التعويضات والتحقيقات ومقاضاة المسؤول.. أزمات ذوي طائرة «مصر للطيران» المنكوبة

الاثنين 5 ديسمبر 2016 08:12 ص

لا يزال أهالي وذوو طائرة «مصر للطيران» المنكوبة في البحر المتوسط، يعانون رغم مرور أكثر من 6 أشهر على سقوط الطائرة التي كانت تقل أبناءهم.

وكانت طائرة تابعة لشركة «مصر للطيران»، قد اختفت عن شاشات الرادارات أثناء قيامها برحلة من باريس إلى القاهرة، فجر الخميس 19 مايو/أيار الماضي، وكان على متنها 66 شخصا، هم 56 راكبا، وأعضاء الطاقم الـ7، و3 عناصر أمن مصريين، قبل أن تعلن السلطات المصرية رسميا تحطم الطائرة.

وقال بعض أفراد أسر ضحايا الطائرة المنكوبة لصحيفة «الشروق» إن أزماتهم بدأت منذ تجاهل أجهزة بالدولة لمساعدتهم في إنهاء إجراءات استخراج شهادات الوفاة، فضلا عن عدم تواصل مسئولي وزارة الطيران معهم منذ وقوع الحادث وحتى الآن، لإطلاعهم على أية معلومات تتعلق بأسباب وقوع الحادث.

وأشاروا إلى أنهم لم يتمكنوا من صرف قيمة التعويض العاجل تنفيذا لاتفاقية «مونتريال» للنقل الجوى، وانتهاء بإصرار شركة «مصر للطيران» على توقيع أسر ضحايا طاقم الطائرة على مخالصات نهائية لصرف قيمة التأمين، والتي تجبرهم على التنازل عن حق اللجوء إلى القضاء ضد أى طرف سواء كان جهة أو شخصا وحاليا أو مستقبلا، كشرط لتسلم قيمة التأمين.

وقال والد الضحية مساعد طيار «محمد ممدوح»، إنهم فؤجئوا خلال صرف قيمة التأمين، أن شركة «مصر للطيران» تلزمهم بالتوقيع على إقرار مخالصة نهائية، تضمنت بعض القيود «التعسفية» والتى تحرمهم من الحق في رفع أى دعاوى قضائية ضد المتسبب في وقوع الحادث والمطالبة بأية تعويضات.

وشدد «ممدوح»، على أن اعتراضه على التوقيع ليس بسبب مبلغ التأمين، بل أنه يرفض حرمانه من محاسبة الجاني والمسئول عن وقوع الحادث، وعدم اتخاذ أية اجراءات قانونية ضده، مشيرا إلى أنه رفض التوقيع على اقرار المخالصة بسبب ذلك، قائلا: «اجيب حق ابنى بعد كده ازاى في اللى عمل كده؟».

وأشار «ممدوح»، إلى أنه لا يعتبر أن هناك خلافا بينهم كـأسر للضحايا وشركة «مصر للطيران»، ولكن إجبار الأخيرة لهم بالتوقيع على إقرار مخالصة نهائية يعد بمثابة إهدار لحقوق أسر الضحايا، لافتا إلى أنه «لن يوقع على وثيقة التأمين بسبب صياغتها غير المقبولة»، مطالبا بأن يتم صرف قيمة التأمين والتعويضات بسهولة دون وضع قيود وشروط، حسب قوله.

سوء معاملة

أما «عز الدين صفوت»، وهو والد الضحية «سمر» التى كانت تعمل مضيفة طيران بالشركة وراحت ضمن ضحايا الطائرة المنكوبة، تعرض هو الآخر لمشكلة التوقيع على إقرار المخالصة، وقال: «الشركة طلبت مني التوقيع على إقرار مخالصة نهائية لصرف مبلغ التأمين دون الاطلاع على وثيقة التأمين نفسها، رغم أحقيتي في الاطلاع عليها».

وأضاف، أن خلافهم مع شركة «مصر للطيران» ليس بسبب المبلغ أو أية أمور مادية، ولكن بسبب ما اعتبره «سوء تعامل» مع أسر ضحايا طاقم الطائرة، سواء في شركة «مصر للطيران» أو «مصر للتأمين»، ووضع شروط وصفها بـ«غير القانونية» لإهدار حقوقهم.

وتابع «صفوت»، أن أسر الضحايا تقدموا بشكوى لهيئة الرقابة المالية ضد «مصر للطيران» وإقرارها المطلوب التوقيع عليه لصرف قيمة التأمين، إلا أن أحد المسئولين بالهيئة رد عليهم بشكل غير لائق قائلا لهم: «أنتوا زعلانين ليه.. في ناس تانية غيركم صرف بوليصة التأمين».

وأشار إلى أن من وافقوا على صرف قيمة التأمين والتوقيع على المخالصة، هم عائلتان فقط نظرا لظروفهما المادية، ووجود أطفال فاضطرا للقبول، لافتا إلى أن هناك خمسا من أسر ضحايا الطاقم رفضوا التوقيع.

وأشار «عز الدين»، إلى أن شركة «مصر للطيران»، أضافت عبارة وصفها بـ«المطاطية» في إقرار المخالصة النهائية تتضمن عدم رفع أى دعاوى قضائية ضد الشركات أو أى «شخص أخر»، وهو ما لا يعطيهم الحق في مقاضاة المتسبب في وقوع الحادث، قائلا: «إيه اللى يضايق شركة مصر للطيران ويضرهم لو رفعت قضية على الشركة الأجنبية في حال ثبوت اهمالها مثلا».

وأوضح «عز الدين»، أن ما أثارته وزراة الطيران المدنى عن مساعدة أسر ضحايا طاقم الطائرة في استخراج شهادات الوفاة غير صحيح، قائلا: «إدارة الأزمات التابعة لوزارة الطيران لم تساعدنا في أي شيء منذ وقوع الحادث، ووزارة الداخلية هي التي استخرجت لنا شهادات الوفاة الخاصة بالضحايا».

تجاهل

«زوجتي في حالة سيئة.. ربنا مايوريها لحد»، كانت هذه كلمات «هاني فرج» والد الضحية «يارا»، والتي كانت تعمل مضيفة للطيران، وأشار إلى أن اعتراضه على عدم صرف بوليصة التأمين ليس بسبب قيمتها المادية، ولكن بسبب سياسة شركة «مصر للطيران» في صرف التأمين والتعويض لهم، وحرمانهم من رفع دعاوى قضائية ضد المتسببين في وقوع الحادث.

وأبدى «فرج»، ضيقه من عدم تواصل لجنة إدارة الأزمات بوزارة الطيران مع أسر الضحايا، وإطلاعهم على أية معلومات تخص التحقيقات في حادث تحطم الطائرة، مشيرا إلى أن المتحدث الرسمى للوزارة، لفت إلى إصدار 24 تقريرا عن الحادث بينما لم يطلع أحد من الأهالي على أي من هذه التقارير.

تعويض بالجنيه

أما «ياسر فتحي» المستشار القانوني لأسر ضحايا طاقم طائرة «مصر للطيران»، فقال إن مخالصة شركة «مصر للطيران» المطلوب التوقيع عليها، لصرف قيمة بوليصة التأمين تضمنت شروطا «تعسفية»، وتتضمن التنازل عن الحق في التعويض سواء كان ذلك في مواجهة شركة مصر للطيران أم الشركة المصنعة للطيارة أو أية أطراف أخرى مرتبطة بالحادث، مشيرا إلى أن هذا الشرط هو قيد على حق أسر الضحايا في التعويض، ويعوق قبولهم بالموافقة على صرف قيمة التأمين.

وأضاف «فتحي»، أن الإقرار والمخالصة المطلوب التوقيع عليها، تحرم أسر الضحايا أو غيرهم من رفع أية دعاوى قضائية ضد الجهة المتسببة في وقوع الحادث حال معرفتها.

ولفت إلى أن قيمة التأمين المذكور في المخالصة تقدر بالجنيه المصرى، رغم أن وثيقة التأمين بين شركتي «مصر للتأمين» و«مصر للطيران» بعملة الدولار، مشيرا إلى أن جميع شركات التأمين في العالم تتعامل بالدولار أو اليورو أو العملة الوطنية مقدرة بالدولار وليست بالجنيه.

واعتبر المستشار القانونى لأسر الضحايا، أن هناك أحد المستفيدين من صرف التعويض بالجنيه سواء كانت شركة «مصر للطيران» أو «مصر للتأمين»، من صرف وثيقة التأمين لأسر الضحايا بعملة غير عملتها الأساسية، مشيرا إلى أن كلتا الشركتين لا يحق لهما تغيير نوع عملة التعويض، وذلك لأن قيمة التأمين المحددة في الوثيقة بعملة محددة والمستفيد الوحيد من سعر هذه العملة أو المضار منها هو المؤمن لصالحه.

ونفي فتحي أن يكون التأمين المحدد لأسر الضحايا في المخالصة المطلوب التوقيع عليها «تأمين ضد الحوادث»، قائلا: «التأمين المذكور في الوثيقة ليست له علاقة بالتأمين ضد الحوادث، وإذا كانت هناك علاقة لكان تم صرفه أيضا لركاب الطائرة وليس طاقم الطائرة فقط».

وتابع: «التأمين المذكور في المخالصة مرتبط بالعلاقة بين المتوفي وشركة مصر للطيران، وصياغة المخالصة النهائية تتضمن قيودا غير قانونية لأسر الضحايا، وتخلط بين التأمين والتعويض، رغم اختلاف كل منهما عن الآخر».

وأوضح «فتحي»، أن التعويض حق للأحياء المتمثلين في أسر الضحايا، بسبب الأضرار التى وقعت عليهم بوفاة المتوفي، مضيفا أن الملزم بدفع التعويض هو من ارتكب الفعل العمدي أو الخطأ الذي أدى إلى وقوع الحادث، والذى يعتبر غير محدد حتى هذه اللحظة.

وأشار إلى أن هناك قوانين وقواعد منظمة يتم العمل بها لحين معرفة من المتسبب في وقوع الحادث منها، اتفاقية «مونتريال للنقل الجوى»، والتى وقعت عليها مصر، وتنص على أن: «الناقل الجوى (المتمثل في شركة مصر للطيران) ملزم بأن يؤدى قيمة التأمين للمؤمن عليه، ويدفع مبلغا وقدره 25 ألف دولار عاجلا لأسرة كل متوفي، على أن يتم خصم المبلغ من إجمالي التعويض بعد تحديد الملزم به وقيمته».

وأشار إلى أن شركة مصر للطيران لم تلتزم بتنفيذ الاتفاقية، ولم تسدد لأسر الضحايا مبلغ الـ25 ألف دولار أيضا.

وشدد على أن أسر ضحايا طاقم الطائرة لا يشغلهم قيمة التعويض أو التأمين ماديا، ولكن ما يثير استياءهم هو اجبار شركتي «مصر للطيران» و«مصر للتأمين» على أن يكون صرف قيمة التأمين مربتطا بتوقيع إقرار ومخالصة نهائية والخلط بين قيمة التأمين والتعويض، وحرمانهم من المطالبة بالدفاع عن حق المتوفيين ورفع دعاوى قضائية على المتسبب في وقوع الحادث وهو أمر لا يمكن قبوله.

ودعا «فتحي» شركة «مصر للطيران» إلى إطلاع أسر الضحايا على المستجدات في تحقيقات الحادث بصفة دورية محددة التاريخ، ومساءلة الموظفين المسئولين في شركتي «مصر للطيران» و«مصر للتأمين» والهيئة العامة للرقابة المالية، عما اعتبره معاملة غير لائقة مع أسر ضحايا طاقم الطائرة.

فرضية الحريق

إلى ذلك، لا تزال التحقيقات في سبب سقوط الطائرة مستمرة، ولم تحدد اللجنة المصرية، موعدًا محددًا لإعلان النتائج بخصوص تحقيقاتها الجارية.

يشار إلى أنه في يوليو/ تموز الماضي، قال مسؤولون مصريون مشاركون في تحقيق في تحطم الطائرة المصرية المنكوبة، إن الأدلة التي جُمعت في التحقيق تثبت تحطم الطائرة عقب اندلاع حريق فيها.

وأضافوا في حديث مع صحيفة «نيويورك تايمز»، إنه «من المحتمل أن الطائرة تحطمت في الهواء بعد اشتعال حريق قرب أو داخل قمرة القيادة قهر بسرعة طاقم الطائرة».

ولكن لم يتسن للمسؤولين تحديد ما إذا كان الحريق الذي يعتقد أنه تسبب في تحطم الطائرة قد نجم عن خلل ميكانيكي أو نتيجة عمل مدبر.

وذكرت التقارير نقلا عن مسؤولين في الطب الشرعي والطيران في القاهرة إن هذه النتائج اعتمدت على معلومات من مسجل بيانات رحلة الطائرة «الإيرباص أيه 320»، ومسجل الأصوات داخل قمرة القيادة إلى جانب تحليل لوضع وتوزيع الأشياء التي تم انتشاله بما في ذلك رفات بشرية.

وبحسب وكالة الأنباء الفرنسية «أ ف ب»، فإن تحليل جهاز تسجيل قمرة القيادة، كشف استخدام كلمة «حريق» قبل تحطم الطائرة.

وكان المحققون أوردوا نهاية يونيو/ حزيران الماضي، أن تحليل الصندوق الأسود الثاني الذي يحوي بيانات الرحلة، أظهر إطلاق تحذيرات تشير إلى تصاعد دخان، قبل تحطم طائرة «إيرباص ايه 320».

وقالت لجنة التحقيق في بيان: «تم الاستماع الأولي لمحادثات قمرة القيادة التي دارت قبل وقوع الحادث، والتي أشارت إلى ذكر كلمة حريق».

وتداركت: «إلا أنه من المبكر جدا تحديد سبب أو مكان بداية حدوث هذا الحريق».

ويحوي الصندوق الأسود تسجيلا مدته في العادة ساعتان، وبه كل ما يقوله قائد الطائرة ومساعده والاتصالات بين قمرة القيادة وأفراد الطاقم، كما يحوي تسجيلات لأصوات تعكس الأجواء العامة داخل الطائرة.

وتراجعت الفرضية الإرهابية، التي قدمتها مصر في البداية لصالح حادث فني، نظرا للمعلومات حول انطلاق تحذيرات آلية تشير إلى تصاعد الدخان في الطائرة.

وعثر على الصندوقين الأسودين للطائرة منتصف يونيو/ حزيران الماضي، فيما تشارك فرنسا في التحقيق نظرا لانطلاق الطائرة منها ولكونها البلد المصنع للطائرة، ومحرك الطائرة أمريكي الصنع.

  كلمات مفتاحية

طائرة أزمة مشكلات منكوبة مصر للطيران مصر للتأمين أهالي الضحايا