«ذي إيكونوميست»: سقوط حلب وشيك والغرب والعالم السني عاجزان أمام الدعم الروسي للدكتاتور

الجمعة 9 ديسمبر 2016 05:12 ص

عندما صعدت قوات المعارضة في مدينة حلب، ثم في سوريا ككل، في صيف العام 2012، كانت تأمل في إنشاء مقر بديل للسلطة تنافس به الحكومة في العاصمة دمشق. لكن تلك الآمال سرعان ما تلاشت مع الجمود الذي شهدته عملية السيطرة على المدينة، حسب تقرير لمجلة «ذي إيكونوميست» البريطانية ترجمه «الخليج الجديد».

إذ تمكن الثوار فقط من السيطرة على نصف حلب، لتنقسم المدينة إلى نصفين. (نصف مع الثوار والآخر بحوزة قوات الأسد وحلفائه).

وتبع ذلك المأزق المميت.

والآن، باتت آمال الثوار منعدمة في كسر هذا الجمود أكثر من أي وقت مضى.

ففي يوليو/تموز الماضي، تمكنت القوات الموالية لـ«الأسد» من قطع آخر طريق يربط أحياء حلب الشرقية (الخاضعة للثوار) بالعالم الخارجي (طريق طريق الكاستيلو)، فارضة حصارا آخذ بالتدريج يخنق مقومات الحياة هناك.  بينما تشن المقاتلات الروسية والسورية، منذ ذلك الحين، قصفا بلا هوادة طال المستشفيات والمدارس والأسواق؛ ما أحدث شللاً في البنية التحتية للمدينة. وبالتزامن مع محاولة إركاع الشرق الحلبي، بدأت القوات الموالية لـ«الأسد»، في 15 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، هجوما بريا كاسحاً لطرد الثوار من المدينة.

ومنذ ذلك الحين، فقد الثوار نحو ثلاثة أرباع الأراضي التي كانت بحوزتهم في حلب، آخر أكبر معاقلهم الحضرية في سوريا.  وانهارت دفاعاتهم بأسرع مما توقع الكثيرون. وحتى المدينة القديمة شرقي مدينة حلب، التي تتميز بأزقتها المتعرجة التي تعزز من فرص الدفاع عنها، لم يمنعها هذا من السقوط بسرعة هذا الأسبوع؛ عندما اشتبكت القوات الموالية لـ«الأسد»، بما في ذلك الميليشيات الشيعية من إيران والعراق ولبنان، مع الثوار في 7 ديسمبر/كانون الأول الجاري.

ومع الحصار الذي تشنه القوات الموالية لـ«الأسد»، باتت الهزيمة أمرا حتمياً.

وبعد 4 سنوات من الاشتباكات الطاحنة، والتي أسفرت عن مقتل الآلاف من المدنيين ودمرت أجزاء كبيرة من المدينة، يواجه الثوار الآن خيارا قاسيا: إما القتال حتى الموت أو الاستسلام والانسحاب على أمل مواصلة القتال في مكان آخر.

الثوار والسياسيون.. في العلن وخلف الكواليس

وفي العلن، تعهد الثوار والسياسيون المعارضون بمواصلة القتال حتى آخر رجل بدلا من الاستسلام لحكومة يحتقرونها.

ودعوا إلى وقف لإطلاق النار لمدة خمسة أيام من أجل إجلاء المدنيين ومئات الجرحى قبل مناقشة مستقبل المدينة، لكن القتال لا يزال مستمرا.

وبعيدا عن عدسات الإعلام، عقد مسؤولو المعارضة لقاءات مع دبلوماسيين روس في تركيا لمناقشة الانسحاب الكامل من حلب. وبوساطة أنقرة، جرى عرض خيارين على الثوار: إما الانسحاب جنوباً إلى مدينة إدلب، التي تسيطر عليها المعارضة، على أن يخرجوا فقط بأسلحتهم الخفيفة، أو الانسحاب شمالاً بأسلحتهم الثقيلة للانضمام إلى قوات المعارضة التي تقاتل إلى جانب القوات التركية قوات تنظيم «الدولة الإسلامية» والقوات الكردية.

وشهدت الأشهر الأخيرة صفقات من هذا النوع؛ حيث انسحب الثوار من مناطق أخرى كانت في قبضتهم.

وقال وزير الخارجية الروسي، «سيرغي لافروف»، إن دبلوماسيين وخبراء عسكريين من الولايات المتحدة وروسيا سيجتمعون في جنيف، غدا السبت، للاتفاق على تفاصيل انسحاب الثوار من حلب.

ودون التوصل إلى اتفاق، سيتسارع سقوط القتلى من المدنيين؛ حيث انحشر السكان في مساحة أصغر من أي وقت مضى. وقالت روسيا وحكومة «الأسد» مرارا وتكرارا إنها سيواصلان قصف حلب حتى انسحاب الثوار منها.

ويبقى لدى الثوار شكوك عميقة إزاء نظام لم يتورع عن تعذيب وإعدام أولئك الذين اتهمهم بمساعدة «الارهابيين»، بما في ذلك أطباء ومعلمون. وتقول الأمم المتحدة إن المئات من الرجال باتوا بالفعل في عداد المفقودين بعد أن فروا إلى داخل الأراضي التي تسيطر عليها قوات «الأسد» مع عشرات الآلاف من اليائسين الذين هربوا من القتال.

وقال المتحدث باسم المتحدة لشؤون حقوق الإنسان اليوم الجمعة: «بالنظر إلى السجل المرعب من الاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري، نحن بالطبع نشعر بقلق بالغ بشأن مصير هؤلاء الأفراد».

ولا يزال المئات من الناشطين وعمال الإغاثة وأعضاء المجالس المحلية وعمال الإنقاذ والأطباء الذين تلقوا الدعم من الغرب محاصرين بين 100 ألف من المدنيين أو أكثر في الأحياء الشرقية من حلب.

«القبعات البيضاء» تستسلم

حتى «القبعات البيضاء» أو «الخوذ البيضاء»، وهي منظمة تضم متطوعين مكلفين بمهام الإنقاذ واستخراج القتلى والجرحى من تحت الأنقاض بعد الغارات الجوية، استسلمت وطلبت الإخلاء الفوري لمنسوبيها.

وقالت في بيان:«إذا لم يتم إجلاءنا، سيواجه متطوعينا التعذيب والإعدام في مراكز الاحتجاز التابعة للنظام».

وأضافت: «لدينا سبب وجيه للخوف على حياتنا».

 وفي علامة على اقتراب انهيار الثوار في آخر ما تبقى لهم في حلب، بدأ أصحاب «الخوذات البيضاء» في تدمير معدات الانقاذ التي بحوزتهم للحيلولة دون سقوطها في أيدي النظام.

وبينما تستمر المحادثات بشأن مصير المدينة، تتدهور الأوضاع بسرعة داخل مناطق الثوار.

ويقول الأطباء إنهم باتوا قادرين فقط على إجراء الإسعافات الأولية.

ووجد عمال الإغاثة من الصليب الأحمر العاملين في المناطق الشرقية لمدينة حلب التي استعادتها القوات الموالية لـ«الأسد»، مؤخرا، جثامين تحت الانقاض، وأيتام لم يتذوقوا طعاماً لمدة يومين.

وبينما تنهار قوات الثوار في حلب، تتضاءل الآمال بشكل أكبر من أي وقت مضى في أن يسعى «الأسد» للتفاوض على نهاية للصراع. وتعهد «الأسد» مرارا وتكرارا باستعادة السيطرة على كل أنحاء البلاد.

وفي حين لا تزال أجزاء كبيرة من سوريا خارج سلطته، فإن سقوط حلب يمنح «الأسد» السيطرة على كل التجمعات السكانية الكبرى في البلاد، ويقربه من تحقيق هدفه.

إذ قال هذا الأسبوع: «صحيح أن معركة حلب ستكون ربحاً، لكن لكي نكون واقعيين لا تعني نهاية الحرب في سوريا»، معتبراً أن الحرب لا تنتهي «إلا بعد القضاء على الإرهاب تماماً»، وفق وصفه.

الغرب والعالم السني عاجزان

وفي ظل هذه التطورات، يبقى الغرب والعالم الإسلامي السني عاجزا، وغير قاد أو غير راغب في مساعدة المدنيين أو الثوار.

إذ استخدمت روسيا والصين، هذا الأسبوع، مرة أخرى حق النقض (الفيتو) لعرقلة مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يدعو لوقف إطلاق النار.

وفي ظل توجهات باراك أوباما، الذي يوشك على مغادرة منصبه، إلى عدم التدخل، فإن خسارة الثوار لحلب باتت وشيكة.

المصدر | الخليج الجديد + ترجمة عن مجلة «ذي إيكونوميست»

  كلمات مفتاحية

سوريا حلب بشار الأسد روسيا العالم السني