استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

ويل للعرب من شر قد اقترب: تقرير التنمية الإنسانية العربية 2016

الأحد 4 ديسمبر 2016 12:12 م

الجزء الأول من العنوان أعلاه جزءٌ من حديث نبوي يتحدث عن بعض مؤشرات نهاية الزمن. ولئن كان هذا المقالُ يُحاول مقاربة الموضوع من زاويةٍ أخرى، ثمة دلالات سريعة في روايته تستحق الإشارة إليها. إذ يتابع شارحو الحديث دائمًا بذكر الحديث الآخر: "إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يَعمَّهم الله بعقابه"، ويختمون الشرح بالإشارة إلى آيةٍ قرآنية تتحدث عما أصاب بني إسرائيل تاريخيًا حين {كانوا لا يتناهون عن منكرٍ فعلوه}.

ليس هذا مقام الحوار في المعاني التقليدية للشرور والمعاصي، ويكفينا الاتفاقُ مع رؤيةٍ إسلاميةٍ تحترم قوانين الوجود الاجتماعي، وتؤمن بعالم الأسباب، وتربط المقدمات بالنتائج احترامًا لكرامة الإنسان وعقله، وتأكيدًا لمنطق العدل في حياة البشر من جميع الأنواع والأجناس.

منذ أيام، صدر عن الأمم المتحدة (تقرير التنمية الإنسانية العربية 2016: الشباب وآفاق التنمية في واقعٍ متغير). والمؤكد أن دراسة التقرير كاملًا، وبشكلٍ دقيق، ضرورةٌ استثنائية لكل مُهتمٍ بواقع العرب ومستقبلهم، أفرادًا وشعوبًا وحكومات. لكن المجال محدود هنا، فنكتفي ببضع أرقام وفقرات معبرة، يفهم الألبابُ دلالاتها بالإشارة.

شباب العرب بين عمر 15- 29 يمثلون 30٪ من السكان، أي قرابة 105 ملايين شاب عربي. وعام 2014 كان معدل البطالة بينهم 30٪، أكثر من ضعف المتوسط العالمي البالغ 14٪. وجميع المؤشرات تؤكد عجز الاقتصادات العربية عن توليد 60 مليون وظيفة مطلوبة إلى عام 2010.

للمفارقة، يقول التقرير: "مع أن المنطقة كانت إلى ما قبل قرن سوقًا مشتركة تحت العثمانيين، من الأسهل الآن على رجال الأعمال والطلبة الحصول على فيزا إلى أوروبا منها إلى العديد من الدول العربية. مع أن إنشاء اتحادٍ جمركي وتسهيل العبور بين دول المنطقة يمكن له أن يرفع ناتجها القومي بمقدار 760 مليار دولار"، وهذا واحدٌ فقط من عشرات الإجراءات الممكنة، لو توافرت نية الإصلاح وإرادته في المنطقة.

لكن هذا لا يحصل. من هنا، لا يعود مستغربًا أن يُشكِّلَ العرب فقط 5٪ من سكان العالم، وبالمقابل، يَشهد عالمهم 45٪ من أحداثه الإرهابية، و68٪ من قتلى الحروب في العالم، و47٪ من المهجرين الداخليين فيه، و58٪ من المهجرين منه.

وفي ملاحظة قائمة على التحليل، يلاحظ التقرير أن الشباب العرب انتفضوا في أعوام 2001 و2006 و2011، وأن كل انتفاضة كانت أعنف من سابقتها، محذرًا حسب المعطيات أن الانتفاضة القادمة قد تكون قريبة. يُبرر هذا أحمد الحناوي، مبعوث الأمم المتحدة للشباب في المنطقة حين يعلق قائلًا: "نحن [في المنطقة] أسوأُ حالًا بكثير مما كان عليه الوضع قبل الربيع العربي"! ومع الانسداد الكامل لأفق الإصلاح الاقتصادي والسياسي والمشاركة بكل أنواعها في صناعة مستقبله، وانعدام الأمل بكل ذلك، يصف التقرير الشباب العربي بأنه "ربما بدأ يفضل وسائل أكثر مباشرةً وعنفًا".

قد يحاول بعض العرب، من صُناع القرار، تجاهل هذا الواقع، لكنه موجود. وربما يفضل بعضهم الآخر عدم سماع هذه الأرقام، لكنها ظهرت وباتت معروفة، وستفرض تأثيرها في الواقع. فماذا ينتظر هؤلاء؟

رغم هذا، تأتي المفارقة الكبرى حين يؤكد التقرير "أن الغالبية الساحقة من الشباب في المنطقة العربية ليست لديهم الرغبة في الانخراط في جماعات أو أنشطة متطرفة أو عنيفة، كما أنهم ينبذون العنف ويعتبرون الجماعات المتطرفة جماعات إرهابية".

لكنّه يلاحظ "أن الأقليةَ التي تتبنى العنف، وتُقبل على المشاركة في جماعاته التي تدّعي النضال من أجل التغيير، قد تزايدت أنشطتها". رأينا عمليًا كيف أن هذه الأقلية يمكن أن تُحدث فوضى عارمة، لكن توصيف الأكثرية يدفعك لتقدير وعي الغالبية العظمى من شباب العرب، وصبرهم، رغم كل هذا الواقع البئيس، إلى حين.

هكذا، يُذكّرنا التقرير أنه في شهر ديسمبر من عام 2010، قبل شهر من انطلاق الثورة المصرية، ناقشت الحكومة المصرية، آنذاك، تقريرًا عن شباب البلاد واستنتجت، بعد دراسةٍ مطولة، إمكان تلخيص وضعهِ في كلمةٍ واحدة: "جيلٌ لامُبالي"! بعد أسابيع تدفق الملايين منهم في الشوارع والميادين، وكان ما كان، مما أصبح تاريخًا يقول تقرير الأمم المتحدة إن العرب "لا يتعلمون من دروسه".

* د. وائل مرزا كاتب وأكاديمي سوري

المصدر | الشرق القطرية

  كلمات مفتاحية

تقرير التنمية الإنسانية العربية 2016 الأمر بالمعروف النهي عن المنكر نبذ العنف الشباب العربي