قمة المنامة: هل آن أوان الاتحاد الخليجي؟

الاثنين 5 ديسمبر 2016 03:12 ص

مستشهدًا بـ «المشاكل الأمنية والتحديات الاقتصادية والقضايا الخطيرة الأخرى التي تواجه المنطقة»، أعلن رئيس وزراء البحرين الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، مؤخرًا، أنّ تحول مجلس التعاون الخليجي إلى اتحاد يعدّ «هدفًا محتومًا» في حوار المنامة المقرر في التاسع من هذا الشهر.

في عام 2013، دعت السعودية والبحرين إلى تكوين اتحاد في قمة هذا العام بالمنامة. لكنّ وزير الخارجية العماني، «يوسف بن علوي بن عبد الله»، قال أنّ مسقط لن تدعم مثل تلك الخطط. وانضمت قطر والكويت والإمارات لعمان في ذلك، ولم تدعم حلم الرياض. ومع عدم وجود أي توهم بشأن تغيير عمان، الدولة الأكثر استقلالًا تاريخيًا بين دول المجلس، لموقفها، أكّد وزير البحرين للشؤون البرلمانية، «غانم البوعينين»، الشهر الماضي، أنّه «لمس حماسًا لفكرة الاتحاد من أعضاء آخرين في مجلس التعاون الخليجي».

فهل يعدّ توقع «البوعينين» واقعيًا بشأن موافقة الكويت وقطر والإمارات على دعم وجود اتحاد هذا الشهر؟ توجد شكوك في ذلك ولها ما يبررها. العديد من غير السعوديين في مجلس التعاون الخليجي يرون السعودية حليفًا مهمًا، لكنّهم يرون أيضًا أنّ المملكة الغنية بالنفط، جارًا طاغيًا لا يحترم سيادة دول الخليج الأصغر. وبالرجوع إلى مجموعة من القضايا الداخلية في مجلس التعاون الخليجي والتطورات الإقليمية التي تراها أسر الخليج العربي من عدسات مختلفة، قد يرى المسؤولون بالرياض والمنامة خطتهم من أجل الاتحاد تقع على آذان صمّاء.

ويسوق المسؤولون السعوديون والبحرينيون بعض المسوغات إلى نظرائهم في الخليج العربي تتعلق بالحاجة للاستفادة من وجود نهج جماعي من أجل صدّ التهديدات الخارجية الناتجة عن عدم الاستقرار المتزايد والأزمات الأمنية المتفاقمة في الشرق الأوسط. ولإقناع الكويتيين والقطريين والإماراتيين أنّ الوقت قد حان لوجود اتحاد، فسيكون على حكام هذه الممالك الصغيرة أن تقوم بحساب أنّ أضرار النيل من الليبرالية السياسية، وقبول استقلال أقل عن الرياض، والتخلي عن خطط المنافسة الإقليمية للسعودية على النفوذ الإقليمي، تصغر أمام فوائد تشديد التعاون الأمني.

مخاوف الكويت وقطر والإمارت

تعدّ الكويت الدولة الخليجية التي تملك حياة سياسية أكثر حيوية ذات مؤسسات ديمقراطية. وتعود المعارضة داخل الكويت للدخول في الاتحاد إلى مخاوف بشأن «إجراءات الأمن الجماعي» التي يمكن للسعودية ودول الخليج الأخرى الضغط بها لإسكات صوت المعارضة والنشطاء في الكويت. وجاءت نتائج الانتخابات البرلمانية المبكرة في الكويت، الشهر الماضي، لتجلب أغلبية من المعارضة مكونة من مزيج من الليبراليين والإسلاميين، الذين لا تسمح لهم أي من دول الخليج الأخرى بأي سلطة سياسية في نظامها السياسي. وفي الوقت الذي يفخر فيه الكويتيون بما لديهم من «نصف ديمقراطية» والانفتاح والشفافية النسبية، فقد قوبل مفهوم الاتحاد بحصته من المقاومة في البلاد من قبل أصوات مختلفة عبر طيفها السياسي.

وقطر، أكبر مصدرة للغاز الطبيعي المسال في العالم، تتمتع بأعلى نصيب للفرد من الناتج المحلي الإجمالي في دول مجلس التعاون الخليجي (والعالم). ويرجع تخوف قطر الرئيسي من أنّ الاتحاد يعني إعادة توزيع الثروات من الدول الخليجية الأغنى إلى المناطق الأشد فقرًا. علاوة على ذلك، على مر السنين، أنشأت الدوحة علاقات مع الفصائل الإسلامية في المنطقة واستضافت العديد من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، وفعلت ذلك غالبًا على حساب علاقاتها بباقي دول المجلس. ومع وجود دولة خليجية كالإمارات، التي تعتبر جماعة الإخوان «جماعة إرهابية»، وقطر في اتحاد واحد، فما سيكون مستقبل الشيخ «يوسف القرضاوي»، وغيره من الشخصيات الإسلامية البارزة التي تعيش في الدوحة؟

وعارضت الإمارات أيضًا خطط تحويل مجلس التعاون الخليجي إلى اتحاد. نظرا لأنّ الإماراتيين يرون أنفسهم منافسين للسعودية على الدور المهيمن في المشهد المالي في المنطقة، ولن تقدم أبوظبي دعمها لبنك مركزي خليجي يكون مقره في الرياض. وفي الإمارات، التي يشن فيها المسؤولون حملة على الإسلاميين، يوجد اعتقاد منذ وقت طويل بأنّ جماعة الإخوان المسلمين تعمل في الإمارات لصالح السعودية وقطر من أجل تقويض السيادة الوطنية واستقلال الإمارات.

إيران.. الهاجس الأكبر

الهاجس الأكبر هنا هو إيران. تأتي مصلحة عمان في تعميق العلاقات مع إيران تجاريًا ودبلوماسيًا وفي مجالات الطاقة والأمن، كعامل رئيسي في معارضة عمان للتحول إلى اتحاد، والذي سيؤثر سلبًا، بالتأكيد، على علاقة السلطنة بطهران. وبالنسبة للكويت وقطر اللتان تتمتعان بعلاقات طبيعية نسبيًا مع إيران، فلقادتها نظرة مختلفة لإيران عن تلك التي لدى السعودية والبحرين. ولا ترى الكويت وقطر في الجالية الشيعية التي تتمتع بعلاقات ودية مع حكامها وتدعم آل الصباح في الكويت وآل تميم في قطر، أي تهديد بثورة شعبية أو توتر طائفي. على عكس السعودية والبحرين التي ترى إيران كدولة طاغية عازمة على الإطاحة بآل سعود وآل خليفة عن طريق ثورة عنيفة. وتشارك وجهات النظر بين المنامة والرياض، جعل البحرين تدعم بقولة التحول لاتحاد تقوده السعودية.

وبدرجات متفاوتة، أخذت دول الخليج الأصغر الحيطة من تصاعد النفوذ الإيراني، بالإبقاء على تحالفها مع الرياض ووضعها الجيد في المجلس، في الوقت الذي حافظت فيه على علاقات طبيعية مع طهران. وعلى الرغم من أنّ أيًا من هذه الدول لم تصل إلى ما وصلت إليه عمان بتوقيع عقود شراء للغاز الطبيعي من إيران، فإنّ هذا الخيار يبقى قائمًا إذا ظلت تتمتع بالاستقلال عن السعودية في إطار المجلس (وليس اتحادا)، وربما تزيد المشاكل الاقتصادية من حاجتهم لاستيراد الغاز الطبيعي. لكنّ وجود اتحاد سيمحو أي خطط لدى الكويت والإمارات لتوقيع عقود غاز مع إيران.

ومما لا شك فيه، منذ عام 2013، ظهرت تهديدات أمنية جديدة لدول مجلس التعاون الخليجي. فصعود «الدولة الإسلامية»، وتحركات إيران الأكثر حزمًا بعد إنجاز الاتفاق النووي، والحرب في اليمن، كل ذلك أدّى إلى جعل دول المجلس أكثر وحدة، لكي تتمكن من تعزيز الأمن الجماعي. علاوة على ذلك، في ضوء فوز «دونالد ترامب»، تولّدت مخاوف لدى دول المجلس حول مدى التزام الولايات المتحدة طويل الأجل كضامن لأمن دول المجلس.

 وفي هذا السياق، يبدو أنّ أعضاء مجلس التعاون الخليجي سيسعون إلى وحدة وتماسك أكثر قوة في مواجهة التهديدات الإقليمية والمتغيرات المجهولة المحيطة بمستقبل السياسة الخارجية لواشنطن.

وحتى الآن، فالمشاهد السياسية المختلفة في دول مجلس التعاون الخليجي الستة، واختلاف الطموحات والسياسات الخارجية الإقليمية، والقلق المشترك من طغيان النفوذ السعودي على مشيخات الخليج العربي الصغيرة، والمواقف المختلفة من إيران، كل ذلك سيقوض من رؤية الرياض والمنامة للاتحاد في المستقبل القريب. ومع ذلك، حتّى لو فشل السعوديون والبحرينيون في الحصول على دعم الكويت والدوحة وأبوظبي لتحويل المجلس إلى اتحاد، سيظل النقاش حول الأمر يحظى بشعبية لدى بعض الأصوات في الخليج العربي، نظرًا لمجموعة الأزمات الأمنية في الشرق الأوسط ومخاوف الهيمنة الإيرانية.

المصدر | المونيتور

  كلمات مفتاحية

مجلس التعاون الاتحاد الخليجي إيران قطر الإمارات السعودية