«صالح» يهاجم الحوثيين وقلق يمني من اعتراف دولي بحكومة صنعاء

السبت 10 ديسمبر 2016 03:12 ص

شن الرئيس اليمني المخلوع «علي عبدالله صالح» هجوما قويا على حلفائه الحوثيين، محذرا إياهم من الاستمرار في إقصاء وعزل كوادر حزبه (المؤتمر الشعبي العام) من الوظائف والمناصب العامة.

الهجوم الذي يأتي لأول مرة على لسان «صالح»، منذ دخول الحوثيين صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014، وانقلابهم لاحقا على السلطة الشرعية بدعم من «صالح»، جاء خلال ترؤسه اجتماعا لممثلي حزبه في الحكومة الانقلابية التي تشكلت مؤخراً، وممثلي المؤتمر في ما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى، بحسب ما نقلت فضائية العربية.

وقال المخلوع مخاطباً الحوثيين: «الذي ما بيفهم لازم يفهم والذي ما بيقرأ لازم يقرأ، الحكومة هي مغرم وليست مغنم، والتغييرات والتنقلات يجب أن تكون في إطار القانون والدستور، فالوظيفة العامة يكفلها الدستور وليس من حق أحد إبعاد هذا أو تغيير ذاك، هناك معايير معروفة في القانون تحدد من الذي يطلع هذا أو ينزل ذاك».

وأضاف: «من خلالكم يا وزراء المؤتمر أوجه كلامي لوزراء أنصار الله وأقول لهم لا داعي للمكايدات ولا داعي لاصطياد الأخطاء».

وفي تعبير واضح عن الانزعاج من قرارات التعيينات للحوثيين والتي أصدرها ما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى الذي يرأسه القيادي الحوثي «صالح الصماد»، قال «صالح»«لا ينبغي أن يتحول المجلس السياسي إلى سلطة تنفيذية، هو مجلس سياسي يرسم سياسات ويوجه الحكومة، والحكومة هي المسؤولة وهي الجهاز التنفيذي».

 وكانت ميليشيات الحوثي ومنذ انقلابها على السلطة التشريعية وإصدارها ما سُمي بالإعلان الدستوري في 6 فبراير/شباط 2015 وتشكيلها ما سميت باللجنة الثورية العليا كأعلى سلطة انقلابية قد مارست فسادا إدارياً ووظيفيا، وضمت عشرات الآلاف من عناصرها إلى جهاز الدولة كما عينت المئات من كوادرها في مناصب عليا ووسطية.

وترافق مع ذلك قيامها بعملية اجتثاث لم تقتصر فقط على الموظفين والمسؤولين المحسوبين على الشرعية والأحزاب المناهضة للميليشيات، وإنما طالت الآلاف من المسؤولين الحكوميين التابعين لحزب المؤتمر والذين تعرضوا للإقصاء والتهميش.

وإزاء ذلك، تدرج رد فعل حزب المخلوع على ممارسات حليفه الانقلابي، من التزام الصمت وانتهاج سياسة ضبط النفس، إلى السماح لناشطين وإعلاميين مؤتمريين بالتعبير عن حالة السخط والاستياء في إطار مواقع التواصل الاجتماعي بحيث تصنف تلك الردود كمواقف شخصية وليس موقفاً رسمياً من شأنه إحداث تداعيات تزعزع تحالف الطرفين وتؤثر على جبهاتهم.

لكن مع استمرار الحوثيين في إقصاء حلفائهم، اعترف حزب «صالح» ضمنيا في الأول من الشهر الحالي بوجود خلافات مع ميليشيا الحوثي رغم الاتفاقات والخطوات الشكلية التي قام بها الحليفان الانقلابيان.

ودعا حزب المؤتمر الشعبي العام في اجتماع عقدته لجنته العامة يومذاك إلى ضرورة أن تؤدي ما يسمى بـ«حكومة الإنقاذ" مهامها وفقاً لنصوص دستور الجمهورية اليمنية والقوانين النافذة فقط، وبدون أي تدخلات من أي جهة كانت، مؤكدا أهمية الالتزام بالنصوص الدستورية والقانونية الناظمة لطريقة وآلية إعداد برنامج حكومة الإنقاذ.

قلق يمني

ويتصاعد في اليمن قلق بالغ من احتمال أن يدفع انسداد أفق الحل السياسي وغياب الحسم العسكري المجتمع الدولي إلى الاعتراف بـسلطتين في اليمن، إحداهما هي الحكومة الشرعية في العاصمة المؤقتة عدن ومدن الجنوب والشرق، والأخرى هي حكومة الإنقاذ الوطني في العاصمة ومناطق الشمال والغرب.

ومنذ إعلان الحوثيين وحليفهم «صالح»، ما تسمى بحكومة إنقاذ وطني في صنعاء، الشهر الماضي، تتزايد التحذيرات في اليمن من احتمال أن تطيل هذه الخطوة أمد الصراع وتعمق الانقسام، لاسيما وإن اعترف المجتمع الدولي بهذه الحكومة، بحسب الأناضول.

ويقلل مراقبون للشأن اليمني من أهمية إعلان هذه الحكومة، ويعتبرونها مجرد محاولة من تحالف الحوثي وصالح لتحسين شروط التفاوض مع الحكومة الشرعية، وإن تظاهر هذا التحالف بأنه غير مكترث بإيجاد حل سلمي ينهي الحرب الدائرة منذ سيطر مسلحوه على صنعاء يوم 21 سبتمبر/ أيلول الماضي، ثم محافظات أخرى؛ بدعوى معاناتهم من تهميش اقتصادي وإقصاء سياسي.

وتستند هذه الرؤية إلى أن المجتمع الدولي لا يزال يعترف بيمن موحد، وأن اعترافه أو مجرد ضبابية موقفه من حكومة الحوثي و«صالح» سيظهره متناقضا مع قراراته وجهوده المتعلقة بإحلال السلام في اليمن، وربما يفجر مزيدا من الاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط.

لكن آخرين، ومنهم الحقوقي اليمني «عبد الرشيد الفقيه»، يرون أنه إذا لم تنجز تسوية تنهي الوضع الشاذ القائم، فسيتعامل العالم والناس مع سلطتين على أرض الواقع، كل منها تحكم جانبا من الأراض اليمنية.

وفي حال تم الاعتراف بالسلطتين، وفق «الفقيه» فإن «التقييم سيكون في النهاية لسلوك كل سلطة على المناطق التي تديرها وطريقة إدارتها لشأن الناس ومصالحهم، ولن ينظر إلى الشعارات واللافتات والإدعاءات».

ويستدل الفريق الثاني بانسداد مسار الحل السياسي، وفشل جولات التفاوض الثلاثة، التي رعتها منظمة الأمم المتحدة؛ ما قد يجعل المجتمع الدولي يفكر في حلول بديلة محتملية، بينها الاعتراف بسلطتين.

ويخشى يمنيون من أن يكون إعلان حكومة الحوثي و«صالح» هو إعلان انفصال جزء من اليمن من طرف واحد، بحيث تدير هذه الحكومة (الجمهورية العربية اليمنية) (اليمن الشمالي قبل توحده عام 1990)، فيما تحكم الحكومة الشرعية ما كان يُعرف بـ"جمهورية اليمن الديمقراطية)، والتي كانت تدير مدن الجنوب اليمني.

وتجاوز القلق من الاعتراف بحكومة الحوثي و«صالح» حدود اليمن، حيث أعرب وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، «أنور قرقاش»، عن خشيته من الاعتراف بحكومة الحوثي وصالح، لاسيما من قبل إيران، المتهمة بدعم الحوثيين ضمن صراع مع السعودية على النفوذ في اليمن ودول أخرى، منها العراق وسوريا ولبنان والبحرين.

فعلى حسابه بموقع «تويتر»، كتب «قرقاش»«من سيعترف بالحكومة الانقلابية، التي أعلنت عنها ميليشيا الحوثي وصالح؟.. إيران قد تعترف، أما المأزق الأكبر يبقى شرعنة التمرد».

وردا على إعلان حكومة الحوثي و«صالح»، اعتبرت الرئاسية اليمنية أن هذه الخطوة تمثل «تدميرا وإنهاء للحوار والحلول السلمية».

وقال مصدر مسؤول في الرئاسية، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، إن هذه «خطوة تؤكد للعالم، ولكل من كان لا يزال ينظر بحسن نية لهذه الفئة المارقة، أنها جبلت على صنع الدمار وتمزيق المجتمع وإشعال الحروب».

ودعا المصدر الرئاسي اليمني المجتمع الدولي إلى «تحمل مسؤولياته في تنفيذ قرارات الشرعية الدولية؛ كونها الخارطة الأسلم لعودة الاستقرار إلى اليمن، والذي لن يكون راسخا إلا بزوال الانقلاب نهائيا».

ونددت المصدر اليمني المسؤول بما قال إنه تراخي وتساهل من قبل المجتمع الدولي أغرى المليشيات الانقلابية، وصور لهم وكأن هناك قبولا دوليا بالانقلاب، ما دفعهم إلى مزيد من الخطوات الانقلابية».

وردا على سيطرة مسلحي الحوثي و«صالح» على محافظات يمنية عدة، أطلق تحالف عربي، بقيادة السعودية، عملية عسكرية يوم 26 مارس/ آذار 2015، بناء على طلب الرئيس اليمني «عبد ربه منصور هادي»؛ لـ"دعم السلطة الشرعية في اليمن في مواجهة الانقلاب"، بحسب بيان للتحالف آنذاك.

وتحت وطأة الحرب أصبح 80% من سكان اليمن، البالغ عددهم حوالي 26 مليون نسمة، بحاجة إلى مساعدات إنسانية، بحسب منظمة الأمم المتحدة، التي أضافت أن نحو مليون طفل يمني يعانون من سوء التغذية.

وأودى القتال الدائر في اليمن بحياة أكثر 10 آلاف شخص، وأصاب ما يزد عن 35 ألف آخرين بجروح، فضلا عن تسببه في نزوح قرابة ثلاثة ملايين شخص داخل اليمن، ولجوء أكثر من 170 ألف إلأى خارج البلد العربي، وفقا لإحصاءات المنظمة الدولية.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

اليمن الحوثيين صالح