استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

مـصر ترتدي البدلة العسكرية فقط بمواجهة «الجـزيرة»!

الثلاثاء 29 نوفمبر 2016 04:11 ص

بأبسط ما يمكن، قالت «الجزيرة»، في فيلم تسجيلي بثّته أخيراً بعنوان «العساكر»، حقيقة وجوهر النظام المصري. إنها الحقيقة التي يعرفها كل بيت مصري، كل بيت أدى أحد أبنائه الخدمة العسكرية الإلزامية: استعباد العساكر المصريين واستخدامهم بشكل شخصي كحجّاب من قبل الضباط، حيث يكلّفون بتأمين مستلزمات بيوت رؤسائهم، وصولاً إلى تلميع أحذيتهم، الإهانة والشتم والإذلال، وتسخيرهم للعمل في أشغال مدنية شاقة من دون مقابل، كالعمل في تربية المواشي والدواجن وأعمال البناء، ربما بحجة أن الجيش للحدود وللإعمار!

تعتمد «الجزيرة» في فيلمها على مشاهد تمثيلية، إلى جانب شهادات مسجلة لمصريين أخفت وجوههم وموّهت أصواتهم، بالإضافة إلى مشاهد من أرشيف القوات المسلحة، وأخرى مسربة من هنا وهناك لأعمال مذلة يقوم بها العساكر، أو لأشكال العقوبات التي يتعرضون لها، أو ليوميات عيشهم وأكلهم داخل وحداتهم.

كذلك تستضيف القناة ضابطاً أمريكياً متقاعداً سبق أن جرت استضافته كمدير برامج عسكرية في مكتب التعاون العسكري في مصر، حسب ما يقول الفيلم، يتحدث عن فكرة استخدام المجندين كمساعدين شخصيين للضباط فيعتبرها مفجعة، كما يتحدث عن تركيز الجيش في تدريب عساكره على الاستعراض والنظام، فيقول إن الجيش المصري يفعل ذلك أفضل مم يفعل الجيش الأمريكي، في إشارة إلى أن ذلك ما هو إلا تأكيد على الشكليات على حساب الجوهري الذي ينبغي التركيز فيه على القدرة القتالية للعساكر.

إنه فيلم حزين حقاً. لم تسرّب «الجزيرة» فيه أسراراً نووية، ولا فضحت سياسات النظام المصرية واستراتيجياته. لم ترو سوى تلك الوقائع الثابتة التي يراها كل مصري، كما يرى تلك الغيمة الملوثة المرئية بالعين المجردة الجاثمة فوق سماء العاصمة المقهورة.

ليس فيلماً مثيراً، بالمعنى البوليسي، بل هو حزين فقط: تلك البدلات المترهلة، العيون الخفيضة والأجساد المسحولة فوق الإسفلت، على إيقاع موسيقا اعتمدت إيقاع المارش العسكري، والذي يفترض أن يكون حماسياً، لكنه هذه المرة يأتي مع نبرة حزينة، موجعة، 

كأنما لتروي، بالموسيقى وحدها، كل خيبة مصر وانكساراتها.

القرموطي لبس البدلة

حرب إعلام السيسي بدأت على «الجزيرة» حتى قبل بثّ الفيلم التسجيلي «العساكر»، كان بثّ الإعلان الترويجي الخاص بالفيلم وحده كافياً لشنّ حرب لم تنته حتى الساعة، قال إعلاميو السيسي «الجواب باين من عنوانه» وراحوا يخبطون يميناً وشمالاً.

وعلى الرغم من مكابرتهم وترديدهم بصوت واحد أن «الفيلم مفضوح وركيك ويستهدف زعزعة ثقة المواطن بالجيش المصري»، فقد استنفروا كل طاقاتهم للرد والهجوم إلى حدّ أن أحد أبرز مذيعيهم ارتدى في إحدى حلقات برنامجه المسمى «مانشيت» اللباس العسكري الكامل وراح يخبط برجليه لوحة رسم عليها شعار «الجزيرة».

لقد جنّ إعلام السيسي حقاً، وكان علينا أن نتوقع ذلك، كما علينا أن نتوقع ممن اعتبر السيسي رمزاً للجمهورية عند «زلّة» لسان من أمين «منظمة التعاون الإسلامي» بحقه، أن يهتز حين يصيب النقد المؤسسة التي تعتبر محل إجماع المصريين، لكن ما العمل والمؤسسة قائمة على استعباد المصريين وإذلالهم.

جنون إعلام السيسي ليس أمراً مفتعلاً ومبالغاً به، كما صور الكاتب والصحافي وائل قنديل في أحد برامج «الجزيرة»، حين قال إن الحملة المصرية مبالغ فيها، وهي نوع من التغطية على خبر مشاركة القوات المصرية قوات النظام السوري في قصف السوريين، فالنظام المصري يعي جيداً أن فيلم «العساكر» يصيب ضمير كل المصريين، أولئك الذين اقتربوا بهذه الدرجة أو تلك من قصص الخدمة العسكرية.

إنها ساعة الحقيقة التي لا يمكن لأحد أن يخفيها، وإذا كان تعذيب وحشي لمواطن مصري في معتقلات النظام قد أشعل ثورة، فماذا يمكن أن يفعل فضح تعذيب وإهانة ملايين المصريين!

* راشد عيسى كاتب صحفي مصري.

 

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

مصر العسكرية المصرية فضائية الجزيرة وثائقي «العساكر» النظام المصري الخدمة العسكرية الإلزامية السخرة العسكرية