استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

انتخاب «ترامب» تعبير عن قوة «سياسات الهوية» في العالم.. ولكن!

الاثنين 28 نوفمبر 2016 01:11 ص

"في المجتمعات الأقل تدينا، أو مجتمعات (ما بعد المسيحية)، لم يعد التيار السائد (mainstream) في المسيحية قادرا على توفير هوية الجماعة الضرورية للناس. لكن هذا لا يعني أن أفكارا أخرى لن تقوم بملء الفراغ".

هذه فقرة من مقال كتبه شادي حميد، الباحث في معهد بروكينغز الأمريكي، ونشر منذ أيام في مجلة السياسة الخارجية (Foreign Policy)، بعنوان "نهاية نهاية التاريخ، دونالد ترامب يعيد السياسة الأمريكية إلى أصلها: صراع على الهوية والأخلاق والدين". تساعد الفكرة الأساسية للمقال في فهم المشهد الأمريكي، والأوروبي، الراهن. 

بل إن الكاتب يسحبها أيضا لتحاول تفسير مايجري في عالمنا العربي، حيث يقول: "سواء في حالة العصبية لأجل مصالح السكان البيض في أمريكا، أو حالة القومية العرقية في أوروبا، أو حالة الإسلاموية في الشرق الأوسط، فإن الخيط الذي يجمع كل هذه التجارب المختلفة واحد: السعي الشرس نحو سياسات لها معنى يتجاوز فكرة المصلحة الفردية وجودة المعيشة. 

ربما تبدو هذه الأيديولوجيات فارغة أو غير مترابطة، ولكنها جميعا تطمح إلى نوع من التماسك الاجتماعي، وترسيخ الحياة العامة من خلال هويات محددة بدقة... جوهر السياسة إذا في هذه الحالة لم يعد متعلقا فقط بتحسين جودة حياة المواطنين، ولكنه يصبح في المقام الأول توجيه طاقات المواطنين لغايات أخلاقية أو فلسفية أو أيديولوجية".

المفارقة، ذات المعنى الكبير، التي لايتحدث عنها الكاتب، تكمن في أن سيرة الرئيس الأمريكي المنتخب لا توحي، من قريب أو بعيد، بأنه يصدر في تفكيره وقراراته عن منطلقات تتعلق بالدين والأخلاق والهوية، ومن المؤكد أنه لم يفكر في أن تكون السياسة مصدرا لتوجيه طاقات المواطنين لغايات فلسفية. لكن فوزه، وتحديدا بتلك الصفات، يظهر القوة الهائلة الكامنة في سياسات الهوية والمعنى، لأنه (استخدمها) فقط، وبشكل أدواتي بحت، أوصله إلى البيت الأبيض بنوع من "البساطة المخيفة".

يتعلق الأمر بالإنسان إذا في كل مكان. ويعبر عن بحثه الأزلي عن موقف (وسط)، لا تتضارب فيه المصلحة الفردية وجودة المعيشة من جانب مع حضور المعنى والشعور بالهوية من جانب آخر. لهذا، يبدو انتخاب ترامب تجليا عمليا لنقد نظرية "نهاية التاريخ" لفوكوياما، حيث تنتصر الليبرالية بشكل نهائي.

في هذا السياق نفهم كلام شادي حميد في المقال حين يقول: "مع ملاحظتي لانتشار التوجهات المعادية لليبرالية في كل مكان تقريبا، من أوروبا إلى الشرق الأوسط إلى آسيا، إلا أنني كنت أرفض استنتاجاتي هذه حينما يتعلق الأمر بأمريكا، وكنت أقاوم فكرة أن معاداة ترامب لليبرالية تروق للشعب الأمريكي...

[ولكن] ربما تكون هناك طريقة أكثر تفاؤلا للنظر إلى فوز ترامب بالانتخابات: ففوزه من الممكن أن يكون بمثابة التوبيخ الشديد لما أصبحت عليه الديمقراطية الليبرالية، شكلا من التكنوقراطية الإدارية اليسارية المعتدلة التي تفتقر إلى الإلهام والقوة، على خلاف ما أراد لها مؤسسوها".

لكن المبالغة في الاستهانة بعنصر "جودة المعيشة" للناس ستكون مدعاة للفوضى، تماما كما هي الحال عند المبالغة في النظر إليه كعنصر وحيد، عندما يتعلق الأمر بصناعة السياسات.

ومن يعتقد أن الشعوب ترفض رغد العيش، فضلا عن الحد الأدنى من الحياة الطيبة، واهم.

هذا ما يبدو درسا آخر من دروس الانتخابات الأمريكية، حين لا نقف فقط عند لحظة الانتخاب. فهاهو ترامب الرئيس يبدأ في التراجع عن مواقف ترامب المرشح في عدة قضايا، مدركا، بعد أيام من فوزه، استحالة العيش على سياسات الهوية نفسها، مصدرا لصناعة القرار.

* د. وائل مرزا - كاتب وأكاديمي سوري

المصدر | الشرق القطرية

  كلمات مفتاحية

أمريكا دونالد ترامب الشرق الأوسط الإسلام