هل يمكن أن تحدث مصالحة بين «السيسي» وجماعة الإخوان؟

الاثنين 5 ديسمبر 2016 05:12 ص

سرت شائعات في القاهرة بأنّ الرئيس «عبد الفتاح السيسي» ينظر في عروض مقدمة من قبل جماعة الإخوان المسلمين للوصول إلى مصالحة مع النظام. وحتى الآن، وعلى المستوى العملي، ليس هناك ما يدعم ما يقال في القاهرة. ولا يوجد شيء على المستوى التحليلي أيضًا قد يشجع المرء على تصديق أنّ هذا هو الوضع.

وقد نجح «السيسي» في دفع الإخوان المسلمين الذي المكان حيث أرادهم أن يكونوا فيه. فقد حرم التنظيم من قياداته وأمواله وقدرته على الحشد والتنظيم وحتّى هيكله التنظيمي. وحتّى كفكرة، فهي معزولة بشكل كبير عن عامة المصريين. وتشابه ظروف الجماعة حاليًا بشكل كبير ظروفها في الستينات.

وكان الفشل الأخير للجماعة حين أعلنت المشاركة في تظاهرات حاشدة في 11 فبراير/ تشرين الثاني، ولم يستجب أحد. حتّى الشباب في المناطق الحضرية الذين لم يهدئوا أبدًا لم يخرجوا هذه المرة.

ومن الواضح أنّ جماعة الإخوان قد أرادت الاستفادة من الصعوبات الاقتصادية التي يعاني منها المصريون حاليًا، ولكن هذا لم يفلح ووجد جناح الجماعة الذي يفضل المواجهة نفسه بدون أي رصيد كاف سوف بعض العمليات المتفرقة، لكن الجميع يعلم أنّ هذا يعمق من عزلة الجماعة فقط ولا يضرّ النظام.

ومع ذلك، تحدّثت شائعات المصالحة المزعومة عن توقيف الجماعة لأنشطتها السياسية لمدة 5 سنوات، والامتناع الطوعي عن المشاركة أو التصويت في أي انتخابات لنفس الفترة، والابتعاد لنفس الفترة عن أي نشاط ينظر له كمعارضة للحكومة. وفي المقابل، لن يطلب منهم إعلان دعمهم للسيسي، وسيتم تحرير كافة المعتقلين، والعفو عن هؤلاء الذين هربوا من البلاد بعد سقوط حكومتهم منذ عامين والسماح لهم بالعودة دون اضطهاد.

وينبغي أن نتذكر أمرين في هذا السياق:

الأول هو أن جماعة الإخوان استهلكت كل الخيارات لحشد أية حركة شعبية ذات معنى ضد «السيسي». حتّى الضغوطات الخارجية من بعض القوى الإقليمية لم ينتج عنها شيء أيضًا. والسلاح الوحيد المتبقي لمساعدة التنظيم يأخذ شكلًا سلبيًا: سنمتنع عن أي نشاط داخل مصر لنساعد على استعادة الاستقرار وعودة الاستثمار الأجنبي. ولكن حتّى هذه الرسالة السلبية لا تشدّ انتباه القاهرة.

الأمر الثاني هو أن التنظيم منقسم تقريبًا إلى معسكرين: التقليديين الذين يريدون نهاية لأزمة الجماعة ولو على حساب دورها السياسي، والمتشددين الذين ينادون باستمرار المواجهة مع النظام. ولدى هذا الانقسام آثاره المترتبة على كيفية معالجة الأزمات التنظيمية الحالية. ولا يستطيع التقليديون المضي قدمًا في طريقهم دون التعرض لهجوم شديد من قبل المتشددين. وبالتالي، فإنّ فرصة المصالحة محدودة حتّى من جهة التنظيم، إلّا إذا وافق التقليديون على تقسيم الجماعة.

لذلك، في حين تدعو جميع الأسباب الموضوعية لمزيد من التنازلات الجوهرية من قبل قيادات الجماعة لصالح النظام، تبقى إمكانية تنفيذ ذلك محدودة بسبب الانقسام الداخلي للجماعة.

لكن هناك عامل ثالث قد يلقي بظلاله على المسار المستقبلي للجماعة: التغير في ميزان القوى السياسية الحاكمة للغرب وصعود وجهات النظر التي تعتبر جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية وترفض كل وجهات النظر الأصولية.

في كثير من الحالات، كان الرفض لأسباب خاطئة تمامًا، ولكنّه لا يزال رفضًا على أي حال. ويلاحظ صعود تلك الآراء غير الودودة تجاه جماعة الإخوان على الأقل في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، لا سيما في فرنسا التي وعد بها اليميني «فرانسوا فيلون» باعتبار جماعة الإخوان تنظيمًا إرهابيًا.

وفي الولايات المتحدة، فقد الجماعة «قنواتها الخاصة» مع واشنطن نتيجة لنتائج الانتخابات الأخيرة. وفي المملكة المتحدة، وعلى الرغم من أنّ التنظيم لا يزال يتمتع ببعض العلاقات مع وكالات حكومية معينة، فإنّ البيئة هناك لم تعد ودودة بالقدر التي كانت عليه.

وحتّى تركيا، تبدو الآن مشغولة بتعزيز علاقاتها بروسيا، التي تعتبر أي شخص من الإخوان المسلمين غير مرغوب فيه.

العالم الذي سمح للجماعة بدرجة من حرية الحركة ينهار الآن في الوقت الذي تعاني فيه من أضعف حالاتها منذ عقود.

وكانت بعض القوى الإقليمية تضغط على القاهرة من أجل إعطاء فرصة للجماعة لاسترداد بعض العافية، لكنّها الآن تواجه مشاكل التوسع الإيراني.

ولم تعد فكرة استخدام جماعة الإخوان في مساعدة العرب على مواجهة إيران تحظى بقبول. فالاضطرابات قد ضربت العالم العربي والإسلامي والاستقطاب الإقليمي ضرب جميع العناصر بما في ذلك جماعة الإخوان، وسحب المنطقة إلى أرض جديدة تصبح فيها الجماعة بسرعة صوتًا من الماضي. وما يحدث في الشرق الأوسط هو ظهور جماعات العنف التي تريد التغيير الجذري.

هل يعني هذا أنّ جماعة الإخوان المسلمين قد انتهت؟ لا. التنظيمات من هذا النوع لا تظهر أو تختفي بين عشية وضحاها. إذا انتصر الجانب المتشدد من الجماعة، سيضيف قدرًا صغيرًا من الإضافات للسلة الإقليمية المليئة بـ«التطرف». وإذا فاز الجناح التقليدي، فسيكون عليهم التخلص من القطبية والقبول بالدولة القومية.  

لكنّ الحكومة المصرية لم تهزم جماعة الإخوان بمفردها. الجماعة هزمت نفسها، والتغيرات السياسية العالمية جاءت لتنهي أحلامها في العودة لمجدها القديم. وإذا لم تقرأ الجماعة أزماتها بشكل صحيح، فإنهم سوف تنهي المهمة التي بدأتها بالفعل حين وضعت نفسها في هذا الوضع المزري الذي تعيشه الآن.

المصدر | سمير التقي وعصام عزيز - ميدل إيست بريفينغ

  كلمات مفتاحية

السيسي الإخوان المسلمين مصر السعودية المصالحة