استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

أفريقيا الصفراء

الأربعاء 7 ديسمبر 2016 02:12 ص

زرت العاصمة الأثيوبية، الأسبوع الماضي، للمرة الأولى، ورأيت في مطارها وشوارعها وفنادقها ملامح «العولمة الأخرى»، وأعني بها العولمة التي تغزو العالم، لا من الغرب، بل من الشرق... من الصين.

‎غزت العولمة الأمريكية العالم بأموالها وأفكارها وأدواتها، لكن العولمة الصينية تغزو العالم اليوم بأموالها وأفكارها وأدواتها زائدا قوتها البشرية، وهنا يكمن الفارق الكبير بين العولمتين.

‎في مطار أديس أبابا رأيت البائعة الأثيوبية في السوق الحرة وهي تبادل الزبون الصيني التحيات الحارة التي تنم عن كثرة ترداد المسافر الصيني على المطار الأفريقي. كما أن المفردات الصينية التي تستخدمها البائعة الأفريقية تؤكد ذلك.

‎وفي شاشة الرحلات المجدولة كان اسم بكين يتردد أكثر من مرة، عبر الطيران الصيني أو الأثيوبي. لم يتوقف الأمر عند العاصمة بكين فقط، بل كانت الرحلات من وإلى مدن أخرى داخل العمق الصيني.

‎الانتشار الصيني لا يتوقف على أثيوبيا وحدها، بل على معظم دول أفريقيا، التي إن استمر هذا الغزو الكاسح لها فستتحول من أفريقيا السمراء إلى الصفراء!

‎ظلت أفريقيا مطمعا للغزاة والمستعمرين (المستثمرين باللغة العربية الحديثة!) منذ سنوات طويلة، فهذه القارة تحوي 40% من ألماس العالم، و50% من الذهب و90% من إنتاج البلاتين و30% من اليورانيوم. فكيف يمكن لهذه الأرقام أن لا تغري الطامعين؟!

‎تضاعف حجم التجارة المتبادلة بين الصين وأفريقيا من 10 بلايين دولار عام 2000 إلى 160 بليونا عام 2011 (16 ضعفا في 10 سنوات)، ثم إلى 210 بلايين في عام 2013. ولا شك في أنها تضاعفت الآن أكثر بكثير من المعدل السابق، إثر انفتاح السوق الأفريقية للصينيين خلال العامين الماضيين في شكل غير مسبوق.

‎بدأت تتعالى بعض الأصوات الأفريقية المحذرة من هذا التمدد الصيني في القارة، لكنها تتذمر على استحياء لأنها ترى وتلمس ما تصنعه الآلة والعمالة الصينية في بلدانها البائسة. إذ في حركة استباقية لهذا التذمر المتوقع، التفتت الشركات الصينية إلى جانب «المسؤولية الاجتماعية» من طريق الاهتمام باحتياجات المجتمعات المحلية، من خلال بناء المستشفيات والمدارس وتشييد السكك الحديد والطرق العامة، وتقديم العلاج للمرضى والغذاء للفقراء. وكذلك تقديم منح دراسية لطلاب أفارقة في الجامعات الصينية.

‎الأكثر غضبا وتذمرا من التمدد الصيني، ليسوا الأفارقة بل الأوروبيون والأمريكيون الذين أحسوا أن الصين باتت تقضم الحصة الأكبر من كعكتهم في معادن أفريقيا، التي كان قد بدأ الغربيون في نهبها بمفردهم منذ زمن طويل.

‎الذريعة التي يستخدمها الغرب لتشويه الوجود الصيني في أفريقيا هي الذريعة الغربية الدائمة في شأن انتهاك حقوق الإنسان والإساءة للبيئة والمحيط الحيوي.

الولايات المتحدة تتهم الصين بأنها تقوم باستعمار أفريقيا من خلال الاقتصاد، والصين ترد على الاتهامات بأن ليس لديها أطماع استعمارية بل تنموية في القارة الفقيرة.

أين العرب في هذا الصراع؟!

وفق دائرة المعارف البريطانية، فإن الإسلام هو الدين الأكثر انتشارا في أفريقيا، وإن العربية هي اللغة الأكثر انتشارا، بعد الإنكليزية، في أفريقيا. هذا عدا عن القرب الجغرافي والتقارب الاجتماعي والثقافي بين العرب والأفارقة، بما لا يمكن أن يوازيه التماثل الغربي أو الصيني مع المكون الأفريقي.

ورغم النداءات الأفريقية، التلميحية والتصريحية، إلا أن التزاحم على أفريقيا ما زال محصورا بين الغربيين والصينيين، أما العرب فهم مشغولون بفساد أوضاعهم عن تحسين أوضاع الآخرين.

* د. زياد الدريس - كاتب وممثل السعودية في منظمة اليونسكو

المصدر | الحياة

  كلمات مفتاحية

أمريكا الصين أفريقيا الصفراء الغرب الشرق العولمة