استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

انقسام غربي لا اكتساح لليمين!!

السبت 3 ديسمبر 2016 04:12 ص

ما إن ظهرت نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، حتى عاودت نظريات "أحجار الدومينو" لتتصدر المشهد، فبعد "بريكست" والتصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والآن فوز ترامب، فإن وصول ماري لوبان إلى السلطة في فرنسا بات قاب قوسين أو أدنى، ولا شك أن حزب "البديل من أجل ألمانيا" يستعد لتحقيق انتصاراته أيضا. 

لكن قراءة نتائج "بريكست" والانتخابات الأمريكية تخبرنا أشياء أخرى، ليس من ضمنها وجود موجة يمينية، تغمر العالم الغربي، ممثلا في الولايات المتحدة وأوروبا "القديمة".

هناك ملمح مهم لظاهرة دونالد ترامب، وهي أنها ظاهرة "شعبوية"، وليست يمينية بالمعنى "الأيديولوجي"، فقد جاء ترامب بلافتات عنصرية، وأطلق تصريحات مسيئة للمكسيكيين والسود والنساء والمسلمين، لكنه لم يكن يمينيا صلبا، وتراجعه عن بعض خطاباته العنصرية دليل على هذا، وهذه خطوة لا يقدم عليها اليمين المتطرف عادة. 

اتهم ترامب أنه أعطى دفعة لليمين المتطرف الأمريكي، المعروف بـ "اليمين البديل" أو (alternative right) وهذا صحيح، فقد دعم اليمينيون المتطرفون في أمريكا ترامب، وفي مقدمتهم شخصيات محسوبة على "اليمين البديل"، بالإضافة إلى حركة "كو كلوكس كلان" أو (Ku Klux Klan) العنصرية المتطرفة. 

كافأ ترامب اليمينيين على دعمهم له، فعين ستيف بانون كبير استراتيجيي البيت الأبيض، وهو "مقرب من" اليمين البديل، ولا يعتبر أحد أعضاءه أو من صقوره، لكنه أسس موقعا كان منصة لإبراز اليمين البديل، ومهاجمة المحافظين الجمهوريين التقليديين. 

هناك ملمح آخر، لا يتعلق بأن ترامب يميني متطرف أم لا. ولكن، بطبيعة نتائج الانتخابات الرئاسية التي تظهر تفوقا كبيرا لهيلاري كلينتون على حساب ترامب بأكثر من مليوني صوت. فقد نالت هيلاري 48.1% من الأصوات، أي 64 مليونا و469 ألفا تقريبا، في مقابل حصول ترامب على 46.5% أي 62 مليونا و379 ألفا تقريبا.

هنا وبالأرقام، لا يظهر ترامب مكتسحا. في حالة ترامب، سيكون فوزه (بأصوات المجمع الانتخابي التي تحفظ التوازن بين الولايات) بالرئاسة دليلا على خلل في النظام الانتخابي والتوازن بين عدد المندوبين وعدد سكان الولايات، ودليلا على انقسام الأمريكيين (التعبير استخدمه باراك أوباما وهيلاري كلينتون لوصف نتائج الانتخابات) لا دليلا على اكتساح اليمين المتطرف.

كانت الظاهرة الحقيقية في أمريكا شعبية المرشح الديمقراطي بيرني ساندرز الذي يمثل تيارا يساريا اشتراكيا، يحظى لأول مرة بهذا الحضور على الساحة الأمريكية، لا اكتساحا يمينيا. 

لا تبدو حظوظ الجبهة الوطنية في فرنسا في أفضل أحوالها، وهذه نقطة شرحها الزميل بيار عقيقي في مقاله "لوبان في فرنسا؟ لا" في "العربي الجديد" (19 نوفمبر)، إذ تحدث عن عدة أسباب تحبط طموحات الجبهة الوطنية بالسلطة، أهمها التكتلات التي تسببت في إفشال طموحات جان ماري لوبان في 2002، والتي ستتسبب ثانية في إحباط طموحات ابنته ماري اليوم.

في بريطانيا، لا يبدو اعتبار "بريكست" انتصارا يمينيا، إلا من زاوية أن اليمينيين كانوا دعاة الخروج من الاتحاد الأوروبي، وإلا فإن هناك أسبابا أمنية واقتصادية تدفع الناخب إلى التصويت وإن لم يكن يمينيا. والنتائج تعيد الملمح الأمريكي نفسه، فقد شارك في الاستفتاء 71.8% ممن يحق لهم المشاركة، وكانت النتائج تصويت 52% لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في مقابل 48%.

وهنا تؤكد النسب المتقاربة وجود "انقسام" وتباين كبير في بريطانيا، لا اكتساح يميني، خصوصا أن للخروج من الاتحاد الأوروبي أسبابا متعددة، لا مطلبا يمينيا محضا. 

فوز دونالد ترامب بالانتخابات الأمريكية، وتصويت البريطانيين لصالح "بريكست" لا يكفيان للقول إن "العالم الغربي" يشهد صعود يمين متطرف سيغير ملامح هذه الدول على المدى المنظور. صحيح أن التغيرات الراديكالية في المجتمعات تحدث خلال فترة قصيرة (ألمانيا النازية نموذجا).

لكن، لا تبدو الظروف مهيأة لتغير راديكالي، خصوصا بعد تعايش دول أوروبا وأمريكا مع خطر "الإرهاب" منذ 2001. ما زالت حركة "اليمين البديل" في أمريكا مهمشة سياسيا وإعلاميا، ولا يبدو أن ثنائية حزبي العمال والمحافظين في الطريق إلى التفكك في بريطانيا.

* بدر الراشد - كاتب صحفي سعودي

  كلمات مفتاحية

اليمين الغربي ماري لوبان البديل من أجل ألمانيا دونالد ترامب الشعبوية انقسام الغرب