«فورين أفيرز»: لماذا رحبت مصر برئاسة «ترامب»؟

الخميس 1 ديسمبر 2016 07:12 ص

بعد مرور أكثر من 3 أسابيع على الانتخابات، لا يزال الرأي العام الأمريكي نفسه منقسما حول فوز «ترامب» المفاجئ. ولكن على بعد ستة آلاف ميل أظهر أحد حلفاء الولايات المتحدة استجابة أكثر توحدا بكثير.

المصريون، وخاصة أصحاب التوجهات الموالية للحكومة، من بين أسعد الناس في العالم بفوز «ترامب». هذا قد يبدو غريبا بالنسبة إلى بلد يتمتع بأغلبية إسلامية، بالنظر إلى أن «ترامب» طرح فكرة حظر هجرة المسلمين إلى الولايات المتحدة وإنشاء نظام لتسجيل المسلمين المتواجدين بالفعل في البلاد. من أجل فهم هذا القبول الذي يحظى به «ترامب» لدى المصريين، من المهم أن ننظر إلى المرشح الخاسر.

لا تحظى «هيلاري كلينتون» بشعبية كبيرة في مصر، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى الفترة التي شغلت فيها منصب وزير الخارجية الأمريكي في عهد «أوباما» خلال الثورة المصرية عام 2011، والتي أطاحت بالرئيس الأسبق «حسني مبارك». منذ اليوم العاشر للثورة، طالب «أوباما» نظيره المصري، وحليف الولايات المتحدة لثلاثة عقود، بالاستجابة لمطالب المتظاهرين بالتنحي عن السلطة. بالنسبة لأولئك المصريين الذين كانوا يميلون بشكل إيجابي تجاه النظام الذي يقوده الجيش، وحتى لمعظم شريحة الوسط السياسي التي تعنى بالاستقرار في المقام الأول، كانت هذه الخطوة بمثابة خيانة. وقد مهدت الطريق لصعود الإخوان المسلمين إلى السلطة لاحقا ثم الإطاحة بهم في انقلاب دموي في يوليو/تموز 2013. كما أن علاقة «كلينتون» الوثيقة مع مساعدتها «هوما عابدين»، التي يدعي بعض النقاد أن عائلتها متعاطفة الإخوان المسلمين، أسهمت في تدهور شعبيتها في مصر.

ولكن سجل «كلينتون» الفعلي مختلف بعض الشيء عما توشي به سمعتها. كما قالت في مذكراتها «خيارات صعبة»، وهو ما لم ينفه أي مسؤول في الإدارة، فقد حذرت «أوباما» من عواقب التخلي عن حليف طويل الأمد. وقد أكدت له أن البلاد لا تحوي سوى مؤسستين فقط، الجيش والإخوان، يتمتعان بدعم من قبل قواعد موالية لهما. وخلافا للرئيس، فإنها لم تكن تدعم انتقالا فوريا للسلطة وإنما انتقالا منظما، وهي سياسة تبدو أقل جاذبية وقبولا ولكنها أثبتت أنها أكثر ذكاء.

تصريحات «ترامب»

بالطبع في بلد مولع بالمؤامرات مثل مصر فإن هذه الحقائق لا تهم كثيرا، ويبدو أن السبب الرئيسي لجاذبية «ترامب» هو أنه ببساطة ليس «هيلاري كلينتون». ولكن هذا ليس هو السبب الوحيد. النظر إلى حساب «ترامب» على تويتر يمكن أن يكشف لماذا لدى الرئيس المنتخب الكثير من المعجبين في القاهرة.

منذ عام 2011، قام «ترامب» التغريد 10 مرات على الأقل منتقدا تخلي «أوباما» عن «مبارك»، كما قام عشرات المرات بانتقاد الأريحية المزعومة لسلفه تجاه جماعة الإخوان المسلمين. منذ انتخاب قائد الجيش السابق «عبد الفتاح السيسي» في ربيع عام 2014، فإنه قام بالتغريد عن مصر مرة واحدة وذلك لتأنيب الإدارة لتركيزها على حقوق الإنسان في الوقت الذي تحارب فيه القاهرة الجهاديين المتحالفين مع تنظيم الدولة الإسلامية في سيناء. وغرد «ترامب» آنذاك قائلا: «هل تصدق أن جون كيري ذهب إلى مصر لإجراء مباحثات حول مشاكل حقوق الإنسان؟ هل يعتقد أن هذا هو كل ما يجري حوله؟».

كل هذه المواقف تعد بمثابة موسيقى في آذان القاهرة. تأتي إدارة «ترامب» على الأرجح دون أي اهتمامات بقضايا حقوق الإنسان ومن غير المرجح أن تقوم بتعليق المساعدات بسبب انتهاكات هذه الحقوق كما فعلت إدارة «أوباما».

عندما تدفق 140 من القادة الأجانب إلى نيويورك في سبتمبر/أيلول من أجل حضور الجمعية العامة للأمم المتحدة فقد خصص «ترامب» وقتا للقاء واحد منهم فقط هو «السيسي». (اجتمعت كلينتون معه أيضا وقامت بالتخفيف من لجهة انتقادها للانتهاكات حقوق الإنسان، كما اجتمعت مع 2 آخرين من قادة الدول). وبعد اللقاء، أشاد «ترامب» بالسيسي ووصفه بأنه «رجل رائع نجح في السيطرة على مصر وطرد الإرهابيين منها»، على الرغم من أن مقاتلي تنظيم الدولة في سيناء لا يزالون يشنون هجماتهم بشكل منتظم.

قبل ذلك بيوم واحد كان «السيسي» قد أكد في حوار صحفي أن تصريح «ترامب» بحظر المسلمين من دخول أمريكا كان مجرد تصريح خطابي، وأنه لا يشك في أن رجل الأعمال سوف يكون رئيسا رائعا. عندما تسربت أنباء فوز «ترامب»، كان «السيسي» هو أول زعيم أجنبي يقوم بتهنئته قبل سائر حلفاء الولايات المتحدة مثل المملكة المتحدة وألمانيا. في الأسبوع الماضي، أثنى الرئيس المصري على «فهم ترامب العميق لما يجري في المنطقة وفي مصر على وجه الخصوص» معربا عن ثقته في مساعي الإدارة الجديدة نحو «تعزيز العلاقات الثنائية».

وخلال زيارتي لمصر قبيل الانتخابات الأمريكية فقد لمست تعاطفا مماثلا، وليس فقط من المسؤولين ومؤيدي الحكومة.

يشكك المصريون من مختلف المشارب الآن في مدى حكمة تدخل إدارة «أوباما» في ليبيا المجاورة، وهي أحد الخطوات التي دعمتها «كلينتون» بقوة ووقف «ترامب» ضدها على تويتر. وكان ملايين المصريين يكسبون أرزاقهم في ليبيا خلاف فترة ما قبل الحرب، والعديد منهم الآن يفضلون ليبيا مستقرة، وإن كانت مستبدة، تحت حكم «القذافي» بدلا من البلاد التي تمزقها الحرب بين الميليشيات المتنوعة.

في سوريا، كانت «كلينتون» قد دعت لتقديم المزيد من الدعم للمعارضة، وهي ذات المعارضة التي يشعر «ترامب» بالتشكك حيالها مفضلا التركيز على استهداف الدولة الإسلامية. وهو ما يتماشى مع موقف مصر التي تقاتل ضد التمرد الخاص بها، والتي أعلنت أنه عندما يتعلق الأمر بسوريا، فإنها تعطي الأولوية لمكافحة الجماعات الإرهابية على أي محاولة للإطاحة بالنظام.

بالنسبة إلى القاهرة، فإن «كلينتون» تمثل استمرارا أو صورة أكثر قتامة لعهد «أوباما». ولكن مواقف «ترامب» واضحة، وعندما تؤخذ معا، فإنها تجعل منه مرشحا شبه مثالي بالنسبة للقاهرة. وبالتالي فإن أولئك الذين يأملون في أن البيت الأبيض يواصل الضغط على حلفائه من أجل الحقوق المدنية وسيادة القانون ربما يصابون بخيبة أكل.

المصدر | فورين أفيرز

  كلمات مفتاحية

السيسي ترامب هيلاري كلينتون سوريا ليبيا