على ما يتراوح بين 50 و60% من الاقتصاد.

ووعد «السيسي»، وهو قائد سابق للجيش، بإحياء الاقتصاد بعد أن تولى منصبه في 2014، واستعان بالقوات المسلحة للمساعدة في مشاريع رئيسية للبنية التحتية، وتوزيع سلع أساسية ارتفعت أسعارها في الأسواق، ومنها مؤخرا حليب الأطفال والسكر.

ويشتكى رجال أعمال مصريون من مزاحمة الجيش لهم في المجال الاقتصادي، ويشيرون إلى أن المنافسة غير عادلة خاصة أن الجيش لا يدفع ضرائب على أرباحه، ويشتري مستلزمات الانتاج بدون جمارك، ويسخر الجنود للعمل مجانا في مشاريعهم.

كما وجه كثيرون انتقادات للنظام الحالي في البلاد؛ حيث استنفذ المليارات من ميزانية الدولة في شراء أسلحة للجيش في وقت تواجه فيه البلاد أزمة اقتصادية حادة.

وخلال الشهر الجاري، أعلنت شركة مملوكة لوزارة الانتاج الحربي في مصر، أنها ستطرح أجهزة «ديب فيرزر» (مجمدات) في الأسواق، يليها ثلاجات الشهر المقبلة، ونسج مطورة من أجهزة تكييف في وقت لاحق.

يأتي ذلك كأحدث ملمح لسيطرة الجيش على مفاصل الاقتصاد في البلاد، والتي تسارعت وتيرتها منذ الانقلاب العسكري، في 3 يوليو/ تموز 2013، على «محمد مرسي»، أول رئيس مدني منتخب ديموقراطيا في تاريخ مصر.

وقبل ذلك بأيام، أعلن الجيش استحواذه على 82% من أسهم مجموعة «صلب مصر»  في صفقة بلغت قيمتها الإجمالية  1.135 مليار دولار.

ويرجع الدور الاقتصادي للجيش تاريخيا إلى حاجته لتوفير الإمدادات للقوات في سنوات الحروب في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، إلا أنه بعد اتفاقية السلام مع (إسرائيل) عام 1979 دخل الجيش في قطاعات أكثر مدنية، مثل مشروعات البنية التحتية، لكن نطاق نشاطه زاد تحت حكم «السيسي»، مع تعمق أزمة مصر الاقتصادية.

وأقحم الجيش نفسه في العديد من المشروعات في مجالات متنوعة بعضها يتعلق بإنتاج المواد الغذائية والإسكان والتعمير والكهرباء والحراسة، كما أسندت إليه مؤخرا مسؤولية منظومة بطاقات التموين الذكية وبطاقات الخبز، الأمر الذي لم يجد اعتراضا في الإعلام رغم أن هذه المشاريع من المفترض ن تخضع لمختلف الوزارات المدنية.

كما بدأت هيئات الجيش تنافس المؤسسات والهيئات الحكومية الأخرى في تنفيذ مشروعاتها الخاصة، وطالت سياسات العسكرة في الفترة الأخيرة، مشاريع حراسة المستشفيات والمؤسسات المدنية، عبر شركة «كير سيرفس».

وتحصل كل مصانع الجيش وشركاته على إعفاء كامل من الضرائب والجمارك، بما يتضمن إعفاء منشآت الجيش الاقتصادية من الضرائب العقارية المفروضة على سائر المنشآت؛ الأمر الذي يسمح لها بتقديم المنتجات والخدمات بأسعار أقل من نظيرتها.

وخلال عامين من حكم «السيسي»، حصل الجيش رسميا على حق استغلال الطرق في عموم البلاد مدة 99 عاما، كما بدأت سياراته تنتشر في الشوارع لبيع المواد الغذائية، ومؤخرا دخل الجيش على خط المنافسة في بيع مكيفات الهواء وتوريد الدواء للجامعات.

وفي أعقاب ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، تعالت الأصوات المطالبة بالحد من الأنشطة الاقتصادية للجيش، إلا أن هذه الأصوات بدأت تنخفض، ولا سيما مع سيطرة الدولة على الإعلام الذي يبرز الجيش في صورة المنقذ من الإسلاميين، دون أن ينتقد أحد سيطرته على كل هذه المشروعات أو يتحدث عن مهمته الأساسية في حماية البلاد وتأمين حدودها.

وكان تقرير لموقع «ميدل إيست آي» البريطاني نُشر في مارس/آذار الماضي حذر من مخاطر توسع «الإمبراطورية الاقتصادية العسكرية في مصر» على مدى جاهزية الجيش المصري لخوض الحروب، بسبب تفرغ قادته للهيمنة على كل فروع الاقتصاد والخدمات، وتحصيل المكاسب المالية لهم ولمحاسيبهم المقربين منهم.

وقال التقرير إن «الاقتصاد العسكري المصري تطّور إلى ما هو أبعد من الاحتياجات العسكرية ليشمل جميع أنواع المنتجات والخدمات»، مشيرا إلى «استحالة الحصول على أي أرقام دقيقة عن حجم هيمنة الجيش علي الاقتصاد بسبب الغموض الذي يحيط بسياساته في هذا المجال».

لكنه أكد أن العسكر يهيمنون على 50-60% من الاقتصاد المصري، ويستحوذون على 90% من أراضي مصر.

  كلمات مفتاحية

الجيش الأدوية مشافي اقتصاد مصر